
تونس - «وكالات» : أعلن المرشح الرئاسي قيس سعيّد، فوزه بالانتخابات الرئاسة التونسية حسب نتائج استطلاعات، مؤكداً أن تونس شهدت نجاح «ثورة في إطار الشرعية الدستورية».
وقال سعيّد، في جواره زوجته، في أول كلمة له بعد إعلان فوزه في مؤتمر صحفي: «شعب تونس العظيم اليوم أعطيتم درساً للعالم كله. هي ثورة بمفهوم جديد في إطار الدستور مع التمسك بالشرعية الدستورية».
وأضاف سعيّد «ثورة لم يعهدها الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة. أبهرتم العالم بتنظيمكم التلقائي. ليطمئن الجميع أني سأحمل الرسالة والأمانة بكل صدق واخلاص».
وأضاف رئيس تونس الجديد الذي استقطب الشباب والطبقة المثقفة «اليوم نحاول أن نبني قدراتنا، تونس جديدة التي صاح الشعب في ديسمبر 2010 «الشعب يريد»، واليوم ها أنتم تحققون ما تريدون».
كما بعث سعيد برسالة طمأنة للخارج في كلمته، فيما يرتبط بالتزاماتها الدولية مع شركائها.
وقال سعيّد: «الدولة ستستمر بقوانينها وبتعهداتها الدولية. الدولة ليست أشخاص وليطمئن الكثيرون أننا نعي ما نقول لأننا نعرف ما حجم المسؤولية وما معنى الدولة».
وستكون أولى مهام الرئيس المقبل تكليف مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً للنتائج التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية التي جرت، الأحد الماضي.
وكانت الانتخابات التشريعية، أسفرت عن فوز حركة النهضة الإسلامية، بأغلبية غير مريحة بـ52 مقعداً، في مقابل 38 مقعداً لحزب «قلب تونس»، الذي حل ثانياً.
من ناحية أخرى احتفل آلاف من أنصار مرشح انتخابات الرئاسة التونسية قيس سعيد في قلب تونس الأحد، بعد أن أظهر استطلاعان لآراء الناخبين عقب خروجهم من مراكز الاقتراع أن المرشح المستقل حقق فوزاً كاسحاً.
ولن تصدر النتائج الرسمية قبل يوم الإثنين، وترك خصم سعيد، قطب الإعلام نبيل القروي، الباب مفتوحاً أمام الطعن على النتيجة.
وأدلى التونسيون بأصواتهم اليوم الأحد لاختيار رئيسهم المقبل في أحدث جولة ضمن سلسلة انتخابات اختبرت الديمقراطية الناشئة وشهدت رفض الناخبين للساسة التقليديين وسجن مرشح بارز لعدة أسابيع.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة 1700 بتوقيت غرينتش في الجولة الثانية الحاسمة الأحد.
وفي جولة اليوم، اختار الناخبون بين سعيد والقروي الذي يواجه اتهامات بالفساد وذلك بعد تفوقهما على 24 منافساً آخرين في جولة الاقتراع الأولى الشهر الماضي.
وقال راديو موزاييك إف إم التونسي اليوم الأحد إن استطلاعاً للرأي أجرته شركة إمرود أشار إلى حصول سعيد على 72.53 في المئة من الأصوات في جولة الإعادة ضد القروي الذي حصل على 27.47 في المئة.
وقال التلفزيون الرسمي في وقت لاحق إن شركة سيغما لاستطلاعات الرأي أظهرت فوز سعيد بنتيجة كاسحة بلغت 76.9 في المئة بينما حصل القروي على 23.1 بالمئة.
وقال سعيد بعد نشر الاستطلاعين في تعليقات نقلها التلفزيون إن ثمة حاجة لتجديد الثقة بين الشعب والحكام.
وإذا تأكد فوز سعيد فسيواجه لحظة صعبة في تاريخ تونس السياسي.
فالبرلمان الذي انتخب الأسبوع الماضي منقسم بشدة ورغم أن حزب النهضة الإخواني المعتدل الذي حصل على أكثر المقاعد أيده اليوم الأحد بعد هزيمة مرشحه في الجولة الأولى، فإنه قد يكافح من أجل بناء ائتلاف حاكم.
