
«وكالات» : وسط استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنه من الصعب توزيع المساعدات في القطاع مع تواجد حركة حماس.
وأوضح المتحدث الإقليمي باسم الخارجية، سام وربيرغ، أمس الخميس أن بلاده لا تريد أن تسيطر على غزة بل المساعدة في تحسين مستقبل القطاع.
كما شدد على أنه «من الصعب تقديم المساعدات الإنسانية إلى أهالي غزة بوجود حماس».
وكان جيمس هيويت، متحدث باسم مجلس الأمن القومي أوضح أن الأولوية في الوقت الراهن هي تحرير الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة، وضمان عدم وجود مستقبل لحماس في حكم القطاع.
أتت تلك التصريحات فيما تصاعدت التحذيرات الأممية من تدهور الأوضاع الانسانية في غزة، مع استمرار الحصار المشدد المفروض منذ مارس الماضي، وتضاؤل الغذاء.
كما جاءت بعدما أقر المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر مساء الأحد الماضي خطة لتوسيع العمليات في غزة تشمل «السيطرة» على القطاع، وتعزز فكرة الهجرة الطوعية للسكان، حسب ما أكد مسؤول سياسي إسرائيلي حينها لفرانس برس. وأضاف أن الخطة تتضمن «ضربات قوية ضد حماس.. وترويج لخطة الرئيس الأمريكي بشأن الهجرة الطوعية» لسكان القطاع إلى دول جوار مثل مصر والأردن.
في حين سرت أنباء عن إمكانية فك الحصار قريباً مع تنامي الحديث عن اتفاق جديد يلوح في الأفق بين إسرائيل وحماس، قد يفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الجانبين.
بينما أشارت الحكومة الإسرائيلية إلى إمكانية تولي الجيش مهمة توزيع المساعدات في غزة، أو تحت إشرافه. فيما أكدت مصادر إسرائيلية أخرى إلى احتمال أن تتولى هذه المهمة شركتان أميركيتان.
من ناحية أخرى اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية صباح أمس الخميس منزلا في بلدة برطعة غرب جنين شمالي الضفة الغربية وحاصرته بمساندة تعزيزات عسكرية كبيرة، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين، كما أقدمت جرافات الاحتلال على هدم أجزاء من المنزل خلال العملية.
وقالت القناة الـ14 الإسرائيلية إن الجيش اعتقل مشتبها فيه بتنفيذ عملية إطلاق نار الأربعاء عند حاجز الريحان قرب برطعة، والتي أدت إلى إصابة 4 إسرائيليين، بينهم جنديان من قوات الاحتياط وُصفت حالتهما بالخطيرة، وفقا لبيان جيش الاحتلال.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن اثنين من الجرحى نُقلا إلى مستشفى رامبام في حيفا ويعانيان من إصابات في الجزء العلوي من جسديهما، ومن المتوقع خضوعهما لجراحة طارئة.
من جهتها، أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية إطلاق النار قرب حاجز الريحان، واعتبرتها «ردا طبيعيا على مجازر الاحتلال في غزة والضفة وسجون الاحتلال»، داعية إلى تصعيد المقاومة وتكثيف العمليات الميدانية.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصعيد ميداني واسع تشهده الضفة الغربية المحتلة، حيث شنت قوات الاحتلال مساء الأربعاء سلسلة اقتحامات واعتقالات في مناطق عدة طالت عشرات الفلسطينيين وتسببت بإصابات واعتداءات على المنازل والممتلكات.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن عبد الفتاح عاهد الحريبات (20 عاما) استُشهد برصاص الاحتلال قرب مدينة الخليل، في حين زعم الجيش أنه حاول تنفيذ عملية دعس وطعن قرب حاجز الفحص.
ولاحقا، داهمت القوات الإسرائيلية منزل عائلته في بلدة دورا واعتدت على أفراد أسرته بالضرب، مما أسفر عن إصابة 6 منهم واعتقال والديه وشقيقيه.
وفي بيت لحم، اقتحمت قوات الاحتلال قرية حوسان وداهمت المدرسة الثانوية للذكور بعد كسر بوابتها وإطلاق قنابل الصوت والغاز، مما أثار حالة من الذعر بين التلاميذ والمعلمين.
وفي أريحا، اعتُقل الطفل فارس مناصرة (17 عاما) من مخيم عين السلطان، في حين أُصيب شاب برضوض بعد اعتداء قوات الاحتلال عليه أثناء وجوده في متجره شرق طولكرم، حيث داهم الجنود المكان وخربوا محتوياته.
