
«وكالات» : فيما يتواصل النزاع في السودان، أطلق الجيش، صباح أمس الاثنين، قذائف المدفعية تجاه تمركزات قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وأم درمان.
ووقعت أيضاً اشتباكات بين الطرفين بالأسلحة الخفيفة في الأحياء المتاخمة لسلاح المدرعات جنوب الخرطوم بعد عمليات تمشيط تقوم بها فرقة المهام الخاصة من الجيش.
كما كثف طيران الجيش هجماته الجوية على شرق الخرطوم في مناطق متفرقة منها أحياء بُري والقاردن ستي والشاطئ.
كذلك قصف محيط المدينة الرياضية جنوب الخرطوم. وأفاد شهود عيان في محلية شرق النيل صباح أمس بأن مسيرات تتبع للجيش استهدفت عدة مواقع للدعم السريع في المنطقة.
يذكر أن السودان انزلق إلى هاوية الاقتتال بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل الفائت. وتوصل الطرفان لعدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار بوساطة سعودية أميركية.
غير أن المفاوضات التي جرت في جدة تم تعليقها الشهر الماضي بعد أن تبادل طرفا الصراع الاتهامات بانتهاك الهدنة.
وتتركز المعارك في العاصمة الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور غرب البلاد، حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليوناً.
فيما أسفر النزاع حتى الآن عن مقتل 3 آلاف شخص على الأقل، وتشريد أكثر من 3 ملايين.
من جهة أخرى كشف محامي الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، أن القصف المدفعي الذي طال مشفى علياء في أم درمان، الأحد، وقع في مقر إقامة البشير ومن معه من المعتقلين المتهمين.
كما أوضح هاشم أبوبكر الجعلي في تصريحات، أمس الاثنين، أن البشير ونائبه السابق بكري حسن صالح وبقية المرضى المتهمين كانوا في صلاة الظهر أثناء القصف لذلك لم يصابوا في الهجوم.
وبين محامي الرئيس السوداني السابق، أنه لا يستطيع التأكيد بأن البشير كان مستهدفا، مشيرا إلى أن ما حدث من قصف لمستشفى علياء يعتبر جريمة حرب.
وسمحت المحكمة التي تنظر في قضية انقلاب البشير لخمسة من المتهمين العسكريين من بينهم البشير ونائبه السابق بكري حسن صالح ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين بالمكوث في مستشفى علياء بأم درمان نسبة لحاجتهم إلى الرعاية الطبية.
ومنذ وقوع الأحداث بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وعدد من ولايات السودان في أبريل الماضي وجد البشير ورفاقه من العسكريين أنفسهم في منطقة اشتباكات ضارية بين المتحاربين نسبة لقرب المستشفى الشديد لسلاح المهندسين.
و الأحد، قصف قوات الدعم السريع، مستشفى علياء بالسلاح الطبي. كما تضرر مركز غسيل الكلى والعناية المكثفة وغرفة العمليات في المستشفى، بحسب ما أكدته مصادر عسكرية .
من جانبه، قال الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع قصفت، مجمع الطوارئ والإصابات بمستشفى السلاح الطبي بأم درمان، مما تسبب في مقتل خمسة من المرضى، وإصابة 22 معظمهم من المدنيين.
كما تابع الجيش في بيان أن استهداف الدعم السريع للمستشفى بطائرات مسيرة، يمثل استمرارا «لنهجها في انتهاك القانون الدولي الإنساني وجميع أعراف الحرب».
وهذا القصف يعد الثاني بعد استهداف مستشفى الطوارئ بالطيران المسير.
وانزلق السودان إلى هاوية الاقتتال بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل نيسان. وتوصل الطرفان لعدة اتفاقات لوقف إطلاق النار بوساطة سعودية أميركية، لكن المفاوضات التي جرت في جدة علقت الشهر الماضي بعد أن تبادل طرفا الصراع الاتهامات بانتهاك الهدنة.
يذكر أن البشير، الذي يخضع للمحاكمة عن تهم تتعلق بفترة حكمه ومسؤوليته عن «الانقلاب العسكري» عام 1989، نُقل منذ عدة أشهر إلى المستشفى بناء على تقارير طبية أفادت بحاجته للرعاية الصحية.
من جانب اخر قالت لوموند (Le Monde) الفرنسية إن تدفق اللاجئين والتداعيات الاقتصادية للعنف المتجدد في السودان -منذ أبريل- يزعج الجيران في مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، خاصة أن كل محاولات الوساطة الدولية ومؤتمرات القمة المتتابعة فشلت ولم تسفر عن أي حل تفاوضي أو وقف دائم لإطلاق النار.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم إليوت براشيه- أن اجتماع القاهرة الأخير الذي حضره 6 من قادة دول الجوار، فشل أيضا، وقال المشاركون فيه إنهم «قلقون من تدهور الوضع» وشددوا على أهمية «منع تفتيت البلاد» دون التمكن من وضع خطة لإنهاء الأزمة بين المتحاربين الذين لا يقبل أي منهم سوى الانتصار التام على خصمه.
وحتى الآن -كما تقول لوموند- استغل المتحاربون الهدن المتعددة التي تم التفاوض عليها في جدة لإعادة تنظيم قواتهم ومواصلة انتهاكاتهم ضد السكان، حيث قتل خلال 3 أشهر من الصراع أكثر من 3 آلاف مدني وتشرد أكثر من 3 ملايين شخص، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.
وبعد تعليق مفاوضات جدة وعدم تقدم «خطة التهدئة» التي وضعها الاتحاد الأفريقي، أمسكت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بملف القضية ولكن اقتراحها -نشر قوة فاصلة في السودان من شرق أفريقيا- قوبل بالرفض على الفور من قبل الجيش السوداني الذي اعتبر أن أي تدخل خارجي سيعتبر «عدوانا واعتداءً على سيادة البلاد».
ترى خلود خير من مؤسسة مركز الأبحاث «Confluence Advisory» أن «المنافسة بين المبادرات المختلفة تطرح مشكلة، حيث يمكن لكل من الجيشين أن يدعي أنه يدعم إحدى الوساطات المتنافسة، موضحة أن هذه ليست حربا بالوكالة، لكنها صراع له تداعيات إقليمية عميقة، وإن أي دعم إن وجد، لن يكون كبيرا بما يكفي لتغيير مسار الحرب» خاصة أن تعدد المبادرات يفشي التباين بين مصالح الجيران المتنافسين.
ومع تعثر الصراع، تحاول القوات المسلحة استمالة حلفائها القدامى، وإحياء العلاقات التي أقيمت في ظل نظام عمر البشير مع موسكو أولا حيث التقى مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة بسيرغي لافروف، ومع إيران أيضا، حيث التقى وزير الخارجية السوداني نظيره الإيراني بأذربيجان، كما يحاول الجيش كسب دعم تركيا.