
«وكالات» : انطلقت في العاصمة العراقية بغداد، أمس السبت، أعمال القمة الـ 34 لجامعة الدول العربية، بحضور قادة ومسؤولين عرب في المبنى الحكومي في المنطقة الخضراء، كما يحضرها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في كلمته الافتتاحية، إن القمة العربية تعقد في ظروف بالغة التعقيد وتحديات خطيرة، لافتا إلى أن شبح الحرب يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأعرب الرئيس العراقي عن رفض سياسة الإملاءات والتدخلات الخارجية واستخدام القوة، كما شدد على أهمية الحلول السياسية والحوار الوطني لحل الخلافات.
وجدد الرئيس العراقي تأكيده رفض تهجير سكان غزة تحت أي ظرف أو مسمى.
وبدوره، أبدى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حرص بلاده على التصدي للإرهاب بكل صوره، داعيا لتفعيل دور الأونروا وإدخال المساعدات لغزة، كما أدان الانتهاكات المتكررة لسيادة لبنان.
وثمن رئيس وزراء العراق قرار أمريكا برفع العقوبات عن سوريا، مؤكدا دعم بناء نظام دستوري في سوريا يضم كل السوريين.
وأعلن رئيس وزراء العراق عن تقديم 18 مبادرة لتنشيط العمل العربي المشترك.
وتأتي القمة بعد اجتماع طارئ عقد في القاهرة في مارس الماضي تبنى خلاله القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة كبديل لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة ووضع القطاع تحت سيطرة واشنطن.
وتستضيف بغداد القمة الـ34 لجامعة الدول العربية في ظل تواصل الغارات الإسرائيلية على غزة حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية، وبعد جولة خليجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أكد رغبته في «امتلاك» القطاع.
وزينت أعلام الدول العربية الـ22 شوارع العاصمة العراقية التي تشهد على غرار مدن أخرى في البلاد، استقرارا نسبيا بعد أربعة عقود من النزاعات والحروب.
وتتزامن هذه القمة مع تغييرات إقليمية عديدة تشمل عمل السلطات السورية برئاسة أحمد الشرع على فتح صفحة جديدة مع العرب والغرب، واستمرار حرب غزة، فيما تواصل واشنطن وطهران مفاوضاتهما النووية.
وإلى جانب المسؤولين العرب، حضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي اعترفت بلاده العام الماضي بالدولة الفلسطينية والذي يُعد من أكثر الزعماء الأوروبيين انتقادا لإسرائيل.
من جهة أخرى طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال كلمته التي القاها أمس في قمة بغداد، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ببذل كل ما يلزم من جهود لوقف النار في غزة.
وأكد السيسي على أن إقامة دولة فلسطينية السبيل الأوحد للخروج من دوامة العنف، مشرا أنه يواصل بذل الجهود مع قطر وأمريكا لوقف النار في غزة.
ولفت النظر إلى أن اتفاق وقف النار لم يصمد أمام العدوان الإسرائيلي المتجدد ، مشددا على أن إسرائيل تعمل على تحويل قطاع غزة لمكان غير قابل للعيش وأن آلة الحرب الإسرائيلية دمرت كل شيء في غزة.
وشدد الرئيس المصري على أن الفلسطينيين يواجهون جرائم ممنهجة وممارسات وحشية لإنهاء وجودهم بغزة.
وأكد إن مصر تعتزم تنظيم مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة عقب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وكان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، قد صرح سابقا بأن الرئيس السيسي سيلقي كلمة مصر أمام القادة العرب، يستعرض خلالها رؤية مصر تجاه أبرز التحديات التي تواجه المنطقة، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون العربي واستعادة الاستقرار الإقليمي.
وتأتي مشاركة الرئيس في إطار حرص مصر الدائم على دعم التضامن العربي وتعزيز آليات العمل المشترك لمواجهة التحديات الراهنة.
من جانبه شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ضرورة تخلي حركة حماس عن سلاحها وعن حكم غزة، مضيفاً أنه يجب تمكين دولة فلسطين من تولي مسؤولياتها في القطاع المنكوب.
وقال عباس في كلمته خلال القمة العربية المنعقدة أمس السبت في بغداد، إن «القضية الفلسطينية تواجه مخاطر وجودية»، مضيفاً أن «جرائم الإبادة في غزة والاستيطان في الضفة مشروع استعماري»، حسب وصفه.
وتابع الرئيس الفلسطيني: «يجب أن تتخلى حماس عن السيطرة على غزة، وأن تسلم سلاحها للسلطة» الفلسطينية، داعياً أيضاً للإفراج عن جميع الأسرى، ووقف دائم للنار في غزة.
