
بغداد - «وكالات» : طالب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وزعيم ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، الرئيس برهم صالح بـ»إنقاذ العراق»، واصفاً وضع البلاد بـ «الحرج».
ووفقاً لما أوردته «السومرية» العراقية، الأحد، قال في بيان صحافي: «في ظل المنعطف الحرج والأوضاع الخطيرة التي تمر بها بلادنا، وضرورة الإسراع بترشيح اسم أو أكثر ليكلف برئاسة الحكومة المقبلة، ندعو برهم صالح رئيس الجمهورية لبدء حوار شامل يضم ممثلين عن بعض القوى السياسية التي لم تشارك بالقمع، والتي ناهضت الدكتاتورية السابقة، إلى جانب المتظاهرين السلميين والاتحادات والنقابات المهنية».
وأضاف أن الحوار الشامل سيتطرق لـ «قانون الانتخابات ورئاسة الوزراء ودور ومهام الحكومة المؤقتة ومحاسبة من تسبب بعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين، ليكون الحوار خطوة في طريق إنقاذ البلاد مما هي فيه».
وأشار علاوي في ختام بيانه إلى أن «الأوضاع الحالية تتطلب من رئيس الجمهورية بوصفه يمثل سيادة البلد وراعياً للدستور، إجراءات سريعة للمساهمة بالخروج من المأزق الحالي الذي تمر به البلاد، والحفاظ على قرارها السيادي ووحدتها الوطنية بتصحيح مسار العملية السياسية ومعالجة الانحرافات التي شهدتها طيلة السنوات الماضية».
من ناحية أخرى يواصل آلاف المتظاهرين العراقيين، التجمع في ساحات الاحتجاج، رغم مقتل 24 شخصاً في بغداد على أيدي مسلحين، ما يثير مخاوف من تصاعد العنف في البلاد.
وتستمر الاحتجاجات الشعبية وسط أجواء هادئة مع انتشار كثيف للقوات الأمنية، وخروج مسيرات طلابية في بغداد وبعض المحافظات احتجاجاً على مجزرة السنك والخلاني.
ومنذ الساعات الأولى من صباح اليوم، توافد المتظاهرون إلى ساحات التظاهر في كل من العاصمة بغداد، وميادين الاحتجاج في محافظات جنوبية عديدة، حيث رددوا شعارات رفضاً لصمت الحكومة حيال مجزرة السنك والخلاني.
وأعلنت غالبية مدارس بغداد إضرابها عن الدراسة والعمل، ويأتي ذلك بالتزامن مع خروج مسيرات طلابية في بغداد وبعض المحافظات.
وفي الديوانية، مازال توافد المتظاهرين لساحة الساعة مستمراً، مع تعطيل الدوام الرسمي في دوائر المحافظة، بقرار من المحافظ، حداداً على أرواح ضحايا السنك والخلاني.
ولفتت المصادر إلى أن «محافظة المثنى شهدت تعطيل الدوام الرسمي في دوائر المحافظة بأمر من المحافظ باستثناء الدوائر الخدمية والمستشفيات مع تواجد للمتظاهرين في ساحة الاحتفالات، كما تواجد المتظاهرون في ساحة التربية بمحافظة ميسان وسط استقرار أمني تشهده المحافظة».
كما قامت الحكومة المحلية في ذي قار بتعطيل الدوام الرسمي لمدة يومين، فيما قامت القوات الأمنية في المحافظة بفتح 5 جسور وسط المدينة مع استمرار إغلاق جسر الزيتون.
وفي كربلاء، أغلق محتجون أبواب جامعة كربلاء، ومنعوا دخول الطلاب والأساتذة والموظفين إليها، كما قطع متظاهرون طريق محطة كهرباء في كربلاء، ومنعوا الموظفين من الوصول إليها.
ونقلت وسائل إعلام عراقية، عن شهود عيان، أن عبوة ناسفة انفجرت في سيارة عضو تنسيقية محافظة كربلاء للحراك المدني المستقل، الدكتور مهند الكعبي، أثناء وقوفه قرب مركز «بن توه» للتسوق العائلي في حي سيف سعد 5 كم جنوب مركز المدينة القديمة، وأصيب الدكتور وهو أستاذ جامعي، بجروح مختلفة نقل على إثرها إلى مستشفى الحسيني للعلاج، فيما بدت على سيارته أضرار كبيرة نتيجة الانفجار.
وفي محافظة بابل، أغلق المئات من المتظاهرين، اليوم، دوائر البلدية والوقفين الشيعي والسني في مدينة الحلة مركز المحافظة.
وقال قناة «السومرية» العراقية، إن «متظاهرين غاضبين اغلقوا، صباح أمس، دوائر البلدية والوقفين الشيعي والسني، فضلاً عن مديرية تربية بابل، ودوائر البلديات».
وشهد العراق، تنامي مشاعر الخوف من احتمالية انحدار البلاد إلى موجة من التطاعن الداخلي، ومستويات جديدة من العنف، في ظل العجز الواضح الذي تبديه القوات الحكومية في ضبط الأوضاع ووقف ممارسات الفصائل المسلحة المنفلتة.
