
بيروت – «وكالات»: يتصدر حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية اهتمام رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورعايته، بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وعلى جدول أعماله الانفتاح على «حزب الله» للبحث في آلية استيعاب سلاحه وتبديد ما لديه من مخاوف على مستقبله السياسي.
كان هذا موضع نقاش بين الرئيسين في الاجتماع الذي عُقد في الساعات الماضية في بعبدا، وتقرر فيه، كما حسب مصادر رسمية، التأسيس للانطلاق في حوار مع قيادة الحزب على خلفية استعدادها للوقوف خلف الدولة في مفاوضاتها لتثبيت وقف النار، تمهيداً لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، مع أن لبنان نفّذ كل ما هو مطلوب منه استناداً إلى ما نص عليه الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، ويبقى على واشنطن التدخل بكل ثقلها لدى إسرائيل لإلزامها بالانسحاب من جنوب لبنان.
وتأكد، حسب المصادر، أن الحوار مع الحزب لا يزال في بدايته لجس نبض الحزب ومدى استعداده للوصول إلى اتفاق بخصوص سلاحه، وأن الرئيس بري يدعم التواصل، مبدياً استعداده للتدخل لدى الحزب، إذا اقتضت الضرورة، لتقريب وجهات النظر، على أن يتبعه وضع استراتيجية تتعلق بالأمن الوطني للبنان، ومن ضمنها الاستراتيجية الدفاعية.
وكشفت المصادر عن أن الحوار المباشر مع الحزب حول حصرية السلاح يبقى أفضل من إحالته إلى طاولة للحوار يرعاها عون تُخصَّص للبحث في مصير سلاحه، وذلك نظراً لأن الدعوات السابقة للحوار بقيت من دون جدوى، لأن المشاركين فيها أجمعوا على تبنّي قرارات لم تنفّذ، إضافةً إلى أنه ينأى به عن المزايدات الشعبوية.
وأكدت أن نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، أبدت تفهمها رغبة عون في حواره المباشر مع الحزب باتباع سياسة الخطوة خطوة على مراحل، توصلاً إلى تفاهم يحسم حصر السلاح في الدولة، لكنها شددت على أن عامل الوقت لا يسمح بحوار مديد فيما لبنان بأمسِّ الحاجة إلى الخروج من أزماته. ولفتت إلى أن اللقاءات التي عقدتها أورتاغوس مع الرؤساء الثلاثة أدت إلى تبريد وتنعيم الموقف الأميركي، لأنه لا مصلحة في استخدام القوة لسحب السلاح؛ لما يترتب عليه من انقسامات تهدد السلم الأهلي والاستقرار في البلد.
وقالت إن أورتاغوس أبدت استعدادها لزيارة بيروت للمرة الثالثة في أواخر الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل لمواكبة ما تحقق على صعيد الإصلاحات المالية وحصر السلاح بيد الدولة، وإن كانت تلح على أن يتحقق ذلك في أقرب وقت من باب الضغط على لبنان لئلا يتحوّل الحوار إلى تقطيع للوقت من دون أن يؤدي إلى النتائج المرجوّة منه، لتفادي دخول لبنان في صدام سياسي مع المجتمع الدولي الذي يضع حصره في يد الشرعية أولوية؛ لإعادة إدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي لمساعدته على الخروج من أزماته.
وأكدت المصادر أن الحزب وإن كان يراهن على أن حصرية السلاح بيد الدولة لن تتحقق بكبسة زر، فإن رهانه ليس في محله، ولن يوفر له الذرائع للتفلُّت من التزامه بتطبيق القرار 1701 ووقوفه خلف الدولة في رهانها على الحل الدبلوماسي لإلزام إسرائيل بتثبيت وقف النار والانسحاب من الجنوب.
فالحزب أصبح وحيداً، ولم يعد له من حلفاء سوى بري، ويتعذّر عليه تفكيك الضغوط التي تتوالى عليه محلياً وعربياً ودولياً لإلزامه بحصر السلاح بيد الدولة بعد أن تراجع محور الممانعة ولم يعد لإيران، كما تقول مصادر سياسية لجريدة «الشرق الأوسط»، من دور في الإقليم، وبات همها الوحيد الانكفاء إلى الداخل لحماية نظامها. وقالت إنه لا مفر أمام الحزب سوى الانخراط في مشروع الدولة والتقيُّد بشروط المرحلة الجديدة التي أحدثتها التحولات في المنطقة ولبنان، في ضوء سوء تقديره لرد فعل إسرائيل على إسناده غزة وإقحام لبنان في مواجهة غير محسوبة رتَّبت عليه تكاليف باهظة، ولم يعد قادراً على النهوض من تحت الركام، بالمفهوم السياسي للكلمة، ما لم يلقَ من أصدقائه الدعم المالي والاقتصادي لمساعدته على إعادة إعمار ما دمَّرته إسرائيل.
ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أن تمسّك أورتاغوس بتشكيل ثلاث مجموعات دبلوماسية تأخذ على عاتقها إطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل وإلزامها بالانسحاب من الجنوب، وتثبيت الحدود بين البلدين، لم يقفل الباب أمام تفهمها حيال اعتماد لبنان الدبلوماسية المكوكية ممرّاً لإيجاد الحلول للمشكلات التي ما زالت عالقة، وتتطلب الضغط على إسرائيل.
في هذا السياق، لم تستبعد المصادر إمكانية إدراج المشكلات العالقة مع إسرائيل في سلة واحدة، على أن تتولى أورتاغوس الإشراف على المفاوضات بمواكبة من لجنة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار، خصوصاً أن لدى واشنطن خبرة في اتباع الدبلوماسية المكوكية التي تولاها سابقاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وأدت إلى اتفاق لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية.
من ناحيتها دعت نائبة المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى نزع سلاح حزب الله بالكامل، مشبهةً الجماعة المدعومة من إيران بـ»سرطان» داخل لبنان يجب استئصاله إذا أُريد للبلاد أن تتعافى.
وفي مقابلة خاصة على «Alarabiya English»، اتهمت المسؤولة الكبيرة في إدارة ترامب إيران بجرّ الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة وخطيرة من عدم الاستقرار.
وفي السياق، وفي وقت سابق، كشف مصدر أمني غربي لقناة «العربية» أن حزب الله صوّب أعينه مجددا وأعاد فرض سيطرته على مرفأ بيروت الذي يعود تدريجيا لنشاطه الطبيعي بعد تفجيره في أغسطس من عام 2020 بظروف لم تكشف حقيقتها بعد.
وكان الحزب خسر السيطرة على البوابة الجوية، وكذلك طرق الإمداد برّا بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في سوريا.
المصدر نفسه أكد أن فيلق القدس الإيراني سيعتمد عبر الوحدتين 190 التي يقودها «شهرياري» و700 التي يقودها «غل فرست» على عمليات التهريب عبر البحر بشكل مباشر إلى لبنان أو باستخدام دول وسيطة.
ويتصرف حزب الله في مرفأ بيروت بحرية تامة من خلال شبكة متعاونين في جهاز الجمارك وآليات الرقابة بالمرفأ يديرها المسؤول الأمني في الميليشيا وفيق صفا، بحسب المصدر الغربي.
ويسعى صفا بحسب المصدر عبر عملائه في مرفأ بيروت لتسهيل تهريب المعدات والأسلحة والأموال دون أي تفتيش أو رقابة.
أضاف أن الدولة اللبنانية مطالبة بالتحرك العاجل على ضوء انتهاكات ومخططات حزب الله لمرفأ بيروت التي قد تكرر كارثة أغسطس عام 2020.