
«وكالات» : استأنفت إسرائيل، فجر أمس الثلاثاء، عدوانها على قطاع غزة بسلسلة من الغارات الجوية العنيفة أسفرت، حتى الآن، عن أكثر من 400 شهيد وعشرات المصابين، وفقا لما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
واستهدفت غارات الاحتلال الإسرائيلي مناطق مختلفة في القطاع، منها مخيم المغازي وسط القطاع، وخان يونس ورفح جنوبا، ومخيم جباليا وبيت حانون شمالا.
وأكد الدفاع المدني في غزة أن غالبية القتلى من الأطفال والنساء وكبار السنّ». وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس أنّ «إسرائيل «نفّذت أكثر من 200 غارة جوية وقصفا مدفعيا عنيفاً».
فيما أفاد شهود عيان بأن القصف تركز على شمال ووسط وجنوب القطاع، حيث سُمع دوي انفجارات متتالية، فيما تواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبات في الوصول إلى المناطق المستهدفة بسبب كثافة الهجمات، حسب رويترز.
من جهته، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن القوات الإسرائيلية «عادت إلى القتال في غزة بسبب رفض حماس إطلاق سراح الرهائن وتهديداتها بإلحاق الأذى بجنود الجيش الإسرائيلي».
وقال في بيان مقتضب: «إذا لم تطلق حماس سراح جميع الرهائن، فإن أبواب الجحيم سوف تُفتح في غزة، وسيواجه مقاتلو حماس قوات لم يعرفوها من قبل»، وفق تعبيره.
كما شدد على أن الغارات لن تتوقف ما لم يعد جميع الأسرى وتحقق الحرب جميع أهدافها، حسب قوله.
بدوره، أكد مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة، داني دانون في بيان مصور أن «بلاده لن تتوقف حتى تعيد الرهائن، وحتى لو اجتمع مجلس الأمن كل يوم».
كما اعتبر أن «على دول العالم أن تأخذ الالتزام الإسرائيلي بإعادة الرهائن على محمل الجد»، وفق قوله.
بالتزامن، أعلن مسؤول إسرائيلي أنّ الهجوم الواسع النطاق سيستمر «ما لزم الأمر». وقال المسؤول طالبا عدم نشر اسمه إنّ الجيش الإسرائيلي «شنّ سلسلة ضربات استباقية استهدفت قادة عسكريين من الرتب المتوسطة، ومسؤولين قياديين، وبنية تحتية تابعة لحركة حماس».
كما أكد أنّ هذه العملية «ستستمر ما لزم الأمر، وستتوسّع لأكثر من ضربات جوية».
في المقابل، حملت حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته المسؤولية الكاملة عن تداعيات الغارات الجوية على القطاع الفلسطيني المدمر.
كما اعتبرت في أن إسرائيل «انقلبت على اتفاق وقف إطلاق النار وعرّضت الأسرى الإسرائيليين في غزة إلى مصير مجهول».
أتى هذا التصعيد الدموي بعدما فشلت المفاوضات الأخيرة التي عقدت بين الوسطاء (مصر وقطر وأمريكا) وحماس وإسرائيل في الدوحة والقاهرة خلال الأيام الماضية، في التوصل إلى تمديد لاتفاق وقف إطلاق النار أو الانتقال إلى مرحلته الثانية.
وكانت الحرب التي تفجرت في السابع من أكتوبر 2023 إثر الهجوم المباغت الذي شنته حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة، أدت إلى مقتل نحو 48 ألف فلسطيني جلهم من النساء والأطفال، في غزة، ونزوح مئات الآلاف أكثر من مرة، فضلا عن تصاعد مستويات الجوع إثر منع إسرائيل دخول شاحنات المساعدات عبر معبر رفح لأشهر طويلة.
من جهة أخرى قال مدير مستشفى الشفاء في قطاع غزة الدكتور محمد أبو سلمية إن الوضع الصحي في القطاع كارثي مع استمرار القصف الإسرائيلي، مؤكدا أن كل دقيقة يفقد جريح حياته بسبب نقص الإمكانات الطبية.
