
«وكالات» : انتقد الكرملين، أمس الاثنين، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ لاقتراحه أن الدول الأعضاء في الحلف يجب أن تدع أوكرانيا تشن هجمات داخل العمق الروسي بأسلحة غربية، وقال الكرملين إن من الواضح أن الحلف يخوض مواجهة مباشرة مع روسيا.
وقال ستولتنبرغ لمجلة «إيكونوميست» إن أعضاء الحلف الذين يزودون كييف بالأسلحة يجب أن يتوقفوا عن حظر استخدامها في ضرب أهداف عسكرية داخل روسيا.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين لصحيفة «إزفيستيا» الروسية «يزيد حلف شمال الأطلسي من درجة التصعيد»، وذلك عند سؤاله عن تعليقات ستولتنبرغ.
وذكر بيسكوف «حلف الأطلسي يمزح بالخطاب العسكري ويسقط في النشوة العسكرية»، مضيفا أن الجيش الروسي يعرف ما ينبغي فعله.
وعند سؤاله عما إذا كان الحلف يقترب من مواجهة مباشرة مع روسيا رد بيسكوف «هم لا يقتربون، هم في غمار ذلك».
ودأب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحذير الغرب من أنه يخاطر بنشوب حرب عالمية بسبب أوكرانيا ومن أن أي صراع مباشر بين روسيا والحلف معناه أن الكوكب سيكون على بعد خطوة من اندلاع الحرب العالمية الثالثة.
ويقول مسؤولون روس إن الهجمات الأوكرانية داخل العمق الروسي تصعيد مباشر، بما في ذلك الهجمات على مناطق مدنية وعلى أجزاء من الدفاعات النووية الروسية. ودأبت الولايات المتحدة على قول إنها لا تشجع أوكرانيا على المهاجمة داخل روسيا، رغم أن أوكرانيا تضغط بشدة من أجل ذلك. وذكرت مجلة «إيكونوميست» أن تعليقات ستولتنبرغ تستهدف بوضوح الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يعارض السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية في هجماتها داخل روسيا.
بدوره، وتعليقاً على هذه التصريحات، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن ستولتنبرغ تجاوز صلاحياته بتصريحاته حول السماح لكييف بشن ضربات بأسلحة غربية على الأراضي الروسية.
وقال لافروف للصحافيين: «لقد تمت إدانة ستولتنبرغ من قبل أعضاء الناتو أنفسهم، ولا سيما من قبل رئيس الوزراء الإيطالي، إذا لم أكن مخطئاً. أشك في أن الأمين العام يستطيع أن يتحمل مثل هذه المسؤولية للتحدث نيابة عن أعضاء الحلف، في حين أن هذا الموضوع لم تتم مناقشته داخل الناتو.. برأيي أنه تجاوز صلاحياته».
في سياق آخر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الاثنين إن القوات الروسية أسقطت على أوكرانيا نحو 3200 قنبلة موجهة هذا الشهر.
وأضاف في مؤتمر صحافي في مدريد أن الجيش الأوكراني ليس لديه ما يكفي من صواريخ الدفاع الجوي لمنع روسيا من إسقاط آلاف القنابل شهريا.
من جهته أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن توقيع اتفاق أمني بين إسبانيا وأوكرانيا يتضمن مساعدة عسكرية لكييف بقيمة مليار يورو.
وقال سانشيز خلال مؤتمر صحافي مشترك مع زيلينسكي إن هذا الاتفاق «يشمل تعهدا بتقديم مساعدات عسكرية بقيمة مليار يورو لعام 2024 ما سيتيح لأوكرانيا تعزيز قدراتها» الدفاعية في مواجهة روسيا.
من ناحية أخرى أعلنت روسيا، أمس الاثنين، أن قواتها سيطرت على قريتين جديدتين في شرق أوكرانيا، واحدة في منطقة دونتيسك والثانية في منطقة خاركيف في شمال شرقي البلاد.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها اليومي إن القوات «حرّرت قرية نتايلوف في منطقة دونيتسك» و»إيفانيفكا في منطقة خاركيف».
وتسيطر موسكو على مزيد من المناطق في أوكرانيا منذ أشهر بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد في الصيف الفائت وسيطرتها في فبراير على مدينة أفدييفكا.
كذلك، شن الجيش الروسي في العاشر من أيار هجوماً في منطقة خاركيف (شمال شرق) وسيطر على بلدات عدة، الأمر الذي دفع أوكرانيا إلى إرسال تعزيزات.
