«وكالات» : يشنّ الجيش السوري «هجوماً معاكساً» في محافظة حماة في وسط سوريا، تمكن خلاله من إبعاد الفصائل المسلحة التي حققت تقدماً واسعاً في شمال البلاد، إثر هجوم بدأ الأسبوع الماضي، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء.
وقال المرصد إن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها «فشلت.. في السيطرة على جبل زين العابدين قرب مدينة حماة إثر معارك طاحنة» مع قوات الجيش السوري «التي شنت هجوماً معاكساً بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، بدعم جوي»، ما مكنّ الجيش من إبعاد الفصائل «عن مدينة حماة نحو 10 كيلومترات».
هذا وتواصل وحدات الجيش السوري ضرباتها على تجمعات الفصائل المسلحة بريف حماة الشمالي، حسبما أفادت وكالة «سانا» للأنباء. وأوضحت الوكالة أن الجيش السوري يقوم باستهداف مواقع الفصائل المسلحة ومحاور تحركاتهم، مشيرة إلى تحييد عدد من المسلحين وتدمير معداتهم العسكرية.
هذا وأعلنت قيادة الجيش السوري القضاء أمس الأربعاء على ما لا يقل عن 300 مسلحاً في حماة «بدعم روسي»، مؤكدةً أن من بينهم مقاتلين أجانب.
من جهتها، أفادت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سوريا بأن سلاح الجو السوري قضى، بإسناد من القوات الجوية الروسية، على أكثر من 1600 مسلح في سوريا هذا الأسبوع.
هذا وارتفعت حصيلة المعارك والقصف في سوريا مذ بدأت الفصائل المسلحة هجومها الواسع في شمال البلاد الأربعاء الماضي إلى 704 قتلى، بينهم 110 مدنيين، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس.
وقال المرصد إنه منذ انطلاق العملية في 27 أكتوبر، ارتفع عدد القتلى إلى 704 هم 361 مسلحاً من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، و233 عنصرا من القوات الحكومية والمقاتلين الموالين لها، إضافة الى 110 مدنيين.
كما أشار إلى أن «تعزيزات عسكرية لقوات النظام وصلت إلى محاور ريف حماة الشمالية والشرقية والغربية، إضافة إلى وصول مسلحين محليين من أبناء القرى إلى أطراف مدينة حماة»، موضحاً أن «الفصائل المسلحة سيطرت على السماقيات وكفرراع ومعرشحور ومعردس ومدرسة المجنزرات التي تعتبر مقراً لقوات الفرقة 25، واللواء 87 وحاجز بطيش ورحبة خطاب».
وتشنّ «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة متحالفة معها منذ 27 نوفمبر هجوماً مباغتاً في شمال غربي سوريا. وسيطرت هذه القوات على عشرات البلدات وعلى قسم كبير من حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتواصل تقدّمها جنوباً.
من جهة أخرى قالت المعارضة السورية المسلحة إن قواتها تواصل التقدم نحو مدينة حماة، وتخوض معارك ضارية في ريفي المدينة الشمالي والشرقي، بينما نفت وزارة الدفاع دخول من وصفتهم بالإرهابيين إلى أحياء في المدينة.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة المسلحة والتي تشرف على عملية «ردع العدوان» أن قواتها سيطرت على بلدة خطاب على تخوم مدينة حماة.
كما أعلنت السيطرة على عدة قرى في ريف حماة الشرقي، أبرزها «المباركات» و»رسم البغل» و»عويجة» و»العيور» و»كاسون الجبل».
وأوضحت أن ذلك يأتي بالتوازي مع التقدم على الجبهة الغربية، حيث تم إحكام السيطرة على رحبة خطاب ومستودعاتها غرب حماة، وفقا لما أعلنه المقدم حسن عبد الغني القائد في إدارة العمليات العسكرية.
وفي وقت سابق، أعلنت فصائل المعارضة سيطرتها على عدة مواقع على تخوم حماة، أبرزها مدرسة المجنزرات واللواء 87، في حين نفذت مروحية للنظام السوري قصفا على مواقع للمعارضة في قرية معردس الواقعة شمال المدينة.
وأفادت مصادر ميدانية لوكالة الأناضول، بأن الحكومة السورية بدأت بإفراغ المصارف ومكاتب الصرف في مدينة حماة.
وأعلنت المعارضة المسلحة إصابة قائد القوات الخاصة في جيش النظام سهيل الحسن باستهداف اجتماع في جبل زين العابدين الإستراتيجي قرب مدينة حماة.
في المقابل، نفت وزارة الدفاع السورية دخول من وصفتهم بالإرهابيين بعض أحياء حماة، وقالت إن قواتها أبعدتهم 20 كيلومترا عن محيط المدينة.
وفي جبهة أخرى، قالت وزارة الدفاع إنها تمكنت من فك الحصار عن أكاديمية الأسد العسكرية في حلب بتنسيق مع روسيا.
وأوضحت أنه «من خلال تنسيق سوري روسي عسكري سياسي مشترك تم فك حصار تلك التنظيمات الإرهابية، وتأمين خروج طلبة الأكاديمية ووصولهم بأمان إلى مدينة حمص»، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).
من جانبها، بثت المعارضة السورية صورا تظهر إخراج عناصر من قوات النظام من بلدة السفيرة بريف حلب.