وشدد على ضرورة «تمكين دولة فلسطين من تولي مسؤولياتها في غزة»، مضيفاً أن «على حماس وجميع الفصائل تسليم سلاحها».
وأكد عباس استعداد السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية العام المقبل، مضيفاً: «ماضون في عملية إصلاح مؤسسات الدولة».
ودعا الرئيس الفلسطيني إلى تبني خطة عربية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، تشمل الوقف الدائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.
وقال عباس إن «هذه الخطة تشمل أيضاً تمكين دولة فلسطين من تولي مسؤولياتها المدنية والأمنية في قطاع غزة، وتخلي حركة حماس عن سيطرتها، إلى جانب تسليمها وجميع الفصائل السلاح للسلطة الشرعية، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة وفق أسس مهنية، وبمساعدة عربية ودولية».
وشدد على «ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية خلال العام المقبل، والعمل على توحيد الصف الفلسطيني بعد الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في دولة واحدة وسلاح واحد».
كما دعا إلى عقد مؤتمر دولي في القاهرة «لتمويل وتنفيذ خطة إعادة الإعمار في قطاع غزة، وهدنة شاملة ووقف الإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تنتهك القانون الدولي، وإطلاق عملية سياسية تبدأ وتنتهي في مدة زمنية محددة، لتنفيذ حل الدولتين، وتجسيد الدولة الفلسطينية على أرض دولة فلسطين، والاعتراف الدولي بها وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية».
من جهته عدَّ وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير في كلمة بلاده في القمة العربية الـ 34 في بغداد، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا في أثناء زيارته للرياض بـ»الفرصة العظيمة من أجل بناء التعافي ودعم التنمية، وإعادة الإعمار والازدهار في سوريا».
وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، رفض السعودية الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مشدداً على أهمية دعم الحكومة السورية في مواجهة التحديات الأمنية، وضرورة تكثيف الجهود العربية للتصدي لأي محاولات من شأنها زعزعة استقرار سوريا.
وتناولت كلمة الوزير السعودي في قمة بغداد، أزمات المنطقة بدءاً من سوريا، والقضية الفلسطينية، والأزمة اليمنية، بجانب قضية لبنان، والحرب في السودان. وقال الجبير إن «الظروف الاستثنائية للقضية الفلسطينية تتطلب مواصلة الجهود المشتركة لرفع المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، بجانب وقف جرائم وانتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلية «التي تمثل انتهاكا صارخا لقوانين الأمم المتحدة والقوانين والقرارات والأعراف الدولية.»
وشددت السعودية في كلمتها على استدامة وقف النار في غزة، ورفضها القاطع لأي محاولات للتهجير القسري أو فرض حلول لا تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة من أجل تقرير مصيره.
كما ذكر الجبير أن السعودية مستمرة في عملها الدؤوب تجاه الأشقاء في السودان، مؤكدين أهمية مواصلة الحوار بين أطراف النزاع، وصولاً لوقف كامل لإطلاق النار وإنهاء الأزمة ورفع المعاناة عن الشعب السوداني الشقيق، بجانب تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والمحافظة على سيادة السودان ووحدته، واستقراره، وسلامة مؤسساته.
وأعلن في الوقت ذاته مواصلة بلاده جهودها في تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، بجانب دعم العملية السياسية للوصول إلى اتفاق يمني لإنهاء الأزمة. وجدد وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير «التأكيد في الوقت ذاته بأن أمن الممرات البحرية، وسلامتها، وحرية الملاحة فيها تعد مطلبا دوليا لتعلقها بمصالح العالم أجمع».
إلى ذلك، قال المسؤول السعودي إن بلاده تدعم جهود رئيس الجمهورية اللبنانية نواف سلام من أجل إصلاح المؤسسات، وحصر السلاح بيد الدولة، معرباً عن أمل بلاده بأن تحقق الحكومة اللبنانية تطلعات الشعب اللبناني الشقيق والمحافظة على أمن لبنان، واستقراره، ووحدة أراضيه.
في الوقت ذاته، أضاف: «بينما نواصل جهودنا المشتركة لمواجهة ما تشهده منطقتنا من تحديات سياسية وأمنية، نؤكد ضرورة تعزيز وتوسيع العمل العربي المشترك، وبلورة المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، ومواصلة مسيرة التطور والتنمية، بما يخدم مصالحنا ويحقق تطلعات شعوبنا نحو مستقبل مزدهر وآمن».
