«وكالات» : على وقع المواجهات المستمرة منذ أسبوعين على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مع مساعي إسرائيل للتوغل بريا في عدد من البلدات الحدودية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أحمد مصطفى علي، المسؤول عن إطلاق الصواريخ بحزب الله باتجاه الشمال.
كما أضاف في بيان، أمس الخميس، مقتل محمد علي قائد التشكيل المضاد للدبابات بحزب الله في ميس الجبل.
أتى ذلك، بعد ساعات على إعلان إسرائيل مقتل أدهم جحوت، الذي وصفته بأنه أحد أعضاء شبكة حزب الله في الجولان، وذلك بغارة في منطقة القنيطرة بسوريا. وأضافت أن «دور جحوت كان نقل المعلومات من مصادر في النظام السوري إلى حزب الله ونقل المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها على الجبهة السورية لتسهيل العمليات ضد إسرائيل في هضبة الجولان».
في المقابل، أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل أحد جنوده خلال العمليات القتالية على الحدود مع لبنان.
ولفت في بيان إلى أن رقيباً من لواء «آلون» قتل خلال اشتباكات مع مقاتلي «حزب الله» في الجنوب اللبناني، ليرتفع عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا منذ بداية العملية البرية ضد «حزب الله» إلى 13 جندياً.
وبذلك بلغ العدد الإجمالي للقتلى العسكريين الإسرائيليين خلال الجولة الجديدة من الصراع في الشرق الأوسط 731 قتيلاً، وفق وكالة «تاس» الروسية.
يشار إلى أن إسرائيل كانت أعلنت في الأول من الشهر الحالي بدء عملية توغل على الحدود اللبنانية، إلا أن حزب الله أكد أنه تصدى لعدة محاولات تسلل إسرائيلية.
ثم أوضحت مطلع الأسبوع الحالي أنها «بدأت توسيع عمليتها البرية في الجنوب»، وفق تعبيرها.
وتسعى إسرائيل التي وجهت ضربات مؤلمة منذ الشهر الماضي إلى حزب الله، عبر اغتيال العديد من قياداته، إلى دفعه بعيدا عن الحدود نحو شمال نهر الليطاني.
فيما شددت الحكومة اللبنانية على ضرورة وقف إطلاق النار، وأعلنت تأييدها للجهود الدولية في هذا المجال.
من ناحية أخرى على الرغم من الضغط الأمريكي من أجل «تقليص الضرر على المدنيين اللبنانيين» خلال الغارات الإسرائيلية على مواقع مختلفة في لبنان، فإن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لم ير مساعي أميركية كافية لوقف إطلاق النار.
فقد أكد بري الذي فوضه حزب الله إجراء محادثات من أجل وقف النار، أن لا تقدم إيجابياً بشأن «وقف الحرب الإسرائيلية».
وقال في حديث مع «الشرق الأوسط» إن الأمريكيين «الذين يقولون إنهم مع وقف الحرب، لا يفعلون شيئاً لتحقيق ذلك».
كما شدد على أن «الموقف اللبناني لا يزال متمسكاً بالثوابت التي أُقرت خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط»، في ما يتعلق بانتخاب رئيس.
إلى ذلك، أوضح رئيس البرلمان أن الوضع المستجد لدى حزب الله «يعوق حراك مسؤوليه، وبالتالي يزيد من المسؤولية» الملقاة على عاتقه. وأضاف أن التفويض الذي تحدث عنه نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم «ليس جديداً، ولا يغير شيئاً».
كذلك اعتبر أن جلسة مجلس الأمن المرتقبة أمس الخميس «ستحمل مؤشرات على مسار الحراك السياسي».
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب خلال مكالمة هاتفية، الأربعاء، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهي الأولى بينهما منذ نحو شهر، «تقليص الضرر اللاحق بالمدنيين» في لبنان، لا سيّما في بيروت، مؤكدا في الوقت ذاته «حق إسرائيل في حماية مواطنيها من حزب الله»، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.
أتت تصريحات بري، فيما ألمح عدد من المسؤولين في لبنان وخارجه إلى أن واشنطن تسعى لانتخاب رئيس جديد في لبنان، مع تراجع قدرات حزب الله جراء الضربات الإسرائيلية، وتراجع قبضته السياسية على المشهد اللبناني أيضا.
وكان الحزب تلقى العديد من الضربات منذ سبتمبر الماضي، أبرزها تفجير أجهزة البيجر الذي أصاب العشرات من عناصر الحزب، فضلا عن عدة اغتيالات طالت قادة في صفوفه، أقساها اغتيال أمينه العام حسن نصرالله يوم 27 سبتمر الماضي.
فيما بلغ عدد النازحين نحو مليون و200 ألف منذ تفجر المواجهات بين الحزب والقوات الإسرائيلية، بينما ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 2000.