من ناحية أخرى أكدت موسكو، حليفة نظام الرئيس بشار الأسد، الأربعاء، أن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا هم على «تواصل وثيق»، لتحقيق الاستقرار في سوريا أمام هجوم الفصائل المعارضة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الأربعاء، خلال إيجازها الأسبوعي، إن «وزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانا الرامي لإيجاد حل سياسي للنزاع في سوريا، روسيا وإيران وتركيا على تواصل وثيق».
والثلاثاء، أفادت وسائل إعلام حكومية إيرانية، نقلا عن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا من المرجح أن يجتمعوا في إطار مسار أستانا يومي 7 و8 من ديسمبر الجاري لمناقشة الملف السوري على هامش منتدى الدوحة.
وانطلق مسار أستانا من قبل المشاركين في مؤتمري المعارضة السورية اللذين عقدا في العاصمة الكازاخستانية خلال شهري مايو وأكتوبر من عام 2015، وهو بمثابة مظلة دبلوماسية تجمع مختلف الجهات العسكرية المشاركة في سوريا.
والسبت الماضي، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، محادثات هاتفية مع نظيريه التركي والإيراني لبحث التطورات في سوريا، بعد هجوم «هيئة تحرير الشام» على حلب وإدلب وحماة.
وبحث لافروف مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الوضع في سوريا وعملية أستانا للسلام. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «عبّر الجانبان عن بالغ قلقهما إزاء التطور الخطير للوضع في سوريا فيما يتعلق بالتصعيد العسكري في محافظتي حلب وإدلب».
وأضافت الوزارة أن الوزيرين اتفقا على ضرورة تنسيق الجهود المشتركة للحفاظ على استقرار سوريا.
من جهتها، ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية، السبت الماضي، أن لافروف ونظيره الإيراني عباس عراقجي عبرا، خلال اتصال هاتفي، عن دعمهما لسوريا.
وأضافت وسائل الإعلام أن عراقجي أبلغ لافروف بأن هجمات الفصائل المسلحة بسوريا «جزء من خطة إسرائيلية أميركية لزعزعة استقرار المنطقة».
ودعا عراقجي إلى التعاون مع روسيا من أجل التصدي للهجمات الأخيرة التي تشنها «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها في سوريا.
وشدد عراقجي على «ضرورة اليقظة والتعاون» بين إيران وروسيا «لمواجهة الأفعال» التي يقوم بها المسلحون في سوريا، وفق ما أفاد بيان لوزارة الخارجية.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف وعراقجي أعربا خلال المحادثة الهاتفية «عن قلقهما البالغ إزاء التصعيد الخطير للأوضاع في سوريا».
وأشار لافروف خلال المحادثة إلى أهمية تكثيف الجهود لتحقيق الاستقرار في سوريا والنظر بشكل عاجل في الوضع بالبلاد في إطار صيغة «أستانا».
من جهة أخرى حذر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، من خطر تنظيم داعش وعودته من جديد بعد تجدد النزاع في سوريا، مشيرا إلى أن إمكانية اندلاع النزاع في مناطق أخرى في سوريا يبقى قائما.
وقال بيدرسون: «إن إمكانية اندلاع النزاع في مناطق أخرى في سوريا يبقى قائما.. سيطرت أمس قوات سوريا الديمقراطية على عدد من القرى كانت تحت سيطرة الحكومة السورية في دير الزور مما يهدد بقرب خطر داعش.. وهناك أنباء عن دعم عسكري محتمل من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة».
خلال جلسة مجلس الأمن، اشتبكت روسيا والولايات المتحدة واتهمت كل منهما الأخرى بدعم «الإرهاب».
واتهم روبرت وود، نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا بالتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات على المدارس والمستشفيات.
أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، وفي تصريحات موجهة إلى وود، فقال إنه ليس لديه الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح على المدنيين المسالمين في المدن السورية.
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، أكد أيضا أنه ليس باستطاعة أي طرف في النزاع السوري تسوية النزاع عبر السُبل العسكرية، مطالبا جميع أطراف النزاع إلى تنفيذ التزاماتها لحماية المدنيين والسماح للفارين من العنف بالمرور الآمن.
وأضاف بالقول: «نحن بحاجة إلى خفض التصعيد وعودة الهدوء وأدعو جميع أطراف النزاع إلى تنفيذ التزاماتها لحماية المدنيين والسماح للفارين من العنف بالمرور الآمن.. وبينت السنوات الماضية أنه ما من طرف سوري قادر على تسوية النزاع عبر السبل العسكرية».
المندوب السوري طالب مجلس الأمن بإدانة الهجوم الأخير على إدلب وحلب الذي نفذته، كما قال «تنظيمات مدرجة على قائمة الإرهاب»، مؤكدا أن بلاده ترفض تبييض صفحة التنظيمات الإرهابية.
في المقابل، قالت نائبة السفير التركي لدى الأمم المتحدة سيرين أوزغور، إن سوريا ستبقى عالقة في حلقة العنف وعدم الاستقرار ما لم تُطلق عملية مصالحة وطنية حقيقية، مذكرة أن النزاع في سوريا هو نتيجة للحالة الجمود السياسي وعدم تلبية طموح الشعب السوري.