«وكالات» : أوضاع الداخل السوري لا تزال تخيم على المشهد العام بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وفي غضون ذلك، أكد وزير الإعلام السوري محمد العمر أن هناك أيادي خفية تسعى لإثارة الفتن الداخلية، لافتاً إلى ان الفيديو المتداول عن حرق مزار ديني في حلب قديم ولم تُسجل حوادث مشابهة منذ سقوط النظام.
وشدد العمر لتلفزيون سوريا على أن الحكومة تؤكد التزامها التام بحماية كل المواقع الدينية والتاريخية، وصونها من أي اعتداء باعتبارها إرثاً وطنياً وإنسانياً يجمع أبناء سوريا بمختلف أطيافه.
كما أضاف أن عهد التجاذبات الطائفية التي غذاها نظام الأسد انتهى، مؤكداً أن حفظ السلم الأهلي أولوية للحكومة الجديدة، ولافتاً إلى أن سوريا عاشت لمئات السنين بتنوع طوائفها وأعراقها وهي اليوم أكثر قوة واستعداداً لترسيخ السلام والمحبة.
وأضاف الوزير السوري أنه سيتم التعامل بحزم لضمان استقرار البلاد، محذراً من حالات الثأر الفردي ومطالباً أصحاب الحق ممن تعرضوا لظلم النظام السابق أن يلجأوا إلى القضاء لأخذ حقهم بالطريقة الشرعية.
وانتشر خلال الساعات الماضية كالنار في الهشيم شريط مصور، يظهر اعتداء مسلحين على مقام «أبو عبد الله الحسين الخصيبي» في منطقة ميسلون بمدينة حلب، قبل أيام، ومقتل 5 من خدم المقام والتنكيل بِجثامينهم، وتخريب المقام وإضرام النيران داخله.
ويعتبر «أبو عبد الله الحسين الخصيبي» شيخ إحدى الطوائف السورية وله رمزية دينية كبيرة لدى هذه الطائفة، ويعتبر المقام من أهم المقامات على مستوى العالم.
من جهة أخرى أطلقت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، الخميس، عملية لضبط الأمن وملاحقة فلول نظام بشار الأسد في محافظة طرطوس.
وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، إطلاق عملية أمنية في غرب سوريا ضد «ميليشيات الأسد».
وذكرت الوكالة «إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع وزارة الداخلية تطلق عملية لضبط الأمن والاستقرار والسلم الأهلي وملاحقة فلول ميليشيات الأسد في الأحراش والتلال بريف محافظة طرطوس».
وفي تطور، أعلنت الداخلية السورية عن حملة في مناطق بريف دمشق لسحب السلاح غير الشرعي.
وأفادت الوزارة لاحقا بوقوع اشتباكات مع مسلحين في قدسيا بريف دمشق خلال عملية تمشيط.
ومن جانبها، فرضت إدارة العمليات العسكرية بسوريا حظرا للتجوال في قدسيا على وقع الاشتباكات.
وإلى ذلك، حددت وزارة الدفاع السورية مهلة 4 أيام لتسليم المطلوبين أنفسهم مع أسلحتهم.
وأكدت فرض طوق أمني على الأحياء التي شهدت اضطرابات، الأربعاء.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الداخلية السوري محمد عبدالرحمن، مقتل 14 عنصراً وإصابة 10 آخرين من عناصر وزارة الداخلية، إثر تعرضهم لكمين من قبل عناصر النظام السابق بريف محافظة طرطوس، أثناء أدائهم مهامهم في حفظ الأمن. وأضاف أن الوزارة ستضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأمن سوريا وحياة أبنائها.
من جهته، التقى محافظ طرطوس أحمد الشامي، عدداً من وجهاء ومثقفي وأعيان طرطوس على خلفية الأحداث الأخيرة في بعض مناطق المحافظة. ودعا المحافظ إلى تحكيم العقل والوعي ولغة الحوار، وتجنب مثيري الفتن والنعرات الطائفية، والعمل سوياً لفتح مسار جديد لبناء سوريا الجديدة الحرّة التي تستوعب جميع أبنائها.
قبل ذلك، طمأن محافظ اللاذقية محمد عثمان، الشعب السوري بجميع مكوناته على أن الحكومة السورية ملتزمة بالمحافظة على السلم الأهلي، والتماسك المجتمعي، وأكد أن القوات الأمنية تقوم بمهامها لضبط الأمن.
