
“وكالات”: أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أمس السبت، بأن الاستجابة الصحية في قطاع غزة تواجه تحديات تشغيلية جسيمة. وقالت أونروا على منصة “إكس” أمس: “تواصل الاستجابة الصحية في قطاع غزة مواجهة تحديات تشغيلية جسيمة، بما في ذلك إلحاق أضرار كبيرة بالمرافق الصحية”.
وأشارت أونروا إلى “عقبات أمام التحركات الآمنة وفرض قيود على دخول الإمدادات الطبية والوقود”. وأضافت: “تستمر عمليات الهدم الجماعي في ظل العملية الإسرائيلية التي بدأت في 21 يناير الماضي، والتي دخلت شهرها السادس في شمال الضفة الغربية”.
وعلى امتداد العدوان الإسرائيلي، تعمّد جيش الاحتلال تدمير المنظومة الصحية في القطاع، عبر الاستهداف الممنهج والمباشر للمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية في مختلف محافظات القطاع. وأفادت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، بأن نحو 112 طفلاً فلسطينياً يدخلون المستشفيات في قطاع غزة يومياً لتلقي العلاج من سوء التغذية منذ بداية العام الجاري، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق.
وأوضحت أن الوضع في غزة التي تتعرض لهجمات إسرائيلية مكثفة وحصار خانق “تجاوز مرحلة الكارثة”. وأضافت أن 17 مستشفى تعمل جزئياً من أصل 36 في القطاع، مشيرة إلى عدم وجود مستشفى في شمال غزة أو في رفح جنوبي القطاع. وذكرت منظمة الصحة العالمية أنها تمكنت بشكل “محدود للغاية” من الوصول إلى غزة للمرة الأولى هذا الأسبوع بعد 2 مارس الماضي.
وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس الماضي بإحكام معابر غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يومياً في حد أدنى. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة، تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
من جهة أخرى، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن ارتفاع عدد الشهداء من الأطفال جراء سوء التغذية الحاد إلى 66 طفلاً، بسبب استمرار الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، وإغلاق المعابر بشكل تام، ومنع إدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية المخصصة للفئات الهشة والضعيفة، لا سيما الرضّع والمرضى.
وأوضح البيان، الصادر صباح أمس السبت، أن هذا السلوك “يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويكشف عن تعمّد الاحتلال الإسرائيلي استخدام التجويع سلاحاً لإبادة المدنيين وخاصة الأطفال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف”.
ودان المكتب الإعلامي هذه الجريمة المستمرة بحق الطفولة في قطاع غزة، مستنكرا الصمت الدولي المعيب تجاه معاناة الأطفال الذين يُتركون فريسة للجوع والمرض والموت البطيء، وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة، إلى جانب الدول الداعمة والمنخرطة في جريمة الإبادة الجماعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، مسؤولية المشاركة الفعلية في هذه الانتهاكات الجسيمة.
ودعا المكتب الإعلامي المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية إلى التَّدخل العاجل والضغط على الاحتلال لفتح المعابر فوراً، والسماح بدخول الإمدادات الغذائية والطبية، وإنقاذ ما تبقى من الأطفال والمرضى قبل فوات الأوان.
من جهته، قال المدير العام للمستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بغزة الطبيب، مروان الهمص، إن ثماني حالات وفاة سُجّلت في صفوف الأطفال منذ مارس الماضي من جراء سوء التغذية والتداعيات المترتبة على استئناف حرب الإبادة. وأضاف الهمص، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن الجهات الصحية في القطاع سجّلت 66 حالة وفاة منذ بداية الحرب غالبيتها في صفوف الأطفال وكبار السن جراء سوء التغذية وحالة التجويع التي تضرب القطاع.
