
تونس - «وكالات» : خرج محتجون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس في مسيرة تطالب بحل البرلمان.
وهذه من المسيرات النادرة التي تطالب صراحة، وبشكل أساسي، بحل أعلى سلطة في البلاد ومحور النظام السياسي المعتمد في تونس منذ صدور دستور 2014، وهو نظام برلماني معدل.
ورفع المحتجون، الذين تراوح عددهم بين 200 و300 شخص، لافتات مؤيدة للرئيس قيس سعيد تطالب بتطبيق الفصل 80 من الدستور الذي يتضمن إجراءات حل البرلمان.
وردد المحتجون «حل البرلمان» و»الشعب يريد حل البرلمان».
وترددت مثل هذه الدعوات سابقا وبشكل عرضي بين أنصار الرئيس سعيد أثناء زياراته لبعض المناطق والأحياء الشعبية، ولكن هذه الدعوات خرجت اليوم إلى العلن وبشكل منظم وعبر لافتات صريحة.
ويطغى التوتر على علاقة الرئيس سعيد بالبرلمان والأحزاب الرئيسية الممثلة فيه، وفي مقدمتها التحالف الداعم للحكومة المستقلة الحالية برئاسة هشام المشيشي، وهي حركة النهضة الإسلامية و»حزب قلب تونس» الليبرالي و»ائتلاف الكرامة»، المحسوب على اليمين الديني.
وقال الشيخ الداعية محمد الهنتاتي المشارك بالمسيرة، في كلمة وسط المحتجين :»البرلمان فاسد ونوابه فاسدون، ونظام سياسي برلماني فاسد، لا يصلح في تونس نظام برلماني نريد لتونس نظاما رئاسيا».
وتابع الهنتاتي: «نطالب الشعب بأن يعبد الطريق للرئيس قيس سعيد».
ورئيس الجمهورية منتخب من الشعب بصفة مباشرة ولكن صلاحياته تنحصر أساسا في مسائل الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، في حين يتمتع رئيس الحكومة بصلاحيات تنفيذية واسعة.
ولمح سعيد في حملته الانتخابية للرئاسة في 2019 وفي الكثير من خطاباته إلى رغبته في تعديل النظام السياسي نحو نظام رئاسي مع تعزيز الصلاحيات للحكم المحلي، بينما يدعو رئيس البرلمان وزعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي إلى الانتقال لنظام برلماني خالص.
وتعيش تونس أزمة سياسية ودستورية بسبب امتناع الرئيس عن قبول وزراء جدد في التعديل الحكومي بعد نيلهم ثقة البرلمان منذ يوم 26 يناير الماضي، بسبب تحفظه على بعض الوزراء المقترحين وتعارض التعديل مع فصول في الدستور حسب رأيه.
من ناحية أخرى أعلنت الحكومة التونسية أخيراً حصيلة رسمية لضحايا ثورة 2011 بلغت 129 قتيلاً و634 جريحاً، في خطوة وصفتها هيئة مستقلة بأنّها «إشارة قوية» على التحوّل الديموقراطي في البلد العربي.
ونشرت الحصيلة، التي كانت أسر الضحايا تطالب بها منذ فترة طويلة، مساء الجمعة عشية الذكرى الخامسة والستين لاستقلال تونس.
واعتبر عبد الرزاق الكيلاني رئيس الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثّورة، الإعلان «اعترافاً من الدولة بتضحيات الناس من أجل إسقاط ديكتاتورية» الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وصرّح كيلاني أنّ المرحلة التالية هي تعويض الضحايا وعائلاتهم.
وتمهد هذه الخطوة أيضاً لطعون إدارية لحوالى 1500 شخص يعتبرون أنفسهم مستبعدين خطأ من القائمة. وكان تقرير أولي في 2012 أشار إلى مقتل 338 شخصاً وجرح 2147 آخرين.
لكن سفيان الفرحاني المتحدث باسم جمعية «الأوفياء» الذي فقد شقيقه، رأى أن «هذه اللائحة لا معنى لها لأنها ليست نتيجة تحقيقات أو محاكمات تسمح بكشف الملابسات»، معتبراً أن «نشرها يهدف إلى تهدئة التوتر الاجتماعي الحالي ولا ينصف الضحايا «.
وتشمل الحصيلة الرسمية الأخيرة فترة الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي شهدت اشتباكات مع قوات الأمن بين 17 ديسمبر 2010 و14 يناير 2011 حين فرّ بن علي إلى السعودية. وكانت اللجنة التونسية العليا لحقوق الإنسان نشرتها في أكتوبر 2019.
وتعكس المماطلة في نشر هذه اللائحة القائمة في الجريدة الرسمية مشاكل المرحلة الانتقالية: فلعدة سنوات أعاقت عودة شخصيات مقربة من النظام القديم إلى السلطة عمل العدالة والمصالحة.
وبدأت عشرات المحاكمات لانتهاكات ارتكبت في عهد الديكتاتورية منذ 2018 أمام محاكم خاصة كجزء من العدالة الانتقالية، بما في ذلك العديد من المحاكمات المتعلقة بقتل متظاهرين في 2011.
لكن السلطات عرقلت الوصول إلى الأرشيف أو المتهمين ولم يصدر أي حكم حتى الآن.