وأضاف أن أعداد الشهداء قد تتضاعف خلال الساعات المقبلة في ظل عدم قدرة المستشفيات على استيعاب المصابين، محذرا من أن المنظومة الصحية باتت على وشك الانهيار الكامل.
وأوضح أبو سلمية أن مستشفى الشفاء يعاني من انهيار تام في الخدمات الطبية، حيث لم تعد ثلاجات الموتى تستوعب جثامين الشهداء، بينما تعمل غرف العمليات بإمكانات محدودة لاستقبال أعداد غير مسبوقة من الجرحى.
وأشار إلى أن العديد من الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم أو حروق بليغة تتطلب رعاية مركزة غير متوفرة، مما يزيد من أعداد الضحايا الذين يمكن إنقاذهم لو توفر الحد الأدنى من الإمكانات الطبية.
من جهته قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أمس الثلاثاء إن تل أبيب بدأت التخطيط لاستئناف حرب الإبادة على قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية مع تولي الرئيس الجديد لأركان الجيش إيال زامير منصبه.
وأضاف زعيم حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف في منشور على منصة إكس «كما وعدنا وشرحنا عاد الجيش الإسرائيلي إلى هجوم مكثف على غزة»،
وزعم أن الحرب الجديدة بمثابة عملية تدريجية بنيت وخطّط لها في الأسابيع الأخيرة منذ تولي رئيس الأركان الجديد منصبه، مدعيا أنها ستبدو مختلفة تماما عما تم القيام به حتى الآن، دون مزيد من التفاصيل.
ومطلع مارس الجاري تسلّم زامير منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلفا للمستقيل هرتسي هاليفي الذي قاد حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرا.
والاثنين الماضي، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن زامير أقر خططا عسكرية لاستئناف الحرب على قطاع غزة خلال زيارته قيادة المنطقة الجنوبية.
وأشارت الهيئة إلى أن الخطط الجديدة تتضمن تكثيف الضربات الجوية، وتوسيع نطاق التحركات البرية، وإعادة إخلاء شمال قطاع غزة من الفلسطينيين، إلى جانب الاستعداد لاستدعاء مئات آلاف من جنود الاحتياط وفقا لأوامر الطوارئ.
من جانب آخر عبّرت الأمم المتحدة عن «الصدمة» و»الفزع» إزاء تجدد الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد 419 فلسطينيا.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش «يشعر بالصدمة حيال الضربات الجوية الإسرائيلية في غزة».
وفي مؤتمر صحفي بجنيف حيث يعقد غوتيريش محادثات غير رسمية بشأن قبرص، أضاف الناطق باسمه رولاندو غوميز أن «الأمين العام يناشد بقوة إلى احترام وقف إطلاق النار وإلى إعادة إفساح المجال للمساعدات الإنسانية من دون عراقيل وإطلاق سراح من تبقى من الرهائن بشكل غير مشروط».
من ناحيته، عبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن «الفزع» إزاء الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي على غزة، وهو ما تقول السلطات الفلسطينية إنه أسفر عن مقتل المئات، مما أدى إلى انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقال تورك في بيان «أشعر بالفزع إزاء الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي على غزة الليلة الماضية، والذي أسفر عن مقتل المئات، وفقا لوزارة الصحة في القطاع، هذا سيزيد مأساة إلى المأساة».
وأضاف «لجوء إسرائيل إلى مزيد من القوة العسكرية لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعاني بالفعل من ظروف كارثية».
وقال تورك «يجب أن ينتهي هذا الكابوس فورا»، مضيفا «يجب إطلاق سراح الرهائن فورا ومن دون شروط، يجب الإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيا فورا ومن دون شروط»، في إشارة إلى الرهائن الإسرائيليين الذين أخذتهم حماس في 7 أكتوبر2023، بالإضافة إلى العديد من الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.
وشدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان على أن «الحرب يجب أن تنتهي بشكل نهائي، نحث جميع الأطراف المؤثرة على بذل كل ما في وسعها لتحقيق السلام ومنع المزيد من معاناة المدنيين».