كذلك، اعتقلت قوات الاحتلال 43 فلسطينيا من أنحاء متفرقة بالضفة، بينهم 20 من سلفيت و17 من جنوب الخليل و4 من بيت لحم، إضافة إلى آخرين من قلقيلية وجنين.
وبالتزامن مع ذلك أغلقت قوات الاحتلال حاجز برطعة العسكري المنفذ الوحيد لسكان البلدة نحو جنين وشهدت سماء المنطقة تحليقا للطائرات الحربية، في حين تم الاستيلاء على كاميرات المراقبة من المحال والشوارع.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون هجماتهم على الضفة الغربية -بما فيها القدس- مما أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 961 فلسطينيا وإصابة نحو 7 آلاف واعتقال ما يزيد عن 16 ألفا و400، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.
من جهة أخرى أفرجت السلطات الإسرائيلية أمس الخميس عن 11 أسيرا فلسطينيا اعتقلتهم خلال الحرب المتواصلة على قطاع غزة، في ظل تقارير حقوقية توثق انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين، شملت التعذيب والإهمال الطبي.
ووصل الأسرى المفرج عنهم إلى قطاع غزة عبر معبر كيسوفيم العسكري شرق مدينة دير البلح، ونقلوا مباشرة إلى مستشفى شهداء الأقصى لتلقي الرعاية الطبية.
وقال مصدر طبي إن الأسرى «يخضعون لفحوصات شاملة»، مشيرا إلى أنهم يعانون من آثار واضحة للتعذيب والإرهاق وسوء التغذية.
وسبق أن أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاثنين الماضي عن 10 أسرى فلسطينيين من شمال قطاع غزة، بعد أشهر من الاعتقال التعسفي خلال الاجتياح البري في أكتوبر 2023.
وكانت منظمة «بتسيلم» الحقوقية الإسرائيلية قد وثقت في تقارير متعاقبة سياسة ممنهجة تتبعها إسرائيل بحق المعتقلين الفلسطينيين، تتضمن «تعذيبا متكررا، وإهمالا طبيا، وحرمانا من النوم، وتجويعًا، وإهانة وتعريضا للعنف الجنسي».
ووفق المنظمة، فإن الانتهاكات شملت النساء والأطفال والعاملين في الطواقم الطبية والدفاع المدني، الذين اعتُقلوا خلال العمليات البرية الإسرائيلية منذ 27 أكتوبر 2023.
وأشار نادي الأسير الفلسطيني في بيان صدر في 17 أبريل الماضي إلى أن آلافا من مواطني قطاع غزة اعتقلوا منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر في ظروف وُصفت بأنها «قاسية ومرعبة»، وسط تكتم شديد على مصيرهم ومكان احتجازهم.
وكانت إسرائيل قد أفرجت عن مئات الأسرى الفلسطينيين من غزة خلال المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، مقابل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين في القطاع.
من ناحية أخرى أكد الدفاع المدني في غزة أمس الخميس أن 75 في المئة من مركباته توقفت عن العمل لشح الوقود بعد إحكام إسرائيل حصارها على القطاع منذ الثاني من مارس الماضي.
وقال الدفاع المدني في بيان مقتضب «75 في المئة من مركباتنا توقفت عن العمل لعدم توفر السولار لتشغيلها»، مضيفا «نعاني عجزا كبيرا في توفر المولدات الكهربائية وأجهزة الأكسجين في غزة».
ويعاني قطاع غزة من أزمة كارثية منذ أن أغلقت إسرائيل المعابر في الثاني من مارس الماضي مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات، مما أدى إلى تفشي المجاعة وارتفاع عدد وفيات الجوع إلى 57 شخصا، معظمهم أطفال، وفق تقارير حكومية.
ويعتمد فلسطينيو غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة بشكل كامل على تلك المساعدات بعدما حولتهم الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها منذ 20 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.
وحث أكثر من 30 خبيرا مستقلا يتعاونون مع الأمم المتحدة الأربعاء على تحرك دولي «الآن» لمنع «القضاء» على الفلسطينيين في القطاع المحاصر.
وقال الخبراء الذين يعملون بتفويض من مجلس حقوق الإنسان في المنظمة لكن لا يتحدثون باسمها إن «الخيار جلي: إما الوقوف موقف المتفرج ومشاهدة مذبحة الأبرياء أو المشاركة في صياغة حل عادل»، وحثوا العالم على تجنب «الهاوية الأخلاقية التي ننزلق إليها».