
عدن - «وكالات» : قالت الحكومة اليمنية يوم الأربعاء إنها لن تجري محادثات مع الانفصاليين الجنوبيين ما لم يعيدوا لها السيطرة على مدينة عدن الساحلية، وذلك بعد وصول رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن إلى السعودية لبحث المواجهة بين الطرفين الحليفين من الناحية النظرية.
ودعت السعودية، التي تقود تحالفا عسكريا يشمل الانفصاليين، إلى عقد قمة بعد سيطرة الانفصاليين على عدن، المقر المؤقت للحكومة، في العاشر من أغسطس آب في خطوة أحدثت شقاقا في التحالف.
وتبادلت الحكومة اليمنية والإمارات، شريكة السعودية في التحالف، اللوم بخصوص الأزمة.
وتريد الرياض أن يعود التحالف للتركيز على قتال حركة الحوثي الموالية لإيران والتي كثفت هجماتها على مدن سعودية.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية اليمنية «لن نشارك في أي حوار مع الانتقالي إلا بعد... الانسحاب من المواقع التي تم الاستيلاء عليها، بالإضافة إلى تسليم السلاح وعودة القوات الحكومية وإيقاف كافة الانتهاكات“.
ورفض المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي دعوات سابقة مماثلة ووسع يوم الثلاثاء نطاق سيطرته في الجنوب بانتزاع معسكرات تابعة للحكومة في أبين القريبة. ووصل رئيس المجلس عيدروس الزبيدي إلى مدينة جدة السعودية ليل الثلاثاء.
والانفصاليون والحكومة جزء من التحالف الذي تدخل في اليمن في مارس آذار 2015 لمحاربة جماعة الحوثي التي أطاحت بالرئيس عبد ربه منصور هادي من السلطة في العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014. وانتقلت حكومة هادي إلى عدن بينما يقيم هادي في الرياض.
لكن الانفصاليين والذين يتهمون حكومة هادي بسوء الإدارة، يطالبون بحكم ذاتي في الجنوب وبأن يكون لهم دور في أي محادثات تتعلق بمستقبل اليمن.
وعقدت المواجهة جهود إنهاء الحرب المدمرة وكشفت عن اختلافات بين السعودية والإمارات التي خفضت وجودها في اليمن في يونيو حزيران وإن كانت لا تزال تدعم آلاف المقاتلين الانفصاليين الجنوبيين.
وطلبت حكومة هادي من أبوظبي، التي دعت للحوار، الكف عن تمويل وتسليح القوات الانفصالية.
وجاء في خطاب من الحكومة إلى مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء «لولا الدعم الكامل الذي وفرته دولة الإمارات العربية المتحدة... لهذا التمرد ما كان له أن يحدث وإن هذا المخطط التمزيقي مستمر وفي تصاعد رغم كل دعوات التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية“.
وردت الإمارات بالتأكيد على التزامها تجاه التحالف وتحدثت عن «عجز الحكومة الشرعية في اليمن عن إدارة شؤونها الداخلية وضعف أدائها» مضيفة أن الحكومة لم تستطع إدارة الانقسام ”بالحوار البناء والتواصل مع المكونات اليمنية كافة».
ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن نائب المندوبة الدائمة للبلاد لدى الأمم المتحدة يوم الأربعاء قوله «ليس من اللائق أن تعلق الحكومة اليمنية شماعة فشلها السياسي والإداري على دولة الإمارات».
وقال المجلس الانتقالي الجنوبي إنه سيظل يسيطر على عدن إلى أن تخرج عناصر من حزب الإصلاح، الذي ترى الإمارات أنه أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الشماليين من مواقع السلطة بالجنوب.
وقالت مصادر يمنية إن القمة المؤجلة قد تناقش تعديل حكومة هادي لتشمل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي سيطر على عدن بعد اتهام حزب الإصلاح، الحليف البارز لهادي، بالتواطؤ في هجوم شنه الحوثيون على القوات الجنوبية هذا الشهر. وينفي حزب الإصلاح هذا الاتهام.
ويشير الحوثيون إلى ما حدث في عدن بوصفه دليلا على أن حكومة هادي غير مؤهلة للحكم. وتسيطر الجماعة على صنعاء ومعظم المراكز الحضرية الكبيرة.
من ناحية أخرى أطلق ناشطون يمنيون جنوبيون وسماً على تويتر «جنوبيون_السعوديه_والامارات_بقلوبنا»، رداً على تطاول حكومة معين عبدالملك على الإمارات، منددين بالمواقف التي قالوا إنها ليست من شيم العرب، وتخدم أجندة معادة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة برمتها.
وتفاعل مع الوسم قيادات وسياسيين، أجمع أكثرهم على ان ما أقدمت عليه حكومة معين، حجود ونكران لجميل التحالف العربي والقوات المسلحة الإماراتية في محاربة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.
وقال الدكتور صدام عبدالله القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي: «شعب الجنوب ومقاومته الباسلة الشريك الحقيقي للتحالف العربي في دحر مليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً، وفي مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن، والاستقرار ولا يُنكر فضل التحالف ودعمه السخي إلا حكومة فأرة مسترزقة في فنادق خارج الوطن، ولا ترغب في إنهاء الحرب».
