
«وكالات» : قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إنه لا نية لدى إسرائيل لاحتلال قطاع غزة بشكل دائم أو تهجير سكانه المدنيين.
كما قال «نحارب حماس لا السكان الفلسطينيين، ونفعل ذلك بالتزام كامل بالقانون الدولي».
إلى ذلك، كثفت إسرائيل ضرباتها على جنوب ووسط قطاع غزة، الأربعاء، على الرغم من تعهدها بسحب بعض قواتها والتحول إلى حملة تعتمد أكثر على الاستهداف، فضلا عن مناشدة واشنطن لها بتقليل عدد الضحايا من المدنيين.
وقالت إسرائيل هذا الأسبوع إنها تعتزم البدء في تقليص عدد قواتها على الأقل في شمال القطاع، وذلك بعد ضغوط أميركية استمرت أسابيع لتقليص عملياتها وضرورة التحول إلى ما تقول واشنطن إنها يجب أن تكون حملة تعتمد أكثر على الاستهداف.
لكن يبدو أن القتال لا يزال محتدما كما كان، خاصة في جنوب ووسط القطاع الذي اجتاحته القوات الإسرائيلية الشهر الماضي.
وعلى الرغم من تأكيد إسرائيل العلني منذ مطلع العام الجديد أنها ستقلص الحرب، يقول سكان غزة إنهم لم يروا منها أي تراجع.
واضطر كل السكان تقريباً إلى النزوح عن ديارهم مرة واحدة على الأقل، بينما نزح العديد منهم عدة مرات أمام تقدم القوات الإسرائيلية.
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن أربعة من موظفيه قتلوا في ضربة إسرائيلية لمركبة إسعاف على الطريق الرئيسي قرب دير البلح بوسط قطاع غزة. وأصيب فردان آخران بالمركبة ولقيا حتفيهما لاحقا.
وقتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة منذ أن شنت حملة للقضاء على حركة حماس التي أسفر هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الثاني عن مقتل 1200 إسرائيلي واقتياد 240 رهينة إلى غزة.
وتشير تقديرات السلطات الصحية في غزة إلى أن زهاء 40% من القتلى لم تتجاوز أعمارهم 18 عاما.
من ناحية أخرى دخلت الحرب في غزة هذا الأسبوع شهرها الرابع وسط تحذيرات متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات وأطراف دولية من الأوضاع الكارثية، مع تواصل الحصار والقصف الإسرائيليين والمعارك البرية. وتشهد غزة مزيداً من التصعيد، الخميس، فيما لا تظهر أي بادرة لقرب وقف إطلاق النار بهدف رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
وفي آخر التطورات، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي، فجر الخميس، غارات مكثّفة على جنوب قطاع غزة في حين يواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مصر جولته الشرق أوسطية الماراثونية، التي يأمل أن تمنع تمدّد اتّساع رقعة النزاع الدائر منذ حوالى 100 يوم.
وفجر الخميس، كثّف سلاح الجو الإسرائيلي قصفه لخان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة ومركز القتال في الأسابيع الأخيرة، بحسب شهود عيان.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» فقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن مقتل 7 أشخاص على الأقل وإصابة 25 آخرين بجروح.
وخلال زيارة تفقّد فيها قواته في وسط قطاع غزة، أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الأربعاء، أنّ «القتال يدور تحت الأرض، وفوق الأرض، في منطقة معقدة للغاية، في مواجهة عدو أعدّ دفاعه على مدى فترة طويلة جدًا وبطريقة منظّمة للغاية»، بحسب تعبيره.
والأربعاء، انعقدت قمة ثلاثية في العقبة، على بُعد 328 كلم جنوب العاصمة الأردنية، جمعت الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس. وبحثث القمة «التطورات الخطيرة في غزة»، وفق ما ذكر بيان للديوان الملكي الثلاثاء.
وتأتي زيارة الوزير بلينكن ضمن جولة هي الرابعة له في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر. وتمحورت الجولة حول تفادي اتساع الحرب إلى جبهات أخرى، والبحث في «اليوم التالي» لما بعد انتهائها، والدعوة الى حماية المدنيين وزيادة المساعدات للقطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة.
وليل الأربعاء قال نتنياهو «أودّ أن أوضح بعض النقاط: إسرائيل لا تنوي احتلال قطاع غزة بشكل دائم أو تهجير سكّانه المدنيين. إسرائيل تقاتل حماس وليس السكّان الفلسطينيين ونحن نفعل ذلك مع الاحترام الكامل للقانون الدولي».
