
الخرطوم - «وكالات»: أكدت وزارة الصحة السودانية مقتل وإصابة العشرات جراء قمع المظاهرات الرافضة لقرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في حين شددت الولايات المتحدة على «شرعية» رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك، وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن الضحايا.
ونقلت رويترز عن مسعفين قولهم إن قوات الأمن السودانية قتلت بالرصاص 15 شخصا على الأقل وأصابت العشرات,ليصل عدد ضحايا هذه التظاهرات إلى 39 قتيلاً .
وقال شهود إن قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي والغاز المدمع لمنع التجمعات في أنحاء مدن الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، بعد قطع اتصالات الهاتف المحمول في وقت سابق الأربعاء.
وفي ولاية القضارف شرقي السودان، أفاد مراسل الجزيرة بأن السلطات منعت تنظيم مظاهرة في وسط المدينة تزامنا مع مظاهرات الخرطوم ومدن سودانية أخرى.
وأوضح المراسل أنه تم نشر قوات مشتركة من الجيش والشرطة في الأماكن المستهدفة بالتجمع وكذلك ميدان المدينة لمنع تجمع المتظاهرين.
وقال شهود عيان إن قوات مدججة بالسلاح نفذت حملة اعتقالات في صفوف المتظاهرين والناشطين.
وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير دعت -في بيان- إلى استمرار المظاهرات «حتى سقوط الانقلاب»، كما دعا تجمع المهنيين السودانيين -في بيان- إلى «الحشد في مواكب الأربعاء».
من جهة أخرى دعا تجمع المهنيين في السودان إلى تنفيذ عصيان مدني وإضراب عام أمس الخميس بعد احتجاجات قتل وأصيب فيها عشرات المتظاهرين برصاص قوات الأمن، في حين شهدت الخرطوم مواجهات جديدة.
فقد أصدر تجمع المهنيين بيانا دعا فيه السودانيين إلى الالتزام الكامل بالعصيان المدني اليوم في كل مدن وقرى السودان.
كما دعا إلى شل الحياة العامة عبر الإضراب الكامل عن العمل، وإغلاق الطرق العامة والداخلية بالمتاريس وتجنب الاشتباك مع قوات الأمن، ومقاطعة كل المؤسسات الحكومية وعدم التعامل معها، وعدم دفع أي رسوم أو فواتير أو ضرائب للسلطات المركزية والمحلية.
وتأتي التحركات التي دعا إليها تجمع المهنيين السودانيين احتجاجا على قمع المظاهرات التي خرجت أمس الأربعاء رفضا لقرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود أن الشرطة السودانية أطلقت اليوم قنابل الغاز على متظاهرين كانوا يقيمون متاريس في الخرطوم.
وأضافت الوكالة أن المتظاهرين في شمال الخرطوم بقوا طوال الليلة الماضية أمام حواجزهم مواصلين الاحتجاج على ما يصفونه بالانقلاب العسكري.
في المقابل، كان هناك انتشار أمني كثيف في شمال العاصمة السودانية، وفقا لوكالة رويترز.
وكانت وزارة الصحة في الحكومة السودانية المعزولة أكدت مقتل 14 متظاهرا وإصابة عشرات آخرين في مظاهرات أمس، في حين نقلت رويترز عن مسعفين أن 15 شخصا قتلوا برصاص قوات الأمن، وسقط معظم القتلى في أحياء شمال الخرطوم، وفقا للوكالة.
من جهتها، قالت الشرطة السودانية عبر حسابها على فيسبوك إن 89 من أفرادها أصيبوا، مشيرة إلى استهداف المحتجين عددا من مدرعاتها.
كما أشارت إلى سقوط قتيل في الخرطوم بحري وإصابة 30 مواطنا، وقالت إنها قامت بتأمين مؤسسات الدولة والمتظاهرين كعادتها إلا أنها قوبلت بما وصفته بعنف غير مبرر.
وفي ردود الفعل الدولية على الأحداث الأخيرة، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن -خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الكينية في نيروبي- إلى انتقال ديمقراطي في السودان.
وقال بلينكن إن رئيس الوزراء السوداني المعزول عبد الله حمدوك هو مصدر الشرعية في السودان، وإن الإدارة الأميركية تعمل مع الأسرة الدولية للإفراج عن المعتقلين السياسيين في السودان، مضيفا أن الدعم سيعود إذا تراجع الجيش عن الاستيلاء على السلطة.
من جهته، أدان الاتحاد الأوروبي العنف ضد المتظاهرين واعتقال الصحفيين، وحمّل الجيش السوداني المسؤولية عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان، ودعا للعودة إلى مسار الحوار مع المدنيين.
أما بريطانيا والنرويج وسويسرا فأدانت ما سمته التعيين المزعوم لمجلس السيادة الجديد في السودان في «انتهاك» للإعلان الدستوري الموقع في 2019، ودعت للعودة إلى حكومة انتقالية يترأسها مدنيون.
في المقابل، تتواصل المشاورات في السودان لتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة عبد الله حمدوك المعزولة.
وقال عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول -خلال لقائه مولي في مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية- إن الجيش السوداني غير راغب في الاستمرار بالسلطة، وملتزم بالوثيقة الدستورية.
من جهتها، قالت المسؤولة الأميركية -في تغريدة على تويتر- إنها ناقشت مع عبد الله حمدوك سبل استعادة الانتقال الديمقراطي في السودان.
ومنذ 25 أكتوبرالماضي يعاني السودان أزمة حادة، حيث أعلن البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها انقلابا عسكريا.