«وكالات» : على وقع التصعيد الذي شهدته الحدود اللبنانية الإسرائيلية والتوسع في رقعة الاستهدافات بين الطرفين خلال الساعات الماضية، ارتفعت وتيرة التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله.
فقد أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، نظيره الأميركي، لويد أوستن، أمس الخميس، بأن لا تهاون في الرد على هجمات حزب الله.
فيما هدد حزب الله، على لسان النائب حسن فضل الله، بالرد على مقتل مدنيين في ضربات بجنوب لبنان، قائلاً إن إسرائيل «ستدفع الثمن».
يذكر أن 8 مدنيين قتلوا مساء الأربعاء بغارة إسرائيلية استهدفت شقة سكنية في مدينة النبطية جنوب لبنان.
وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن الاستهداف الذي نفذته مسيرة إسرائيلية بصاروخ موجه على شقة سكنية وسط المدينة أحدث أضراراً جسيمة في المبنى المؤلف من 3 طوابق.
كما حذرت من أن المبنى أصبح «آيلاً للسقوط بسبب التصدعات الكبيرة فيه»، فيما «تضررت الأبنية المجاورة والسيارات المركونة في الطريق وشبكتَا الكهرباء والهاتف».
يشار إلى أن المواجهات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية تستمر بشكل شبه يومي منذ تفجر الحرب في غزة يوم السابع من أكتوبر الفائت.
إلا أنها بدأت تتوسع مؤخراً لتصل إلى العمق اللبناني. فقد طالت ضربات إسرائيلية أيضاً عدة بلدات، بينها الصوانة وعدشيت وصليا والشهابية، يبعد بعضها عن الحدود مسافات تصل إلى 25 كيلومتراً.
وأدى قصف منزل في الصوانة إلى مقتل 3 مدنيين، وفق الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
أتى ذلك بعد مقتل مجندة في شمال إسرائيل، جراء صاروخ أطلق من الجانب اللبناني.
وتتكثف الجهود الدولية لمنع اندلاع صراع أشمل، وترتيب الوضع الحدودي بين البلدين، بعدما بات مرتبطا عضوياً بالحرب الدائرة في غزة والتي دخلت شهرها الخامس.
من ناحية أخرى وسط الأجواء الضبابية التي خيمت على اجتماعات القاهرة بشأن اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، جددت الحركة الفلسطينية موقفها الصارم من ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، إن أي اتفاق يجب أن يضمن وقف إطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل غزة.
كما أضاف في بيان مقتضب صدر، أمس الخميس، عن مكتبه أن أي اتفاق يجب أن يتضمن أيضا إنجاز صفقة تبادل «جدية»، حسب وصفه.
أتت تلك التصريحات بعد انتهاء الاجتماع الرباعي في العاصمة المصرية يوم الثلاثاء الماضي، من دون أي انفراجة منتظرة للمضي قدما في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بين حماس وإسرائيل، على الرغم من الثقل الذي وضعته كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر في سبيل إحراز تقدم بهذا الملف.
كما جاءت بعد مغادرة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) دافيد بارنياع القاهرة، من دون تقديم أي رد إسرائيلي على اقتراح مُقدّم من جانب حماس بشأن الأسرى.
وبينما تكشفت معلومات في إسرائيل عن عدم رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في دفع ثمن كبير من أجل الوصول إلى الصفقة وتحفّظه على مطلبي وقف الحرب بشكل تام والانسحاب من القطاع، وإطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، كشف مصدر دبلوماسي دولي لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن من بين المعيقات أيضا التي تعترض التوصل إلى اتفاق، إصرار حماس على إطلاق سراح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع وتعتبره خطا أحمر.
وقال المصدر إن إسرائيل أبلغت الوسطاء في باريس في يناير الفائت عبر مدير الموساد ديفيد بارنياع أنها ترفض رفضا قاطعا الإفراج عن البرغوثي، «كي لا تحصل حماس على إنجاز شعبي، وبشكل خاص في الضفة الغربية، إضافة إلى أن الإفراج عنه سيتسبب في إشعال الضفة وعدم الوصول إلى حالة استقرار سياسي في اليوم التالي للحرب».
يشار إلى أن مباحثات القاهرة التي انطلقت يوم الثلاثاء أتت لمناقشة الخطوط العريضة لمسودة اتفاق أبصر النور خلال اجتماع عقد بباريس في 28 يناير الماضي بمشاركة الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل. وكرر الوفد الإسرائيلي في القاهرة «الفيتو» ذاته، عقب إبقاء حماس تشبثها بمطلب الإفراج عن عشرات الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية ومن ضمنهم البرغوثي.
