
عواصم - «وكالات» : شنت إسرائيل ضربات جوية على قطاع غزة، وواصل المسلحون الفلسطينيون إطلاق الصواريخ عبر الحدود، دون أن تظهر أمس الأربعاء إشارات مؤكدة على أي وقف وشيك لإطلاق النار، رغم دعوات دولية إلى وقف القتال المستمر منذ أكثر من أسبوع.
وقال زعماء إسرائيل إنهم ماضون قدما في هجوم على حركتي حماس والجهاد، لكن متحدثاً باسم الجيش الإسرائيلي أقر بأنه في ظل احتواء ترسانة الجماعتين في غزة على ما يقدر بـ12 ألف صاروخ وقذيفة مورتر «فلا يزال لديهما ما يكفي من الصواريخ لإطلاقها».
وقالت الشرطة إن عاملين من تايلندا قُتلا وأصيب 7 في ضربة صاروخية على مزرعة إسرائيلية على الجانب الآخر من حدود غزة مباشرة. وأعلنت حماس، التي تحكم القطاع، والجهاد مسؤوليتهما عن الهجوم.
وأطلق المسلحون أيضاً صواريخ في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، حيث دوت أصوات صفارات الإنذار في مدينة أسدود الساحلية، جنوب تل أبيب، وفي مناطق أقرب إلى حدود غزة. ولم ترد أنباء عن أضرار مادية أو إصابات بشرية.
وقال مسؤولون طبيون في غزة إن 217 فلسطينيا قتلوا، بينهم 63 طفلا، كما أصيب أكثر من 1400 منذ بداية القتال في 10 مايو . وتقول السلطات الإسرائيلية إن 12 قتلوا في إسرائيل منهم طفلان.
فيما قالت إسرائيل إن طائراتها هاجمت منازل العديد من أعضاء حماس، كانت تستخدم مراكز قيادة أو لتخزين الأسلحة. وقال شهود إن المدفعية الإسرائيلية قصفت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء أهدافا في جنوب القطاع.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن نحو 450 مبنى في قطاع غزة، منها 6 مستشفيات وتسعة مراكز للرعاية الصحية الأولية، دمرت أو لحقت بها أضرار كبيرة منذ بداية الصراع. ولجأ نحو 48 ألفاً من بين 52 ألفاً من النازحين، إلى 58 مدرسة تديرها الأمم المتحدة.
وقالت إسرائيل إن أكثر من 3450 صاروخا أطلق عليها من غزة، بعضها أسقطه نظام القبة الحديدية الدفاعي وبعضها لم يتجاوز الحدود. وذكرت أنها قتلت حوالي 160 مسلحاً.
وبدأت حماس إطلاق الصواريخ منذ 9 أيام رداً على ما قالت إنها انتهاكات لحقوق الفلسطينيين من إسرائيل في القدس خلال شهر رمضان.
وهذا أعنف صراع بين إسرائيل وحماس منذ سنوات، ويختلف عن الصراعات السابقة، بعد تأجيج العنف في مدن إسرائيلية بين عرب ويهود.
من جهة أخرى عقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، جلسة جديدة حول النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني هي الرابعة في 8 أيام، من دون التوصّل لإصدار بيان مشترك، في ظل إصرار واشنطن على أن النص لن يؤدي إلى احتواء التصعيد، وفق دبلوماسيين.
وأفاد دبلوماسي، أن السفيرة الأمريكية ليندا توماس-غرينفيلد قالت خلال الجلسة المغلقة «لا نعتقد أن بياناً علنياً سيسهم في الوقت الراهن في احتواء التصعيد».
وبحسب مصادر دبلوماسية عدة، لم تعرض الصين وتونس والنرويج، الدول الثلاث التي أعدت مشروع البيان الجديد والتي تبذل منذ أكثر من أسبوع جهودا للتعبئة الأممية ولانعقاد مجلس الأمن، النص مسبقاً على أعضاء المجلس.
