وصل إلى محافظة العلا أمس، الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، والوفد المرافق له، وذلك في إطار زيارته للمملكة.
وكان في مقدمة مستقبلي الرئيس ماكرون بمطار العلا الدولي، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة.
كما كان في استقباله صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، وصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة ومحافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، ووزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، ومدير شرطة منطقة المدينة المنورة اللواء يوسف بن عبدالله الزهراني، ومدير مكتب المراسم الملكية بالمنطقة إبراهيم بن عبدالله بريّ، وعدد من المسؤولين.
وتجوّل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في محافظة العلا، خاصة في منطقة «الحجر» التاريخية التي تعد أول موقع تراثي سعودي يسجّل ضمن قائمة المنظمة العالمية للتراث والعلوم والثقافة «يونسكو»، إذ اطلع في إطار جولته على أبرز المعالم والمواقع الأثرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، وشيدت في حقب زمنية ماضية.
وشملت زيارة الرئيس ماكرون التي رافقه فيها الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، ووزير خارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، «قصر الفريد» الذي يعدّ أحد أبرز المعالم الأثرية القديمة في منطقة «الحجر» بالعلا الذي يعد عبارة عن كتلة صخرية مستقلة مكونة بطراز معماري فريد، إذ يضم الموقع التاريخي مقابر قديمة، وتحيط بجوانبه أعمدة صمّمت عبر النقوش والعناصر الزخرفية وقطع الحجر المنحوت على الصخور التي يتكون منها القصر التاريخي.
شهدت زيارةُ فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحافظة العلا، إطلاقَ مشروع «فيلا الحجر» أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا، والوكالة الفرنسية لتطوير العلا، وتعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية فرنسية تقام في المملكة؛ لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي.
وشملت الزيارة موقع «قصر البنت» الأثري الذي يعود بناؤه إلى ما قبل الميلاد، ويتميز بطريقة بنائه الفريدة، ضمن المواقع الأثرية القديمة التي تم تحويلها منطقة الحِجر التاريخية الأثرية في العلا.
وتضمنت الجولة زيارة موقع «الديوان» أحد المعالم التاريخية في شمال شرق منطقة الحجر، ويعدُّ معلمًا أثريًا بارزًا شيّد ليشكّل مسرحًا مفتوحًا بين طبيعة وتضاريس الحجر ومكوناتها، ويعدّ منطقة جبلية تضم طريقًا ضيقة جرى نحتها داخل صخرة جبلية تسمى «الديوان» وتحيط بها أعمدة وجدران حجرية بطراز معماري وهندسي جميل، يجسّد طبيعة العمارة في تلك الحضارات القديمة.
كما شملت جولة الرئيس الفرنسي، والوفد المرافق له، عددًا من المواقع والشواهد التاريخية القديمة التي تزخر بها محافظة العلا، وتشكل مقصدًا للعديد من السائحين من مختلف الدول، وتحظى بعناية الهيئة الملكية لمحافظة العلا، ووزارة الثقافة، والهيئة السعودية للسياحة، ومختلف الجهات ذات العلاقة، للحفاظ على مكوناتها بوصفها إرثًا إنسانيًا يعبّر عن طبيعة العلا، وواقع الحضارات الإنسانية التي سكنت المنطقة على مدار العصور.
وعُرضت أحدث الأبحاث عن الاكتشاف الأثري في واحة خيبر، أظهر مدينة تعود إلى العصر البرونزي تُعرف باسم «النطاة»، الذي يُعد دليلًا على وجود مجتمعات متحضرة مستقرة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي؛ مما يُغير المفاهيم السابقة حول طبيعة الحياة في تلك الفترة.
واطلع الرئيس الفرنسي على التحديثات الخاصة ببناء منتجع «شرعان» ومركز القمة الدولي، الذي سينحت بعناية داخل جبل من الحجر الرملي يعود تاريخه إلى 500 مليون عام، بتصميم من المعماري الفرنسي «جان نوفيل»؛ حيث يُجسد المشروع الابتكار في التصميم والهندسة المعمارية، ويستخدم أحدث التقنيات الفرنسية والسعودية مع مراعاة المعايير البيئية والثقافية للمنطقة.
وأكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في تصريح بهذه المناسبة؛ عمق التعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، مبينًا أن هذه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين في محافظة العلا تجسّد قدرة التعاون الثقافي الدولي بين الأصدقاء على فتح مساحات أرحب للإبداع الثقافي باعتبار الثقافة مساهمة في تعزيز التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن ما تحقق في العلا على إثر الشراكة السعودية الفرنسية، تفتح الباب لإنجازات أكبر، بقيادة وتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، مشيرًا إلى أن مشروع مؤسسة «فيلا الحِجر» «من شأنه تحويل العلا إلى منصة عالمية للإبداع والحوار الثقافي، بما يعزز الحفاظ على التراث الإنساني، ويفتح للعالم منافذ جديدة للإبداع الثقافي.
من جانبها أكدت الرئيس التنفيذي المكلف للهيئة الملكية للعُلا عبير العقل، أهمية العلاقة التي تربط الهيئة الملكية لمحافظة العلا مع الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا، التي تمثّل حجر الزاوية في تجديد العُلا، وتحويلها إلى أكبر متحف حي في العالم.
وأفادت بأن زيارة رئيس الجمهورية الفرنسية للعلا تجسّد فرصة لعرض منجزات بُنِيَت على إرث من التعاون المتبادل، والالتزام بطموح مشترك، وابتكار مستقبل مستدام من النجاح.
من جانبه أفاد رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا «جين إيف لوريان» بأن الزيارة الرسمية للرئيس إيمانويل ماكرون إلى العلا تشكّل خطوة مهمة في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين فرنسا والمملكة، وتأتي بالتزامن مع توقيع اتفاقيات جديدة في المجال الثقافي في الرياض؛ مما يوفر فرصة للاحتفاء بالإنجازات السابقة وإطلاق المرحلة الثانية من هذه الشراكة الثنائية المميزة. وقد أُسّست الوكالة الفرنسية لتطوير العلا في العام 2018 لتحقيق أهداف طموحة تدعم هذه الجهود.
ورافق الرئيسَ الفرنسي خلال زيارته للعلا وفدٌ ضمّ وزراء ومسؤولين من بينهم وزير الخارجية الفرنسي «جان نويل بارو»، ووزير القوات المسلحة «سيباستيان ليكورنو»، ووزيرة الثقافة الفرنسية «رشيدة داتي»، ورئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا «جين إيف لودريان».