
«وكالات» : بحث رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، آليات التوصل إلى حل سلمي ينهي الحرب في السودان، في حين أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي أن بلاده تدعم وحدة السودان واستقراره.
وشدَّد الدبيبة خلال لقائه في طرابلس مع البرهان -الذي يزور طرابلس للمرة الأولى- على ضرورة عدم البحث عن مكاسب أخرى غير توقف الحرب في السودان، والإسهام في التوصل إلى حل سلمي يلبّي تطلعات الشعب السوداني.
بدوره، ثمّن البرهان المواقف الإيجابية لدولة ليبيا تجاه السودان، والداعية والداعمة لوحدة السودان وأمنه القومي واستقراره، ورفض التدخلات الخارجية السلبية في البلدين الشقيقين.
وعرض البرهان الصعوبات التي يمر بها السودان، بسبب الصراع المسلح، وأكد أهمية استقرار السودان ووحدة أراضيه ورغبة بلاده في التعاون مع ليبيا.
من جهته، قال محمد حمودة الناطق الرسمي باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية، إن «الدبيبة أكد خلال لقائه بالبرهان أن السلام يتطلب تضحيات، وأن الحلول يجب أن تأتي من الداخل السوداني».
وأضاف الدبيبة أن ليبيا ستواصل دعم الشعب السوداني، خاصة في الجوانب الإنسانية، مشيرا إلى أن طرابلس تولي أهمية قصوى لمساعدة اللاجئين السودانيين في ليبيا.
وتأتي زيارة البرهان للسودان عقب إعلان الدبيبة، السبت الماضي، مبادرة لـ»إحلال السلام ووقف إطلاق النار» بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كشف عنها خلال اتصال هاتفي أجراه مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأعلن الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية أن الدبيبة رحَّب بقبول قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي لزيارة ليبيا.
وفي تصريح أدلى به للصحفيين في طرابلس بصحبة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، قال البرهان إنه اتفق مع الجانب الليبي على تعزيز العلاقات بين البلدين وفي مقدمتها العلاقات العسكرية، بسبب ما يعانيه شعبا البلدين اللذان يطمحان إلى الاستقرار.
وأكد البرهان أن عشرات الآلاف من السودانيين وصلوا من ليبيا هربا من الصراع المسلح في بلادهم، ووجدوا الترحيب من الأشقاء الليبيين.
بدوره، قال المنفي إن بلاده تدعم وحدة السودان واستقراره من خلال تأييدها مخرجات اجتماع جدة بين الفرقاء السودانيين، كون أن هذا الاجتماع كان خطوة مهمة جدا لإنهاء الحرب وضمان الاستقرار.
وذكر المنفي أن ليبيا عانت كالسودان من الحروب والانقسامات في فترات ماضية، قائلا «نحن في ليبيا نعي التدخلات السلبية الخارجية التي سبّبت الفرقة بين الليبيين، ونؤكد رفضنا لهذه التدخلات في السودان».
واتفق المنفي مع البرهان على تبادل الوفود بين البلدين، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما.
كما التقى البرهان خلال زيارته طرابلس المفتي العام لليبيا الصادق الغرياني الذي حذّر البرهان من «مكائد أعداء الأمة بالسودان وتقسيمها»، مؤكدا ضرورة وحدة الصف مع أهل الخير والمصلحين في الأمة.
ومنذ منتصف أبريل 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة البرهان، و»الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، حربا خلّفت أكثر من 13 ألف قتيل ونحو 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وفي وقت سابق من فبراير الجاري، أطلق الجيش السوداني مهمة عسكرية للقضاء على «الدعم السريع»، بعدما أخفقت مفاوضات بينهما رعتها السعودية والولايات المتحدة في مدينة جدة خلال الفترة الماضية، بإحراز اختراق يقود لوقف الحرب التي دخلت شهرها الحادي عشر.
كما لم تنجح مساع أفريقية تقودها «الهيئة الحكومية للتنمية شرق أفريقيا» (إيغاد)، بالجمع بين البرهان و»حميدتي»، تمهيدا لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات.
من ناحية أخرى قالت مجلة لوبوان الفرنسية إن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث تتزايد جيوب المجاعة، في وقت أجمعت فيه المنظمات الإنسانية على انتقاد إدارة الأزمة، وبدأت فيه الاشتباكات تتوسع في جميع أنحاء البلاد، ولم تعد مجرد مواجهة بين مجموعتين مسلحتين.
وفي مستهل تقريره للمجلة، نبه كابوسين غرابي إلى أن الصحفيين الأجانب ممنوعون من دخول البلاد التي قتل فيها حتى الآن 4 صحفيين سودانيين منذ بداية الصراع بسبب قيامهم بالتحقيق في موضوع الصراع الدائر.
وأشار إلى أنه اعتمد في تقريره على لاجئ سياسي سوداني في فرنسا يدعى توما، لديه اتصالات بالسودان.
فر توما، وفقا للمراسل، من الحرب الأهلية في بلاده منذ 6 سنوات، وهو يعيش على إيقاع صمت عائلته التي تعيش في ضواحي الخرطوم، منذ انقطاع الوصول إلى الإنترنت في السودان لعدة أسابيع، وهو في قلق دائم خوفا من تلقي خبر إصابة أحد أقاربه.
وعلى بعد بضعة كيلومترات في منطقة كرري، تتجمع عائلة توما في منزل عمها، على مساحة بضعة أمتار مربعة، وقد أُغلقت المدارس والمستشفيات وفقد الجميع وظائفهم، وهم يعيشون مختبئين منذ أشهر، ولا يخرجون إلا لبضع دقائق في اليوم للعثور على الطعام، ثم يعودون ليتحصنوا، مرعوبين من إطلاق النار والنهب.
وأشار الكاتب إلى أن الإقامة في الخرطوم أمر صعب، بعد أن أصبحت مدينة أشباح وهجرها سكانها بنسبة 70 في المئة منذ بداية الصراع، ولم يبق إلا من ليس لديهم خيار آخر، بسبب كثرة المخاطر وصعوبة المغادرة التي تحتاج إلى العثور على سيارة وعبور نقاط التفتيش.
ومع أن مستقبل السودان بدا مبشرا في أبريل 2019، فإن الآمال بدأت تتلاشى منذ 2021، بسبب التوازن السياسي الهش، ليبدأ صراع بين معسكرين على السلطة والمال، معسكر القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ومعسكر قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي»، وتنطلق حرب الأشقاء بين الجنرالات المتحالفين سابقا، فتزرع الخوف في جميع أنحاء البلاد.