
«وكالات» : دعت القوى السياسية في العراق إلى التهدئة والجلوس على طاولة الحوار لإنهاء الخلاف السياسي الذي أبقى البلاد بدون حكومة لأكثر من 10 أشهر، بعد احتجاجات كبيرة قادها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، لقطع الطريق على الإطار التنسيقي ومنعه من تشكيل حكومة يتولى تكليفها رئيس «تحالف الفراتين» محمد شياع السوداني المقرب من نوري المالكي.
وعقد الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي أمس لقاء في قصر السلام ببغداد، أكدا خلاله على ضرورة التزام التهدئة والركون إلى حوار حريص يضع خارطة طريق واضحة تحمي المصلحة الوطنية العليا.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان، إن الطرفين بحثا أيضاً وضع خارطة طريق واضحة وحلولاً تحمي المصلحة الوطنية العليا وتُطمئن المواطنين وتُحقق مصالحهم وتطلعاتهم.
ورداً على المطالبة بالتهدئة، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اليوم الأربعاء، إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد حل مجلس النواب، فيما دعا إلى استمرار الاعتصام لحين تحقيق المطالب.
وقال الصدر في كلمة بثتها قناة «السومرية»، إن «الثورة الحالية ليست من أجل السلطة»، مبيناً أنه لم يقرر بعد الخوض في الانتخابات المقبلة من عدمها.
وأشار إلى أنه أراد تشكيل حكومة وطنية «فعرقلتها الدعاوى الكيدية».
وأضاف، «من يريد قتلي كما في التسريبات الأخيرة لا أكن لهم إلا الهداية»، مؤكداً أنه «على استعداد تام للشهادة من أجل الإصلاح»، مردفاً: «لم ولن ارضى بإراقة الدماء».
واشتد التوتر في العراق، بعد أن أطلق معارضي الصدر احتجاجات مناهضة خارج المنطقة الخضراء، ووصفوا تحركاته بأنها انقلاب وطالبوا أنصاره بمغادرة البرلمان.
وتدعم قوات أمنية مدججة بسلاح كثيف كل جانب مما يجعل الاحتجاجات المضادة أمراً خطيراً بالنسبة للعراق ويهدد بجره إلى مزيد من العنف.
وفي إطار السعي لتخفيف الاحتقان، وإنهاء موجة الاحتجاجات، عقد الكاظمي مباحثات مع زعيم تحالف الفتح، هادي العامري، اليوم الأربعاء، أكدا فيها، أنه لا حل للازمة الحالية إلا عبر تهدئة التشنجات، والجلوس على طاولة حوار.
وأعلن العامري المنضوي في الإطار التنسيقي الموالي لإيران، تأييده لمبادرة رئيس حكومة تصريف الأعمال والتي دعا فيها إلى حوار وطني شامل يفضي لمخرج من هذه الأزمة يرضي كل الأطراف في العراق.
وفي نفس السياق، أعلنت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق ألينا رومانوسكي اليوم الأربعاء، خلال اجتماعها مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن بلادها «تتطلع إلى تشكيل حكومة عراقية قوية قادرة على الحفاظ على سيادتها ومنفتحة على المجتمع الدولي». وأكدت أن الولايات المتحدة لن تتدخل في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
وخلال اللقاء، أكد الأعرجي، أن «العراقيين قادرون على حل مشكلاتهم السياسية، كونها شأناً داخلياً عراقياً، ونعمل على تهيئة ظروف حوار وطني ضمن وفاق عراقي يحقن الدم العراقي، ويحافظ على العراق الموحد».
كما دعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) اليوم الأربعاء، الطبقة السياسية إلى إيجاد «حلول عاجلة للأزمة» عبر الحوار بين الأطراف السياسية، وسط خلافات حادة في ما بينها حول تسمية رئيس وزراء جديد للبلاد
واعتبرت بعثة الأمم المتحدة في بيان لها، أن «الحوار الهادف بين جميع الأطراف العراقية الآن أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، حيث أظهرت الأحداث الأخيرة الخطر السريع للتصعيد في هذا المناخ السياسي المتوتر».
وأضافت، «نناشد الجهات الفاعلة كافة الالتزام والمشاركة بفاعلية والاتفاق على حلول من دون تأخير».
يعيش العراق أزمة سياسة وتوتراً منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة في أكتوبر 2021، بسبب الخلافات حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية ورئيس وزراء للحكومة المقبلة.
ويواصل الأربعاء مئات المحتجين المناصرين للتيار الصدري الاعتصام في مبنى مجلس النواب لليوم الخامس على التوالي، كما شاهدت صحافية في «فرانس برس». ويأتي ذلك غداة دعوة التيار الصدري أنصاره للانسحاب من قاعات رئيسية في البرلمان والاعتصام حول المبنى وفي الحدائق المجاورة خلال 72 ساعة.
وبسبب عدم تشكيل حكومة جديدة للبلاد، مازال العراق يعتمد على موازنة عام 2021، التي وضعت وفقاً لسعر برميل النفط أقل بكثير مما هو عليه حالياً في الأسواق العالمية، ما يعني أن الإنفاق العام أقل بكثير مما يمكن أن يكون عليه.
من جهة أخرى، يقول نشطاء، إن احتجاجات أنصار الصدر بمثابة استهزاء بمظاهرات 2019 التي دعت إلى إسقاط طبقة سياسية أدى فسادها وسوء إدارتها إلى إبقاء العراق عاجزاً عن ممارسة دوره على الرغم من ثروته النفطية الهائلة، والسلام النسبي الذي شهده في السنوات الأخيرة.
واتهم عدد من نشطاء احتجاجات 2019، الصدر بالانقلاب على المتظاهرين المطالبين بتحقيق الديمقراطية. وأكدوا، أن أنصار الصدر انضموا إلى تلك الاحتجاجات وازداد عددهم لكنهم انقلبوا عليها لاحقاً بأوامر من الصدر وانتهت الاحتجاجات.
ويقول الأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاجات أيضاً، إن الجماعات المتحالفة مع إيران قتلتهم وخانهم الصدر. ويواصل الجانبان ممارسة السلطة عبر إدارة الوزارات الحكومية.
وقال الناشط أحمد ماجد، الذي شارك في احتجاجات 2019، إن الصدر قرر أنه سيحاول الاستيلاء على مزيد من السلطة بالقوة من خلال إثارة الاضطرابات.
وبرز الصدر باعتباره الفائز الأكبر في انتخابات أكتوبر ، لكنه سحب نوابه من البرلمان بعد أن فشل في تشكيل حكومة من اختياره.