
«وكالات» : مع تعثر المفاوضات الأخيرة بين إسرائيل وحماس، وإعراب كبير المفاوضين القطريين عن إحباطه من مسار محادثات وقف إطلاق النار في غزة، تكشفت تفاصيل جديدة.
فقد أفادت مصادر فلسطينية مطلعة، أمس الاثنين، أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سيحمل رسائل من حماس خلال لقاء المرتقب مع مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
كما أضافت أن الحركة حملت قطر رسائل تتعلق باليوم التالي لوقف الحرب في غزة، مؤكدة استعدادها للتنحي عن حكم القطاع.
كذلك أعربت حماس عن استعدادها لهدنة طويلة مع إسرائيل وتسليم كافة الأسرى ضمن اتفاق ينهي الحرب بشكل نهائي.
إلى ذلك، كشفت المصادر أن رئيس الوزراء القطري يسعى لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني المدمر.
أتت تلك المعلومات بعدما عبر كبير المفاوضين القطريين، محمد الخليفي عن إحباطه من مسار محادثات الهدنة، شاكياً «من بطء العملية التفاوضية».
كما جاءت فيما يتواصل التصعيد العسكري الإسرائيلي في القطاع، وسط منع إسرائيل إدخال شاحنات وقوافل المساعدات الغذائية والطبية.
وكانت إسرائيل استأنفت في 18 مارس الماضي الحرب على غزة، وأعادت التوغل برياً في العديد من المناطق لاسيما في الشمال والجنوب، وأنشأت مناطق عازلة.
فيما توعدت بالمزيد من التصعيد العسكري في حال لم توافق حماس على المقترح الجديد لوقف النار الذي ينص على هدنة مؤقتة تمتد 45 يوماً مقابل إطلاق عدد من الأسرى.
وهو ما رفضته الحركة مطالبة بوقف كلي للحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، مقابل إطلاق كافة الأسرى الإسرائيليين، حيت لا تزال تحتفظ بـ 59 أسيرا إسرائيليا منذ السابع من أكتوبر 2023، أكثر من نصفهم قتلى، وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي.
من جهة أخرى ارتفع عدد شهداء القصف الإسرائيلي على مناطق قطاع غزة منذ فجر الأحد إلى 37 شهيدا، في وقت كشفت فيه مسؤولة بمنظمة الصحة العالمية عن أن الاحتلال منع إدخال أجهزة طبية فائقة الأهمية لسكان القطاع المحاصر.
وأفادت مصادر باستشهاد 4 أشخاص وإصابة آخرين، إضافة إلى مفقودين، إثر قصف جوي إسرائيلي استهدف مسكنا في بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة.
وبذلك يرتفع عدد الشهداء في خان يونس منذ فجر أمس الاثنين إلى 7 شهداء.
وكانت مصادر أفادت فجر أمس باستشهاد فلسطيني وزوجته في قصف مسيرة إسرائيلية على خيمة تؤويهم في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس.
في هذه الأثناء، قالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط للجزيرة، إن المنظمة عجزت عن إدخال معدات طبية فائقة الأهمية إلى القطاع منذ مارس الماضي، وطالبت بفتح المعابر في أسرع وقت ممكن.
وأضافت المديرة الإقليمية أن الوضع الصحي في قطاع غزة مثير للقلق، وأكدت أن سكان قطاع غزة يعانون من كل أنواع الأوبئة والأمراض المزمنة والإصابات، وناشدت المجتمع الدولي بتدخل سريع وعاجل من أجل فتح المعابر.
وفي السياق ذاته، قال فريق طبي أميركي فلسطيني معني بتقديم مساعدات طبية وإغاثية إلى الفلسطينيين في غزة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي منعهم من الدخول إلى القطاع بعد أن منحهم موافقة مبدئية قبل 10 أيام.
وأوضح طبيب في فريق «جسر التواصل الفلسطيني الأمريكي» أنهم وصلوا إلى الأردن بناء على الموافقة الإسرائيلية استعدادا للدخول إلى القطاع، لكنهم فوجئوا برفض الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أنهم سبق أن دخلوا إلى القطاع في يناير ويوليو الماضيين.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 952 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف آخرين، واعتقال 16 ألفا و400، وفق معطيات فلسطينية.
