
بروكسل - «وكالات» : افتتح الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس الثلاثاء، اجتماعاً وزارياً لمؤتمر بروكسل الرابع حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، لتجديد دعم العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وحشد دعم مالي دولي، ومساعدات إنسانية داخل سوريا ودول الجوار.
وقال بوريل في كلمة افتتاحية: إنه يتوجب اتخاذ خطوات حاسمة بشكل مشترك لبلورة حل سياسي وليس عسكرياً للصراع في سوريا، مضيفاً أن السوريين عانوا لفترة طويلة جداً، وبعد تسع سنوات من الصراع، هناك خطر بأن يصبح للعالم مناعة ضد صور وأحداث المعاناة غير المقبولة وغير الضرورية، ولكن لا يمكن السماح بحدوث ذلك؛ ولا يمكن تجاهل محنتهم.
وأضاف أنه من الواجب الأخلاقي مواصلة دعم الشعب السوري، موضحاً أن مؤتمر بروكسل 4 يهدف إلى زيادة حشد المجتمع الدولي وراء جهود تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي دائم للأزمة السورية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، السبيل الوحيد لإعادة الاستقرار والسلام لجميع السوريين.
ويشارك في الاجتماع، نحو 80 مندوباً من دول مجاورة تستضيف اللاجئين السوريين، ودول شريكة وأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومنظمات دولية لمعالجة الجوانب السياسية والإنسانية والتنموية الرئيسية للأزمة السورية.
من جهتها أكدت المملكة العربية السعودية، أمس الثلاثاء، ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية، مشيرة إلى أن إيران ما زالت تشكّل خطراً كبيراً على مستقبل سوريا وهويتها.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أمس، عن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله قوله، في كلمة بلاده التي ألقاها خلال مشاركته في مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سورية والمنطقة، إن «هذه الأزمة تسببت بتداعيات خطيرة على الشعب السوري، وعلى أمن واستقرار المنطقة والعالم، ولا تزال معاناة الشعب السوري مستمرةً حتى يومنا هذا».
وأكد الوزير دعم المملكة الكامل لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص جير بيدرسون، ودعم كل الجهود من أجل التوصل إلى حل لوقف المأساة في سوريا واستئناف أعمال اللجنة الدستورية.
وقال:»إذا كان هناك لبعض الأطراف الدولية مصالح، فإن لإيران مشروعاً إقليمياً خطيراً للهيمنة باستخدام المليشيات الطائفية واستثارة الحروب الأهلية المدمرة للشعوب والأوطان».
وأضاف أن «المليشيات الطائفية والجماعات الإرهابية وجهان لعملة واحدة، وكلاهما يصنع الدمار والخراب ويطيل أمد الأزمات، وأن المملكة ومن هذا المنبر تؤكد أهمية محاربة جميع التنظيمات الإرهابية بأشكالها كافة».
وأشار وزير الخارجية السعودية إلى أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها السعودية للأشقاء السوريين بلغت نحو مليار ومئة وخمسين مليون دولار، مؤكدا استمرار هذه الجهود.
كما لفت إلى أن عملية إعادة الإعمار في سورية تتوقّف على البدء في عملية تسوية سياسية حقيقية تقودها الأمم المتّحدة، وأن إعادة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم تتطلب توفّر الشروط اللازمة لعودتهم وفق المعايير الدولية التي تقرّها المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين.
من جهة أخرى تعهدت ألمانيا بتقديم مساعدات إضافية بقيمة 1.58 مليار يورو للسوريين الذين يعانون من الحرب في بلدهم أو اللاجئين منهم في الدول المجاورة.
وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أمس الثلاثاء خلال مؤتمر المانحين الدولي عبر الإنترنت: «لا يمكننا أن نتخيل الألم الذي يضطر الشعب السوري لتحمله. لكن من واجبنا تخفيف هذه المعاناة على الأقل».
ويشارك ممثلون عن أكثر من 80 دولة ومنظمة في محادثات اليوم خلال مؤتمر المانحين عبر الإنترنت بشأن تقديم مساعدات جديدة للشعب السوري.
ويهدف المؤتمر إلى تنظيم الدعم للمدنيين الذين يعانون من الحرب وللعديد من اللاجئين السوريين في الدول المجاورة. وينظم المؤتمر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وبحسب التقديرات، أسفرت الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من 9 أعوام عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص، ونزوح ملايين آخرين. وباءت جميع محاولات التمهيد لانتقال سياسي بالفشل حتى الآن. وتسيطر حكومة الرئيس السوري بشار الأسد حاليا على جزء كبير من البلاد.
وفقدت الليرة السورية الكثير من قيمتها خلال الأشهر الماضية. وزادت جائحة كورونا والعقوبات الأمريكية الجديدة من تفاقم الوضع. وبحسب بيانات الاتحاد الأوروبي، اعتمد حديثاً 11.7 مليون شخص في سوريا على المساعدات الإنسانية.
ويُقدر عدد السوريين الفارين إلى الخارج بنحو 5.6 مليون سوري.
من جانب آخر حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء، الرئيس السوري بشار الأسد من «المخاطرة بمستقبل» بلاده ونظامه، في حال «سمح لإيران بتثبيت وجودها في الأراضي السورية وعلى الحدود مع إسرائيل».
ووجه نتانياهو حديثه خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المبعوث الأمريكي لإيران براين هوك، للرئيس الأسد قائلاً «أقول لبشار الأسد أنت تخاطر بمستقبل بلدك ونظامك».
ودعا نتانياهو وهوك أيضاً إلى تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران والذي ينتهي في أكتوبر المقبل.