الشرطة السورية كانت فرضت حظرا للتجوال خلال ساعات الليل في بعض المدن، من بينها حمص واللاذقية وطرطوس، وذلك بعد اشتباكات مرتبطة باحتجاجات غاضبة، إثر انتشار فيديو شككت السلطات في تاريخه، ويظهر اعتداء على مقام ديني علوي في حلب شمالي البلاد.
في الأثناء، رصدت كاميرات لحظة دخول أرتال عسكرية لقوات الأمن العام التابعة للحكومة السورية الجديدة، إلى داخل مدينة اللاذقية، قادمة من محافظة إدلب لضبط الأمن في المدينة.
من ناحية أخرى تعكس تصريحات المسؤولين الإيرانيين المستمرة حول سوريا عبر استخدام مختلف العبارات، توقعات المسؤولين الإيرانيين الرافضة للوضع الراهن والإدارة الجديدة في دمشق، ابتداء من المرشد الإيراني علي خامنئي، ووزير الخارجية عباس عراقجي، والمتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني.
وفي أحدث تصريح، قال محسن رضائي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، نقلا عن وكالة أنباء «إيسنا شبه الرسمية»: «إن الشباب والشعب السوري المقاوم لن يصمتوا أمام الاحتلال والعدوان الخارجي، أو أمام محاولات التفرد الداخلي من قبل أي جماعة».
وأضاف: «خلال أقل من عام، سيبعثون المقاومة في سوريا بشكل جديد، وسيُحبطون المخططات الخبيثة والمخادعة التي تقودها الولايات المتحدة، والنظام الصهيوني، والدول التي تم استغلالها في المنطقة».
وتصاعدت الأعمال القتالية منذ الإطاحة بالأسد قبل أسبوعين، حيث سيطرت تركيا والجماعات السورية التي تدعمها على مدينة منبج من قوات سوريا الديمقراطية في 9 ديسمبر.
يذكر أن فصائل سورية مسلحة استولت على العاصمة دمشق يوم 8 ديسمبر بعد تقدم خاطف دفع بشار الأسد إلى الفرار إلى روسيا بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما، و54 سنة من حكم عائلته.
فيما تعرض مبنى السفارة الإيرانية لبعض عمليات التخريب والتكسير، إلا أن الأمور سرعان ما عادت إلى الهدوء لاحقا.
وترك سقوط الأسد الفصائل الكردية في موقف دفاعي، إذ تسعى إلى الاحتفاظ بالمكاسب السياسية التي حققتها في السنوات الـ13 الماضية.
وبعدما أكدت الحكومة الإيرانية أن مباحثات دبلوماسية تجري من أجل إعادة فتح السفارتين في دمشق وطهران، تراجعت طهران عن هذه التصريحات.
وتراجعت المتحدثة باسم حكومة إيران، فاطمة مهاجراني، الأربعاء، عن تصريحات بشأن افتتاح سفارة طهران في سوريا، مبينة أن التصريحات التي أدلت بها حول احتمال إعادة فتح السفارة الإيرانية في سوريا في مؤتمرها الصحافي الأسبوعي قد أسيء تفسيرها.
وقالت: «إن إيران ستتخذ قرارها بناءً على سلوك وأداء الحكام المستقبليين في سوريا»، حسب ما نقلته وكالة أنباء «إرنا» الرسمية.
كما أشارت مهاجراني في حديثها خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، إلى أن الوضع الحالي في سوريا غير واضح، مؤكدة أن تقييم طهران للعلاقات مع دمشق سيكون مرتبطًا بالسياسات والأداء الفعلي للأطراف الحاكمة في البلاد.
وأضافت: «ليس من الواضح كيف ولماذا غيرت بعض الدول فجأة مواقفها تجاه سوريا، وما هو الهدف أو التبرير وراء ذلك».
وشددت على أن أي قرار إيراني بهذا الشأن سيكون قائمًا على تحليل دقيق لتصرفات وأداء الحكام السوريين.
وكانت المتحدثة قالت، الثلاثاء، «نجري مفاوضات لإعادة فتح السفارتين في البلدين، والطرفان مستعدان لذلك».