«وكالات» : فيما تضاءلت احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أكد أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفريق جبريل الرجوب، أن هناك احتقاناً في الشارع الفلسطيني ضد الجميع، مشيراً إلى أن على حركة حماس التقدم بمقاربة سياسية لرأب الصدع.
وأضاف في حديث لوسائل إعلام محلية أمس السبت، أن حركة فتح تتطلع أن «تبادر حماس ذاتياً بتقديم مقاربة سياسية نضالية تنظيمية تؤسس لأرضية مشتركة لها علاقة بدولة فلسطينية على حدود 67 وقرارات الأمم المتحدة».
كما شدد على ضرورة التوافق الوطني بين جميع فصائل العمل الوطني على قاعدة حماية إنجازات الشعب الفلسطيني المتمثلة بخيارات الدولة ومنظمة التحرير الممثلة للشعب، والسلطة كأداة تنفيذية.
وقال إن التوافق يجب أن يشمل الجميع داخل منظمة التحرير وخارجها، لافتاً إلى رفض أي إملاءات من الخارج.
وأوضح أن الحركة تخوض معركة في ثلاث جبهات، الأولى هي معركة الدفاع بدءا من رفح وحتى جنين، والثانية من خلال مسؤولية السلطة الوطنية الفلسطينية والبعثات والجاليات والأحرار في العالم، أما الجبهة الثالثة، فهي إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية.
في موازاة ذلك أكد أن الخلاف مع القيادة الفلسطينية أمر مشروع، على ألا يرتقي لمستوى الطعن في شرعية التمثيل بغض النظر عن المحتوى السياسي أو التنظيمي.
وأضاف أن الظروف المترتبة على السابع من أكتوبر تقتضي مراجعة المفهوم الاستراتيجي للقيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، والتي عنوانها «منظمة التحرير الفلسطينية».
يذكر أن الخلافات طفت إلى السطح بعد السابع من أكتوبر بين الحركتين، بعدما أطلقت حماس سهام انتقاداتها للسلطة الفلسطينية، واتهمتها بإرسال ضباط أمن إلى شمال قطاع غزة بذريعة تأمين شاحنات المساعدات مطلع أبريل الماضي.
اتهامات نفتها السلطة ورأت منظمة التحرير الفلسطينية أنها تشتت الجهد الفلسطيني المدعوم من الدول العربية شعبيا ورسميا في مواجهة إسرائيل.
وكان العديد من المعلومات ألمحت سابقاً إلى أن واشنطن تضغط من أجل تشكيل سلطة فلسطينية جديدة، بعيدة عن الاتهامات بالفساد أو الترهل، من أجل توحيد الضفة الغربية بغزة وتولي الحكم فيهما بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع المحاصر، والتي تفجرت في السابع من أكتوبر الماضي إثر الهجوم الذي شنته حماس.
من جهة أخرى على الرغم من التحذيرات الدولية والأممية من اجتياح مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، ووسط تأكيد الأمم المتحدة عدم وجود أماكن آمنة في كامل القطاع يلجأ إليها النازحون من رفح، طالبت إسرائيل بإخلاء المزيد من الأحياء في المدينة.
فقد أصدر الجيش الإسرائيلي، أمس السبت، ما وصفه بالتحذير الخطير، داعياً السكان والنازحين في مخيمات رفح والشابورة والأحياء الأداري، والجنينة وخربة العدس في بلوكات 6, 7, 8, 9, 17, 25, 26, 27 و 31 إلى إخلائها فورا، كونها «مناطق قتال خطيرة»، وفق تعبيره.
كما أكد أن قواته «ستعمل بقوة شديدة ضد المنظمات الإرهابية في تلك المناطق»، في إشارة إلى مقاتلي حماس. وحذر من الاقتراب من الجدار الأمني.
فيما أوضحت مصادر أن تلك المناطق تقع في شرق المدينة، لافتاً إلى أن آلاف المدنيين فروا منذ صباح أمس من وسط المدينة وشرقها أيضا نحو المواصي وخان يونس، تحت القصف الإسرائيلي.
وأشار إلى أن الوضع مزرٍ، وسط تدفق عشرات الجرحى إلى المستشفى الكويتي.