ومنذ العاشر من مايو رفضت الولايات المتحدة ثلاث مسودات بيانات تدعو إلى إنهاء أعمال العنف أعدتها الدول الثلاث.
واستغرقت الجلسة أقل من ساعة، ولم يتخللها عرض مبعوث الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند لآخر المستجدات.
وجدّدت السفيرة الأمريكية التأكيد أنه «في ما يتعلق بالإجراء المستقبلي لمجلس الأمن، علينا أن نجري تقييماً لتبيان ما إذا كان أي إجراء أو بيان معين سيساهم في تعزيز احتمالات إنهاء العنف».
وشددت على أن «تركيز بلادها سيبقى منصباً على تكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل وضع حد لهذا العنف» رافضة الانتقادات الموجّهة لموقف واشنطن.
وأكدت توماس-غرينفيلد أن «مسؤولين أمريكيين بينهم الرئيس جو بايدن أجروا نحو 60 محادثة هاتفية على أعلى مستوى» منذ بداية الأزمة.
وفي بيان نشر عقب الاجتماع، أعربت نظيرتها الإيرلندية جيرالدين بايرن نيسن عن أسفها لعدم توصّل مجلس الأمن إلى موقف موحد.
وجاء في بيان السفيرة الإيرلندية، أن «النزاع على أشده، وتداعياته الإنسانية مدمّرة للغاية. لم يقل مجلس الأمن ولو كلمة واحدة علناً. تقع على عاتق أعضاء المجلس مسؤولية جماعية تجاه السلم والأمن الدوليين. لقد حان الوقت لكي يتدخل المجلس ويكسر صمته».
من جهة أخرى أعلنت وزارة الصحة في غزة، الثلاثاء، أن 217 فلسطينياً قضوا جراء هجمات إسرائيل المتواصلة على قطاع غزة منذ العاشر من الشهر الجاري.
وذكرت الوزارة في بيان صحفي أن من بين الضحايا 63 طفلاً و36 سيدة و16 مسناً، إضافة الى 1500 إصابة بجروح مختلفة، منها 50 إصابة شديدة الخطورة.
في هذه الأثناء ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مصر اقترحت وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة اعتبارا من الساعة السادسة صباح يوم الخميس المقبل.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، أن حركة حماس وافقت على المقترح المصري فيما لم يتلق الوسيط المصري الرد الإسرائيلي على اقتراحه حتى هذه اللحظة.
ووفقاً للقناة فإن جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة تشهد «تقدماً نسبياً»، مبرزة موافقة الفصائل الفلسطينية على وقف متبادل ومتزامن لوقف إطلاق النار.
من جانب اخر عمّ الإضراب الشامل اليوم الثلاثاء، المصالح والمؤسسات العربية في الداخل الإسرائيلي احتجاجاً على «العدوان الإسرائيلي على القدس وقطاع غزة»، وفق ما جاء في الدعوة، ورداً على محاولات اقتلاع العرب من منازلهم لصالح مستوطنين يهود، وفق ما قال المشاركون في الإضراب.
وأغلق أصحاب المحال التجارية العرب في مدينة حيفا محلاتهم وأغلق سوق وادي النسناس العريق أبوابه في المدينة ذات الغالبية اليهودية.
ووزع ناشطون مناشير على البيوت العربية في حيفا اليوم الثلاثاء دعت إلى المشاركة في «إضراب الكرامة والأمل»، مضيفة «لن نذهب إلى العمل ولا التعليم لنحمي حياتنا ومستقبلنا».
وقالت، «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية» التي تنشط للدفاع عن حقوق العرب في إسرائيل والتي دعت إلى الإضراب، في بيان إلى أن يكون الإضراب «صرخة شعب على العدوان الإسرائيلي على شعبنا في القدس وقطاع غزة».
كما دعت إلى أن يكون صرخة «على الحملة على جماهيرنا لضربنا وحملة الاعتقالات المهووسة التي تشنها الأجهزة المخابراتية والبوليسية ضد الناشطين».