وتوعدت إسرائيل بـ»القضاء» على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، أرقام رسمية إسرائيلية.
كما اقتيد نحو 250 أسيرا خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل بقصف جوي ومدفعي عنيف، وعمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر، على قطاع غزة المحاصر، ما أدى إلى مقتل 23,357 شخصًا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء مواصلة عملياته في مخيم المغازي في وسط القطاع ومدينة خان يونس بجنوبه، مؤكدا ضرب «أكثر من 150 هدفا». كما أعلن كشف 15 فتحة نفق في مخيم المغازي، إضافة إلى قاذفات صواريخ ومسيّرات وعبوات ناسفة.
وكان الجيش أعلن هذا الأسبوع الانتقال إلى مرحلة جديدة تشمل تنفيذ عمليات أكثر استهدافا في وسط قطاع غزة وجنوبه حيث يحتشد مئات الآلاف من النازحين، بعدما تركّزت العمليات مطلع الحرب على شمال القطاع خصوصا مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.
وتؤكد منظمات دولية أن المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع بموافقة إسرائيلية، لا تكفي لسدّ حاجات سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الأربعاء إن الوضع الإنساني في غزة «مستعصٍ» وإن عمليات توزيع المساعدات تواجه عقبات «يكاد يكون من المستحيل تجاوزها».
ووصف عاملون في المنظمة مشاهد يائسة لمصابين بجروح خطيرة بينهم أطفال، وهم يتوسلون للحصول على طعام في مستشفيات غادرها معظم أفراد الطواقم الصحية حفاظا على سلامتهم.
من جهة أخرى مع استمرار التصعيد في الضفة الغربية، قالت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الفلسطينية إن مقاتليها في مدينة جنين بالضفة قد نصبوا كمائن للقوات الإسرائيلية، التي اقتحمت المدينة ومخيمها صباح أمس الخميس.
وأشارت في بيان إلى أنها أوقعت إصابات مباشرة وخسائر في الأرواح والعتاد في تصديها للقوات الإسرائيلية المقتحمة لجنين، لافتة إلى أن القوات الإسرائيلية اقتحمت الحي الشرقي من المدينة، قبل أن يتصدى لها المسلحون بتفجير عبوات وإطلاق صليات من الرصاص.
كما أشارت إلى أن العملية لا تزال قائمة.
وقبل ذلك، قالت قناة الأقصى إن مسلحين فلسطينيين اشتبكوا مع قوات إسرائيلية توغلت في جنين في ساعة مبكرة من الصباح، في موجة أخرى من الاقتحامات الإسرائيلية لمدن الضفة الغربية.
وقال تلفزيون فلسطين إن صفارات الإنذار دوت في جنين ومخيمها، بينما تقدمت جرافات إسرائيلية محاولة تنفيذ الاقتحام.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن القوات الإسرائيلية اقتحمت كذلك مدن قلقيلية وأريحا وبيت لحم ونابلس والبيرة، وكذلك بلدة السموع جنوب الخليل.
من جهة أخرى بدأت، أمس الخميس، جلسة محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وقال محكمة العدل الدولية إن جنوب إفريقيا تؤكد أن أعمال إسرائيل في غزة «إبادة جماعية».
وأضافت محكمة العدل الدولية أن دعوى جنوب إفريقيا تطالب بالحصانة للمدنيين في غزة، كما تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وبدوره نوه وزير العدل بجنوب إفريقيا إلى أن الدعوى تؤكد رفض جرائم الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن العنف في فلسطين لم يبدأ في 7 أكتوبر. وذكر في الوقت ذاته أن إسرائيل تتحكم في نقاط العبور من الضفة إلى غزة والعكس.
واعتبر وزير العدل بجنوب إفريقيا أن رد إسرائيل على هجوم 7 أكتوبر تجاوز كل الحدود، وأنها تفرض حصارا مطبقا على قطاع غزة.
وفي معرض كلامه أكد وزير العدل بجنوب إفريقيا أن المجتمع الدولي فشل في منع إسرائيل من ارتكاب جرائم إبادة.
وأكد الفريق القانوني لجنوب إفريقيا، أن إسرائيل قصفت الممرات الآمنة التي يمر بها اللاجئون، ارتكبت أعمال قتل جماعي ضد الفلسطينيين، كما أن مئات الأسر في غزة تم محوها بالكامل بسبب الغارات الإسرائيلية.
