«وكالات» : فيما لم ينقشع الدخان بعد عن الضاحية الجنوبية لبيروت، جراء الغارات الإسرائيلية التي طالتها ليلاً، حذرت إسرائيل مجددا سكان تلك المنطقة التي عمها الدمار.
فقد أنذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بتغريدة على حسابه في منصة إكس، أمس الأربعاء سكان أحياء أو مناطق بين بحارة حريك والغبيري في الضاحية.
كما نشر خرائط للمناطق محددا المباني الواجب إخلاءها، زاعماً أنها تقع بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لحزب الله.
فيما شهدت تلك المناطق والمواقع القريبة لها حركة نزوح كثيفة.
ولم تمضِ فترة على تلك التحذيرات حتى أغار الطيران الإسرائيلي على منطقة الغبيري، وسط تصاعد أعمدة الدخان.
كما قصف محيط حارة حريك، فضلا عن «روضة الشهيدين» القريبة من الشياح.
إلى ذلك، شنت إسرائيل 3 غارات على بلدة تبنين فضلا عن السلطانية وكفرمان في الجنوب.
في المقابل، أطلقت رشقة صواريخ من الجانب اللبناني نحو الجليل الأعلى والغربي، في شمال إسرائيل.
كما أطلقت صواريخ تجاه مستوطنات شرق نهاريا وعكا ومحيطها. كذلك سقط صاروخ بين منزلين في بلدة ترشيحا شمال إسرائيل.
فيما أعلن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق حزب الله 20 صاروخاً في الرشقة الأخيرة على الجليل. وأضاف أنه اعترض مسيّرتين أطلقتا تجاه خليج حيفا.
أتى ذلك، بعدما شهدت الضاحية الجنوبية، ليل الثلاثاء، عدة غارات أيضاً طالت أحياء وأبنية سكنية، فضلا عن مجمع طبي.
كما شنت إسرائيل أكثر من 12 غارة كذلك، خلال نهار الثلاثاء على الضاحية التي كانت تعتبر في ما مضى معقلاً حصينا لحزب الله، لاسيما حارة حريك، حيث اغتيل زعيم الحزب يوم 27 سبتمبر الماضي.
علماً أن المساعي الدولية لاسيما الأمريكية مستمرة لوقف النار، وسط أجواء تفاؤلية، ما قد يفسر هذا التصعيد الأخير على أنه لتحسين شروط الجانبين في ما يعرف عادة بـ «مفاوضات النار».
ومنذ سبتمبر الماضي، يتواصل التصعيد الإسرائيلي، حيث طال القصف مناطق لبنانية عدة في الجنوب والبقاع وجنوب بيروت، فضلا عن شرقها وشمال البلاد أيضا.
كما أطلقت إسرائيل مطلع أكتوبر الماضي ما وصفته بالعملية البرية المحدودة في الجنوب، وتوغلت قواتها في بعض البلدات الحدودية.
فيما ارتفع عدد القتلى اللبنانيين إلى أكثر من 3200، ونزوح ما يقارب المليون و200 ألف.
من ناحية أخرى قبيل انتهاء مهامها وتسليمها لإدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تصرّ إدارة جو بايدن على إنهاء حرب غزة.
فقد رأى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، أن إسرائيل حققت أهدافها بالقطاع المحاصر، وأنه حان وقت إنهاء الحرب.
وأضاف للصحافيين أن الولايات المتحدة تريد هدناً حقيقية وممتدة في قطاع غزة حتى يتسنى توصيل المساعدات إلى المحتاجين إليها.
كما اعتبر أنه من الجيد ممارسة بعض الضغوط الحقيقية على حركة حماس لإنهاء الحرب، وفق قوله.
وشدد على أن أفضل طريقة لتلبية احتياجات الناس في غزة هي إنهاء الحرب، مشددا على أن مسؤولية إسرائيل عن المساعدات الإنسانية متواصلة.
إلى ذلك أعلن أن بلاده طرحت ممراً آمناً لخروج مقاتلي حماس من غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى، دون كشف مزيد من التفاصيل.
أتت هذه التصريحات بعدما حذّرت دارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل الشهر الماضي، من أنه يجب زيادة كمية المواد الغذائية وغيرها من المساعدات الضرورية بشكل عاجل، التي تدخل إلى غزة إلى 350 شاحنة يوميا، وإلا فإنها تخاطر بتقليص الدعم العسكري الأمريكي.
كما حددت موعدا نهائيا مدته 30 يوما.
لكن تأثير بايدن على إسرائيل يبدو أنه يتراجع بشكل أكبر، لاسيما أن تل أبيب تنتظر تسلم دونالد ترامب زمام الأمور في يناير المقبل، حيث قلل وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، جدعون ساعر، من أهمية الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة لزيادة هذه المساعدات.
وقال في تصريحات، الاثنين الماضي: «أنا واثق من أنه يمكننا التوصل إلى تفاهم مع أصدقائنا الأمريكيين، وأن هذه المسألة ستحل».
في حين أكدت الأمم المتحدة أن 85 في المئة من محاولاتها لتنسيق قوافل المساعدات والزيارات الإنسانية إلى شمال القطاع، حيث ينتشر الجوع الشديد وتنفذ إسرائيل هجوما كبيرا، تم رفضها أو عرقلتها من قبل السلطات الإسرائيلية الشهر الماضي.
وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) أنه قدم 98 طلبا إلى السلطات الإسرائيلية للحصول على تصريح للعبور عبر نقطة التفتيش على طول وادي غزة، لكن تم السماح بمرور 15 فقط منها.
يشار إلى أن ترامب كان داعما قويا لإسرائيل خلال ولايته السابقة. إلا أنه تعهد بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، خلال حملاته الانتخابية الماضية، من دون أن يوضح الكيفية.
أما مباحثات إنهاء الحرب، فكانت الولايات المتحدة ومصر وقطر توسطت على مدى أشهر في رعاية مفاوضات وصولات وجولات من أجل التوصل لصفقة توقف الحرب في القطاع الفلسطيني وتؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، الذين ما زالوا محتجزين داخل غزة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، لكنها لم تفضِ لنتيجة، لاسيما أن الجانب الإسرائيلي رفض قبل أسابيع الانسحاب العسكري من القطاع، ما عرقل التوصل إلى اتفاق، حتى بعد قبول حماس نسخة من اقتراح لوقف إطلاق النار كان كشف عنه بايدن في مايو الماضي.
وفي هذه الأثناء، تحاول إدارة بايدن، كما أصرت مرارا، على إنهاء الحربين (لبنان وغزة) بينما تستعد لتسليم السلطة.
من جهة أخرى دانت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس الأربعاء، تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التي تدعو إلى ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وقالت في بيان إن «هذه التصريحات تتناقض مع القانون الدولي ومع الجهود المبذولة لوقف التصعيد في المنطقة».
يأتي ذلك بعدما رحب سموتريتش خلال اجتماع في الكنيست، الاثنين، بفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، معتبراً أنها فرصة لضم الضفة الغربية.
إذ أعلن أن عام 2025 سيكون «عام السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، بفضل عودة ترامب إلى البيت الأبيض»، وفق قوله.
بدوره، أكد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الأسبوع الفائت، أن «هذا هو عام السيادة الإسرائيلية» في إشارة إلى ضم الضفة.
إلى ذلك أشارت مصادر مطلعة إلى أن تلك المسألة مطروحة للبحث.
حيث زعمت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، سيطرح فرض السيادة على الضفة فور تنصيب ترامب في العشرين من يناير المقبل، حسب ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء.
بالمقابل، حذر مسؤولان على الأقل في إدارة ترامب السابقة كبار الوزراء الإسرائيليين من افتراض أن الرئيس المنتخب سيدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية خلال ولايته الثانية، وفقاً لما كشفت 3 مصادر مطلعة لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
ورغم ذلك، لم يستبعد مستشارو ترامب السابقون إمكانية دعمه لهذه الخطوة، غير أنهم أكدوا أنه لا ينبغي التعامل معها على أنها «نتيجة حتمية»، بحسب أحد المسؤولين الإسرائيليين.
يذكر أن الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 تشهد تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام، لكن الوضع تدهور منذ اندلعت الحرب بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 إثر الهجوم الذي شنته حركة حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة.
وقتل منذاك ما لا يقل عن مئات الفلسطينيين برصاص المستوطنين والقوات الإسرائيلية، وفق بيانات رسمية فلسطينية.
كما تزايدت اعتداءات المستوطنين المتطرفين على المدنيين الفلسطينيين، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات على عدة مجموعات.
من ناحية أخرى على وقع الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وصل وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي إلى لبنان.
وكشف الوزير المصري في تصريحات، أمس الأربعاء، أن اتصالات يومية تجرى مع كل الأطراف الدولية والإقليمية لوقف «العدوان» الإسرائيلي على لبنان.
كما شدد بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن «الأولوية الأولى هي وقف اطلاق النار والاعتداءات الإسرائيلية دون أي شروط». وأكد أنه «لا يمكن القبول بأي تسوية لا تضمن سيادة لبنان».
إلى ذلك، أوضح أن الجيش اللبناني مستعد لتنفيذ القرار الأممي 1701.
هذا وركز عبد العاطي في لقاءاته على «أهمية إنهاء الشغور الرئاسي، على أن يكون الانتخاب دون إملاءات خارجية بمشاركة الجميع ودون إقصاء أي طرف».
كما رأى أن «إنهاء هذا الشغور يجب ألا يكون شرطا من شروط وقف إطلاق النار».
وكان الضيف المصري التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فضلا عن بري وقائد الجيش ميشال عون.
أتت تلك الزيارة بالتزامن مع تأكيد مصادر مطلعة في وقت سابق أن لبنان أمام فرصة مهمة من أجل إرساء هدنة توقف الحرب مع إسرائيل، فيما يدفع المجتمع الدولي إلى تطبيق القرار 1701 الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله في صيف 2006، ونص حينها على انسحاب المسلحين من المناطق الحدودية في الجنوب اللبناني.
كما جاءت بعدما أكد المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط آموس هوكستين، أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف النار قريبا. وقال: «أنا مليء بالأمل في أن ننجح»، وفق ما نقلت وكالة «رويترز».