وأدانت الولايات المتحدة السبت الهجوم الذي تعرض له المتظاهرون العراقيون وسط بغداد ليل الجمعة، وراح ضحيته نحو 24 شخصاً. وكان مسلحون قد أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة الخلاني وجسر السنك ببغداد الجمعة.
ويطالب العراقيون منذ أكثر من شهرين، بتغيير الطبقة الحاكمة منذ 16 عاماً ويتهمونها بالفساد والمحسوبية والتبعية لإيران.
من جهة أخرى أعلن القضاء العراقي، الأحد، إطلاق سراح عن أكثر من 2600 متظاهر سلمي. وأفاد المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في بيان بأن «الهيئات الحقيقية المكلفة بنظر قضايا التظاهرات أعلنت عن إطلاق سراح (2626) موقوفاً من المتظاهرين السلميين لغاية اليوم».
وأضاف «ما يزال 181 موقوفاً يجري التحقيق معهم عن الجرائم المنسوبة لهم وفق القانون».
ومنذ بدء الاحتجاجات في العراق سقط 485 قتيلاً وأكثر من 17 ألف جريح، والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين مجهولين.
ورغم استقالة حكومة عادل عبد المهدي وهي مطلب رئيسي للمحتجين، إلا أن المظاهرات لا تزال متواصلة وتطالب برحيل النخبة السياسية المتهمة بـ»الفساد وهدر أموال الدولة»، والتي تحكم البلاد منذ 16 عاماً.
من جهة أخرى حمل وزير الأمن الوطني العراقي السابق قاسم داود، الأحد، قادة الأجهزة الأمنية، مسؤولية الأحداث الدامية التي شهدتها ساحة الخلاني والسنك، يوم الجمعة الماضي، مرجحاً أن يكون بضعهم متواطئاً بشكل أو بآخر.
وقال داود، في بيان، وفق موقع «السومرية نيوز» الإخباري، إن «جريمة جديدة نكراء يندى لها جبين الإنسانية، حدثت على يد أحزاب السلطة، من خلال امتداداتها الميليشياوية يومي الجمعة والسبت الماضيين، وأننا في الوقت الذي نعزي فيه أبناء شعبنا العراقي وأسر الشهداء ونتمنى الشفاء للجرحى، نؤكد أن هذه الجرائم لن تثني أبناء شعبنا على مواصلة النضال من أجل اجتثاث هذه التنظيمات الشاذة على مجتمعنا العراقي».
وأضاف «شهد العراق تنظيمات ميليشياوية مسلحة عديدة في تاريخه وكان مصيرها أسود، وهذه التشكيلات اليوم تشابه ما برز في الفترة الماضية من تشكيلات المقاومة الشعبية والحرس القومي وفدائي صدام وكان مصيرها لعنة التاريخ والشعب».
وتابع «ندين ونشجب بشدة هذه الجرائم، ونحمل بشكل رئيسي الحكومة العراقية والقيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الأجهزة الأمنية مسؤولية ما حصل لفشلهم أو تقاعسهم، وربما تواطئهم في توفير الحماية لأبطالنا المنتفضين».
من جانب آخر أكدت الممثلةُ الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت إدانتها بأشدّ العبارات إطلاقَ النار على متظاهرين عُزّلٍ وسط بغداد مساء يوم الجمعة، ما أسفر عن سقوط عددٍ كبيرٍ من القتلى والجرحى بين المواطنين الأبرياء.
وقالت بلاسخارت: «إن القتل المتعمد للمتظاهرين العُزّل على يد عناصر مسلحةٍ ليس أقلّ من أن يُوصف بالعمل الوحشيّ ضدّ الشعب العراقي. ويجب تحديدُ هوية الجناة وتقديمهم إلى العدالة دون تأخير»، بحسب ما ذكرت بعثة الأمم المتحدة في العراق على فيسبوك.
وحثُّت الممثلةُ الخاصة القواتِ المسلحةَ العراقيةَ على ألّا تدّخرَ جُهداً لحماية المتظاهرين السلميين من العنف الذي تمارسه عناصرُ مسلحةٌ تعمل خارج سيطرة الدولة.
ودعت بلاسخارت المتظاهرين السلميين إلى التعاون بشكلٍ بنّاءٍ لضمان حماية الاحتجاجات السلمية.
وأضافت إن «أعمال العنف التي تُحرّكها العصابات الناجمة عن ولاءاتٍ خارجية أو ذات دوافعَ سياسية أو موجّهة لتسوية الحسابات تُخاطر بوضع العراق في مسار خطير».
وأشارت إلى أنه من الضروريّ التكاتف دفاعاً عن الحقوق الأساسية، مثل الحق في التجمع السلميّ وحرية التعبير.
وأعربت عن خالص تعازيها لأُسر الضحايا الذين لقوا حتفهم وتتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين.