
عواصم - «وكالات» : دمر التحالف العربي في اليمن صباح أمس الخميس، طائرة حوثية مفخخة دون طيار أطلقها الحوثيون نحو المملكة ليرتفع عدد الطائرات المدمرة في الساعات الـ 24 الماضية، إلى 3.
وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العميد الركن تركي المالكي إن قوات التحالف المشتركة تمكنت صباح أمس الخميس من اعتراض وتدمير طائرة مفخخة دون طيار أطلقتها الميليشيا الحوثية الإرهابية، لاستهداف المدنيين والأهداف المدنية في خميس مشيط، جنوب غرب المملكة.
وأعلن التحالف الأربعاء السيطرة على حريق في طائرة مدنية بمطار أبها جنوب غرب المملكة، نتيجة استهداف الحوثيين.
وتمكنت قوات التحالف المشتركة الأربعاء من اعتراض وتدمير طائرتين مفخختين دون طيار أطلقتهما الميليشيا الحوثية الإرهابية نحو جنوب المملكة.
من ناحية أخرى حضّت الولايات المتحدة أمس الأربعاء، المتمردين الحوثيين في اليمن على وقف هجماتهم «فوراً»، بعد هجوم استهدف مطار أبها السعودي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في تصريح للصحافيين «ندين اعتداء الحوثيين اليوم»، وأضاف «ليس هناك حلّ عسكري للحرب في اليمن، نحضّ مجدداً الحوثيين على وقف هذه الأعمال العدائية فوراً».
وحالياً يجري المبعوث الأمريكي الجديد لليمن تيموثي ليندركينغ زيارة للسعودية، في خطوة أعقبت إعلان الرئيس جو بايدن إنهاء الدعم الأمريكي للتحالف العسكري الذي تقوده الرياض في حرب اليمن.
كما ألغت إدارة بايدن قرار إدراج الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية الذي كانت إدارة سلفه دونالد ترامب قد اتخذته.
وأكد برايس أنّ وزارة الخارجية الأمريكية لا تنوي التراجع عن قرارها رغم الهجمات الجديدة، ذلك لأن القرار لا علاقة له إطلاقاً بسلوك الحوثيين، وقال «ما زلنا ملتزمين تعزيز دعمنا لشريكتنا السعودية، حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها في وجه التهديدات التي تستهدف أراضيها».
من جهة أخرى أثار هجوم الحوثيين على مطار أبها السعودي الدولي أمس الأربعاء، تنديداً عربياً ودولياً واسعاً، وطرح علامات استفهام عن الرؤية التي استندت إليها الإدارة الأمريكية الجديدة لإعلان اعتزامها شطب ميليشيا الحوثي من لائحة المنظمات الإرهابية.
وتزامن الهجوم، الذي يأتي في إطار تصاعد الهجمات التي يشنها الحوثيون بطائرات مفخخة دون طيار لاستهداف السعودية، مع أول زيارة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ للرياض، حيث بحث مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان المستجدات على الساحة اليمنية والاعتداءات الحوثية.
وتولى الدبلوماسي المخضرم ليندركينغ منصب المبعوث الأمريكي إلى اليمن في مطلع الشهر الجاري، في خطوة وصفت هي الأخرى بمؤشر إضافي على تغيير تعامل واشنطن مع الملف اليمني في بداية ولاية بايدن.
ورغم تبرير إدارة بايدن لهذه الخطوة بأن إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية سيتسبب في أزمة إنسانية كبيرة في اليمن، يرى الكثير من المحللين أنها تشكك في جدية الولايات المتحدة ورغبتها الحقيقية في محاربة الإرهاب، وأنها دليل على سعي إدارة بايدن لتوظيف الملف لخدمة أهدافها، بانتهاج سلوك مغاير مع إيران يعتمد على بعض «الهدايا» بدل العقوبات.
وتتطابق هذه الرؤية مع وجهة النظر التي عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، الذي انتقد إلغاء إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب، ووصفها بـ «هدية للإيرانيين، وستسمح للحوثيين بمواصلة إثارة الإرهاب» في جميع أنحاء العالم.
وقال بومبيو في تغريدة على تويتر، «إنها حقيقة أن إيران ترعى الحوثيين.. إنها حقيقة أن الحوثيين يمارسون الإرهاب».