وكان هوك وصل القدس عشية الموعد النهائي المحتمل للإعلان الإسرائيلي عن جدول أعمال تنفيذ مخطط ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة. ويعتبر مخطط الضم جزءاً من خطة أمريكية للسلام في الشرق الأوسط تسمح على المدى الطويل أيضاً «بتطبيع» العلاقات بين إسرائيل والدول الخليجية المتخاصمة مع إيران.
وخاطب نتانياهو المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي قائلاً «أقول لآية الله في طهران، إن إسرائيل ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعك من إنشاء جبهة إرهابية وعسكرية جديدة ضد إسرائيل في سوريا».
وأضاف نتنياهو أن إسرائيل «لن تسمح لإيران بالتواجد عسكرياً في سوريا».
وشنّت مئات الضربات الجوية التي نسبت إلى إسرائيل في سوريا منذ بدء النزاع هناك عام 2011، مستهدفةً قوات حكومية وأخرى متحالفة مع إيران ومقاتلين من حزب الله اللبناني. ولا يؤكد الجيش الإسرائيلي أو ينفي تلك العمليات، على الرغم من إشارة مسؤولين عسكريين إسرائيليين إلى «جبهة ثانية» لحزب الله في الجولان الذي تحتل إسرائيل جزءاً منه.
وتتهم اسرائيل إيران بتطوير برنامج للصواريخ الدقيقة انطلاقاً من لبنان، ما يتطلب نقل معدات استراتيجية عبر سوريا. كما تعهدت إسرائيل بمواصلة عملياتها في سوريا حتى انسحاب إيران منها.
وأضاف نتانياهو «نحن عازمون وبشكل مطلق على منع إيران من ترسيخ وجودها العسكري على حدودنا المباشرة».
من جهته، قال المبعوث الأمريكي إن رفع حظر الأسلحة عن إيران والذي وضع كجزء من الاتفاق النووي الموقع مع طهران في العام 2015، «سيسمح لطهران باستيراد طائرات مقاتلة وأخرى مروحية هجومية وسفن حربية وغواصات وأنظمة مدفعية من العيار الثقيل وصواريخ ذات مدى معين».
وأضاف هوك «ستكون إيران عندئذ في وضع يمكنها من تصدير هذه الأسلحة والتكنولوجيا الخاصة بها إلى وكلائها مثل حزب الله و(فصائل فلسطينية مثل) الجهاد الإسلامي وحماس، والمليشيات الشيعية في العراق والبحرين وإلى الحوثيين في اليمن».
وأشار هوك إلى أن «آخر شيء تحتاج إليه هذه المنطقة هو المزيد من الأسلحة الإيرانية».
وانسحبت الولايات المتحدة بشكل أحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران المبرم عام 2018.
من جانب آخر دعا رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تحييد لبنان عن التداعيات السلبية الناجمة عن أية عقوبات على سوريا، ولا سيما قانون «قيصر».
وطالب دياب في كلمة أمس خلال مشاركته الكترونياً في مؤتمر بروكسل الرابع لدعم مستقبل سورية والمنطقة، بـ»ضمان عدم تأثير هذه التداعيات على سُبل التواصل التجاري والاقتصادي مع الخارج، وبالتالي تقويض جهودنا المتواصلة للخروج من الأزمة الحالية التي يعانيها البلد».
وأكّد رئيس الوزراء عزم لبنان على مواصلة التعاون مع منظمي المؤتمر «في سبيل التخفيف من معاناة النازحين واللاجئين السوريين وعلى تعزيز قدرات البلدان المضيفة».
وأشار إلى أن لبنان يستصيف « العدد الأكبر من اللاجئين والنازحين (السوريين) قياسًا بعدد سكّانه في العالم، وقد فاقت كلفة النزوح السوري في لبنان 20 مليار دولار، بحسب وزارة المال اللبنانية عام 2015، وتُقدَّر الكلفة حاليًا بأكثر من 40 مليار دولار» ، لافتا إلى أن 55 بالمئة من النازحين السوريين يرزحون تحت خط الفقر المدقع.
وأوضح أن حكومته آلت على نفسها العمل الدؤوب لاستعادة الاقتصاد اللبناني عافيته من خلال إقرار خطة للتعافي ترمي إلى معالجة المشاكل ذات الصلة بالاقتصاد الكلّي والمشاكل الماليّة والمؤسسيّة المتجذّرة، وإطلاق المفاوضات الرسميّة مع صندوق النقد الدولي بتاريخ 13 مايو الماضي لبلورة برنامج شامل لمساعدة لبنان.
وأشار إلى الحاجة الماسّة إلى الدعم المالي والتقني للحدّ من الأثر الناجم على السكان، وبالتحديد اللبنانيين والنازحين السوريين الأكثر ضعفًا ، لافتا إلى إنكماش إجمالي الناتج المحلي الفعلي اللبناني بنسبة 7 ٪ عام 2019 ويُتوقَّع أن يتراجع بأكثر من 13 ٪ في عام 2020 بالمقارنة مع العام الفائت، الأمر الذي سيرفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي».
وأشار دياب إلى أنّ «المسارات الاقتصادية لدول المشرق متشابكة وأنّ التطورات في سوريا مستقبلاً ستستمرّ في التأثير على اقتصادات دول المشرق الأخرى».
وشدد أيضاً على أنّ الحل المستدام للنازحين السوريين يكمن في عودتهم الآمنة والكريمة وغير القسرية إلى سوريا استنادًا إلى القانون الدولي، داعياً إلى « عدم الربط بين مسألة الحل السياسي للأزمة السورية وعودة النازحين إلى ديارهم».
ويقول لبنان إن «عدد النازحين السوريين يبلغ حوالي مليون و500 ألف نازح، ويطالب بعودتهم إلى بلادهم بشكل آمن وكريم «.