
بغداد - «وكالات» : توفي متظاهر أمس الثلاثاء متأثراً بجراحه بعدما أصيب بالرأس بقنبلة غاز مسيل للدموع خلال مواجهات ليلية في ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد، كما أكدت مصادر طبية وأمنية، وهو ثالث متظاهر يقتل خلال يومين.
وتوفي متظاهران صباح الاثنين أيضاً متأثرين بجراحهما بعدما أصيبا بقنابل مسيلة للدموع، فيما أجج ذلك التظاهرات الدائرة في ساحة التحرير التي كانت مركز حركة احتجاجية غير مسبوقة في العراق انطلقت في أكتوبر.
وأصيب 13 متظاهراً آخر خلال الليل في المواجهات، بحسب المصادر الطبية.
من جهة أخرى حذرت وزارة الداخلية العراقية أمس الثلاثاء من وجود «مجموعات إجرامية خطرة» في ساحة التحرير تسعى لإثارة الفوضى عبر ضرب المتظاهرين من الداخل وافتعال الصدامات مع الأجهزة الأمنية.
وقالت الوزارة في بيان صحفي: «القوات الأمنية في ضوء نتائج التحقيق الأولية في أحداث ليل أول أمس الأحد، رصدت مجموعات إجرامية خطرة في ساحة التحرير تسعى لصنع الفوضى عبر ضرب المتظاهرين من الداخل وافتعال الصدامات مع الأجهزة الأمنية التي تهدف إلى حفظ أمن الساحة وحق التعبير السلمي عن الرأي».
وذكر البيان أن»القوات الأمنية ملتزمة بتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة بعدم استخدام الرصاص الحي مع المتظاهين لأي سبب كان، وقد صدرت توجيهات مشددة بهذا الشأن، وعلى المتظاهرين التعاون مع الأجهزة الأمنية لحماية الساحة وضبط العناصر التي تحاول تنفيذ أعمال اغتيال لنسبها إلى القوات الأمنية».
وقالت الوزارة في بيانها أنه «على شبابنا الواعي أن ينظر بعين المسؤولية إلى المسار الخطر الذي تحاول فيه جماعات مسلحة خارجة على القانون جر البلاد إليه لتنفيذ مقاصدها الخبيثة».
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أعلن عن فتح تحقيق في ملابسات ما حدث بساحة التحرير وتقديم الحقائق خلال 72 ساعة ومحاسبة من تسبب في معاناة المواطنين.
وبحسب مفوضية حقوق الانسان العراقية، قتل اثنين من المتظاهرين، وأصيب أكثر من 11آخرين خلال الاضطرابات التي رافقت المظاهرات التي شهدتها ساحة التحرير في بغداد ليل الأحد الماضي، بعد استخدام القوات الأمنية العنف المفرط ضد المتظاهرين.
من ناحية أخرى أمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الإثنين، بالتحقيق في مقتل متظاهرين في بغداد.
وتوجه الكاظمي بكلمة إلى الشعب العراقي في آخر النهار، فيما كان متظاهرون يحرقون الإطارات، ويقطعون الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير أين وقعت المواجهات.
وقال الكاظمي في الكلمة التي نقلها التلفزيون: «تظاهرات الشباب يوم أمس حق مشروع، ولم يكن لدى القوات الأمنية الإذن بإطلاق ولو رصاصة واحدة على إخوتنا المتظاهرين».
وأضاف أن «كل رصاصة تستهدف شبابنا وشعبنا وهو ينادي بحقوقه، هي رصاصة موجهة الى كرامتنا ومبادئنا».
واندلعت في العراق في أكتوبر 2019، احتجاجات شعبية غير مسبوقة استمرت أشهراً عدة قتل فيها أكثر من 550، وأصيب نحو 30 ألفاً بجروح، إضافة إلى اغتيال وخطف عشرات الناشطين.
ونددت تلك التظاهرات الواسعة بفساد الحكومة وعدم كفاءتها وارتباطها بإيران.