وقال القروي في مؤتمر صحفي إنه سيقرر ما إذا كان سيطعن على النتيجة بعد إعلان النتائج الرسمية، لكنه قال إنه حُرم من فرصة المنافسة العادلة.
وعقب إغلاق مراكز الاقتراع، قالت مفوضية الانتخابات إن نسبة الإقبال بلغت 57.6 في المئة على الأقل. وبلغ الإقبال في الجولة الأولى 45 في المئة فقط.
وفي مركز اقتراع بمنطقة التضامن العمالية في العاصمة تونس بدا أن هناك حماساً أكثر مما كان في الجولة الأولى أو الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأسبوع الماضي.
وخارج المدرسة التي يصوت فيها الناخبون في منطقة التضامن وقف رجل وأخذ ينادي على المارة طالباً منهم ألا يصوتوا للقروي إلى أن طلب منه رجل شرطة التزام الهدوء.
وفي الداخل، قالت حنان مادوري (25 عاما) التي تعمل بتحويل المكالمات الهاتفية إنها ستصوت لسعيد، مشيرة إلى اتهامات الفساد ضد منافسه. وقالت إنها تريد أن تصوت لشخص جاد لا تشوبه شائبة.
وطرح المرشحان اختيارات مختلفة تماما للمنصب. ويتمتع سعيد الذي لم ينفق شيئاً تقريباً على حملته الانتخابية بتأييد اليساريين والإسلاميين أيضاً.
وتودد القروي للفقراء مبرزاً على القناة التلفزيونية التي يملكها أعماله الخيرية، لكنه جذب أيضاً طبقة رجال الأعمال وبعض العلمانيين الذين يشعرون بالقلق من آراء سعيد المحافظة.
وقدم كل من المرشحين نفسه باعتباره من خارج النخبة السياسية التي يحملان عليها لفشلها في تحسين الاقتصاد التونسي أو وقف التدهور في مستوى المعيشة منذ ثورة 2011 التي كانت سببا في الديمقراطية وأوحت بانتفاضات «الربيع العربي».
وظهر الاستياء من النخبة السياسية في كل من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وانتخابات الأسبوع الماضي البرلمانية التي شهدت تراجع الأحزاب الرئيسية. وشهدت الانتخابات على الجانبين نجاح مرشحين مستقلين وسط إقبال منخفض.
في مواجهة مركز الاقتراع في منطقة التضامن جلس عثمان دبوسي (63 عاما) أمام الفواكه التي يبيعها قائلاً إنه لن يدلي بصوته وإنه يفضل نظاماً للحكم غير ديمقراطي. وقال دبوسي: «هناك كثير من الفوضى في هذا البلد الذي يحتاج إلى رجل قوي».
وعلى مقربة وقفت مجندة وقد وضعت يدها على بندقيتها الهجومية وراحت تراقب مركز الاقتراع، فيما يشير إلى هجمات المتشددين التي هزت تونس من وقت لآخر وهددت صناعة السياحة فيها وأثارت قلق الناخبين.
وأياً كان من سيكسب السباق الرئاسي بجانب الائتلاف الحكومي الذي سيتشكل من البرلمان المنقسم فإنه سيواجه نفس المشكلات التي فشلت الحكومات السابقة في حلها: بطالة نسبتها 15 في المئة وتضخم نسبته 6.8 في المئة ودين عام كبير.
وعبرت بعثة دولية لمراقبة الانتخابات في تونس الأحد عن القلق إزاء نزاهة الانتخابات بسبب احتجاز القروي معظم الفترة التي سبقتها.
وقال ليس كامبل رئيس بعثة المراقبة الميدانية المشتركة للمعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي إن تكافؤ الفرص لم يتحقق في العملية الانتخابية، وهو ما كان عاملاً مهماً في الاقتراع.
وفي مركز اقتراع في منطقة البحيرة الراقية في شمال العاصمة حيث أدلي القروي بصوته، قالت نجوى سالمي وهي طالبة تبلغ من العمر 22 عاماُ إنها قدمت من جامعتها في مدينة سوسة لاختيار الرئيس الجديد.
وأضافت «نريد رئيساً يحترم صلاحياته ولا يُقحم عائلته في الحكم مثلما فعل بن علي والسبسي».