
بغداد - «وكالات» : فشل البرلمان العراقي، في عقد جلسة لاستكمال التصويت على مواد قانون الانتخابات المثير للجدل، وتحديد «الكتلة الأكبر» المنوط بها ترشيح شخصية لمنصب رئيس الحكومة وذلك بسبب عدم اكتمال النصاب.
يأتي هذا في وقت تتواصل الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح السياسي في بغداد ومدن أخرى بالوسط والجنوب. كما يتزامن مع تصاعد الخلافات بين القوى السياسية على اسم وهوية المرشح المرتقب لرئاسة الحكومة المقبلة وتشكيلها، وفقاً لما ذكره موقع «باسنيوز» الإثنين.
وكانت مصادر برئاسة الجمهورية العراقية قالت، إن الرئيس برهم صالح هدد بالاستقالة إذا واصلت بعض الأحزاب ضغوطها عليه من أجل تسمية مرشح بعينه.
وكان صالح قد طالب البرلمان من قبل بتحديد الكتلة الأكبر، فكان جواب المؤسسة التشريعية أنها الكتلة التي وافقت على تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة في الثاني من أكتوبر 2018، وعددها 16 كياناً سياسياً، إلا أن مواقفها متباينة حالياً تجاه المرشح لرئاسة الحكومة.
من ناحية أخرى أقدم المتظاهرون مجدداً الثلاثاء، على قطع طرقات ومواصلة إغلاق غالبية الدوائر الرسمية في جنوب العراق، احتجاجاً على ترشيح رئيس وزراء سبق أن كان جزءاً من السلطة.
وتستأنف الطبقة السياسية المصابة بالشلل منذ أيام عدة بسبب تمسك الحلف الموالي لإيران بمرشحه، مفاوضاتها الثلاثاء.
وتخلى المحور السني الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي عن ترشيح وزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل، داعياً حلفاءه المقربين من طهران إلى ترشيح شخصية جديدة.
وبمجرد أن تم تداول اسم محافظ البصرة أسعد العيداني، انتفض المحتجون في المحافظة النفطية الجنوبية.
وأفاد شهود في المحافظة، بأن المتظاهرين أغلقوا الطرقات الرئيسية المؤدية إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير لساعات عدة، لكن ذلك لم يؤثر على سير العمل فيهما.
وقطعت أيضاً الطرقات في الناصرية والديوانية والحلة والكوت والنجف جنوباً، فيما أدت الإضرابات إلى منع الموظفين من الوصول إلى أعمالهم، وإغلاق أبواب المدارس.
ويطالب العراقيون المحتجون منذ الأول من أكتوبر بتغيير النظام السياسي الذي أرساه الأمريكيون عقب إطاحة صدام حسين في 2003، وتسيطر طهران على مفاصله اليوم.
ويندد هؤلاء بانعدام أي نهوض اقتصادي منذ 16 عاماً، بعدما تبخرت نصف العائدات النفطية خلال تلك السنوات في جيوب السياسيين ورجال الأعمال المتهمين بالفساد، على قولهم.
ويوصل المتظاهرون تحركاتهم رغم عمليات الخطف والاغتيال. وتبدو السلطة مشلولة وسط تخوف من عودة العنف إلى الشارع الذي أسفر عن مقتل نحو 460 شخصاً وإصابة 25 ألفاً آخرين بجروح.
ويفترض أن يلتئم البرلمان الثلاثاء لمناقشة قانون جديد للانتخابات، يفترض أن يمهد الطريق أمام التغيير المنشود، بعدما فشل في ذلك الإثنين لعدم اكتمال النصاب.
من جهة أخرى يسعى الرئيس العراقي برهم صالح لإنهاء أزمة تسمية مرشح للحكومة الجديد بعد يومين من انتهاء المهلة الدستورية، دون التوصل إلى مرشح ينسجم ورغبات المتظاهرين في ساحات التظاهر.
