«وكالات» : لا تزال الأنظار كلها تتجه إلى مدينة حمص أكبر المحافظات السورية، وأحد أهمها استراتيجية. فـ»معركة المصير»، كما أطلق عليها مراقبون، ستكون على أرضها.
فبينما وصلت الفصائل المسلحة إلى مشارف المدينة بعد تمكن قبضتها من الريف الشمالي كاملاً خلال الساعات الماضية، نفّذ الجيش السوري عدة غارات بمحاولة لاسترجاعها.
كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الجيش السوري أرسل تعزيزات كبيرة جداً دعماً لمعركة حمص، وذلك نظراً لأهميتها، إذا إن السيطرة عليها تعني أن خاصرة دمشق باتت مفتوحة.
وتابع، أن الفصائل أدخلت إلى حمص سلاح المسيرات، مستهدفة عددا من النقاط، إلا أن دفاعات الجيش المتمركز صدّتها.
كما ذكر أنا هناك اشتباكات كبيرة عند الدار الكبيرة بالريف الشمالي، أوقعت مدنيين.
ولفت إلى أن قوات الجيش تتمركز بريف حمص، في حين تضم المدينة قوات من الشرطة وجماعات مسلحة تقاتل مع الجيش.
إلى ذلك، شدد المرصد على أن معركة حمص هي التي ستحسم الأمور في سوريا، موضحا أن الأطراف جميعها تعي ذلك، في إشارة منه إلى التعزيزات التي تصل تباعاً إلى كل طرف.
وكانت هيئة تحرير الشام» أعلنت بمنشور على تليغرام أن «قواتها سيطرت على آخر قرية على تخوم مدينة حمص، وباتت على أسوارها»، بعدما استولت والفصائل المتحالفة معها على ريف المحافظة الشمالي.
كما وجهت نداء- وصفته بالأخير- إلى عناصر القوات السورية للانشقاق، معتبرة أنها فرصتهم الأخيرة.
يشار إلى أن من شأن الاستيلاء على حمص قطع العاصمة دمشق عن الساحل السوري، حيث تتركز الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري، بشار الأسد، والتي تضم قاعدة بحرية وأخرى جوية روسية.
لذا يرى العديد من المحللين أن المعركة لن تكون سهلة، بل يصفها البعض بالمعركة الحقيقية.
في المقابل، أكد مصدر عسكري سوري أن أي تقدم للفصائل من شمال حمص سيواجه قوات من حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، والتي تتمركز هناك لتعزيز دفاعات القوات الحكومية.
وكانت الفصائل المسلحة أطلقت منذ الأسبوع الماضي هجوماً مفاجئاً من إدلب نحو حلب، وسيطرت على كامل المدينة خلال أيام قليلة، ثم دخلت حماة وريف حمص وسط البلاد.
بينما أفات بعض التقديرات إلى أنها باتت تسيطر على 20 ألف كلم مربع من مساحة سوريا الإجمالية (نحو 185 ألف كلم)، وفق فرانس برس.
من ناحية أخرى شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أهمية إجراء «حوار سياسي» بين حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، والمعارضة، في ظل هجوم غير مسبوق تشنّه فصائل معارضة أتاح لها السيطرة على مناطق عدة.
وأضاف عراقجي خلال اجتماع في الدوحة بين موسكو وأنقرة وطهران أن «الحوار السياسي بين الحكومة السورية والمجموعات المعارضة المشروعة يجب أن يبدأ»، وذلك عقب لقاء جمعه بالدوحة الى نظيريه الروسي والتركي.
بدوره قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيريه التركي والإيراني إنهم اتفقوا في اجتماع بالدوحة على ضرورة وقف «الأعمال القتالية» في سوريا على الفور.
وأضاف أن موسكو تريد أن ترى حوارا بين الحكومة السورية وما سماها «المعارضة الشرعية» في سوريا.
إلى ذلك وصف جماعة «هيئة تحرير الشام» بأنها «إرهابية» بغض النظر عما إذا كانت قد قالت إنها غيرت نهجها أم لا.
وتابع أنه «من غير المقبول السماح ’لجماعات إرهابية’ بالسيطرة على الأراضي السورية».
ولدى سؤاله عن كيفية تطور الوضع في سوريا وما سيحدث للقواعد العسكرية الروسية هناك، قال لافروف «لا مجال للتخمين».
وبدأ وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا اجتماعا في الدوحة لبحث الوضع في سوريا حيث سيطرت الفصائل المعارضة المسلحة على مناطق عدة في الأيام الماضية مع تراجع قوات الحكومة، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية الإيرانية.
وتشارك الدول الثلاث في صيغة أستانا التي أطلقت قبل أعوام سعيا لاسكات صوت الأسلحة في سوريا، من دون أن تكون منضوية في المعسكر نفسه على أرض المعركة.