وكان آخر اتفاق لتبادل الأسرى عقد في أواخر نوفمبر الماضي، وأفضى حينها إلى الإفراج عن نحو 100 أسير إسرائيلي ممن احتجزتهم حماس يوم السابع من أكتوبر، مقابل إطلاق سراح ما يقارب 300 أسير فلسطيني.
في حين لا يزال 132 أسيراً إسرائيلياً في غزة، يُعتقد أن 27 منهم لقوا حتفهم، حسب التقديرات الإسرائيلية.
من جهة أخرى على الرغم من تراجع التفاؤل نسبياً بشأن قرب التوصل لاتفاق حول تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، ووقف النار في قطاع غزة، ووسط تكرار بعض الوزراء الإسرائيليين رفضهم إقامة دولة فلسطينية، تسارع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الخطى من أجل إرساء حل دائم بين الجانبين.
فقد أفادت مصادر مطلعة بأن الإدارة الأميركية ومجموعة صغيرة من الشركاء في الشرق الأوسط، يكثفون العمل من أجل استكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين.
كما كشفت أن تلك الخطة تشمل وضع جدول زمني ثابت لإقامة دولة فلسطينية، يمكن الإعلان عنه في أقرب وقت ممكن، بل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حسب ما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» أمس الخميس
إلا أن تلك الخطة ترتبط بشكل وثيق ومباشر بالجهود المبذولة من أجل التوصل لاتفاق حول وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني المحاصر بين القوات الإسرائيلية وحماس، والتي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر، وفقًا لمسؤولين أميركيين وعرب مطلعين.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين من بين العديد من الدبلوماسيين الأميركيين والعرب الذين ناقشوا الموضوع بشرط عدم الكشف عن هويتهم لتجنب عرقلة الخطة قبل اكتمالها: «المفتاح هو صفقة الأسرى».
ومن شأن وقف إطلاق النار الأولي، الذي من المتوقع أن يستمر لمدة ستة أسابيع على الأقل، أن يوفر الوقت لإعلان الخطة وتجنيد دعم إضافي لها فضلا عن اتخاذ الخطوات الأولية نحو تنفيذها، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة، وفقًا لمسؤولين أميركيين وعرب.
في حين يأمل المخططون أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن قبل بداية شهر رمضان
لكن حتى في الوقت الذي يعمل فيه المشاركون ضمن هذه الخطة- بما في ذلك مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات وممثلون فلسطينيون، بالإضافة إلى الولايات المتحدة - على التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، تطفو مخاوف جدية من أن يعرقلها الهجوم الإسرائيلي الذي يلوح في الأفق على مدينة رفح جنوب القطاع، ويؤدي إلى عواقب وخيمة.
لاسيما أن اجتياحاً من هذا القبيل قد يدفع أزمة غزة إلى أبعادها القصوى ويدفن نهائياً صفقة الأسرى، فضلا عن جهود السلام طويلة الأمد، بطبيعة الحال.
بالتزامن مع تلك الجهود، لا تزال بعض الأصوات الإسرائيلية المتطرفة تصدح رافضة من الأساس أي طرح لإقامة دولة فلسطينية، على رأسها وزير الأمن الإسرائيلي إتمار بن غفير، الذي كرر أيضا موقفه هذا، قائلا «العالم يريد أن يمنح الفلسطينيين دولة وهذا لن يحدث».
بدوره أطلق وزير المالية بتسلئيل سموتريش الموقف عينه، مؤكداً أنه يعارض المخططات الأميركية بإقامة دولة فلسطينية!
يذكر أن العلاقات بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كانت شهدت توترات مؤخراً، وسط أنباء عن شعور الرئيس الأميركي بالإحباط لعدم قدرته على إقناع تل أبيب بضرورة وقف النار في غزة، والتخلي عن فكرة اجتياح محافظة رفح التي باتت تضم ما يقارب المليون و400 ألف نازح فلسطيني.
كما أن شعبية الرئيس الأميركي الحالي العازم لتجديد ولايته خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر الآتي تراجعت بين صفوف الشباب الديمقراطي بسبب موقفه من الحرب في غزة، وفشله في وقف سيل الدماء، لاسيما مع ارتفاع أعداد القتلى المدنيين الفلسطينيين إلى أكثر من 28 ألف منذ السابع من أكتوبر الماضي.
من جهة أخرى على ما يبدو، تزداد الخلافات بين صنّاع القرار في إسرائيل بسبب الحرب على قطاع غزة، التي دخلت شهرها الخامس.
فقد كشفت تقارير جديدة أمس الخميس، أن التحالف الحكومي الهش لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان قريبا من الانهيار بعدما بحث الوزيران البارزان بيني غانتس وغادي آيزنكوت الانسحاب من مجلس الحرب، متهمين نتنياهو بالانفراد بقرارات مصيرية تتعلق بصفقة محتملة لتبادل الأسرى مع حركة حماس، وفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية.
وتحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن جبهة أخرى من التوتر يخوضها نتنياهو مع قادة في الجيش والأجهزة الأمنية، بعد أن بعث رئيس الوزراء مراقبا خاصا به من خارج الأجهزة الأمنية لحضور محادثات القاهرة مع مصر وقطر والولايات المتحدة حول صفقة تبادل أسرى متوقعة مع حركة حماس، والتي شارك فيها من الجانب الإسرائيلي رئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع ورئيس جهاز الشاباك رونان بار.
كما استبعد نتنياهو غانتس وآيزنكوت بشكل شبه كامل من عملية صنع القرار فيما يتعلق بقمة القاهرة سواء بحجم التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي أو بمنع الوفد من التوجه مرة أخرى إلى القاهرة للمشاركة في جولة مفاوضات جديدة.
وأوضحت الهيئة أن الوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت كانا على وشك الاستقالة من المجلس ومغادرة حكومة نتنياهو، لكنهما قررا البقاء نظرا للتطورات الحاصلة عند الحدود اللبنانية وارتفاع حدة التصعيد هناك وبسبب حساسية قضية المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة.
وأكدت أن نتنياهو اتخذ قرار منع الوفد من التوجه إلى القاهرة مجددا رغم أن رئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار أخبراه بعد عودتهما إلى إسرائيل أن هناك سببا كافيا يدعو لمواصلة المفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة جديدة.
في حين أثار قرار رئيس الحكومة عاصفة احتجاجات، حيث نقلت هيئة البث عن مسؤولين قولهم إن رئيس الوزراء يعرقل إتمام صفقة تبادل أسرى لأسباب شخصية، لا تضع في الاعتبار المصلحة الإسرائيلية العامة.
إلى ذلك، التقى غانتس وآيزنكوت في وقت متأخر من ليل الأربعاء وقررا بعد مناقشة مشتركة البقاء في الحكومة في هذه المرحلة، بسبب التوترات على الجبهة الشمالية وبسبب حساسية قضية المختطفين.
يأتي هذا في وقت نشر فيه المتحدث باسم نتنياهو غاي ليفي تغريدة على منصة إكس هاجم فيها قادة أجهزة الأمن لكنه حذفها بعد ساعات، وذلك في إشارة لارتفاع حدة الخلاف بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية.
وكتب ليفي في تغريدته: «لم يكن نتنياهو هو الذي تلقى مكالمة تحذيرية في الرابعة صباحا وعاد إلى النوم». في إشارة إلى تجاهل قادة أجهزة الأمن للتحذيرات التي وصلت قبل وقوع هجمات السابع من أكتوبر وتجاهلها.
كما أضاف «لم يكن نتنياهو أيضا هو من أصدر التعليمات لقوات غولاني بعدم الاقتراب من الحدود حتى التاسعة صباحا يوم السابع من أكتوبر».
في سياق متصل، رأى مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، أن نتنياهو يعيش حالة ارتباك ولا يثق بقادة الأجهزة الأمنية ولا يريدهم أن يتخذوا قرارات لا تتماشى مع موقفه ورأيه ولهذا أرسل مستشاره الخاص إلى اجتماع القاهرة ليكون بمثابة مراقب لرئيس جهاز الموساد.
وقال بشارات لوكالة أنباء العالم العربي إن الخاسر الأكبر في إسرائيل من وقف الحرب هو نتنياهو الذي يخشى على مستقبله السياسي وبالتالي لا يريد أن تصل الأمور إلى نقطة النهاية ويكرس كل جهوده لإعاقة الحلول الدبلوماسية والسياسية.
كما نوه بشارات إلى حالة توتر بين الجيش وكل المؤسسة الأمنية من ناحية ونتنياهو من ناحية أخرى.
جاء ذلك بعدما قالت صحيفة يديعوت أحرنوت الأسبوع الماضي أن خلافا اندلع بين نتنياهو والجيش بسبب العملية المتوقعة في مدينة رفح بقطاع غزة.
وبينما يتردد الجيش في تنفيذ هذه العملية في ظل الرفض الدولي الكبير لها، ينزعج نتنياهو من عناد الجيش ويتهمه بمخالفة تعليماته.
من ناحية أخرى على وقع الأزمة التي تمر بها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، بعد قرار عدة دول تجميد تمويلها، جاء تحذير جديد.
فقد أعلن المفوض العام، فيليب لازاريني، الخميس، أن مصروفات الوكالة ستصبح أكبر من إيراداتها «بداية من مارس المقبل».
وأكد أن المشكلات المالية ستتفاقم في أبريل، ما لم يتم استئناف التمويل الذي علقته بعض الدول.