وقال النائب أسعد المرشدي عضو تيار الحكمة الوطني في البرلمان العراقي لصحيفة «الصباح» العراقية في عددها الصادر أمس الثلاثاء: إن «عدم تسمية رئيس للوزراء خلال المهلة الدستورية يعد خرقاً للدستور، وهناك حراك سياسي من الـكتل السياسية لحسم الموقف وتسمية رئيس للوزراء مع رئيس الجمهورية خلال اليومين المقبلين».
وأضـــاف أن «جـمـيـع الـحـكـومـات الـتـي تسلمت السلطة في العراق خرقت الدستور فأصبح عرفاً سياسياً أن تخرق المدد الدستورية، لذلك نأمل من رئيس الجمهورية أن يسمي شخصية لمنصب رئيس الوزراء».
وذكر أن الضغوطات كبيرة على رئيس الجمهورية من الكتل السياسية رغم أن موقفه واضـح بـاتـجـاه ترشيح مـرشـح مستقل يلبي طلبات الشارع والمتظاهرين بخلاف الكتل الـسـيـاسـيـة الـتـي تـضـغـط عـلـيـه مـقـابـل ترشيح شخصية سياسية.
وقال إن «جميع المفاوضات التي جـرت بين تيار الحكمة والمكونات والكتل السياسية الأخرى اشترطنا فيها أن يكون المرشح مستقلاً وغير منتمي إلـى أي كتلة سياسية وأن انتهاء المـدد الدستورية لا يعد فـراغـاً دسـتـوريـاً وانما خـرقـاً للدستور».
ويأتي ذلك فيما شهدت ساحات التظاهر الليلة الماضية اضطرابات أمنية بعد أن أخفق البرلمان العراقي في عقد جلسة ليلية، لاستكمال التصويت على بنود قانون الانتخابات على خلفية غياب غالبية أعضاء البرلمان.
وذكر متظاهرون في ساحات التظاهر في بغداد وعدد من المحافظات أن ساحات التظاهر في بغداد والبصرة والناصرية وواسط وكربلاء والنجف والديوانية والسماوة وبابل وميسان شهدت الليلة الماضية تجمعات جماهيرية متفرقة ومسيرات طافت الشوارع احتجاجاً على إخفاق البرلمان في عقد جلسة لاستكمال التصويت على بنود قانون الانتخابات، كما جدد المتظاهرون رفضهم تسمية مرشح حكومي وسياسي لتشكيل الحكومة المقبلة والمطالبة بأن يكون مستقلاً بعيداً عن تأثيرات الأحزاب والكتل البرلمانية.
وبحسب متظاهرين في ساحة التحرير في بغداد، فإن العشرات من المتظاهرين واصلو لليوم الثاني إضرابهم عن الطعام لحين إقرار قانون الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة فيما شهدت الساحة مسيرات ليلية للمطالبة بحل أزمة قانون الانتخابات والحكومة وهم يهتفون بشعارات تنتقد تأخر الإجراءات ورفض أي مرشح للمنصب مالم يكن مستقلاً قولاً وفعلاً عن الأحزاب وإغلاق عدد من الشوارع شرقي بغداد.
وفي محافظة البصرة قام متظاهرون بإحراق الإطارات في الشوارع بعد ساعات من تداول ترشيح محافظ البصرة أسعد العيداني لتشكيل الحكومة من قبل تحالف البناء الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، فيما طافت مظاهرات شوارع المحافظة تندد بقرار ترشيح العيداني وسط إغلاق عدد من الطرق من قبل المتظاهرين وخاصة الطرق المؤدية الى الحقول النفطية التي تديرها شركات نفطية عالمية أبرزها حقل غربي القرنة الأول الذي تديره شركة اكسون موبيل الأمريكية وحقل غربي القرنة الثاني الذي تديره شركة لوك أويل الروسية وحقل مجنون والرميلة ومنشآت نفطية أخرى.