من جهة أخرى منذ الاجتياح البري لقطاع غزة أواخر أكتوبر الماضي، بدأت الخلافات تتبلور خلف الكواليس بين واشنطن وتل أبيب.
فعلى مدى الأشهر الماضية، عارض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، توجهات الإدارة الأمريكية و»نصائح» الرئيس الأمريكي في ما يتعلق بمجريات الحرب في القطاع الفلسطيني.
وحين انتقلت الحرب ضد حزب الله في لبنان، تفاجأت على ما يبدو الإدارة الأمريكية بالعديد من العمليات الإسرائيلية ضد حزب الله من «تفجيرات البيجر» إلى اغتيال زعيم الحزب حسن نصرالله.
وفي السياق، أبدى عدد من المسؤولين الأمريكيين شعورهم بالإحباط لأنهم تفاجأوا مراراً وتكراراً بالإجراءات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان، وفق ما أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال».
في حين أشار البنتاغون إلى أن البعض كان يأمل أن تعرف الولايات المتحدة المزيد عما تفكر فيه إسرائيل خلال الاجتماع الذي كان مقررا الأربعاء بين وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، قبل أن يتقرر تأجيله.
وفي السياق، قال مسؤول إسرائيلي إن نتنياهو منع غالانت من المغادرة إلى الولايات المتحدة مساء الثلاثاء بينما تواصل تل أبيب التخطيط لعمليتها في إيران.
في حين أكد مسؤولون أميركيون أنهم لم يطلعوا بعد على توقيت الضربة الإسرائيلية المتوقعة ضد إيران، أو ما قد تستهدفه.
كما أوضحوا أنه خلال الاجتماع الذي كان مرتقبا مع غالانت، كان من المتوقع أن يقدم وزير الدفاع الإسرائيلي بعض التفاصيل حول الضربة، بما في ذلك الأهداف المحتملة.
لكن المسؤولين الأمريكيين لم يكشفوا ما إذا كانوا قد حصلوا على ضمانات من إسرائيل بإخطار واشنطن قبل الضربة الإسرائيلية المتوقعة ضد طهران، مشيرين بدلاً من ذلك إلى محادثات متكررة بين كبار المسؤولين.
إلى ذلك، كشف بعض المسؤولين الأمريكيين أن إسرائيل قد تشن ضربات أكبر من الضربة التي شنتها في أبريل الماضي، حين استهدفت نظاما مضادا للصواريخ في إيران.
لكنهم ألمحوا إلى استبعاد استهداف المواقع النووية والمنشآت النفطية، والاستعاضة عنها بضرب البنية التحتية العسكرية والاستخباراتية في إيران.
وكان بايدن شدد خلال مؤتمر صحافي بعد يوم من الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من الشهر الحالي، على ضرورة امتناع إسرائيل عن مهاجمة منشآت النفط الإيرانية.
فيما ألمح العديد من المسؤولين الإسرائيليين إلى أن كل الخيارات مطروحة على طاولة البحث، من ضمنها ضرب النووي الإيراني أو حتى المجمع الرئاسي الإيراني ومجمع المرشد علي خامنئي، فضلا عن مقر الحرس الثوري في طهران.
في المقابل توعد الحرس الثوري الإيراني برد أقوى من المرة السابقة إذا طالت «الاعتداءات الإسرائيلية» مواقع في الداخل الإيراني. كما نشرت قناة منسوبة لفيلق القدس المنضوي ضمن الحرس الثوري، خريطة للأماكن الحساسة الإسرائيلية التي قد تستهدفها طهران في حال ردت إسرائيل. وبينت تلك الخريطة التي انتشرت على «تليغرام» عددا من النقاط النفطية وحقول الغاز التي وضعت في مرمى القوات الإيرانية.
من جانب آخر لا تتوقف الغارات الإسرائيلية العنيفة على لبنان منذ أسابيع، لاسيما في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، دون أمل قريب ينهي الحرب.
أمام هذا الوضع، يبدو أن إسرائيل قررت فرض الشروط. إذ أفادت مصادر إسرائيلية بأن رئيس الموساد ديدي بارنيع، سلّم رسالة مهمة إلى رئيس وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز، تضمنت شروطا لوقف الحرب على لبنان، وفقاً لموقع «والا» العبري.
وأضافت أن إسرائيل اشترطت لأي اتفاق مستقبلي لوقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان، اتفاق تبادل للأسرى مع حركة حماس في قطاع غزة.
وذكر الموقع الإسرائيلي أن المؤسسة العسكرية قررت تغيير الاستراتيجية عبر ما أسمته «الانقلاب» على حزب الله.