وطالبت بـ»وقف الحرب الدموية على قطاع غزة، والعدوان المستمر على مدينة القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وسحب كافة العصابات الاستيطانية وقوات القمع من جميع مدننا وقرانا».
وطلبت، «أن يكون الإضراب سلمياً مع نشاطات محلية».
وبدأ التصعيد في غزة الإثنين الماضي عندما أطلقت حركة حماس صواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية تضامنا مع فلسطينيي القدس حيث كانت تجري منذ أيام مواجهات عنيفة مع قوى الأمن الإسرائيلية على خلفية تهديد بإخلاء منازل تسكنها عائلات فلسطينية لصالح مستوطنين يهود.
في مدينة الناصرة، كبرى المدن العربية، عمّ الثلاثاء الإضراب الشامل. وجرت تظاهرة بعد الظهر.
كما دعي الى تظاهرة في مدينة يافا وفي وادي النسناس في حيفا. وسعى المحتجون إلى الحفاظ على الطابع السلمي لتحركاتهم. فتحدث حقوقيون بكلمات توعية عن الحقوق عند الاعتقال، ثم كانت وصلات أغان وطنية.
في قرية مجد الكروم في الجليل، انطلقت تظاهرة شاركت فيها أمهات مع أطفالهن، فحملوا بالونات بلون العلم الفلسطيني وأطلقوها في الهواء.
وقالت منظمة النشاط ميسلون قادري خلايلة، «إنها رسالة حب وتضامن منّا إلى غزة».
وقالت سما مسعد (20 عاما) من مدينة حيفا التي تدرس علم النفس ولسانيات في جامعة تل أبيب لوكالة خلال مشاركتها في نشاطات وادي النسناس «أنا فلسطينية وواجب علينا أن نكون في الشارع للاحتجاج على ممارسات الشرطة العنصرية وضربهم للشباب والممارسات العنصرية بشكل عام».
وتجري تظاهرات يومية في عدد من القرى والمدن العربية منذ العاشر من مايو احتجاجاً على القصف الإسرائيلي لقطاع غزة الذي أوقع منذ أسبوع 213 قتيلاً في القطاع المحاصر.
واعتقلت السلطات الإسرائيلية مئات العرب خلال هذه الاحتجاجات التي تخللتها مواجهات عنيفة في بعض الأيام. وأطلق سراح بعض المعتقلين، بينما تمّ تمديد اعتقال آخرين، بحسب الشرطة.
وأحرقت الإثنين مقبرة الاستقلال الإسلامية في حيفا، وقالت الشرطة إنها تحقق في الموضوع.
لكن رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي أيمن عودة اتهم «الفاشيين» الذين «أحرقوا قبور الآباء والأجداد...، لأنهم جبنوا عن مواجهتنا في أحيائنا، مارسوا الاستقواء على الأموات بأطراف المدينة».
وكان متطرف يهودي أحرق المقبرة عام 2019.
في الضفة الغربية، عمّ الإضراب الشامل اليوم الثلاثاء بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة.
وأغلقت كافة المحال التجارية والقطاعات الخاصة أبوابها باستثناء المراكز الطبية، فيما تعطل الدوام في القطاع التعليمي بمختلف مستوياته.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية تعطيل العمل الثلاثاء كي يتسنى للموظفين المشاركة في المسيرات.
وتخللت التظاهرات مواجهات قتل خلالها فلسطيني قرب رام الله وآخر في الخليل برصاص إسرائيلي.
ودعت منظمة «بتسلمو» اليهودية اليمينية التي تدافع عن اليهود إلى فصل أي موظف عربي في أي مؤسسة إذا شارك في الإضراب .
وقالت في بيان، «على أرباب العمل أن يقوموا على الفور بفصل أي موظف يعلن إضراباً علناً»، معتبرة أن إضراب اليوم «هو دعم القتلة وحرق الكنيس».
وأحرق الثلاثاء الماضي كنيس في مدينة اللد المختلطة العربية اليهودية خلال مواجهات بين الجانبين.