من ناحية أخرى أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن إعادة الأسرى من غزة ليست الهدف الأكثر أهمية، مشددا على أنه «يجب عدم الكذب وقول الحقيقة» وفق ما نقلت عنه القناة 13 الإسرائيلية، ومن جانبها استنكرت عائلات الأسرى تلك التصريحات واعتبرتها عارا.
كما نقلت عنه صحيفة هآرتس قوله إن ما أعاد (الأسرى) «المخطوفين» من غزة حتى الآن هو الضغط العسكري، مشددا على أن من يريد إعادتهم عبر خضوع إسرائيل لحركة حماس يطلب فعليا سحق -ما سماه- قوة الردع الإسرائيلية.
وأضاف سموتريتش «نحن بحاجة إلى القضاء على مشكلة غزة. لدينا فرصة عظيمة، وقد زالت الأعذار». وأشار إلى أنه «لا يوجد (الرئيس الأمريكي السابق جو) بايدن، ولا (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف) غالانت، ولا (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق هرتسي) هاليفي».
وردا على سموتريتش بشأن تصريحاته الجديدة، وصفت عائلات الأسرى تصريحات الوزير بأنها عار، وكشفت أمام الجمهور الحقيقة الصعبة وهي أن الحكومة قررت التنازل عن «المخطوفين» عمدا.
وقالت عائلات الأسرى الإسرائيليين -في بيان- إن التاريخ سوف يذكر كيف أغلق سموتريش قلبه أمام الأسرى، واختار عدم إنقاذهم من الموت أو الاختفاء.
وأضافت في بيان عبر منصة إكس «ليس لدينا هذا الصباح أي كلمات سوى كلمة واحدة: العار».
وتوجهت عائلات الأسرى إلى سموتريتش بالقول: سيتذكر التاريخ كيف أغلقت قلبك على إخوانك وأخواتك في الأسر واخترت عدم إنقاذهم.
وشددت على أن إطلاق سراح «الرهائن» ليس قضية سياسية، بل إنسانية وأخلاقية.
وبدوره، قال زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان إن إعادة «المخطوفين» من قطاع غزة ليست أمرا مطروحا للجدل بل إنه واجب أخلاقي ووطني.
كما أكد زعيم حزب «معسكر الدولة» المعارض بيني غانتس أن موقف سموتريتش «الخاطئ» يشكل عائقا سياسيا أمام عودة «المختطفين».
وقال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون إن تصريحات سموتريتش كانت صادمة للداخل الإسرائيلي وخاصة عائلات الأسرى، إذ إنها تجاوزت بحسب تعبيره كل الوعود والمبادئ التي بنيت عليها العقيدة الصهيونية التي تقوم على حماية حياة الجنود وضمان إعادتهم أحياء مهما كان الثمن.
وأوضح المدهون -في تصريحات للجزيرة نت- أن تصريحات سموتريتش كشفت عن قسوة وتعطش للضغط العسكري دون أي اعتبار لإنسانية الفرد سواء كان إسرائيليا أو فلسطينيا، وأنها عبرت عن تجاهل تام لمعاناة العائلات ومطالبهم على حد وصفه.
وأضاف أن هذه التصريحات أثارت غضبا واسعا في الإعلام الإسرائيلي وقد وصفتها عائلات الجنود الأسرى بـ»العار» إلا أن قوة تكتل اليمين داخل الحكومة ما زالت تفوق -كما يرى- أي تحرك شعبي أو عائلي قادر على توليد ضغط سياسي حقيقي.
وأشار المدهون إلى أن الأزمة قد تتفاقم إعلاميا وأخلاقيا في الداخل، لكن في ظل غياب رادع خارجي فعال -خاصة من إدارة الرئيس الأمريكي- واستمرار تماسك اليمين الصهيوني فإنه من غير المرجح أن تؤثر تلك التصريحات على قرار الحرب أو توقف آلة العنف.
وختم بالقول إن رفع وتيرة هذه الخطابات يبدو أنه يستهدف إحباط أي حراك جماهيري من خلال التذكير بأنه لا توجد أي ضمانات أو خطوط حمراء في السياسة الإسرائيلية الحالية.