وبحسب المدير العام للمستشفيات الميدانية في وزارة الصحة، فقد سجلت 144 حالة وفاة في أقسام الحضانة، و206 حالات وفاة لأجنة داخل الرحم، إضافة إلى وفاة 18 مولوداً مباشرة بعد الولادة، و58 حالة لتشوهات خلقية، إلى جانب وقوع 2164 حالة إجهاض منذ بداية العام وحتى نهاية مايو الماضي. وأكد الهمص أنّ 56% من النساء الحوامل في القطاع يعانين من سوء التغذية، محذراً من تأثير ذلك على صحة الأمهات والأجنة وزيادة معدلات الوفيات خلال الفترة المقبلة مع تردي الأوضاع الصحية والغذائية.
وأشار إلى وجود نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية يصل إلى متوسط 55%، إلى جانب أزمة حادة في الوقود، إذ لا تصل إلا كميات محدودة تُستخدم لإنقاذ الحياة دون أي مخزون استراتيجي لدى مستشفيات القطاع. وأوضح أن انعدام الغذاء ومياه الشرب أدى إلى زيادة أعداد المرضى وتفاقم مضاعفات الأمراض المزمنة مثل السكري وما يسببه من قدم سكري وجلطات قلبية ودماغية، إضافة إلى مضاعفات أمراض ضغط الدم والشرايين والقلب، في ظل غياب المستشفيات وأقسام التأهيل، ما أسهم في ارتفاع معدلات الوفيات.
تأتي هذه التطورات في وقت لم يعد سوء التغذية مجرد حالة طبية شائعة في قطاع غزة، بل تحول إلى واقع مؤلم ناتج عن استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، حيث يلتهم أجساد الأطفال والكبار ببطء، ويهدد المستقبل حال استمرار عدم توفر الأغذية الملائمة. وبحسب برنامج الأمن الغذائي العالمي، فإن نحو 1.2 مليون فلسطيني في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 785 ألف طفل محرومون من الغذاء الصحي، في حين يعاني نحو 70 ألف طفل من سوء تغذية حاد.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” قد أفادت، أمس السبت، بأن الاستجابة الصحية في قطاع غزة تواجه تحديات تشغيلية جسيمة. وقالت أونروا على منصة “إكس”: “تواصل الاستجابة الصحية في قطاع غزة مواجهة تحديات تشغيلية جسيمة، بما في ذلك إلحاق أضرار كبيرة بالمرافق الصحية”.
وتشير تقارير سابقة إلى أن أكثر من مليون طفل في قطاع غزة يعانون من سوء تغذية حاد نتيجة الحصار الإسرائيلي المشدد، ما يزيد من هشاشة وضعهم الصحي في ظل انهيار شبه تام للخدمات الطبية، مما ينذر بوقوع وفيات بشكل يومي.
ووفقاً لتقرير يونيسف الصادر في يونيو الجاري، يتزايد عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في قطاع غزة بمعدل ينذر بالخطر، حيث أُدخل 5,119 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد في شهر مايو وحده. واستناداً للبيانات الواردة من مراكز التغذية التي تدعمها يونيسف في جميع أنحاء قطاع غزة، فإن هذا يمثل زيادة بنسبة 50 بالمائة تقريبا من 3,444 طفلاً أُدخلوا في إبريل 2025 وزيادة بنسبة 150 بالمائة عن شهر فبراير عندما كان لا يزال وقف إطلاق سارٍ وكانت المساعدات تدخل قطاع غزة.
وأفادت أنه من بين 5,119 طفلاً أُدخلوا في مايو، يعاني 636 طفلاً من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو الشكل الأكثر فتكاً من سوء التغذية. يحتاج هؤلاء الأطفال إلى علاج منتظم وخاضع للإشراف، ومياه صالحة للشرب ورعاية طبية للبقاء على قيد الحياة – وكلها أصبحت نادرة بشكل متزايد في غزة اليوم.
وبحسب يونيسف، فإن سوء التغذية والمرض، إذا ما تركا دون علاج، يخلقان حلقة مميتة. وقد أظهرت الأدلة أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة مثل الإسهال الحاد، في حين أن الإسهال الحاد والمطول يؤدي إلى تفاقم سوء الحالة الصحية وسوء التغذية لدى الأطفال بشكل خطير، مما يعرضهم لخطر الموت بشكل كبير.