«وكالات» : قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، إن الوضع في ساحة المعركة «يتيح فرصة» لاتخاذ خطوات لإنهاء الحرب في أوكرانيا في موعد أقصاه 2025.
وأضاف، أمام قمة أوكرانيا ودول جنوب شرقي أوروبا في دوبروفنيك في كرواتيا: «في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر لدينا فرصة لتحريك الأمور نحو السلام والاستقرار الدائم. الوضع في ساحة المعركة يتيح فرصة لاتخاذ هذا الخيار، خيار اتخاذ إجراء حاسم لإنهاء الحرب في موعد لا يتجاوز 2025».
هذا وأعلنت برلين الأربعاء أن زيلينسكي سيلتقي الجمعة في برلين المستشار أولاف شولتس، في وقت تتعرض فيه قوات كييف لضغوط عسكرية روسية في شرق البلاد.
ويأتي هذا اللقاء بعد تأجيل اجتماع حول الدفاع عن أوكرانيا كان مقرراً السبت في قاعدة أميركية في ألمانيا، بعد إرجاء الرئيس جو بايدن زيارته بسبب الإعصار ميلتون.
وكان يتوقع أن يقدم زيلينسكي خلال هذه القمة «تدابير واضحة وملموسة للتوصل إلى نهاية عادلة للحرب» بين روسيا وأوكرانيا والمستمرة منذ فبراير 2022.
وكان من المقرر أن تكون قمة رامشتاين «فرصة لإرسال إشارة قوية لصالح الدعم العسكري لأوكرانيا»، بحسب مصدر حكومي ألماني.
وأعرب زيلينسكي، الذي يستغل فرصة تنقلاته لطلب المزيد من المساعدات في مواجهة روسيا، مؤخراً عن أسفه لأن الغرب «يتأخر» في تسليم هذه الأسلحة لبلاده.
ويتوقع أيضاً أن يزور الرئيس الأوكراني روما الجمعة، حيث سيستقبله البابا في الفاتيكان. وإثر ذلك يتوجه إلى برلين.
من جهة أخرى أعلن الجيش الأوكراني أنه دمر مستودعا يحتوي على حوالي 400 طائرة إيرانية مسيرة من طراز «شاهد» في جنوب روسيا، وتحديدا بالقرب من منطقة أوكتيابرسكي في كراسنودار. في المقابل، قتل 6 أشخاص وأصيب 8 آخرون في هجوم صاروخي روسي على ميناء في أوديسا الأوكرانية.
وأكد الجيش الأوكراني مساء الأربعاء، في منشور على تطبيق تليغرام، أن الهجوم دمر المستودع وقلل من قدرة القوات الروسية على استخدام هذه المسيرات لمهاجمة المدن والقرى الأوكرانية.
وأظهرت مقاطع الفيديو التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي كرة نارية ضخمة تضيء سماء الليل، مما يؤكد التقارير التي تحدثت عن انفجار كبير في المنطقة.
وتقع منطقة كراسنودار في جنوب غربي روسيا، وتحدها من الجنوب شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود، والتي ضمتها روسيا في عام 2014.
ولم تعلق السلطات الروسية على الفور، لكن سلطات كراسنودار أكدت اندلاع حريق في مستودع تبلغ مساحته حوالي 800 متر مربع في المنطقة، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات حتى الآن. وقد استخدمت روسيا هذه الطائرات المسيرة على نطاق واسع منذ بداية غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022.
وفي تطور آخر، قتل 6 أشخاص وأصيب 8 آخرون في هجوم صاروخي روسي على ميناء في أوديسا الأوكرانية. وأفادت السلطات المحلية بأن الهجوم أسفر عن إلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية للميناء، وكانت السفينة شوي سبيريت -التي ترفع علم بنما- لحقت بها أضرار.
وكتب حاكم منطقة أوديسا أوليه كيبر، على تطبيق تليغرام، أن جميع الضحايا كانوا من المواطنين الأوكرانيين، مضيفا أن 4 من الجرحى في حالة حرجة، وأن «العدو الخبيث يحاول تعطيل عمل ممر الحبوب الأوكراني من خلال قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية».
وأفاد أوليكسي كوليبا، نائب رئيس الوزراء الأوكراني، بأن سفينة حاويات تحمل علم بنما واسمها شوي سبيريت تعرضت لأضرار نتيجة الهجوم الروسي على ميناء في منطقة أوديسا.
والهجوم على ميناء تشورنومورسك في أوديسا هو الثالث من نوعه في غضون 4 أيام، وهو جزء من سلسلة ضربات روسية تهدف إلى تعطيل ممر الحبوب الأوكراني الذي يتيح لكييف تصدير الحبوب إلى الأسواق العالمية، خاصة بعد انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب الذي تم بوساطة الأمم المتحدة في صيف عام 2023.
ويعد الميناء من الأصول الإستراتيجية لأوكرانيا، إذ كان يستخدم قبل الحرب لتصدير ملايين الأطنان من الحبوب سنويا، لكن الهجمات المتكررة التي استهدفت الموانئ ومستودعات التخزين أدت إلى تقليص قدرات أوكرانيا على التصدير بشكل كبير.