أتت تلك التطورات بعدما أفادت مصادر مطلعة بأن الحكومة الإسرائيلة المصغرة اتخذت قرارا «بتوسيع عملياتها العسكرية في رفح، بشكل محدود»، بما لا يتجاوز الخط الأحمر الذي رسمته الولايات المتحدة سابقا.
فيما فر أكثر من 110 آلاف من الفلسطينيين من المدينة المكتظة بالنازحين منذ الاثنين الماضي.
يذكر أن ملف اجتياح غزة الذي تتمسك إسرائيل به من أجل «هزيمة حماس»، وفق اعتقادها، كان وتر العلاقة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل غير مسبوق منذ تفجر الحرب يوم السابع من أكتوبر الماضي.
من جهة أخرى على وقع التهديدات باجتياح رفح، وبعد تعليق المحادثات التي جرت في القاهرة من أجل الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قدمت إسرائيل مقترحاً أثار غضب عدة دول عربية.
فقد أفادت مصادر أمس السبت بأن مصر وقطر ودول عربية أخرى رفضت مقترحا إسرائيليا بمشاركة دول عربية في إدارة القطاع بالاشتراك مع الجانب الإسرائيلي، بل أبدت غضبها من تلك الفكرة.
فيما أبلغ الوسطاء أميركا رفضهم القاطع لاستمرار إسرائيل في إدارة غزة بعد الحرب.
كما طالبت القاهرة بفتح معبر رفح لإدخال المساعدات منتقدة تعطيل المعبر الحيوي بالنسبة لآلاف الفلسطينيين في غزة.
وشددت على وجوب إعادة فتح المعبر من الجانب الفلسطيني بعد سيطرة القوات الإسرائيلية عليه، من أجل إدخال المساعدات.
إلى ذلك، بعثت مصر رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل، مؤكدة فيها رفضها العودة إلى طاولة المحادثات قبل فتتح المعبر، السماح لقوافل المساعدات بالدخول دون أي عوائق.
وكانت القوات الإسرائيلية بدأت منذ السادس من الشهر الحالي بإنذار السكان في أحياء شرق رفح بإخلائها، ثم تقدمت في اليوم التالي وسيطرت على المعبر.
كما أعلنت أمس أيضا «توسيع عملياتها» في أحياء إضافية من شرق المدينة المكتظة بالسكان والنازحين، غير آبهة للتحذيرات الأممية والدولية، في ما فهم على أنه «اجتياح بري» على مراحل لرفح، التي تعتبرها معقل آخر خلايا حماس.
من جانب اخر على الرغم من إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، مساء الأربعاء الماضي، تعليق شحنة قنابل كان من المقرر إرسالها إلى إسرائيل، فإن الشحنات العسكرية الأميركية لا تزال مستمرة في التدفق.
هذا ما كشفه مسؤولان أميركيان، مؤكدين أن إدارة بايدن واصلت إرسال المساعدات العسكرية إلى إسرائيل منذ وقف شحنة القنابل.
وقال المسؤولان المطلعان إن الشحنات التي تم إرسالها إلى تل أبيب في الأيام الأخيرة تضمنت أسلحة هجومية ودفاعية، بالإضافة إلى أسلحة صغيرة، وفق ما نقلت شبكة إن بي سي نيوز
أتت تلك المعلومات فيما خلص تقرير لوزارة الخارجية الأميركية طال انتظاره، الجمعة، إلى عدم وجود أدلة كافية على اقتراف إسرائيل انتهاكات للقوانين الأميركية في قطاع غزة من أجل تعليق الشحنات العسكرية.
إلا أنه أقر في الوقت عينه بأن إسرائيل استخدمت أسلحة بطرق لا تتفق مع القانون الإنساني الدولي، لكن الولايات المتحدة لم تتمكن من التوصل إلى «نتائج قاطعة».
كما أضاف أن طبيعة النزاع في غزة تجعل من الصعب تقييم الحوادث الفردية أو التوصل إلى نتائج حاسمة بشأنها. وتابع أنه مع ذلك، ونظرا لاعتماد إسرائيل الكبير على مواد دفاعية أميركية الصنع، من المنطقي التقييم بأن المواد الدفاعية المشمولة بمذكرة (أن أس أم-20) تم استخدامها منذ 7 أكتوبر في حالات لا تتفق مع التزاماتها بالقانون الإنساني الدولي أو مع أفضل الممارسات المعمول بها للتخفيف من الأضرار، في إشارة إلى القانون الإنساني الدولي.
