
بغداد - «وكالات» : أفاد مصدر نيابي عراقي، عن مغادرة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي حديثاً إلى العاصمة الإيرانية طهران، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع).
وذكر المصدر، أن رئيس الوزراء المستقيل حديثاً عادل عبد المهدي غادر على متن طائرة خاصة إلى العاصمة الإيرانية طهران.
ويذكر أن عبد المهدي أعلن في بيان عصر الجمعة، أنه سيقدم استقالته إلى مجلس النواب العراقي.
من جانب آخر أفادت وسائل إعلام عراقية، الجمعة، أن العديد من المسؤولين العراقيين تقدموا باستقالات من مناصبهم، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبد الهادي، أنه سيقدم استقالته لمجلس النواب العراقي، تحت وطأة استمرار الاحتجاجات الشعبية الدموية في العراق، للشهر الثاني على التوالي.
والجمعة، أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد الغزي، أنه قدم استقالته من منصبه، حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، ويعد الغزي أول مسؤول حكومي يعلن استقالته من منصب.
وبدوره، قدم قائد شرطة ذي قار جنوب العراق استقالته، بعدما أعلن أن هناك اتفاقاً مع العشائر في ذي قار على وقف الاشتباكات وانسحاب القوات الأمنية لمقارها، ومنع إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية، أيضاً، بتقديم مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد الهاشم استقالته.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، أعلن في وقت سابق من يوم الجمعة، أنه سيرفع استقالته إلى مجلس النواب حقناً للدماء، بعد شهرين من الاحتجاجات الدامية التي سقط فيها أكثر من 400 شهيد وآلاف الجرحى.
وأضاف عبدالمهدي في بيان «بالنظر إلى الظروف والعجز الواضح فالبرلمان مدعو لإعادة النظر في خياراته»، مشدداً على ضرورة تفادي انزلاق العراق إلى دوامة العنف.
وفور إعلان عبد المهدي عزمه تقديم استقالته، خرجت احتفالات في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، حيث يخيم محتجون مناهضون للحكومة. وبدأ المتظاهرون في الغناء والرقص وإطلاق الألعاب النارية، معبرين عن فرحتهم بقرار عبد المهدي.
في حين كشفت مصادر في كتلة سائرون النيابية العراقية، أنها بدأت مناقشات نيابية لبحث ترشيح خليفة «عبد المهدي»، الذي أشارت وسائل إعلامية محلية إلى أنه ينوي تقديم استقالته خلال الساعات القليلة المقبلة.
فيما، علق تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، على استقالة الحكومة والبديل الذي سيحل محل عبدالمهدي، قائلاً إنه «من المبكر الحديث عن بديل لعبدالمهدي قبل استقالته رسميا والاستقالة لن تهدئ الشارع بشكل كلي».
ولم يوقف إعلان عبد المهدي عزمه الاستقالة، دوامة العنف الذي استمر في مناطق الجنوب الزراعية والقبلية، حيث قتل ما لا يقل عن 20 متظاهراً، الجمعة، في الناصرية التي تشهد صدامات دموية منذ الخميس، كما قتل آخر بيد مسلحين مدنيين أمام مقر حزب في النجف، بحسب شهود وأطباء.
من جانبه دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الجمعة رئيس الوزراء العراقي الجديد لاختبار حكومته بعيداً عن الأحزاب والتكتلات والميليشيات والمحاصصات الطائفية.
وقال الصدر في بيان إن «استقالة رئيس الحكومة هي أول ثمار الثورة وليس آخرها، وإن استقالته لا تعني نهاية الفساد».
وأضاف «اقترح أن يكون ترشيح رئيس الوزراء خلال استفتاء شعبي على خمسة مرشحين».
ودعا الصدر المتظاهرين إلى «الاستمرار بالتظاهر السلمي وعدم التراجع.. ونرجو من الدول الصديقة وغيرها إعطاء الفرصة للعراقيين بتقرير مصيرهم».
من ناحية أخرى أكدت مصادر أمنية وطبية عراقية، أن 400 شخص قتلوا منذ بداية الاحتجاجات بالعراق في مطلع أكتوبر الماضي، وذلك بعد ارتفاع حصيلة القتلى في محافظتي النجف وذي قار يوم الخميس، إلى 50.
وقال شهود، إن «حصيلة قتلى المتظاهرين في ذي قار ارتفعت إلى 32، وإصابة 245 آخرين، بعد المجزرة التي ارتكبتها القوات الأمنية لمواجهة المتظاهرين في مدينة الناصرية بالرصاص الحي»، وفقاً لما ذكر موقع قناة «الحرة» اليوم الجمعة.
وأضافوا «كما أن حصيلة قتلى التظاهرات في النجف ارتفعت إلى 18 شهيداً وإصابة 150 آخرين، بسبب القوة المفرطة التي استخدمتها قوات مكافحة الشغب ضد المواطنين».
وشهدت ذي قار والنجف يوماً دامياً، أمس الخميس، بعد لجوء القوات الأمنية إلى استخدام الرصاص الحي بشكل مباشر ضد المتظاهرين، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وفي النجف وإضافةً إلى الرصاص الحي استخدمت القوات الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المتظاهرين.
وفي محافظة ذي قار شكل مجلس القضاء الأعلى، هيئة للتحقيق في الأحداث التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
على صعيد آخر، أفاد مصدر أمني، الجمعة بأن مسلحين مجهولين اغتالوا الناشط المدني حيدر اللامي في محافظة ميسان جنوبي العراق عند خروجه من ساحة التظاهر.