ويعد التقدم الروسي في منطقة خاركيف الأهم منذ 18 شهراً. وسارعت كييف إلى إرسال تعزيزات إلى المنطقة، وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أنها قد تكون الموجة الأولى من هجوم روسي صيفي.
يأتي هذا بينما قال ممثلو ادعاء أوكرانيون إن القصف الروسي الأحد أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص في ثلاث بلدات مختلفة في منطقة دونيتسك، النقطة المحورية في الحملة الحثيثة للجيش الروسي على طول الجبهة التي يبلغ طولها ألف كيلومتر في الحرب مع أوكرانيا التي دخلت عامها الثالث.
وقال ممثلو الادعاء في منطقة دونيتسك، التي ضمتها روسيا رغم أنها لا تسيطر على كل أراضيها، إن مدنيين لقوا حتفهم في سيفيرسك في شمال المنطقة وكذلك في الجنوب في كراسنوهوريفكا وتشاسيف يار.
وتقدم الجيش الروسي نحو تشاسيف يار، وهي بوابة لمدن أخرى في منطقة دونيتسك.
من جهتهم ذكر ممثلو الادعاء في منطقة خاركيف أن مدنياً توفي أيضاً الأحد بالقرب من بلدة تشوهوييف، جنوب شرقي خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، حيث قُتل ما لا يقل عن 14 شخصاً في هجوم على متجر للأدوات السبت.
من ناحية أخرى يوم جديد تشهده الجبهات الروسية الأوكرانية، الاثنين، فيما يحاول الجيش الروسي تحقيق المزيد من المكاسب على الأرض، وبالمقابل تحاول كييف كسب المزيد من التأييد والدعم الغربي، حيث يقوم الرئيس الأوكراني بزيارة إلى إسبانيا بهدف ضمان الدعم العسكري من مدريد.
وفي آخر التطورات الميدانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت 12 طائرة مسيرة فوق الأراضي الروسية بما في ذلك فوق إقليم كراسنودار الليلة الماضية.
وجاء في البيان الصادر عن الدفاع الروسية أمس الاثنين: «خلال الليلة الماضية، تم إحباط محاولات من قبل نظام كييف لتنفيذ هجمات إرهابية بمسيرات على منشآت في الأراضي الروسية، ودمرت أنظمة الدفاع الجوي مسيرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، وطائرة مسيرة أخرى فوق أراضي مقاطعة بيلغورود، وأربع مسيرات فوق أراضي إقليم كراسنودار، واعتراض ست مسيرات فوق أراضي مقاطعة أوريول».
وفي 26 مايو، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت صاروخين من طراز «أولخا» فوق مقاطعة بيلغورود الحدودية. ولاحقا من نفس اليوم، أعلن حاكم مقاطعة بريانسك الروسية، أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت مسيرة في أجواء المقاطعة.
يأتي ذلك فيما أعلنت الحكومة الإسبانية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يحض حلفاء بلاده على زيادة مساعداتهم لمواجهة الهجوم الروسي، سيصل إلى مدريد أمس الاثنين حيث يلتقي رئيس الوزراء بيدرو سانشيز.
وقال مكتب سانشيز في بيان: «يستقبل رئيس الحكومة بيدرو سانشيز رئيس أوكرانيا» في منتصف النهار، ثم يعقد الزعيمان مؤتمرا صحافيا.
وقال القصر في بيان إن الملك فيليبي السادس سيستقبل أيضا الزعيم الأوكراني.
هذه هي الزيارة الرسمية الأولى لزيلينسكي إلى إسبانيا منذ توليه السلطة في عام 2019.
وأبلغ رئيس الوزراء النواب الإسبان، الأربعاء، أنه سيتم توقيع اتفاقية تعاون ثنائي.
وأضاف بيدرو سانشيز «بمجرد أن يسمح الوضع على الجبهة، سنوقع اتفاقا مع أوكرانيا من شأنه تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي بين بلدينا».
وكان مقررا أن يزور زيلينسكي مدريد في منتصف مايو، لكنه اضطر إلى إلغاء زيارته بسبب الهجوم الروسي الجديد في شمال أوكرانيا، وفق الإعلام الإسباني.
ومن المتوقع أن يوقع الرئيس الأوكراني اتفاقية أمنية ثنائية تهدف إلى ضمان الدعم العسكري من مدريد، وفق صحيفة «إل باييس» الإسبانية.
من ناحية أخرى ذكرت صحيفة «الباييس» الإسبانية أمس الإثنين، نقلاً عن مصادر مطلعة لم تسمها، أن إسبانيا تعتزم إرسال صواريخ باتريوت ودبابات ليوبارد إلى أوكرانيا في إطار حزمة أسلحة بقيمة 1.13 مليار يورو (1.23 مليار دولار) أعلن عنها الشهر الماضي.