ويترقب الفلسطينيون، الذين قتل منهم في قطاع غزة أكثر من 23 ألفاً في ثلاثة أشهر، أولى جلسات نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا لدعوى تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
الدعوى تقدمت بها جنوب إفريقيا، ويقول خبراء إنها تستند إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار، بينهم وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي دعا في نوفمبر الماضي لقصف قطاع غزة بقنبلة نووية.
وشكلت إسرائيل فريقا للدفاع للمساعدة في دفع التهمة عنها، بدعوى أن تلك التصريحات «لا تعكس رؤية الحكومة». ويقول خبراء إن نظر الجلسات لن يستمر طويلا.
واستبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انطلاق جلسات المحكمة بالقول إن إسرائيل لا تريد احتلال قطاع غزة ولا ترغب في تهجير سكانه المدنيين.
وأضاف نتنياهو، في تصريحات نشرها حساب رئيس وزراء إسرائيل على «فيسبوك»، أن إسرائيل تحارب حماس وليس السكان الفلسطينيين، مشددا على أنها تفعل ذلك «مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي».
لكن الخبير في القانون الدولي مجيد بودن قال إن جنوب إفريقيا صاحبة الدعوى تقف موقفا قويا بما تملكه من أدلة على ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
وأضاف بودن لوكالة «أنباء العالم العربي»، متحدثا من باريس: «محكمة العدل هي صاحبة السلطة القضائية الأعلى في العالم وهي مخولة بإصدار أوامر وليس طلبات إلى إسرائيل بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ووقف كل الانتهاكات».
وأشار الخبير القانوني إلى أن الشعب الفلسطيني يمكنه أن يحظى بحماية دولية في الوقت القريب إذا ما حكمت المحكمة لصالح جنوب إفريقيا. ووصف بودن المحكمة بأنها «مختصة في مناقشة قضية مثل حرب غزة والإبادة الجماعية».
وأشار بودن إلى أن إسرائيل من الدول الموقعة على الاتفاقية الخاصة بمحكمة العدل الدولية، ومن ثم عليها التزام أمامها، معتبرا أن إسرائيل قبلت بالتقاضي «لأنها تخشى بأن لا تدافع عن نفسها ويصدر قرار ضدها، إذا لم تكن حاضرة أمام المحكمة».
وأضاف «الوقائع التي شاهدها العالم والموجودة في ملف جنوب إفريقيا تثبت وجود قرار إبادة جماعية».
ويشير بودن إلى أن العالم ينتظر من محكمة العدل الدولية قرارين: الأول يلزم إسرائيل بحماية الشعب الفلسطيني والأراضي الفلسطينية وإعادة الأمور إلى الوضع ما قبل السابع من أكتوبر، والثاني هو وقف الحرب والحصار وتجويع الشعب الفلسطيني وقتل المدنيين الأبرياء، وهذا ينطبق على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويعتقد الخبير القانوني أن النظر في القضية سيكون في وقت قصير ويمتد من أيام إلى أسابيع لأن المحكمة تبحث في قضية ظرفية مستعجلة وواجب المحكمة أن تقلل من الأضرار.
وتعقد المحكمة جلستين متتابعتين الخميس والجمعة، حيث تقدم جنوب إفريقيا في الأولى مرافعتها، على أن يسمح لإسرائيل في الثانية بتقديم دفاعها.
وقال الخبير القانوني في هيئة البث الإسرائيلية رافد آرال إن الاتهام في لائحة الدعوى التي تقدمت بها جنوب إفريقيا هي تهمة الإبادة الجماعية.
تضم المحكمة 15 قاضيا من دول مختلفة بينها أربع من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن هي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين.
ويأتي باقي القضاة من سلوفاكيا والمغرب والصومال وأوغندا والهند وجاميكا ولبنان واليابان وألمانيا وأستراليا والبرازيل.
وبحسب آرال فإن للمحكمة حق تعيين قاض خاص نيابة عنها بالنظر لأن جنوب إفريقيا لا تملك قاضيا دائما في المحكمة. وعينت كل من إسرائيل وجنوب إفريقيا قضاة نيابة عنهما.
وأضاف «وجود قاض نيابة عن إسرائيل أمر مهم للغاية، وبعيدا عن الرأي الذي يتبناه، فهو أكثر دراية بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وجوانبه القانونية، ويمكنه التأثير على القضاة الآخرين».