وقال المصدر إن مسلحين مجهولين اغتالوا الناشط في الثانية من فجر الجمعة عندما كان متوجهاً إلى بيته.
من جهة أخرى هاجم العراقيون المتظاهرون منذ أكثر من شهر ضد السلطة السياسية قنصليات إيرانية، وأزالوا صور زعماء إيرانيين في الساحات العامة، مسقطين في الشارع محرمات كثيرة، فيما يرى خبراء أن إيران عززت نفوذها داخل الحكم في العراق.
وفي النجف التي تستضيف سنوياً ملايين الزوار الشيعة معظمهم من الإيرانيين، أضرم متظاهرون النار في قنصلية طهران وهتف مئات الشبان «إيران برا» من داخل المجمع الدبلوماسي.
وقال علي حسين أحد المتظاهرين في النجف «إن تدخل إيران الذي لا تحاول حتى إخفاءه أثار استياء العديد من العراقيين»، معتبراً أن الهجوم على القنصلية «رسالة واضحة إلى إيران لحملها على مراجعة دورها في العراق».
وسبق أن حاول متظاهرون مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد شهر من بدء الاحتجاجات على السلطة العراقية والتي تخللها مقتل نحو 400 شخص بحسب حصيلة لوكالة فرانس برس، إحراق قنصليّة إيران في كربلاء، المدينة المقدسة لدى الشيعة أيضاً، ورفعوا الأعلام العراقية على الجدار المحيط بالمبنى وكتبوا عليه «كربلاء حرة حرة.. إيران برا برا».
وبعدما كانت هذه المعارضة لإيران تقتصر على مناطق السنة الذين يشكلون ثلث سكان العراق مقابل ثلثين من الشيعة كما في إيران، احرق المحتجون مقار فصائل مسلحة مؤيدة لإيران تشكل ثاني أكبر كتلة في البرلمان في بغداد.
وما أجج غضب المتظاهرين الزيارات المتكررة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني للعراق، هو الذي نجح في رص صفوف الأحزاب الحاكمة حول رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي كان موقعه مهدداً.
ويتهم المتظاهرون إيران أيضاً بالقضاء على الصناعة العراقية بإغراقها السوق بمجموعة واسعة من المنتجات والسلع تراوح من السيارات إلى الطماطم، بقيمة إجمالية تصل إلى حوالى ستة مليارات يورو في السنة.
وقال الباحث فنار حداد إن «الشعور المعادي لإيراني ليس جديداً، لكن طريقة التعبير عنه جديدة».
وأوضح الباحث المتخصص في شؤون العراق، أن «الغضب يتركز على النظام السياسي العراقي، وبطبيعة الحال ينصبّ أيضاً على إيران لأنه من المستيحل الفصل بينهما».
وعملت إيران على مدى سنوات في عهد الرئيس الراحل صدام حسين على بسط شبكة قوية بين معارضي نظامه، سواء من أنصار القضية الشيعية أو الأكراد، أو حتى من العشائر السنية. والعناصر الذين عولت عليهم إيران منذ سنوات باتوا اليوم في السلطة.
كما حرصت إيران على أداء دور لا يمكن للعراق الاستغناء عنه، فأمدت الدولة المجاورة لها بالتيار الكهربائي والغاز الطبيعي لقاء مليارات اليورو.
وعند اندلاع الحركة الاحتجاجية في الأول من أكتوبر، نزل المتظاهرون إلى الشارع للمطالبة بخدمات عامة وبتموين كهربائي ثابت ووظائف في بلد لا يزال العديد من مصانعه مغلقا منذ الاجتياح الأمريكي عام 2003، لكن إيران كانت في أذهان الجميع.
وأوضحت ماريا فانتابيي من مجموعة الأزمات الدولية، أن وعود الازدهار بعد الحاق الهزيمة بتنظيم داعش قبل عامين لم تتحقق.
والأهم أن الطبقة السياسية لم تتجدد في بلد مصنف في المرتبة الثانية عشرة للدول الأكثر فساداً في العالم.
وقالت الباحثة إن «الانتفاضة نزعت الغطاء عن طبق كان يغلي بالأساس» والشعور المعادي لإيران «طفا على السطح».
ولفتت إلى أن الانتفاضة كشفت النقاب عن الشقاقات، سواء بين الشعب والطبقة الحاكمة، أو بين المرجعيتين الشيعيتين في العراق وإيران.
من جانب آخر دعت الولايات المتحدة الجمعة، قادة العراق للاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة، بعدما أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عزمه على الاستقالة.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: «نشارك المتظاهرين أسباب قلقهم المشروعة»، مضيفة «نواصل حض الحكومة العراقية على المضي قدماً بالإصلاحات التي يطالب بها الشعب وبينها تلك المرتبطة بالبطالة والفساد وإصلاح النظام الانتخابي»، دون أن تتطرق مباشرة إلى قرار رئيس الوزراء.
من جهتها أفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين هينيس بلاسخارت، أنها ستحيط مجلس الأمن بتفاقم الأوضاع في العراق.
وأشارت بلاسخارت إلى أن العراق مشتعل على خلفية الاحتجاجات الدامية المستمرة منذ قرابة شهرين في العاصمة بغداد والمحافظات ذات الغالبية الشيعية.
وقالت بلاسخارت في منشور لها على موقع «تويتر» إن «الأعداد المتزايدة من الضحايا والإصابات وصلت لمستويات لا يمكن التسامح معها».
وأضافت أن «وجود المندسين لإخراج الاحتجاجات السلمية عن مسارها يضع العراق في مسار خطير»، مشيرة إلى أنه «سوف أحيط مجلس الأمن في نيويورك حول ما يجري يوم الثلاثاء».