ووعدت المنظمة بتقديم المساعدة القانونية لكل من يريد رفع دعوى قضائية في هذا المجال.
وتحدث عدد من العرب عن تعرضهم للطرد من العمل منذ بدء التوترات.
وتقول آية بيدوسي (23 عاماً) من كفر قرع بالقرب من تل أبيب أنها طردت من مكتب للهندسة المعمارية والديكور كانت تعمل فيه منذ أربعة أشهر، في أور عكيفا لأنها عبرت عن رغبتها في المشاركة في الإضراب و»التضامن مع أبناء شعبي»، كما قالت.
وتروي أنها أرسلت رسالة إلى مديرها تطلب فيها يوم إجازة للمشاركة في الإضراب والتضامن، «لكنني فوجئت برد فعله وعنصريته وقسوته».
في المقابل، دعت أكثر من 15 منظمة إسرائيلية بينها «حاخامات من أجل حقوق الإنسان» و»نساء ضد العنف» و»منتدى النساء الثكالى» الى التفاهم وحسن الجوار والقيام بسلسلة سلام حول سور القدس.
من ناحية أخرى دعت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» اليوم الثلاثاء، إلى إعلان هدنة إنسانية في غزة «كضرورة» وإنهاء التوتر المستمر منذ تسعة أعوام.
وحثت «أونروا» في بيان صحفي نسخة منه حكومة إسرائيل «على وجه السرعة إلى تمكين الإمدادات الإنسانية وموظفيها من الوصول إلى غزة في الوقت المناسب، وذلك وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي».
وذكرت أنها لم تحصل على الموافقة على الوصول الضرورى إلى غزة للإمدادات الإنسانية الأساسية التي تهدف إلى «توفير الإغاثة للسكان المنكوبين، على الرغم من الاحتياجات الهائلة بعد تسعة أيام من الصراع. كما لم يتم استلام الموافقة على مسؤولها الأعلى لتقييم ودعم عمليات الوكالة الطارئة».
وقالت تمارا الرفاعي مديرة الاتصالات الاستراتيجية في «الأونروا» إن «الوكالة تنتظر بشكل عاجل الموافقة من خلال الآليات المعمول بها للعبور إلى غزة».
وأضافت أنه «طبقاً للقانون الدولي، تتمتع الأمم المتحدة في أراضي كل عضو من أعضائها بالامتيازات والحصانات اللازمة لتحقيق أغراضها».
علاوة على ذلك، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً وتكراراً الحكومات والأطراف في حالات الطوارئ الإنسانية، بما في ذلك النزاعات المسلحة، إلى التعاون الكامل مع الأمم المتحدة وضمان الوصول الآمن ودون عوائق للعاملين في المجال الإنساني وتسليم الإمدادات والمعدات.
وشددت على أنه بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، يقع على أطراف النزاع التزام بالسماح بمرور الإغاثة الإنسانية المحايدة إلى السكان المدنيين بسرعة ودون عوائق وتسهيل ذلك المرور، واحترام وحماية حقهم في المستويات الأساسية لحقوق الإنسان مثل الغذاء والرعاية الصحية الأولية والمأوى الأساسي والإسكان.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اتفاقية جنيف الرابعة تلزم على وجه التحديد القوة المحتلة بتأمين الإمدادات الغذائية والطبية للسكان المدنيين.
وأشار إلى أن معظم النازحين وجدوا ملاذاً في مدارس الوكالة كما حدث في النزاعات السابقة، إلا أن ذلك أصبح أكثر صعوبة هذه المرة بسبب انتشار كوفيد19 والصعوبات التي تواجه المسؤولين والمساعدات في سبل الوصول إلى غزة عندما تكون الاحتياجات أكبر.
وأكدت الوكالة الأممية أنه «لمن الأهمية بمكان أن تقوم جميع الأطراف باحترام حرمة المدارس والمسؤولين العاملين في غزة والطابع الإنساني لها وفقا للقانون الدولي وذلك لضمان بقاء مدارس الأونروا أماكن آمنة للعائلات النازحة».