وعلق السياسي أحمد الربيزي قائلاً: «احترام شعب الجنوب العربي للمملكة والإمارات حكاماً وشعوباً لا يُعد فقط رداً للجميل الذي قدموه لشعب الجنوب ومساعدتهم لنا لتجاوز الأزمات الكارثية التي تسبب فيها الغزو الحوثي لبلادنا، بل هو من صميم طبعنا العربي الأصيل، أشقاء مصيرنا واحد، ودمنا واحد».
وقال مواطنون وفعاليات اجتماعية: «لم تدخل الإمارات اليمن عسكرياً إلا بعد أن اقترب الخطر الإيراني والإرهاب من إسقاط اليمن والجنوب بموقعه الاستراتيجي الهام والمطل على باب المندب وشريط بحر العرب وجزيرة سقطرى الاستراتيجية، لكن جهود الإمارات في عدن، لم تكن وليدة عاصفة الحزم، فمؤسس دولة الامارات الشيخ زايد، زار عدن في سبعينات القرن الماضي، وكانت لأبوظبي إسهامات تنموية بارزة لا تزال قائمةً إلى اليوم، وعلى خطاه، سار أولاد زايد في دعم عدن وإعادة تأهيل ما دمرته الحرب العدوانية التي شنها الحوثيون أو تلك التي شنها تحالف صالح والإخوان في 1994».
وأكدوا أن «المواقف العدائية لحكومة اليمن المقيمة في المنفى، ليست جديدة، ولا مثيرة للاستغراب، خاصًة أنها حكومة الإخوان، وأكدت تقارير غربية قبل غيرها تورطها في رعاية الإرهاب وتحريكه ضد خصومها».
وقالوا إن «هذه المواقف ليست وليدة أحداث عدن الأخيرة، لكنها جاءت بعد أن دعمت أبوظبي قوات حديثة ومحترفة حققت نجاحات كبيرة في مكافحة الإرهاب والتصدي لمليشيات الحوثي، حتى أصبحت النخبة، والحزام الأمني، والعمالقة، والمقاومة الجنوبية، تثير الرعب بين رُعاة مليشيات الإرهاب في قطر وإيران».
وقال سياسيون إن «الإمارات ساهمت في انقاذ الجنوب وعدن تحديداً من الاحتلال الحوثي وما أعقبه من نشاط للجماعات الإرهابية، ودفعت أبوظبي بقوة عسكرية إماراتية إلى جانب قوات جنوبية تم تأهيلها في جزيرة عصب خلال فترة قصيرة، ساهمت في تحرير الجنوب من مليشيات الحوثي، وتأمينه لاحقاً بمحاربة التنظيمات الإرهابية، ومنها عمليات تأمين عدن، ولحج، وحضرموت، وشبو، وأبين، بعد أن كانت هذه المحافظات ترزح تحت نير الإرهاب.
وقال خبراء عسكريون، إن «قوات الإمارات الباسلة» تتلك احترافية قتالية انعكست على أداء القوات الجنوبية في الحرب ضد الحوثيين أو ضد التنظيمات الإرهابية.
فيما أشاد ناشطون من جهة أخرى بالدور الإنساني لـ»الهلال الأحمر» الذي ساهم في إعادة البنية التحتية وعلاج آلاف الجرحى، والمرضى، ومساعدة آلاف المحرومين في طول اليمن وعرضه.
من ناحية أخرى صرح المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي بأن قوات التحالف تمكنت صباح أمس الخميس، من اعتراض وإسقاط طائرتين بدون طيار أطلقهما الحوثيون من محافظة عمران اليمنية باتجاه خميس مشيط في جنوب غرب السعودية.
وأوضح المالكي أن «جميع محاولات الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران بإطلاق الطائرات بدون طيار مصيرها الفشل»، بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
وأضاف: «يتخذ التحالف كافة الإجراءات العملياتية وأفضل ممارسات قواعد الاشتباك للتعامل مع هذه الطائرات لحماية المدنيين».
من جهة أخرى اعتقلت ميليشيا الحوثي الانقلابية أحد قياداتها البارزة في صنعاء، بتهمة انتقاد قيادات في الميليشيا واتهامه لهم بالفساد.
وأفادت مصادر، بحسب وسائل إعلام يمنية، الأربعاء، أن «مسلحين حوثيين اختطفوا القيادي إسماعيل الجرموزي المُعين من الميليشيا مديراً للرقابة في وزارة الأوقاف منذ أيام بالقرب من منزله في صنعاء» واقتادوه إلى سجن الأمن السياسي.
وأضافت المصادر، أن «سبب الاعتقال نشر الجرموزي وثائق تدين القيادات الحوثية في وزارة الأوقاف بالفساد بينهم القيادي النافذ أحمد حامد أبومحفوظ المُعين من المليشيا مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية والقيادي الحوثي فؤاد ناجي المعين من الميليشيا نائباً لوزير الأوقاف».
ويُذكر أن ميليشيا الحوثي، أحالت سابقاً القيادي الحوثي عدنان الوزير رئيس ما يسمى اللجنة الثورية في وزارة العدل إلى المحكمة الجزائية، لمحاكمته على خلفية فضحه فساد القيادي الحوثي أحمد عقبات وزير العدل في حكومة الميليشيا.