عواصم - «وكالات» : ارتفعت الحصيلة إلى 59 شهيداً بعد تصاعد حدة المواجهات على طول حدود قطاع غزة ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى، تزامناً مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الإثنين، فيما عم إضراب شامل في فلسطين حداداً على أرواح الشهداء.
واستشهدت فجر أمس الثلاثاء، طفلة رضيعة (8 أشهر) بعد استنشاقها للغاز شرق مدينة غزة، لترتفع حصيلة الشهداء برصاص الاحتلال الإسرائيلي، على الشريط الحدودي شرق قطاع غزة، إلى 59 شهيداً بينهم 7 أطفال، إضافة لإصابة نحو 2800 آخرين، خلال مشاركتهم في الذكرى الـ70 لنكبة الشعب الفلسطيني، وتنديداً ورفضاً لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وكان مجلس الأمن دُعي أمس، لعقد جلسة طارئة، لبحث ما تشهده الأراضي الفسطينية، ولتشكيل لجنة محايدة ومستقلة، للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي عرقلته واشنطن في وقت لاحق.
وعقب ذلك، عم الإضراب الشامل اليوم الثلاثاء، بحسب وكالة «وفا»، محافظات فلسطين، حداداً على أرواح شهداء قطاع غزة الذين ارتقوا بنيران الاحتلال الإسرائيلي خلال مسيرات العودة السلمية، التي انطلقت أمس الإثنين، في الذكرى السبعين للنكبة، ورفضاً لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وشمل الإضراب في فلسطين، كافة مناحي الحياة التجارية والتعليمية، بما فيها المؤسسات الخاصة والعامة، وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها وكذلك المصارف، التزاماً بالحداد الوطني، الذي أعلنه الرئيس محمود عباس، في مستهل اجتماع القيادة الطارئ برام الله، حيث تم تنكيس الأعلام وإعلان الحداد العام لثلاثة أيام.
وكان عباس قرر عقب هذه المذبحة، إعلان الإضراب الشامل، والحداد الوطني وتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام حداداً وطنياً على أرواح الشهداء الذين ارتقوا خلال مسيرات العودة، دفاعاً عن حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ودفاعاً عن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، ورفضاً لإعلان ترامب وافتتاح السفارة الأمريكية في القدس، وعن حقهم في العودة إلى منازلهم وأرضهم التي هجروا منها.
كما استمرت أمس الثلاثاء حالة التأهب بين القوات الإسرائيلية خاصة عند السياج المحيط بقطاع غزة تحسباً لتجدد الاحتجاجات، وذلك بعد يوم دامٍ شهد استشهاد 59 فلسطينياً.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو القول إن «القوات على أتم الاستعداد للتعامل مع أي سيناريو».
وعقد نتانياهو الإثنين جلسة مشاورات مع رؤساء الأجهزة الأمنية، واعتبر أن العمل الحازم لقوات الجيش على امتداد السياج الأمني المحيط بقطاع غزة أمس حال دون محاولات حماس التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية.
ويحيي الفلسطينيون ذكرى «النكبة» في يوم إعلان إقامة دولة إسرائيل عام 1948.
وتزامنت أعمال عنف أمس مع قيام الولايات المتحدة بافتتاح سفارتها في القدس بمراسم حضرتها ابنة الرئيس الأمريكي إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر.
من جهة أخرى استقبلت محافظة شمال سيناء المصرية، الثلاثاء، الجريح الفلسطيني ضياء حلمي محمد أبو سمرة ، أحد مصابي العدوان الإسرائيلي الغاشم على مسيرات العودة السلمية بقطاع غزة ، وذلك لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية استجابة لقرار وزارة الصحة المصرية وذلك بتوجيهات القيادة المصرية لإستقبال مصابي غزة وعلاجهم .
وقام السفير دياب اللوح بتكليف مندوب السفارة في مدينة العريش الشيخ كامل الخطيب لمرافقة الجريح ومتابعة حالته الصحية أثناء علاجه في مصر .
يذكر أن حصيلة إصابات مسيرة العودة السلمية الناتجة عن إعتداءات الاحتلال الإسرائيلي شرق قطاع غزة هي 60 شهيد و قرابة 2800 جريح.
من جهة أخرى اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس الثلاثاء، نقل الولايات المتحدة الأمريكية لسفارتها لمدينة القدس المحتلة عملاً عدائياً، وانتهاك فاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية.
وقالت الخارجية في بيان لها، إن «قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة يشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويجعلها جزءاً من المشكلة وليس الحل، ويعبر عن اتباعها سياسة الغطرسة كمنهج للتعامل مع الشعب الفلسطيني وازدرائها لحقوقه.
وأضافت أن «افتتاح السفارة في مدينة القدس المحتلة، يمثل عملاً عدائياً ضد الحقوق الوطنية الفلسطينية والقانون الدولي في آن واحد، واعتداء على النظام الدولي، ونزاهته الذي تمثله الأمم المتحدة».
وتابعت أن «الدول التي أعلنت عن عزمها اتباع الخطوة الأمريكية غير الشرعية، وضعت نفسها في صف الدول التي تنتهك قرارات مجلس الأمن وتهدد القانون الدولي وبذلك أصبحت طرفاً في النزاع»، مشيرة إلى أن الخطوة الأمريكية جاءت مصاحبة لإجراءات عقابية تستهدف الشعب الفلسطيني وتشجع إسرائيل على تصعيد انتهاكاتها وارتكاب المزيد من الجرائم والأعمال غير القانونية ضد الشعب الفلسطيني.
وأوضحت الخارجية الفلسطينية، أن أي خطوة غير قانونية يتخذها أي طرف لن تحدد مصير مدينة القدس، وأن من حق الشعب الفلسطيني اللجوء إلى السبل القانونية والدبلوماسية كافة للدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية ضد جميع الأفعال العدائية وغير القانونية سواءً تلك التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية أو قد يرتكبها أي طرف آخر.
وقالت إن «فلسطين سترد على جميع الأفعال المشينة التي تنتهك الحقوق الفلسطينية، بالوسائل التي تراها مناسبة وباتساق مع قواعد القانون الدولي»، مؤكدة أن القدس ستبقى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
من ناحية أخرى توالت الإدانات الدولية والعربية بعد المجزرة الإسرائيلية في قطاع غزة أمس الإثنين، التي أدت إلى استشهاد أكثر من 50 فلسطينياً وإصابة العشرات في مواجهات مع الاحتلال تزامناً مع افتتاح السفارة الأمريكية في القدس.
وأدانت هيئة كبار العلماء السعودية بشدة، ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المدنيين الفلسطينيين، مؤكدة أن إحلال السلام مرهون بحل القضية الفلسطينية.
وأوضحت الهيئة الدينية السعودية في بيان لها أن «قضية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، هي قضية محورية للعالم الإسلامي، ولا يمكن للسلام أن يحل إلا بأن يتعامل المجتمع الدولي مع هذه القضية العادلة بجدية ومسؤولية».
وأكدت الهيئة، وهي الأعلى في المملكة، أن قضية فلسطين متجذرة في وعي العالم الإسلامي والإنساني المحب للعدالة، مشيرة إلى ما تقدمه حكومة السعودية من دعم للأشقاء الفلسطينيين في استعادة حقوقهم المشروعة.
وأعربت الجزائر بدورها عن إدانتها الشديدة لحمام الدم الذي ارتكبه الاحتلال الإسرائيلي في غزة ضد المتظاهرين الفلسطينيين العزل، كما أفاد بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية أمس الثلاثاء.
وأضاف البيان أنه «في مواجهة هذه الجريمة البشعة، على المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن أن يتحمل مسؤوليته لحماية الشعب الفلسطيني وفقاً للقوانين الدولية الإنسانية، ورفع الظلم الذي سلط عليه».
ودانت مشيخة الأزهر، بأقسى العبارات، الجرائم الوحشية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واستهدافها المتعمد للمتظاهرين العزل خلال مسيراتهم السلمية، في الذكرى الـ 70 لنكبة فلسطين وشعبها.
وأشاد الأزهر في بيان «بما يقدمه الشعب الفلسطيني من نضال باسل وتضحيات عظيمة، في سبيل تحرير أرضه، وحماية مقدساته، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف»، مستنكراً تقاعس المجتمع الدولي ومؤسساته عن القيام بواجباته، القانونية والأخلاقية، لوقف تلك الجرائم الوحشية.
وطالب العرب والمسلمين وكل المنصفين والعقلاء في العالم بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الأعزل، ودعم نضاله في وجه الاحتلال الظالم.
وأكد العاهل الأردني عبد الله الثاني، أن بلاده ترفض وتدين الاعتداءات السافرة والعنف الذي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، حسب بيان صادر عن الديوان الملكي.
وقال البيان، إن «الملك عبد الله أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء أمس، أن الأردن يرفض ويدين الاعتداءات السافرة والعنف الذي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة».
