
يسود الهدوء قطاع غزة بعدما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك بعد 5 أيام من العدوان الإسرائيلي على القطاع، استشهد خلالها 33 فلسطينيا وأصيب العشرات، في حين أعلنت سلطات الاحتلال مقتل إسرائيليين اثنين.
وخرجت في قطاع غزة مسيرات عفوية في مناطق متفرقة من القطاع احتفالا بإعلان اتفاق التهدئة، وردد المحتفلون التكبيرات وشعارات تشيد بالمقاومة الفلسطينية.
ومع ذلك، فقد قالت مصادر إن الجيش الإسرائيلي قصف مرصدا تابعا للمقاومة الفلسطينية شرق مدينة غزة، رغم سريان وقف إطلاق النار.
وتضمنت الصيغة الجديدة لوقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي بنودا نصت على وقف استهداف المدنيين، وهدم المنازل، واستهداف الأفراد.
وجاء في نص الاتفاق -كما نشرته وكالة رويترز- أنه «بناء على موافقة الطرفين، تعلن مصر وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في تمام الساعة العاشرة مساء السبت».
وأضاف «بناء على ذلك، يتم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل وقف استهداف المدنيين وهدم المنازل، وأيضا استهداف الأفراد؛ وذلك فور البدء في تنفيذ وقف إطلاق النار».
واختتم نص الاتفاق بقول «تحث مصر الطرفين على تطبيق الاتفاق وتعمل على متابعة ذلك بالتواصل معهما».
وإثر إعلان البيان، قال المتحدث باسم حركة الجهاد داود شهاب «نعلن قبولنا بالإعلان المصري ونلتزم به ما التزم به الاحتلال»، مضيفا أن «قبولنا جاء بعد حصولنا على تعهد بوقف الاغتيالات ووقف استهداف المنازل والمدنيين».
وفي كلمة له بعد انتهاء التصعيد الإسرائيلي، قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إن المقاومة الفلسطينية فوتت الفرصة على العدو في بث الفرقة والخلاف بين الفصائل الفلسطينية.
وأضاف الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أن الرد كان بإمكانات بسيطة في مواجهة عدو مدجج بأدوات الدمار.
وقال النخالة إن إسرائيل أرادت أن تغرق المقاومة بالدماء، لكن المقاومة صمدت، كما أن الموقف كان يستحق التضحيات المقدمة.
من جهته، قال رئيس الدائرة السياسية في حركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي -الذي قاد المفاوضات من جانب الحركة- إن حركته أبلغت جميع الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء غرفة العمليات المشتركة بتفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار.
كما قال الهندي إن الضمانات الحقيقية تبقى قوة ووَحدة الداخل الفلسطيني والالتفاف حول خيار المقاومة.
من جهتها، أكدت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أنها أفشلت بوحدتها وقتالها ما وصفته بمخطط العدو، وأثبتت أنها الأقدر على التحدي.
وقالت الغرفة المشتركة -في بيان لها- إن فصائل المقاومة دخلت المعركة وخرجت منها موحدة، محذرة الجيش الإسرائيلي من العودة لسياسة الاغتيالات.
وشدد بيان الغرفة المشتركة على أن فصائل المقاومة تمكنت من إرباك حسابات العدو، ونجحت في استنزافه وإشغال منظومته الأمنية وإرهاق جبهته الداخلية، حسب تعبير البيان.
من جهة أخرى أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، أمس الأحد، أن الشعب الفلسطيني خاض معركة صمود وتصد للاحتلال الإسرائيلي بعد اغتياله 3 من قادة سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) وعائلاتهم وأطفالهم.
وقال هنية، في تصريح صحفي، «إن شعبنا الفلسطيني خاض على مدار الأيام الماضية واحدة من معارك الصمود والتصدي للعدو الصهيوني المجرم الذي قام بعملية اغتيال غادرة لثلاثة من إخواننا قادة سرايا القدس».
وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية ومن خلال «الغرفة المشتركة» أدارت عملية «ثأر الأحرار»، مضيفا أنها أثبتت «كما في كل مواجهة مع المحتل البغيض قدرتها وعزمها».
وشدد رئيس المكتب السياسي لحماس على أن «قوى المقاومة عملت بشكل موحد وبانسجام وتكامل بين مكوناتها للدفاع عن شعبنا وتحقيق الأهداف التي حددتها».