يذكر أن تعليق بايدن لشحنة القنابل بسبب تهديد إسرائيل بغزو مدينة رفح جنوب غزة حيث لجأ مليون ونصف نازح فلسطيني، كان أثار خلال الأيام الماضية عتباً إسرائيلياً. ودفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التعهد بتحدٍ بأن بلاده «ستقف بمفردها وتقاتل بأظافرها» إذا لزم الأمر.
كما أثار هذا التمزق أو التباعد بين الحليفين المقربين انتقادات داخلية لبايدن، لاسيما أنه ترافق مع تعثر محادثات وقف إطلاق النار في القطاع.
لكن حتى الآن ورغم توسيع القوات الإسرائيلية تقدمها البري في رفح، أشار المسؤولون الأميركيون إلى أن عملية رفح لم تخرج بعد عن نطاقها المحدود.
من جانب آخر اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء الجمعة وفجر أمس السبت مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية كما اقتحمت قرية جلبون شرقي مدينة جنين، وتزامن ذلك مع اعتداءات مستوطنين متطرفين على مزارعين في قرية برام الله وإضرامهم النار في مزارع قرية أخرى.
ففي قلقيلية، ذكرت منصات محلية أن قوات الاحتلال اقتحمت المدينة ليلا، وأظهرت مقاطع فيديو الجنود وهم يدهمون منزلا في حي جعيدي بالمدينة ويعتدون على أصحابه.
كما ذكرت منصات محلية فلسطينية أن قوات الاحتلال اقتحمت قرية جلبون شرقي جنين، واندلعت اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين في حي الألمانية داخل المدينة.
من جانب آخر، فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي حظرا للتجوال على بلدة دير إستيا شمال غربي سلفيت.
وكانت آليات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال قد اقتحمت البلدة الجمعة وسط إطلاق قنابل صوتية، وطالبت قوات الاحتلال أصحاب المحال التجارية بإغلاق محلاتهم، كما طالبت عبر مكبرات الصوت المواطنين بعدم التوجه إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة.
من جانب آخر، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ يوم الجمعة 15 فلسطينيا على الأقل من الضّفة، بينهم سيدة اعتقلها الاحتلال كرهينة، وأسرى سابقون.
وتوزعت الاعتقالات على محافظات جنين، نابلس، رام الله، الخليل، قلقيلية، والقدس.
وبذلك يرتفع عدد المعتقلين في الضفة إلى 8680 منذ 7 أكتوبر الماضي.
وإلى جانب قوات الاحتلال، أضرم مستوطنون متطرفون النار بأشجار الزيتون وحقول زراعية في المنطقة الشرقية من قرية المغير شرق مدينة رام الله.
وأفاد شهود عيان من سكان البلدة بأن مجموعة من المستوطنين اقتحموا فجر أمس منطقة الحجار في الجهة الشرقية من القرية وتحت حماية قوات الاحتلال، وأضرموا النار بأشجار الزيتون ومحاصيل زراعية.
كما اعتدى مستوطنون متطرفون على مزارعين في بلدة نعلين غربي رام الله، واستولوا على جرار زراعي أثناء حرث حقول الزيتون.
على الصعيد السياسي، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجوم الذي شنه متطرفون إسرائيليون على مقار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في القدس الشرقية. وقال غوتيريش في تغريدة على منصة إكس إن «استهداف عمال الإغاثة والمنشآت الإنسانية أمر غير مقبول، ويجب أن يتوقف».
كما قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إنه يدين بشدة الهجوم على مباني الأونروا في القدس الشرقية ودعا لمحاسبة الجناة. وأضاف أن مسؤولية ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني تقع على عاتق إسرائيل.
وأكد بوريل أن الأونروا هي شريان حياة لا يمكن الاستغناء عنه للملايين في غزة والمنطقة.
من جهته، عبر وزير خارجية النرويج، إسبن بارث إيدا، عن صدمته من الهجوم على مقر الأونروا في القدس الشرقية.
وشدد وزير خارجية النرويج على أنه يقع على عاتق إسرائيل واجب حماية موظفي الأمم المتحدة ومبانيها في أي وقت، ودعا إلى التحقيق في هذه الأحداث ومحاسبة المسؤولين عنها.
كما أكد بارث إيدا أيضا أن الأونروا هي شريان الحياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.