وشدد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الاخلاقية والقانونية لحماية الشعب الفلسطيني، وحذر الملك من تداعيات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس»، مشيراً إلى أن القدس هي مفتاح تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
ورأى أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وسيؤجج مشاعر المسلمين والمسيحيين، وأكد الملك على أن مسألة القدس يجب تسويتها ضمن إطار حل نهائي وشامل وفق حل الدولتين، وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعت الصين إلى ضبط النفس خصوصاً من جانب إسرائيل غداة استشهاد 59 فلسطينياً بنيران إسرائيلية خلال اشتباكات وتظاهرات على حدود قطاع غزة احتجاجاً على افتتاح السفارة الأمريكية في القدس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ في مؤتمر صحافي روتيني إن «الصين قلقة جداً إزاء الحصيلة المرتفعة وتدعو الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وخصوصاً إسرائيل إلى ضبط النفس لتفادي تصعيد التوتر».
وعبرت الحكومة الفنزويلية عن رفضها لأعمال العنف المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، كرد فعل إسرائيلي على الحشود المشاركة في المسيرة عند حدود غزة احتجاجاً على التحرك الآحادي والاعتباطي للحكومة الأمريكية.
وعبر ثلثا أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن قلقهم الشديد من عدم تطبيق قرار صدر في عام 2016 يطالب بوقف البناء الاستيطاني الإسرائيلي على أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
وقالت كل من بوليفيا والصين وساحل العاج وغينيا الاستوائية وفرنسا وقازاخستان والكويت وهولندا وبيرو والسويد «يجب أن يقف مجلس الأمن وراء قراراته ويضمن أن تكون ذات مغزى، وإلا فإننا نجازف بتقويض مصداقية النظام الدولي».
من جانب آخر أعلنت منظمة التعاون الإسلامي، أمس الثلاثاء، عقد قمة استثنائية بمدينة اسطنبول في الجمهورية التركية، يوم الجمعة القادم، بدعوة من رئيس الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تمام الساعة 9:45 بالتوقيت المحلي لاسطنبول، لبحث التطورات الخطيرة الأخيرة التي تشهدها دولة فلسطين.
وأدانت منظمة «التعاون» في بيان صحافي، العدوان الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، والذي أدى إلى سقوط أكثر من 62 شهيداً، وجرح أكثر من ألفي فلسطيني، أثناء مشاركتهم في مسيرات سلمية في الذكرى السبعين للنكبة، وتعبيراً عن رفضهم لقرار الولايات المتحدة المخالف لكل القرارات الدولية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة.
وحمّل الأمين العام للمنظمة يوسف العثيمين الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الجرائم، داعياً المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن الدولي، بالتدخل من أجل الوقف الفوري لهذا العدوان.
وأكد ضرورة ممارسة المجتمع الدولي دوره تجاه إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية وفقاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
من جهة أخرى أعلنت تركيا، الإثنين، استدعاء سفيريها في واشنطن وتل أبيب للتشاور، على خلفية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس و»المجزرة» التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على حدود قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداج، في مؤتمر صحافي بأنقرة بعد الاجتماع الأسبوعي للحكومة: «استدعينا سفيرينا في واشنطن وتل أبيب للتشاور، والبرلمان سيعقد غداً جلسةً خاصةً لبحث موضوع القدس، وستقدم الحكومة معلومات للبرلمان عن الموضوع».
وأضاف «بلادنا ستدعو إلى اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة عبر مبادرة من وزارة خارجيتنا».
وأشار إلى أن بلاده أعلنت الحداد الوطني ثلاثة أيام، تضامناً مع الشعب الفلسطيني، بعد المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل على حدود قطاع غزة.
وأضاف أن «تركيا بوصفها رئيسة منظمة التعاون الإسلامي، قررت دعوة المنظمة لاجتماع طارئ يوم الجمعة المقبل».
كما أدان مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان العنف الدامي المروع من قبل قوات الأمن الإسرائيلية في غزة قائلاً إنه يشعر بقلق شديد مما يمكن أن يحدث أمس الثلاثاء وداعياً إلى إجراء تحقيق مستقل.
وقال المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل خلال إفادة صحفية مقتضبة منتظمة للمنظمة الدولية في جنيف إن «إسرائيل لها الحق في الدفاع عن حدودها بموجب القانون الدولي لكن القوة الفتاكة يجب أن تكون الملاذ الأخير ولا يمكن تبريرها باقتراب الفلسطينيين من السياج الحدود مع قطاع غزة».