كما أوضح أن الخطة تهدف إلى ربط وقف إطلاق النار في لبنان بإتمام صفقة التبادل في غزة، بغرض الضغط على زعيم حماس يحيى السنوار، من خلال حليفيه حزب الله وإيران.
وتابع أن هذه الرسالة دليل واضح على مدى تعقيد الوضع في المنطقة، خصوصا أن إسرائيل تحاول بكل جهد ربط الساحات المختلفة من أجل تحقيق أهدافها.
أتت هذه التطورات بعدما أعلن مسؤولون أميركيون أن واشنطن لا تسعى حاليا إلى إحياء محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، إلا أنها رغم ذلك تخشى من تحول وعد إسرائيل بعملية محدودة إلى صراع واسع طويل الأمد.
وأشار المسؤولون إلى أن واشنطن تحث إسرائيل على عدم التصعيد بشكل مفرط عبر ضربة انتقامية لإيران.
من ناحية أخرى بينما تترقب إيران والعالم برمته رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي طالها مطلع الشهر الحالي، جددت طهران تهديداتها.
وقال مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني إبراهيم جباري في تصريحات صحافية «إذا أطلقنا 200 صاروخ مؤخراً فنحن الآن جاهزون لإطلاق آلاف الصواريخ» نحو إسرائيل.
إلا أنه أضاف في الوقت عينه أنه «لن تكون هناك حرب إذا لم تنفذ إسرائيل أي هجوم».
وتابع قائلا: «لكن إذا استهدفت إسرائيل نقطة واحدة في بلادنا فسنرد باستهداف عشرات المراكز الأمنية والعسكرية والاقتصادية»، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.
بدوره، أكد رئيس منظمة التعبئة في إيران، العميد غلام رضا سليماني، أن بلاده ستستخدم تقنيات جديدة ستفاجئ إسرائيل.
ولا تزال إسرائيل تدرس خيارات الرد على طهران وبنك الأهداف، متوعدة برد مفاجئ وقاس لن يتوقعه المسؤولون الإيرانيون.
في حين ألمحت مصادر إسرائيلية إلى احتمال أن تشمل الضربة مواقع نفطية أو محطات كهربائية، فضلا عن مواقع عسكرية. كما ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، لافتين إلى ضرب المجمع الرئاسي الإيراني، ومجمع المرشد علي خامنئي، فضلاً عن مقر الحرس الثوري في طهران، حسب القناة 12 الإسرائيلية.
في المقابل، هددت طهران برد أقوى من هجوم الأول من أكتوبر، بينما نشرت قناة منسوبة لفيلق القدس المنضوي ضمن الحرس الثوري، الأحد الماضي، خريطة للأماكن الحساسة الإسرائيلية التي قد تستهدفها إيران في حال ردت إسرائيل، مبينة عددا من النقاط النفطية وحقول الغاز التي وضعت في مرمى القوات الإيرانية.
من جهة أخرى أعلن الجيش اللبناني، الأربعاء، توقيفه سوريين اثنين، قال إن اسرائيل جنّدتهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق آثار الغارات التي تشنها على مناطق عدة في لبنان.
وقال الجيش في بيان: «نتيجة عمليات رصد ومتابعة لشبكات التجسّس وعملاء العدو الإسرائيلي، أوقفت دورية من مديرية المخابرات السوريَّين، لإقدامهما على تصوير أماكن ونقاط مختلفة وتوثيق آثار الغارات الجوية المعادية ومتابعة عمليات البحث والإنقاذ وانتشال الجثامين للتحقق من نتائجها».
وتبيّن، وفق الجيش، أنّه «تم تجنيدهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي»، وقد بوشر التحقيق معهما بإشراف القضاء المختص.
لبنان وإسرائيل في حالة عداء رسمي. وأوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية على مر السنوات عشرات الأشخاص بشبهة التعامل مع إسرائيل. وتم تجنيد العشرات عبر الإنترنت إثر الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ 5 سنوات.
وصدرت أحكام قضائية في حق عدد من الموقوفين وصلت إلى حد 25 سنة في السجن.
وحذّر الجيش اللبناني، السبت الماضي، من محتوى إعلامي مشبوه اتهم إسرائيل بنشره بغرض «التجسس» أو «تجنيد» أشخاص، وسط حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في مناطق لبنانية مختلفة.
وقال الجيش اللبناني في بيان على منصة «إكس»: «يعمد العدو إلى نشر محتوى إعلامي على بعض منصات التواصل الاجتماعي، مثل مقاطع الفيديو والروابط والتطبيقات لاستدراج المواطنين إلى مواقع مخصصة للتجسس وجمع المعلومات أو تجنيد العملاء».
وحذّر مواطنيه من محتوى يشكل «خطرا أمنيا على الوطن والمجتمع وسط مخططات العدو الإسرائيلي المستمرة ضد لبنان».