
«وكالات» : بعد أقل من أسبوعين على إسقاط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، على يد إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع (هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة متحالفة معها)، وبينما تحاول الحكومة المؤقتة الجديدة ترتيب صفوفها داخلياً، جددت هئية التفاوض السورية دعوتها لتشكيل حكومة جامعة وإطلاق حوار وطني شامل.
فقد كشف رئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، أن إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع لم تتجاوب مع دعوة الهيئة حتى الآن.
كما أوضح أنه سيزور دمشق خلال الأيام القليلة القادمة، خصوصا بعدما أنهى اجتماعاً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش.
ورأى أن من حق السوريين أن يجتمعوا ويقرروا مستقبلهم، لافتا إلى أن كل الأطراف تريد أن تعمل يدا بيد من دون تهميش لأي طرف.
وقال إن النظام غير موجود، ولا أحد تحدث عن إشراكه، لكن هناك رفاق درب يجب أن يشاركوا.
كذلك شدد على أنه يجب على كل الأطراف البحث عن وطن يستوعب الجميع.
وأكد على أنه لا بد من دعم العمل المشترك من أجل إعادة بناء سوريا، خصوصا أن إدارة العمليات العسكرية تشمل عدة فصائل وليس فقط «هيئة تحرير الشام».
كذلك اعتبر أن المعركة لم تكن عسكرية فقط، إذ كانت هناك مفاوضات سياسية وأيضا إجراءات قانونية.
يشار إلى أن جاموس كان رأى أن العدالة الانتقالية في البلاد ليست خياراً وإنما ضرورة.
وأضاف في جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا الثلاثاء الماضي، أن الهيئة تؤمن بأن روح قرار مجلس الأمن 2254 تشكل خارطة طريق لتحقيق تطلعات الشعب السوري.
كما دعا رئيس هيئة التفاوض السورية، التي تأسست في 2015 بهدف توحيد مواقف المعارضة، إلى العمل على تشكيل حكومة وطنية انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف الشعب.
وأكد جاموس على ضرورة عقد مؤتمر وطني شامل لاختيار جمعية تأسيسية تكلف بإعداد دستور جديد، قائلاً «يجب تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة بعد الاستفتاء على الدستور».
جاء هذا بعدما أفادت هيئة التفاوض السورية في بيان، أنها بحثت مع ميخائيل أونماخت القائم بالأعمال الأوروبي في دمشق ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.
من جهة أخرى في تنفيذ لما وعد به أحمد الشرع، قائد «إدارة العمليات العسكرية» (التي تضم هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة المتحالفة معها)، من ملاحقة كل من تورط بدماء السوريين، تشهد مدينة حماة محاكمات لضباط سابقين سلموا أنفسهم، فضلا عن مقربين من أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
فقد أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن المحاكمة ستطال المحتجزين والأسرى الذين أودعوا سجن حماة المركزي، ممن سلموا أنفسهم لقوات العمليات العسكرية أو اعتُقلوا خلال المعارك.
وكان المرصد أوضح سابقا أن «إدارة العمليات العسكرية» نفذت حملة مداهمة واعتقالات في الساحل السوري وحماة وحمص، ضد أمراء الحرب مع قيادات متنفذة في النظام السابق.
كما أوضح أن من بين هؤلاء أسماء مرتبطة بأسماء الأسد، فضلا عن مسؤولين وضباط سابقين، ارتكبوا جرائم في عهد الأسد.
كذلك، من بين الأسماء من يوصفون بالشبيحة و«كتبة التقارير»، وهي عبارة تستعمل بين السوريين منذ سنوات وعقود للدلالة على «الواشين» والمرتبطين بأجهزة المخابرات.
يشار إلى أنه منذ الثامن من ديسمبر الماضي، إثر سقوط الأسد وفراره إلى موسكو حيث منح حق اللجوء الإنساني مع عائلته، سلم المئات من الجنود والضباط أسلحتهم إلى الفصائل المسلحة، معلنين استسلامهم.
كما توافد العديد من عناصر الجيش المنشقين إلى مراكز التسوية في مناطق سورية مختلفة من أجل تسوية أوضاعهم، وفق المرصد.
بالتزامن كشفت السجون عن حقائق صادمة ومآس لآلاف المعتقلين والمساجين، إذ روى العديد من هم بعد إطلاق سراحهم ما عاشوه في تلك الزنازين الموحشة.
فيما طالبت آلاف العائلات بمحاسبة المتورطين في اعتقال أبنائهم لسنوات من دون معرفة أي خبر عنهم، فضلا عن اختفاء مئات الأسماء الأخرى التي لم تظهر بعد أي معلومات عنها.
من جهة أخرى على الرغم من تأكيد واشنطن قبل أيام أنه تم تمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) حول مدينة منبج في شمال سوريا حتى نهاية هذا الأسبوع، نفت أنقرة الأمر.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية، أمس الخميس، إنه «لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أميركا في شمال سوريا.