من جانب آخر أكدت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، استعادة قريتين في منطقة كورسك الحدودية، هاجمتها قوات كييف في بداية أغسطس واحتلت فيها مئات الكيلومترات المربعة وعشرات البلدات.
ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء عن الوزارة أن القوات الروسية واصلت العمليات الهجومية وحررت قريتي نوفايا سوروتشينا، وبوكروفسكي.
وشنّ الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبة في مواجهة الروس في شرق أوكرانيا، هجوماً كبيراً على كورسك في 6 أغسطس الماضي، في أكبر هجوم على روسيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكانت كييف تأمل إنشاء منطقة عازلة للحد من القصف الروسي للمناطق الحدودية، وإجبار موسكو على الاستعانة بوحداتها التي تشن هجوماً على منطقة دونيتسك، لإبطاء تقدمها في شرق أوكرانيا.
وبعد المفاجأة الأوكرانية في كورسك، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيشه في منتصف أغسطس «بطرد العدو» من روسيا.
وبعد شهر، أعلن الروس في 12 سبتمبر استعادة أراض بعد هجوم مضاد في المنطقة. وأعلن استعادة 14 قرية، من بينها نوفايا سوروتشينا، وبوكروفسكي، من أصل مئة قالت كييف إنها سيطرت عليها.
وفي أوكرانيا نفسها، أطبقت القوات الروسية على وسط مدينة توريتسك الصناعية في شرق البلاد، ضمن هجومها لتعزيز السيطرة على منطقة دونيتسك.
وقالت متحدثة باسم الجيش الأوكراني إن معارك ضارية استمرت، الأربعاء، في وسط مدينة توريتسك، وهي مدينة لتعدين الفحم على بعد 680 كيلومتراً، شرقي كييف.
واتخذت القوات الروسية مواقع في وسط المدينة منذ الثلاثاء، وفقاً لخدمة خرائط ديب ستيت التي تعمل بالتعاون مع وزارة الدفاع الأوكرانية.
ومن شأن الاستيلاء على توريتسك أن يعزز سعي روسيا للاستيلاء على بلدات منطقة دونيتسك الاستراتيجية مثل بوكروفسك، والمراكز الرئيسية مثل كراماتورسك، وسلوفيانسك.
وقال حاكم منطقة دونيتسك فاديم فيلاشكين لهيئة الإذاعة العامة الأوكرانية، إن نحو 1400 مدني لا يزالون في توريتسك، التي كان عدد سكانها قبل الحرب، يتجاوز 60 ألف نسمة.
من جانب آخر انتقدت روسيا الأربعاء تصريحات لكامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية، أكدت فيها أنها لن تلتقي حال فوزها، الرئيس فلاديمير بوتين لبحث الحرب في أوكرانيا، من دون حضور ممثل عن كييف.
ودانت السفارة الروسية في واشنطن التصريحات «المهينة» و»غير المقبولة» التي أدلت بها المرشحة الديمقراطية، وأشارت إلى أن ما قالته هاريس «يظهر فقط إحباط وعجز الأوساط الحاكمة في واشنطن»، منتقدة «الخطاب الهجومي» و»غضب» الولايات المتحدة.
وكانت هاريس قالت لشبكة «سي بي إس» إنها إذا فازت في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل فإن أي اجتماع بينها وبين بوتين «لن يُعقد ثنائيا بدون أوكرانيا». وأضافت «يجب أن تكون لأوكرانيا كلمة بشأن مستقبل أوكرانيا».
وخلال المقابلة التلفزيونية، قالت المرشحة الديمقراطية «نحن ندعم قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي غير المبرّر».
واعتبرت السفارة الروسية في واشنطن أن تصريحات هاريس تعود إلى «عدم قدرة» واشنطن على إدارة العلاقات مع موسكو، المتدهورة على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا منذ 2022.
وفي هذه القضية الأساسية من قضايا السياسة الخارجية، سعت المرشحة الديمقراطية إلى أن تميّز نفسها بوضوح عن منافسها الجمهوري دونالد ترامب قبل أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية.
وقالت هاريس «لو كان دونالد ترامب رئيسا لكان بوتين جالسا الآن في كييف، فلنكن واضحين».
ويؤكد ترامب بانتظام أنه إذا ما عاد إلى السلطة، فسوف ينهي الحرب في أوكرانيا حتى قبل أن يتولى منصبه في يناير. لكن الملياردير الجمهوري لم يحدد كيف سيفعل ذلك.
وفي نهاية سبتمبر، زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة حيث التقى الرئيس جو بايدن ونائبته هاريس والمرشح الجمهوري ترامب.
من ناحية أخرى قال المحلل الأمريكي مارك كاتز، إن الجيش الروسي بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، ربما لا يكون بنفس الحجم الكبير الذي هو عليه الآن. وتساءل عن الشكل الذي سيكون عليه الجيش بعد انتهاء هذه الحرب، مشيراً إلى أن الكثير من الأمور تعتمد على الكيفية التي ستنتهي بها الحرب.
