
«وكالات» : أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء، أن المعركة مستمرة حتى تحرير أرض السودان.
وأضاف مخاطبا منبرا إعلاميا بمقر وزارة الداخلية السودانية في الخرطوم قائلاً: «نخوض الآن معركة حقيقية من أجل استقرار الأوضاع في البلاد».
كما تابع أنه وجّه بضبط حمل السلاح داخل العاصمة الخرطوم.
ولفت إلى أن الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية.
جاء هذا بعدما أفاد مصادر الأربعاء، بأن البرهان سجل زيارة غير معلنة لمقر وزارة الداخلية في الخرطوم.
وكانت الأمم المتحدة جددت تحذيراتها من الأوضاع المتردية في السودان جراء الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت في بيان إن «أطفال الخرطوم الذين يتضوّرون جوعا باتوا جلدا على عظم»، وإن آلاف العائلات العالقة في براثن الحرب قد تموت من الجوع في مدينة الفاشر المحاصرة في غرب البلاد.
يشار إلى أن الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الحليف السابق للبرهان تسببت في مقتل عشرات الآلاف وتهجير وتشريد الملايين.
ويعاني حوالي 40 في المئة من الأطفال دون الخامسة سوء تغذية حادّا، من بينهم 11 في المئة مصابون بنقص شديد في التغذية، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
والفاشر التي تحاصرها قوّات الدعم السريع منذ مايو 2024 هي العاصمة الوحيدة في منطقة دارفور المترامية التي ما زالت تحت سيطرة الجيش.
من ناحية أخرى شهدت منصات التواصل الاجتماعي السودانية غضبا واسعا، عقب ما كشفته القوات المسلحة السودانية عن وجود مرتزقة أجانب يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، من بينهم مقاتلون من كولومبيا، في معارك مدينة الفاشر الأخيرة، عاصمة ولاية شمال دارفور.
وبحسب وسائل إعلام سودانية محلية، أظهرت المقاطع المصورة التي عثر عليها في أحد هواتف المرتزقة الكولومبيين، وجود مجموعات أجنبية تقاتل إلى جانب مليشيا الدعم السريع في عدة مواقع، منها محيط مطار نيالا بولاية جنوب دارفور، والذي أعادت قوات الدعم السريع تشغيله لاستخدامه في تهريب الذهب والماشية وإيصال الإمدادات العسكرية.
وأشارت القوات المسلحة إلى أن الأجهزة التي ضبطت بحوزة المرتزقة تحتوي على مواد مرئية ومسموعة تثبت تورطهم وتكشف حجم المؤامرة والدول التي تقف خلفها، في ظل صمت دولي مريب تجاه تصعيد خطير يهدد الأمن والسلم في السودان والمنطقة.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية السودانية، أنها تملك كافة الوثائق والمستندات التي تثبت تورط مرتزقة من كولومبيا ومئات الآلاف من المرتزقة من دول الجوار، برعاية وتمويل جهات خارجية، مشيرة إلى أن بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة قدمت هذه الوثائق رسميا إلى مجلس الأمن الدولي.
وأضافت الوزارة، أن هذا المنحى الخطِر في مسار الحرب يشكل تهديدا للأمن والسلم الإقليميين والدوليين ويغير من مسار الحرب، كي تصبح حربا إرهابية عابرة الحدود، تدار بالوكالة وتفرض واقعا جديدا يهدد سيادة الدول وينتهك حرماتها.
وفي السياق نفسه، دعا ناشطون سودانيون إلى عقد مؤتمر صحفي يبث على كافة القنوات المحلية والعربية، يتم خلاله عرض الأدلة والمقاطع والمكالمات التي وجدت في هواتف المرتزقة الكولومبيين، وتسليم نسخة منها إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية.
وكتب أحد النشطاء: «مثل هذه الأدلة والبراهين يجب أن تستخدم في مخاطبة العالم وتدعيم خطاب الحكومة السودانية أمام المجتمع الدولي».
ورأى مدونون أن صور المرتزقة الكولومبيين وهم يدربون قوات الدعم السريع، ويشرفون على القصف المدفعي العشوائي على أحياء مأهولة بالمدنيين الجوعى المحاصرين، تمثل فضيحة أخلاقية وإنسانية يجب أن تحاسب عليها الدول المتورطة.
وأشار عدد منهم إلى أن المرتزقة كانوا يستخدمون الخرائط والإحداثيات العسكرية لتنفيذ ضربات موجهة على الأحياء من داخل حي المصانع بمدينة الفاشر، ما يؤكد تورطهم الميداني المباشر في القتل والتدمير.
واتهم مغردون المرتزقة الأجانب، خصوصا من كولومبيا، بتهريب أسلحة محرمة دوليا إلى السودان، وتقديمها لقوات الدعم السريع، وفاقم هذا من تدهور الأوضاع الإنسانية، لا سيما في دارفور.
كما أشار مغردون آخرون إلى أن العديد من المرتزقة المشاركين في القتال لديهم سوابق جنائية ومطلوبون في قضايا تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وهم مسؤولون بشكل مباشر عن عمليات تدمير القرى، وقصف المرافق الصحية والمدارس.
وقال أحدهم: «فضيحة المرتزقة الكولومبيين ليست قضية داخلية فحسب، بل ملف دولي يجب أن يفتح على مصراعيه في أروقة مجلس الأمن ومنظمات حقوق الإنسان».
ودعا ناشطون المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لإدانة استخدام المرتزقة في الحرب ضد المدنيين في السودان، وطالبوا الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المرتزقة، وعلى رأسها كولومبيا، بإعلان موقف رسمي يرفض تورط رعاياها في جرائم الحرب والانتهاكات المرتكبة بحق الشعب السوداني.
وقد اتهمت القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة، الأحد الماضي، قوات الدعم السريع بالاستعانة بقوات مرتزقة من 5 دول في الهجوم الأخير على مدينة الفاشر.
ومنذ العاشر من مايو 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع»، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس. وتتهم الحكومة السودانية قوات الدعم السريع بالاستعانة بمرتزقة من كولومبيا ودول إقليمية، من دون تعليق من الدعم السريع.
وفي الثالث من ديسمبر 2024، أعلنت الخارجية السودانية تلقيها اعتذارا من كولومبيا على مشاركة بعض مواطنيها في القتال إلى جانب «الدعم السريع».