وشكل العراق بعدها حكومة جديدة، ولكن هذه الحكومة التي لم تنه بعد شهرها الثالث تواجه تحدي الاحتجاجات والتظاهرات التي تزداد حدة في الصيف، حين يعبر مئات العراقيين الذين لم تعد لديهم طاقة على الاحتمال في ظل درجات حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية، في حين لا يحصلون سوى على بضع ساعات من الكهرباء.
ولدى توليه السلطة، وعد الكاظمي بكشف المسؤولين عن العنف ضد المتظاهرين وبتحسين الخدمات العامة.
لكن شيئاً لم يحدث. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي اتهمه كثيرون الإثنين، بأنه لا يختلف عن سلفه عادل عبد الهادي.
وتداول مستخدمو وسائل التواصل رسماً لعبد المهدي، بيدين ملطختين بالدماء، يسلم قنابل مسيلة للدموع إلى خلفه، الكاظمي.
ومنذ بداية العام الجاري، كاد التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران، والذي كاد أن يتحول خلاله العراق إلى ساحة نزاع مفتوحة، أن يخمد زخم الحركة الاحتجاجية.
لكن رغم ذلك، بقي عشرات المتظاهرين في خيامهم بساحة التحرير التي تحولت من جديد ليل الأحد إلى ساحة للمواجهات العنيفة بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، هي الأولى منذ استلام الكاظمي مقاليد السلطة في مايو الماضي.
وتوفي متظاهران صباح الإثنين متأثرين بجروحهما بعد المواجهات الليلية، ما أعاد إلى الأذهان العنف ضد المتظاهرين في أكتوبر الماضي.
وقالت مصادر طبية، إن المتظاهرين أصيبا بقنابل مسيلة للدموع «واحد في رأسه وآخر في رقبته».
واتهمت منظمات حقوقية قوات الأمن العراقية في الخريف الماضي باستخدام قنابل مسيلة للدموع من الطراز العسكري، الأثقل بعشرة أضعاف من تلك المستخدمة في أماكن أخرى من العالم، وباستهداف المتظاهرين في وجوههم.
وشُيع القتيلان الإثنين في ساحة التحرير نفسها، في موكب شارك فيه عشرات المتظاهرين الذين طالبوا بـ»القصاص» و»العدالة».
وقال المتظاهر ميثم الدراجي: «إذا لم يفرج عن شبابنا الذين اعتقلوا خلال الليل، سنقوم بتصعيدات جديدة. باقون في الخيم، ولن نتزعزع. لا فرق بين حكومة الكاظمي وحكومة عادل عبد المهدي».
وقال متظاهر آخر يدعى أحمد جبار: «طلعنا في تظاهرة سلمية، لا سلاح ولا سكاكين، طلعنا فقط بشعاراتنا. اشتبكنا 6 ساعات مع الشرطة ولم يُسمح بدخول سيارات الإسعاف لنقل الجرحى».
وشهدت بغداد ومدن جنوبية عدة الأحد، احتجاجات للتنديد بانقطاع الكهرباء التي لا توفرها الدولة إلا لساعات قليلة يومياً، في ظل موجة من القيظ الشديد.
وتصاعدت السبت والأحد الاحتجاجات المطالبة بتحسين الكهرباء في مدن جنوب العراق.
وتظاهر المئات في محافظة الناصرية واقتحموا مبنى الطاقة الحرارية، في غرب المدينة.
أما في محافظة بابل، فطالب مئات من المتظاهرين بإقالة المحافظ احتجاجاً على تردي التغذية بالكهرباء، وقطعوا الطرق.
وترأس الكاظمي الاثنين اجتماعاً وزارياً عاجلاً لمناقشة مشكلة الكهرباء، قال بعده: «لن ندخر أي جهد لتسهيل مهمة وزارة الكهرباء لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، ورفع المعاناة عنهم»، دون طرح خطط ملموسة.
ولم يكمل أي من وزراء الكهرباء مدة تعيينه وأقيلوا تحت ضغط الشارع.
وتعليقاً على المواجهات الليلية، أصدر المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة بياناً الإثنين، دون ذكر ضحايا في صفوف المتظاهرين أو في صفوف قوات الأمن.