من جهة أخرى على وقع التقدم السريع الذي حققته الفصائل المسلحة في سوريا، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه من غير المقبول سيطرة الفصائل على أراض سورية في انتهاك لوحدتها، مشدد على ضرورة الوقف الفوري «للأنشطة العدائية».
كما أوضح أن بلاده مستمرة في دعم الجيش السوري. وقال في تصريحات من الدوحة أمس السبت، «مستمرون في دعم الجيش السوري لمواجهة التنظيمات الإرهابية».
إلى ذلك، اعتبر أن «المعارضة السورية يتم استغلالها لأغراض جيوسياسية».
ورأى أن «ما يحدث في سوريا هدفه تقويض إنجازات روسيا هناك».
إلى ذلك، شدد عقب اجتماع «صيغة أستانا» في الدوحة على دعوة بلاده مع تركيا وإيران إلى بدء الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، وتطبيق الاتفاق الأممي 2254 بشكل كامل.
وقال لافروف إنه ونظيريه التركي والإيراني اتفقوا في اجتماع الدوحة على ضرورة وقف «الأعمال القتالية» على الفور.
كذلك أوضح أن بلاده ستتخذ مع تركيا وإيران خطوات لضمان تحقيق دعوات خفض التصعيد في سوريا.
أما عن سحب بلاد لسفنها من قاعدة مدينة طرطوس، فاشار إلى أن « الأمر يتعلق بمناورات بحرية تجري في البحر الأبيض المتوسط».
من جانب اخر بعيد تحميل الولايات المتحدة الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية ما يجري في سوريا لتحالفه مع إيران وروسيا، ورفضه الحل السياسي، اعتبر المبعوث الأمريكي آموس هوكستين أن التطورات السورية تشكل نقطة ضعف جديدة لحزب الله في لبنان لأنه يصعب على إيران التي يبدو أنها بدأت بالانسحاب، إدخال الأسلحة وتهريبها إليه.
لكنه أضاف في كلمة ألقاها، أمس السبت، خلال منتدى الدوحة، أنه «لا يعتقد أنه تم القضاء على حزب الله أو هزيمته».
إلا أنه أكد «أن الحزب الذي مني بخسائر فادحة خلال الأشهر الأخيرة لم يعد قويا بما يكفي لمهاجمة إسرائيل أو دعم الأسد»، وفق تعبيره.
إلى ذلك، رأى أن «انهيار الجيش السوري أمام الفصائل المسلحة لم يكن مفاجأة كبيرة، لكن في المرة السابقة هبّت قوتان عظميان لمساعدته»، وفق قوله، في إشارة إلى إيران وروسيا الداعمتين لدمشق منذ تفجر الحرب الأهلية.
من ناحية أخرى حذر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من نشوب حرب أهلية في سوريا تهدد وحدة البلاد في حال لم يتم التوصل لحل سياسي، وأشار إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد لم ينتهز فرصة الهدوء خلال السنوات الماضية ليبدأ تصحيح علاقته بشعبه.
وشدد الشيخ آل ثاني في ندوة على هامش منتدى الدوحة الذي افتتح أمس السبت على ضرورة إرساء الإطار المطلوب للتوصل إلى حل مستدام في سوريا.
وكان الوزير القطري قد بحث مع نظرائه من تركيا والأردن وإيران آخر التطورات في سوريا، ومستجدات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووفقا لبيانات منفصلة لوزارة الخارجية القطرية، قالت فيها إن رئيس الوزراء وزير الخارجية أجرى اتصالين هاتفيين مع وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان، والإيراني عباس عراقجي، كما تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الأردني أيمن الصفدي.
وركزت الاتصالات على تطورات الأوضاع المتسارعة في سوريا، ومستجدات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن المنتظر عقد اجتماع على مستوى وزراء خارجية دول صيغة أستانا (بشأن سوريا)؛ تركيا وروسيا وإيران، على هامش منتدى الدوحة الذي افتتح أمس السبت.
وكان الوزير القطري قد أكد في وقت سابق أن بلاده تتابع بقلق بالغ الأوضاع الأخيرة التي تشهدها سوريا، وتؤكد ضرورة تجنيب المدنيين أي تبعات لهذا الصراع.
وخلال اتصاله مع وزيري خارجية تركيا وإيران، جدد الوزير القطري موقف بلاده «الواضح بدعوة جميع الأطراف للحوار والتفاهم لإنهاء الأزمة السورية وفق قرارات الشرعية الدولية وقرار مجلس الأمن 2254، بما يحقق تطلعات الشعب السوري، ويحافظ على وحدة بلاده وسيادتها واستقلالها».