كما أضاف أن الفصائل المسلحة المدعومة من قبل تركيا «ستسيطر على المناطق التي يحتلها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية».
إلى ذلك، اعتبر أن «التهديد الذي تواجهه أنقرة من الشمال السوري مستمر»، مضيفاً أن بلاده «ستواصل استعداداتها حتى تتخلى الميليشيات الكردية عن أسلحتها ويغادر المقاتلون الأجانب سوريا»، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
أتى ذلك، بعدما انهارت الهدنة في مدينة منبج شمال سوريا، التي أعلن عنها يوم الثلاثاء الماضي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر.
في حين دعا مظلوم عبدي القائد العام لقوات قسد إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني (بالشمال)، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف وتواجد أميركي». وأوضح أن هذا المقترح أو المبادرة تهدف «إلى معالجة المخاوف الأمنية التركية وضمان استقرار المنطقة بشكل دائم».
بينما وجه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أيضا رسالة طمأنة بطعم الوعيد إذ قال إنه لا سبب قد يدفع بلاده لشنّ هجوم ضد القوات الكردية في سوريا إذا عالجت السلطات السورية الجديدة «بالطريقة الصحيحة» وضع هذه المجموعات التي تصنّفها أنقرة «إرهابية».
وتعتبر «قسد» التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جماعة ترى أنقرة أنها امتداد لمقاتلي حزب العمال الكردستاني المحظور، مكونا رئيسيا داعما للتحالف الأمريكي ضد داعش.
لذا تراقب واشنطن عن كثب أي تحركات من جانب تركيا أو الفصائل السورية المسلحة المدعومة من قبلها على بلدة كوباني التي يسيطر عليها الأكراد.
من ناحية أخرى منذ سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد، سعت إيران إلى النأي بنفسها عنه، مع تأكيدها الوقوف إلى جانب الشعب السوري ومن يختاره لحكم البلاد.
كما شددت على أنها تتواصل مع كافة الأطراف الدولية، لاسيما تركيا وروسيا حول الملف السوري.
وقد جدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أمس الخميس، أيضا هذا الموقف.
إذ أكد في حوار مع قناة العالم الإيرانية، موقف بلاده الداعم لضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها.
كما شدد على أن طهران على اتصال مع جميع الأطراف المعنية بسوريا.
وحذر من الوضع السوري، قائلا: «يجب على جميع الدول أن تشعر بالقلق بشأن الوضع في سوريا.
إلى ذلك، أضاف أن «العدوان الصهيوني يوفر البيئة لنشر الإرهاب في سوريا»، في إشارة إلى الغارات الإسرائيلية العنيفة التي طالت على مدى الأسبوعين الماضيين عشرات المواقع التابعة للجيش السوري.
ومنذ سقوط الأسد في الثامن من الشهر الحالي، إثر تقدم «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة متحالفة معها إلى العاصمة دمشق، أكدت إيران أنها حذرت الرئيس السابق منذ سبتمبر.
فيما شدد المرشد الأعلى، علي خامنئي، على أن إطاحة الأسد لن تضعف بلاده. وقال يوم الثلاثاء الماضي إن «الكيان الصهيوني يتصور أن بإمكانه تطويق قوات حزب الله والقضاء عليها من خلال سوريا، لكن من سيتم القضاء عليه هو إسرائيل».
يشار إلى أنه بفقدان حليف لها في سوريا، فقدت إيران حلقة مهمة في ما يعرف بـ «محور المقاومة»، إذ كانت تشكل معبراً برياً مهما لنقل السلاح إلى حزب الله في لبنان الذي مني بدوره بخسائر فادحة في حربه مع إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية.
من جهة أخرى دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هيئة تحرير الشام، التي أطاحت بشار الأسد وتولت السلطة في سوريا، إلى الوفاء بوعودها بالاعتدال إذا كانت تريد تجنب العزلة المفروضة على حركة طالبان التي تقود الحكومة الأفغانية.
وقال بلينكن في مداخلة ألقاها أمام مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك الأربعاء، «أظهرت حركة طالبان وجها أكثر اعتدالا، أو على الأقل حاولت ذلك، عندما سيطرت على أفغانستان، ثم ظهر وجهها الحقيقي. وكانت النتيجة أنها بقيت معزولة إلى حد كبير على الصعيد الدولي».
وأضاف «لذلك، إذا كنتم لا تريدون هذه العزلة، فهناك أمور معينة ينبغي أن تقوموا بها لدفع البلاد إلى الأمام».
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن هيئة تحرير الشام يمكنها أيضا أن تتعلم دروسا من الأسد بشأن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية مع الجماعات الأخرى، موضحا أن «رفض الأسد المطلق الانخراط في أي شكل من العملية السياسية هو أحد الأشياء التي أدت إلى سقوطه».
كما دعا بلينكن إلى تشكيل حكومة سورية «غير طائفية» تحمي الأقليات وتعالج المخاوف الأمنية، بما في ذلك مواصلة قتال تنظيم الدولة الإسلامية وإزالة مخزونات الأسلحة الكيميائية المتبقية.