ورأى مارك كاتز الأستاذ الفخري في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ماسون الأمريكية، والزميل العالمي في مركز ويلسون، والزميل البارز غير المقيم في المجلس الأطلسي في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأمريكية، أنه إذا انتهت الحرب نتيجة لانهيار الجيش الروسي كما حدث في عام 1917، فإن شكل الجيش الروسي وروسيا نفسها سيكون سيئاً للغاية. ومع ذلك، ورغم أنه لا يمكن استبعاد ذلك، فإن هذا السيناريو يبدو غير مرجحاً.
وقال كاتز إن «الطريقة المرجح أن تنتهي بها الحرب، هي إما من خلال وقف لإطلاق النار تحتفظ من خلاله روسيا بالأراضي الأوكرانية التي تحتلها الآن، أو موافقة أوكرانيا على التخلي عن مزيد من الأراضي أكثر مما فعلت بالفعل مع تقديم تنازلات أخرى لموسكو».
ويرى كاتز أنه وفقاً لهذين السيناريوهين، فإن الجيش الروسي لن يظل سليماً فحسب، لكنه سيبدو أيضاً أكثر تهديداً من أي وقت مضى لبقية أوكرانيا وللدول الأوروبية الأخرى، الأقل استعداداً وقدرة على الدفاع عن نفسها مقارنة بأوكرانيا، وأيضاً للولايات المتحدة الملتزمة بالدفاع عن حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن شعبها غير مستعد لحرب كبرى مع روسيا والخسائر التي ستنطوي عليها.
والجيش الروسي حال انتصاره في أوكرانيا، وتمتعه بالخبرة في حرب طويلة الأمد وواسعة النطاق سيعزز فقط هذا التصور لدى الأمريكيين. ولكن على الرغم من القوة التي قد يبدو عليها الجيش الروسي بعد حرب أوكرانيا، ربما تظهر عدة عوامل قد تؤدي إلى تقييد أو حتى الحد من حجم وحتى قدرات هذا الجيش.
وقال كاتز إن أحد هذه العوامل، هو أن الجيش الروسي القوي إذا لم يكن منخرطاً في حرب ربما يجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يخشى من أن يتحول إلى قوة قد تحول انتباهها إلى تقييد خياراته أو حتى الإطاحة به.
ورغم أن الضباط الروس الذين حاربوا في أوكرانيا غير معارضين، فإنهم ربما يسعون إلى إصلاح استرتيجية وأساليب الجيش الروسي، لتجنب نهج الهجوم الشامل الذي ينطوي على عدد كبير من الخسائر الذي كان بوتين مستعداً لإجباره عليه.
وأشار كاتز إلى أن بوتين قد ينظر إلى أى حركة لإصلاح الجيش، على أنها بمثابة انتقاد ضمني لقيادته، وربما يرغب في نقل ضباط الجيش الأكثر كفاءة بعيداً عن المواقع القيادية إلى أماكن أخرى يكونون فيها أقل قدرة على تهديده ودفعه للتقاعد.
وفي الوقت نفسه، ربما يخلق عدم احترام الضباط الذين حاربوا من أجله في أوكرانيا، معارضة له في الجيش الروسي وهذا ما يسعى بوتين لتجنبه. وسواء اتضح أن بوتين يشعر بالارتياب إلى هذا الحد أم لا، يتوقع الجنود العاديين أن يتم تسريحهم بمجرد انتهاء الحرب. كما أن عائلاتهم ستتوقع أيضاً ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، ربما يتوقع مئات الآلاف من الجنود الروس الذين أصيبوا في الحرب، وهو أمر مفهوم تماماً، أن الحكومة الروسية ستخصص موارد لرعايتهم.
وعدم تحقيق هذه التوقعات سواء من خلال الإبقاء على جيش كبير، أو عدم تخصيص الأموال لرعاية المحاربين القدامي المصابين، يمكن أن يتسبب في زعزعة استقرار البلاد. كما سيرغب صانعو السياسات الاقتصادية الروس ومديرو الشركات أن يتم تسريح الجنود من الجيش بعد الحرب، لكي يتمكنوا من العودة إلى العمل في الاقتصاد الروسي الذي تعرض لنقص حاد في العمالة بسبب الحرب. وسوف يتسبب عدم تسريح الجنود للعمل في الاقتصاد الروسي فقط على المدى البعيد، في إضعاف الاقتصاد الروسي، وبالتالي إضعاف الجيش الروسي الذي يدعمه هذا الاقتصاد.
واختتم كاتز تحليله بالقول إنه «بينما يخشى الأوكرانيون والغربيون ما سوف يفعله بوتين- الذي يعتقد أنه انتصر في الحرب ضد أوكرانيا وداعميها الغربيين- بجيشه الكبير الذي اكتسب خبرة المعارك بعد انتهاء حرب أوكرانيا، قد تظهر ضغوط سياسية واجتماعية واقتصادية تشجع بوتين أو حتى تجبره على تقليص حجم وقدرات الجيش الروسي فيما بعد».