كما شهدت محافظة ميسان جنوب شرقي العراق، وهي تضم ثاني أكبر شركة نفطية في العراق، مظاهرات ليلية للمطالبة بالاستماع إلى مطالب المتظاهرين وإجراء انتخابات مبكرة تنقذ البلاد من مخاطر العنف والتصعيد فيما قطع متظاهرون في محافظة واسط الطريق التي تربط المحافظة مع المحافظات المجاورة وقطع الجسور وشل حركة السيارات، فيما قام متظاهرون باستهداف مقرات الأحزاب الشيعية في محافظة ذي قار وأبرزها تيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم وقطع الجسور.
وشهدت محافظة النجف حوادث مماثلة عندما هاجم محتجون مقر منظمة بدر بزعامة هادي العامري في قضاء الكوفة بقنابل حارقة، في حين استمر العشرات من المتظاهرين في إغلاق الطريق المؤدية إلى مصفاة السماوة في محافظة المثنى في بادية العراق الجنوبية لليوم الثاني على التوالي ومنع دخول وخروج الشاحنات النفطية للمطالبة بتوفير فرص للتخصصات الهندسية للعمل في المصفاة.
ومن المنتظر أن يعقد البرلمان العراقي اليوم جلسة لمواصلة التصويت على بنود قانون الانتخابات، حيث تم خلال الأسبوع الماضي التصويت على 14 بنداً من أصل 50 بنداً قانونياً، فيما ستعقد الحكومة العراقية المستقيلة اجتماعها الأسبوعي لمناقشة جدول أعماله.
من ناحية أخرى قتل ثلاثة من عناصر ميليشيات الحشد الشعبي أمس الثلاثاء، في هجوم شنه عناصر داعش جنوب الموصل شمال بغداد.
وقال النقيب علي عماد من الحشد الشعبي، إن «عناصر داعش هاجموا اليوم نقطة رصد للحشد الشعبي في ناحية القيارة جنوب الموصل وتمكنوا من قتل ثلاثة من عناصر الحشد قبل أن يلوذوا بالفرار إلى جهة مجهولة».
كانت قوات مشتركة من الجيش العراقي بدأت صباح الإثنين عمليات أمنية لتطهير مناطق جنوب الموصل تمكنت خلالها من العثور على ثمانية أنفاق و10 مضافات ومعمل للتفخيخ، فضلاً عن أسلحة وأعتدة ومواد لوجستية.
كما أفاد مصدر عسكري بمحافظة نينوى العراقية، أمس الثلاثاء، بمقتل ثلاثة عسكريين، بينهم ضابط، جراء انفجار عبوتين ناسفتين بالتعاقب شمال غرب الموصل شمال بغداد.
وقال العقيد مزهر حسن البياتي، إن «عبوتين ناسفتين انفجرتا اليوم بالتعاقب مستهدفتين دورية للجيش العراقي عند مفرق معسكر الكسك شمال غرب الموصل، ما أدى إلى مقتل ضابط برتبة نقيب وجنديين اثنين، إلى جانب إصابة اثنين آخرين بجروح».
وما زالت مناطق عديدة من محافظة نينوى، وخاصة القريبة من الحدود السورية شمال غرب الموصل، تشهد أعمال عنف متفرقة ينفذها فلول تنظيم داعش رغم الإعلان عن القضاء على تنظيم داعش عسكرياً في البلاد نهاية 2017.
من ناحية أخرى ﻛﺸﻔﺖ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺸﻬﺪاء في العراق، عن إحصائية بعدد المقابر الجماعية التي عثر عليها خلال 2019، موضحة أنها مستمرة بالبحث عن مقابرة أخرى إن وجدت.
وقال ﻣﺪﻳﺮ داﺋﺮة المقابر اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺸﻬﺪاء ﺿﻴﺎء ﻛﺮﻳﻢ، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إنه «تم العثور على 18 مقبرة جماعية في عدد من المحافظات خلال 2019»، مشيراً إلى أن «المقابر اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻌﻮد ﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة وﻋﺼﺎﺑﺎت داﻋﺶ اﻻرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻣﻊ أﺧﺮى ﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺒﻌﺚ المقبور».