كما شكر هنية الشعوب العربية والإسلامية على وقوفها مع الشعب الفلسطيني، وخص بالذكر إيران وحزب الله (اللبناني) وقطر ومصر والأمم المتحدة على جهودهم التي بذلوها من أجل التوصل لوقف إطلاق النار.
وعلى مدار الأيام الخمسة الماضية، شنت المقاتلات الإسرائيلية مئات الغارات على مناطق مختلفة من قطاع غزة أسفرت عن استشهاد 33 فلسطينيا بينهم 6 أطفال و3 سيدات، ما دفع المقاومة الفلسطينية للرد برشقات صاروخية وصلت تل أبيب والقدس.
من جهتها، أفادت سرايا القدس، في بيان، بأن 11 من قادتها وعناصرها استشهدوا بالعدوان الأخير على غزة، خلال عمليات اغتيال وقصف نفذها الجيش الإسرائيلي.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل حيز التنفيذ، مساء السبت، في وساطة أجرتها كل من مصر وقطر والأمم المتحدة.
من جانب آخر طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المحكمةَ الجنائية الدولية بإصدار مذكرة بجلب وتوقيف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بسبب تصريحاته الأخيرة الداعية لارتكاب مزيد من جرائم القتل والاغتيالات في الضفة الغربية، وشنّ عملية عسكرية فيها مشابهة لما جرى في قطاع غزة.
وجاءت تصريحات بن غفير عقب الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار، توصلت إليه فصائل المقاومة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي مساء السبت، بعد 5 أيام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وطالبت الخارجية الفلسطينية -في بيان أمس الأحد- المجتمعَ الدولي بإعلان موقف صريح وواضح من تصريحات بن غفير بمقاطعته وملاحقته قضائيا.
كما دانت تصريحاته واعتبرتها رخصة لقتل الفلسطينيين ودعوة لتصعيد عسكري غير مبرر وتعميق التطهير العرقي في الضفة، تحضيرا لاستبدال المستوطنين بهم، وفقا لتعبيرها.
ونُقل عن بن غفير قوله «ناقشت في العملية -في إشارة منه لغزة- الطلب التالي للاغتيالات في الضفة الغربية».
وتابع «ما حدث في العملية جيد ومهم، لكن لا يمكننا الدخول في فترة احتواء وهدوء. يجب أن تكون العملية القادمة في الضفة الغربية.. عدد غير قليل من الإرهابيين يخرجون من هناك، وبالتالي، فإن المطلب التالي هو القتل المستهدف هناك أيضا»، وفقا لتعبيره.
وبن غفير، المولود بالقدس الغربية عام 1976 لأم وأب من يهود العراق، معروف بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين، وهو من سكان مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي الخليل جنوبي الضفة الغربية.
من ناحية أخرى عبرت واشنطن عن امتنانها للجهود الدبلوماسية التي بذلتها قطر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال البيت الأبيض إنه ممتن للجهود الدبلوماسية المهمة التي بذلها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتوصل إلى الاتفاق.
وأضاف البيت الأبيض في بيان أن مسؤولين أميركيين عملوا عن كثب مع الشركاء الإقليميين للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار لمنع سقوط مزيد من الضحايا ولاستعادة الهدوء.
وقال البيت الأبيض إنه ممتن أيضا للجهود الدبلوماسية المهمة التي بذلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
وفي بيان آخر، ذكرت الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أقر بالجهود الكبيرة التي بذلتها قطر لتهدئة الوضع وإنهاء القتال في القطاع.
كما أشادت الخارجية الأميركية بدور مصر الحاسم في التوسط باتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد البيان أن واشنطن ستواصل العمل مع الشركاء لتعزيز الهدوء في غزة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
من جهته، تلقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اتصالا من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في تغريدة إن الجانبين رحبا بالاتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
بدوره، شكر رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الولايات المتحدة على جهودها الداعمة للمساعي الإقليمية للتوصل إلى هذا الاتفاق.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن بلينكن شكر رئيس مجلس الوزراء القطري خلال الاتصال الهاتفي على شراكة وجهود الدوحة المهمة للحد من العنف خلال الأعمال العدائية الأخيرة في غزة.