من جهته، اعتبر التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، أن التصعيد الأخير لميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، تحدٍ سافر للجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، متهماً إياهاً بالإصرار على «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية منذ انقلابها الدموي المشؤوم على الدولة، وتحويلها الشعب اليمني في مناطق سيطرتها إلى رهائن، وتسخيرها الموارد الوطنية لأغراض الحرب واستمرارها».
واعتبر التحالف في بيان أن «التصعيد جاء نتيجة لتراخي وتساهل المجتمع الدولي في تنفيذ قراراته الصادرة عن مجلس الأمن والتي كانت كفيلة بإيقاف نزيف الحرب التي تصر عليها ميليشيا الحوثي، حيث أن هذه الميليشيات رأت في تغاضي المجتمع الدولي عن جرائمها الممنهجة ضوءاً أخضر لمواصلة جرائمها الوحشية بحق المدنيين في المدن والأحياء، وقتل المدنيين بلا هوادة، في وقت لا تزال ألغامها تحصد أرواح الأبرياء وتشكل كابوساً لملايين اليمنيين في العديد من المحافظات».
وحمل التحالف الوطني اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها مارتن غريفيث، المسؤولية عن التصعيد الحوثي ضد المدن والأحياء، الذي يستهدف السكان المدنيين والنازحين في مأرب والحديدة وكل مناطق اليمن، والممتلكات المدنية في السعودية، مشدداً على أن المجتمع الدولي بات أمام «امتحان إنساني وأخلاقي يفرض عليه الانحياز لحقوق الإنسان وتصنيف الميليشيا الحوثية جماعةً إرهابية».
ورغم ترحيب الأمم المتحدة باعتزام واشنطن إلغاء تصنيف ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية، بدعوى أن ذلك «سيوفر إغاثة ضخمة لملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية والواردات التجارية لتلبية احتياجاتهم الأساسية للبقاء»، تظل الخطوة محل ريبة من قبل العديد من المراقبين في ضوء ما أعقبها من تطورات على الأرض، من تكثيف للهجمات وعرقلة الجهود الدبلوماسية.
وانتقدت صحيفة «وول ستريت جورنال»، إقدام الإدارة الأمريكية الجديدة على رفع ميليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب، واصفة الخطوة بـ «مقامرة» من بايدن.
وأكدت أن «إضعاف الأصدقاء وتقوية جبهة الخصوم، في إشارة إلى الحوثيين وإيران، ليس الصيغة الجيدة للتوصل إلى السلام».
وأشارت الصحيفة إلى «تخبط» إدارة بايدن، التي أبلغت وزارة خارجيتها الكونغرس بالتراجع عن خطوة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بتصنيف ميليشيا الحوثي، ضمن الجماعات الإرهابية، وبعد ذلك بيومين، طالبت الوزارة نفسها الحوثي، بالتوقف عن التصرف مثل جماعة إرهابية.
ونقلت الصحيفة تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، الذي قال: «الرئيس، بايدن يتخذ خطوات لوقف الحرب في اليمن، والسعودية تؤيد التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، وتشعر الولايات المتحدة بقلق عميق، من استمرار هجمات الحوثيين، وندعوهم للتوقف الفوري عن الهجمات التي تستهدف مناطق المدنيين في السعودية، ووقف أي هجمات عسكرية جديدة».
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى «تناقض» تصريحات بايدن عن سحب مساندة الولايات المتحدة للعمليات العسكرية السعودية، ووقف مبيعات الأسلحة، وفي الوقت نفسه، تأكيده مساعدة السعودية في الدفاع عن أراضيها، ضد هجمات الحوثيين.
ويرى محللون أن «هدية» بايدن لإيران إعلان التراجع عن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، ربما شجع طهران على الإيعاز للحوثيين بمزيد من التصعيد للضغط على بايدن حتى يرفع العقوبات المفروضة عليها، دون الالتزام بشرطه، وتذعن للاتفاق النووي وتتوقف عن خرقه أولاً.
وأشارت «وول ستريت جورنال» إلى أن ميليشيا الحوثي ترى أنه في أعقاب الخطوة الأمريكية بحذفها من قائمة الإرهاب، فإنها تحقق النصر، وستعمل على مد سيطرتها على المزيد من الأراضي في اليمن، كلما تراجعت واشنطن عن موقفها ضدها.
ويرى مراقبون أن ما بين الرسائل والرسائل المضادة بين واشنطن وطهران يبدو أن النزاع في اليمن، الذي راح ضحيته حوالي ربع مليون شخص، لن يجد طريقه إلى الحل قريباً.