من جهته شدد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في كلمته خلال القمة العربية المنعقدة، أمس السبت في بغداد، على رفض أي مشاريع لتقسيم سوريا، مشيراً إلى وجود أطراف تعمل على جر البلاد لحرب أهلية طويلة الأمد.
وقال الشيباني إن «سوريا لن تكون منطلق تهديد لأي كان»، مضيفاً أن «سوريا المستقرة مصلحة للجميع»، ومشدداً على «رفض الوصاية الخارجية والإملاءات وسياسات المحاور».
واعتبر وزير الخارجية السوري أن «أمن جنوب سوريا جزء لا يتجزأ من أمن سوريا بالكامل»، مؤكداً التزام دمشق «باتفاقية فصل القوات لعام 1974». كما أدان «انتهاكات إسرائيل المستمرة على سيادة سوريا»، معتبراً أنها «تشكّل تهديداً للأمن الإقليمي».
كما قال الشياني إن «أي مشروع يهدف لإضعاف سوريا أو تقسيمها هو مرفوض ومدان»، مضيفاً: «لن نسمح لأي مجموعة انفصالية بتقسيم سوريا تحت أي ذريعة.. لا مكان في سوريا لمشاريع التقسيم».
وتابع وزير الخارجية السوري: «نواجه أطرافاً لا يعنيها مستقبل السوريين وتعمل لمصالحها.. هناك أطراف تسعى لجر سوريا لحرب طائفية طويلة الأمد، وتعمل لتفتيت السوريين وتدعم مشاريع انفصالية».
وشدد على أن «سوريا لكل السوريين بلا إقصاء أو تهميش لأحد»، مضيفاً: «نجحنا في تشكيل حكومة شاملة تعكس الإرادة الشعبية». وأعرب عن إيمان دمشق بأن «المصالحة لن تتحقق بلا إنصاف وعدالة انتقالية»، مضيفاً أن «لا مساومة على حق الشعب السوري في تقرير المصير».
في سياق آخر، رأى الشيباني أن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا «بداية تحقيق الاستقرار والتنمية، وخطوة مهمة في طريق التعافي وإعادة الإعمار»، معرباً عن شكر سوريا للسعودية على جهودها لرفع العقوبات عن دمشق.
من ناحيته دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت من بغداد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في غزة، بعد ساعات على إعلان الجيش الإسرائيلي شنّه «ضربات مكثفة» على القطاع في إطار «توسيع المعركة».
وقال غوتيريش في كلمة خلال القمة العربية: «إننا بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار الآن»، مضيفا «أشعر بالجزع إزاء التقارير التي تفيد باعتزام إسرائيل توسيع نطاق العمليات البرية وأكثر من ذلك».
وأوضح «غوتيريش»، في كلمته بالقمة العربية المقامة في بغداد، أنه يجب احترام السيادة اللبنانية ونرحب بالتزام المسؤولين اللبنانيين بحصر السلاح بيد الدولة.
وتابع: «ندعم عملية سياسية في سوريا يقودها السوريون بأنفسهم.. ونرحب برفع العقوبات عن سوريا».
وشدد على أن العنف في السودان يجب أن يتوقف ونريد وقف المجاعة والتهجير الجماعي.
واستطرد: «نتواصل مع الأطراف في ليبيا لإنهاء النزاعات المسلحة ويجب تنظيم انتخابات ديمقراطية في ليبيا».
من جهة أخرى أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز نية بلاده تقديم مشروع قرار للأمم المتحدة لإنهاء الحصار الإنساني على غزة، قائلا «يجب وقف دوامة العنف في غزة».
سانشيز وخلال مشاركته في أعمال القمة الـ 34 لجامعة الدول العربية في بغداد أمس السبت قال إن «أرقام القتلى في غزة هائلة وغير مقبولة وتنتهك القانون الدولي».
ودعا سانشيز إلى دعم حل الدولتين بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، معبرا عن دعمه مؤتمر السلام الذي ترأسه السعودية وفرنسا لحل الدولتين.
وتابع: «يجب الضغط على إسرائيل لوقف المذابح في غزة».
وحث البيان الختامي للقمة العربية التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد أمس السبت المجتمع الدولي للضغط من أجل وقف إراقة الدماء في غزة، وأكد الرفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني.
وذكرت وكالة الأنباء العراقية أن البيان شدد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وعلى أهمية التنسيق المشترك نحو فتح جميع المعابر وتمكين الوكالات الأممية من القيام بدورها.
وأدان البيان «الاعتداءات الصهيونية على سوريا»، وطالب بـ» إيجاد حل سياسي لإيقاف الصراع في السودان».