
بيروت - «وكالات» : قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أمس الثلاثاء، إنه سيبقى في منصبه لتجنب إعطاء أي مبرر لتعطيل الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو.
وقال ميقاتي في تصريحات بثها التلفزيون خارج جلسة للبرلمان: «لا يمكن أن أنساق إلى الاستقالة حتى لا تكون مبرراً لتعطيل الانتخابات».
وأضاف «لهذا السبب لن أقدم على الاستقالة» مشيراً إلى أنه دعا للتصويت على الثقة في حكومته وهو ما رفضه نبيه بري رئيس مجلس النواب، مؤكداً أن طلبه جاء بعد انتقادات مسؤولين لحكومته لكنه لم يوضح طبيعة الانتقاد.
وتابع رئيس الوزراء الذي بدا منزعجاً «المصالح الانتخابية لبعض الأطراف تضر بمحاولات الحكومة لإخراج لبنان من أسوأ أزمة يشهدها منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990».
وقال «كفى تغليباً للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية، لأن الوطن هو الذي يدفع الثمن».
من ناحية أخرى جمدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق حول تبييض أموال استهدف 5 أشخاص بينهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية «يوروجاست» الاثنين أن التحقيق استهدف خمسة مشتبه بهم بتُهم تبييض أموال و»اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021».
وأوضحت مصادر مقربة من الملف لوكالة «فرانس برس»، أن هؤلاء الأشخاص الخمسة هم سلامة و4 من أفراد عائلته أو المقربين منه.
وكانت النيابة المالية الفرنسية فتحت في 2 يوليو 2021 تحقيقاً في الثروة الشخصية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأشارت مصادر قضائية إلى أن الادعاء الفرنسي يحقق في ارتباط مزعوم لسلامة بأنشطة تبييض أموال، بعدما قامت سويسرا بالمثل.
وسلامة المستهدف بسلسلة تحقيقات قضائية في لبنان والخارج، ادعت عليه في الآونة الأخيرة النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بجرم «الإثراء غير المشروع» و»تبييض الأموال»، وفق ما أفاد مصدر قضائي في 21 مارس (آذار).
ورحبت النيابة المالية الفرنسية على تويتر ب»مصادرة كبرى» في إطار تحقيق قضائي فتحته بتهم «تبييض أموال في عصابة منظمة» و»إخفاء جنح» ارتكبت خصوصا في فرنسا ولبنان.
ومن جهتها، لم تعط وحدة التعاون القضائي الأوروبية التي نسقت العملية، معلومات عن هوية المشتبه بهم مشددة على أنهم «أبرياء حتى تثبت إدانتهم».
وفي فرنسا صادرت السلطات الجمعة الماضي عقارين في باريس بقيمة إجمالية تبلغ 16 مليون يورو كما أضافت الوحدة. وهما شقتان تقعان في الدائرة السادس عشرة في باريس بحسب مصدر مقرب من الملف.
وأوضحت يوروجاست انه تمت مصادرة عدة حسابات مصرفية في فرنسا أيضا (2.2 مليون يورو) وموناكو (46 مليون يورو) وكذلك مبنى في بروكسل بقيمة 7 ملايين يورو.
ومن جهتها، صادرت السلطات القضائية الألمانية 3 عقارات (واحد في هامبورغ واثنان في ميونيخ)، الى جانب حصص في شركة عقارات مقرها في دوسلدورف.
الى جانب هذه الأملاك التي تقدر قيمتها حاليا بحوالى 28 مليون يورو، تمت مصادرة أسهم أخرى بقيمة 7 ملايين يورو في كل أنحاء ألمانيا كما أوضحت يوروجاست.
في لوكمسبورغ تمت مصادرة 11 مليون يورو في عدة حسابات مصرفية بحسب الوحدة.
والاجراء القضائي بحق سلامة انطلق بدعاوى قدمتها في باريس في إبريل المؤسسة السويسرية «المحاسبة الآن» من جهة ومن جهة أخرى منظمة شيربا غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية ومؤسسة «تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان» التي أسسها عدد من المودعين في البنوك اللبنانية المتضررين من تبعات الأزمة المالية التي يشهدها لبنان منذ 2019.
ورياض سلامة هو أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم، ولطالما قلّل من أهمية الاتهامات التي تساق ضده، معتبراً أن لا أساس لها وتفتقر للأدلة.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر.
ويواجه سلامة، الذي كان يعدّ على مدى سنوات عراب استقرار الليرة، انتقادات إزاء السياسات النقدية التي اعتمدها طيلة عقود باعتبار أنّها راكمت الديون، إلا أنه دافع مراراً عن نفسه قائلاً: إن المصرف المركزي «موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال».
وعلق بيار اوليفييه سور محامي سلامة في فرنسا الاثنين «سنستخدم كل الطعون المناسبة».
من جهة أخرى يواجه لبنان «حالة طوارئ» في قطاع التعليم، وفق مسؤولة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بعدما أثقلت أزمات متلاحقة كاهل إدارات المدارس والمعلمين والطلاب.
وقالت مسؤولة برنامج التربية في مكتب اليونسكو في بيروت ميسون شهاب: «نحن في حالة طوارئ، التعليم في لبنان في أزمة لأن البلاد تعيش في أزمة».
وجاءت تعليقاتها على هامش احتفال المنظمة الإثنين باختتام مشروع إعادة تأهيل 280 مبنى تعليمياً في بيروت، تضرّرت من انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، بـ 35 مليون دولار.
وزارت المديرة العامة للمنظمة أودري أزولاي زارت بيروت إثر الانفجار، وأطلقت مبادرة دعت بموجبها المجتمع الدولي إلى تمويل أعمال التعافي واعتبار التعليم والثقافة والتراث أولويات رئيسية.
ورغم أن قاعات التدريس باتت جاهزة لاستقبال الطلاب والمدرّسين، لكن معاناة القطاع التعليمي من الانهيار الاقتصادي، التي فاقمتها تدابير كورونا، مستمرة.
وقالت شهاب: «لا تملك المدارس التمويل الكافي للعمل، ولا يحظى المدرسون برواتب كافية للعيش برخاء، ولا تتوفر للطلاب وسائل النقل بسبب ارتفاع أسعار الوقود»، وتابعت «يؤثّر ذلك كله على جودة التعليم».
ومنذ مطلع السنة الدراسية، ترفع المؤسسات التربوية لا سيما الخاصة صرختها لعجزها عن تأمين كلفة التدفئة والتشغيل مع ارتفاع أسعار الوقود وانقطاع الكهرباء ساعات طويلة، وعلى زيادة رواتب المدرسين بالشكل المطلوب.
وفي المقابل، يعجز الأهالي عن دفع الأقساط المدرسية وتوفير كلفة النقل، وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في تقرير في مطلع العام إن نسبة الالتحاق بالمؤسّسات التعليمية انخفضت من 60 في المئة في العام الدراسي السابق إلى 43 في المئة هذا العام.
وأعربت مساعدة المديرة العامة لليونسكو للتربية ستيفانيا جيانيني عن تفاؤلها باستمرار المجتمع الدولي في دعم قطاع التعليم في لبنان، وقالت على هامش مشاركتها في اختتام اليونسكو لمشروع إعادة تأهيل المؤسسات التربوية: «أعلم أن الأزمة الاقتصادية لا تزال تؤثر بشكل كبير على البلد، لكني على ثقة أيضاً أن لبنان لن يُترك على وقع الأزمات الكبرى في العالم».