وقالت الصحيفة، إن إسبانيا سترسل 12 صاروخاً من طراز باتريوت مضاداً للطائرات إلى أوكرانيا، و19 دبابة مستعملة ألمانية الصنع من طراز «ليوبارد 2 إيه 4» وأسلحة أخرى إسبانية الصنع مثل معدات وذخائر مضادة للطائرات المسيرة.
وأضافت، أنه سيتم الإعلان عن الحزمة الجديدة من الأسلحة خلال زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى مدريد أمس الإثنين، حيث سيلتقي برئيس الوزراء بيدرو سانشيز والملك فيليبي.
ووافقت الحكومة على قيمة الحزمة الشهر الماضي، رغم أنها لم تحدد الأسلحة التي تشملها.
وأحجم متحدثون باسم سانشيز عن التعليق على تقرير صحيفة الباييس.
من جهة أخرى أعرب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، عن حيرته من تصريحات وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، الذي يؤيد توجيه ضربة أميركية على القوات الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى حرب عالمية.
وقال ميدفيديف في منشور باللغة الإنجليزية على منصة «إكس»: «بدايةً، (الأمريكيون) لم يقولوا أي شيء من هذا القبيل حتى الآن، لأنهم أكثر حرصاً من البولنديين. ثانياً، الضربة الأمريكية على قواتنا في أوكرانيا تعني بداية حرب عالمية، ويجب على وزير خارجية دولة مثل بولندا أن يفهم ذلك».
وفي رأي ميدفيديف، يبدو أن سيكورسكي «قرر إخافة أسياده». هذا وعلق ميدفيديف على تصريح سيكورسكي بأن الولايات المتحدة هددت روسيا بتوجيه ضربة على «أهدافها في أوكرانيا باستخدام أسلحة تقليدية» في حالة استخدام روسيا للأسلحة النووية.
وفي سياق متصل، أشار نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إلى البيان الأخير للرئيس البولندي، أندريه دودا، حول إمكانية نشر أسلحة نووية تكتيكية أميركية على الأراضي البولندية إلى أن «وارسو لن تقف جانباً وستتلقى بالتأكيد نصيبها من الرماد المشع، هل هذا ما تريدونه حقاً»، سأل ميدفيديف سؤالاً بلاغياً.
وكان وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي صرح يوم السبت بأنه لا يعارض الهجمات التي تشنها القوات المسلحة الأوكرانية على الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة التي تقدمها الدول الغربية.
وأكد سيكورسكي في مقابلة مع صحيفة «الغارديان» ردا على سؤال حول جواز توجيه ضربات إلى أهداف عسكرية داخل روسيا الاتحادية: «بصرف النظر عن أن روسيا لا تستخدم الأسلحة النووية، فإنها لا تضبط نفسها كثيرا، إن رسم خطوطك الحمراء يعني ببساطة دعوة موسكو إلى ذلك حتى تتكيف باستمرار مع قيودنا الذاتية المتغيرة باستمرار».
وقال وزير الخارجية البولندي أيضا إن حلفاء كييف بحاجة إلى تعلم كيفية إدارة عملية تصعيد التوترات بشكل أفضل، كما أشار إلى التحذير الأمريكي بشأن عواقب استخدام روسيا للأسلحة النووية في الصراع في أوكرانيا.
وقال إنه ينبغي أن يكون كافيا لجعل هذا الاحتمال غير مرجح، وأضاف أن الصين والهند ليستا ذات مصلحة أيضا باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا.
وسبق أن صرح المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر أن الولايات المتحدة لا تساعد كييف على استخدام الأسلحة الأمريكية خارج أوكرانيا، ولا يوجد إجماع بين الدول الغربية التي تزود أوكرانيا بالأسلحة على القيود المفروضة على استخدامها.
وقد أشار المستشار الألماني أولاف شولتس مرارا إلى أنه يستبعد توريد صواريخ مجنحة طويلة المدى من طراز «توروس» إلى كييف، لأن برلين لن تكون قادرة على إبقاء السيطرة على إدارة الأهداف من دون إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا، وهو ما يعتبره خطأ.
وكان قد أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 24 مايو الجاري إلى أن مثل هذا الاستخدام للأسلحة الأمريكية يحدث أصلا، وأكد وزير الخارجية أن موسكو تنطلق من أن «الأسلحة الأمريكية والغربية الأخرى تضرب أهدافا على الأراضي الروسية، وفي المقام الأول البنية التحتية المدنية والمناطق السكنية».