بغداد – «وكالات» : قال رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري امس إن لجنة أمنية وبرلمانية مشتركة شٌكلت للتحقيق في مجزرة جامع مصعب بن عمير في ديالى حيث قتل العشرات من المصلين السنة وهم داخل المسجد على يد مليشيات شيعية كان رئيس الوزراء المنتهية ولايته قد شكلها. وأوضح الجبوري أن الداخلية تعهدت بنشر نتائج التحقيق خلال 48 ساعة.
وأوضح مراسلون أنه لم يتم تشكيل أي لجنة في السابق للتحقيق في أي جرائم في العراق، وأن نتائج أي تحقيقات في أحداث سابقة بقيت غير معلومة.
وأشار المراسلون إلى أن عدم كشف ملابسات ما حدث خلال 48 ساعة من شأنه تعقيد كل العملية السياسية الخاصة بتشكيل الحكومة.
وخلال مؤتمر صحفي عقده امس اعتبر الجبوري أن العراق يعاني من مشاكل أمنية عديدة، حيث يعاني كل عدد من المناطق من إرباك أمني مما أدى إلى وقوع خروق أمنية وعمليات قتل.
وأكد أن الإصلاح الأمني يحتاج إلى وقفة جادة من مجلس النواب والحكومة، حيث سيكون من المهم سنّ تشريعات وتدابير تعاقب المقصرين والمتسببين في ما يحدث من عمليات مشابهة.
وأضاف الجبوري في مؤتمر صحفي أن الجرائم التي حصلت الجمعة والجرائم التي وقعت في السابق ارتكبتها أياد واحدة، وبيّن أن مجلس النواب يدين ذلك، كما يقف موقفا موحدا ضد كل الجرائم النكراء وسيعمل على محاسبة المجرمين وكل من ساهم في التساهل مع الدم العراقي.
وتحدث المسؤول ذاته عن أهمية الإصلاح التشريعي، مؤكدا أن مجلس النواب العراقي سيعمل على نشر عدة قوانين منها التي تحصر استخدام الأسلحة على الدولة وتمنع استخدامها على كل الأطراف دون علم الجهات الرسمية.
كما بيّن أن المجلس سيعمل على سنّ جملة من الإصلاحات المتعلقة بالجانب الأمني واحترام المواطن العراقي، لافتا إلى أن من بين مسؤوليات النواب الحفاظ على وحدة العراقيين.
وحثّ الجبوري جميع الأطراف السياسية العراقية على التواصل وإزالة كل العواقب لتشكيل الحكومة.
وكان رئيس مجلس النواب قد أكد أمس -في مقابلة مع الجزيرة- على أنه لا بد في هذه المرحلة التي تتم فيها مشاورات لتأسيس حكومة جديدة بقيادة حيدر العبادي أن تتوفر ضمانات لإجراء تصحيح للسياسة الأمنية، بحيث يتم حصر السلاح في يد الدولة، وعدم إعطاء أي مبررات لأي طرف لحمله تحت ذريعة محاربة الإرهاب أو غيرها.
كما اتهم الجبوري جهات أمنية والحكومة العراقية بتوفير الغطاء الرسمي لعمل المجموعات المسلحة في محافظة ديالى.
واعتبر الجبوري أن عدم اتخاذ تدابير وإجراءات لمواجهة هذه المجموعات يجعل العملية السياسية في خطر شديد، على حد وصفه.
« يشار إلى أنه عقب الحادث الدموي بديالى، جمد الجبوري -الذي يترأس ائتلاف «ديالى هويتنا»- إلى جانب «ائتلاف العربية» الذي يترأسه صالح المطلك مباحثاتهما مع التحالف الوطني لتشكيل حكومة جديدة حتى يتم تقديم الجناة للعدالة ومحاكمتهم خلال 48 ساعة، وتعويض عائلات ضحايا حادث المسجد. وكانت مليشيات طائفية قد قتلت أمس الاول نحو سبعين مصليا وأصابت عشرات آخرين بجروح أثناء أدائهم صلاة الجمعة بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد.
وقال الصحفي عمار الزبيدي للجزيرة إن مليشيات مما يسمى الحشد الشعبي التي تضم عناصر من المتطوعين هاجمت مسجد مصعب بن عمير في بلدة إمام ويس شمالي شرقي محافظة ديالى وقت إقامة صلاة الجمعة، وقامت بعملية إعدام جماعي للمصلين بمن فيهم خطيب الجمعة.
ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر طبية قولها إن سبعين شخصا على الأقل قتلوا بهذا الهجوم، وأصيب عشرون آخرون. وأكدت مصادر للجزيرة أن الهجوم وقع بعد تفجير عبوة قرب منزل مسؤول بالحشد الشعبي، وهي جماعات مسلحة شيعية تقاتل إلى جانب القوات الحكومية.
وتكتسي الهجمات على المساجد حساسية كبيرة للغاية، إذ أثارت في الماضي عمليات قتل انتقامية وهجمات مضادة ليصل العنف والقتل إلى ذروة مستوياته إبان مرحلة الاقتتال الطائفي.
وفي تعليقها على ذلك أدانت الأمم المتحدة الهجوم، في حين وصفته الخارجية الأميركية بالعبثي والبغيض, وجددت دعوتها جميع القادة العراقيين إلى التصدي معا لما سمته التطرف الإسلامي.
من جانبها ادانت الامانة العامة لجامعة الدول العربية امس بشدة الهجوم.
وطالبت الامانة العامة في بيان صحفي السلطات العراقية بمتابعة «هؤلاء المجرمين» وتقديمهم الى العدالة.
ودعت كافة التيارات السياسية والشركاء السياسيين الى تضافر الجهود والتعاون فيما بينهم للاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية لاخراج العراق من هذا الوضع المتردي.
وشددت على ضرورة «مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي بكل حزم وكذلك كل المجموعات الارهابية التي تستغل الحالة الراهنة في العراق لاثارة النعرات الطائفية والمذهبية بهدف ضرب مكونات نسيج المجتمع العراقي وتقويض مقومات الدولة الوطنية العراقية».
وتجددت المخاوف من إذكاء الهجمات الطائفية في العراق بعد هذه المجزرة.
فقد هدد زعيم عشائر سنية بالرد على المجزرة والثأر من مرتكبيها. وقال الزعيم العشائري السني سلمان الجبوري إن عشيرته على استعداد للرد بالمثل وأن العشائر السنية متأهبة للثأر من عمليات القتل.
وتكتسي الهجمات على المساجد حساسية للغاية، إذ أثارت في الماضي عمليات قتل انتقامية وهجمات مضادة ليصل العنف والقتل إلى ذروة مستويات إبان مرحلة الاقتتال الطائفي.
وأفاد «مركز إعلام الربيع العربي» -الذي يقوم عليه ناشطون عراقيون- بأن المسلحين قاموا بمحاصرة أهالي الضحايا وذويهم من النساء والأطفال وهم يستغيثون لنجدتهم من تلك المليشيات، كما منعوا سيارات الإسعاف من نقل الجثث كما انتشر القناصون في محيط المسجد.
وقال شهود عيان إن توترا شديدا يسود مدينة إمام ويس, وإن قطاعات من الجيش تنتشر في المكان وتحيط بالمسجد. وأضافت المصادر أن عددا من العشائر السنية بمنطقة حمرين القريبة من مكان الحادث أعلنت «النفير العام» ودعت أبناءها إلى حمل السلاح ومقاتلة المليشيات الشيعية التي تتهمها هذه العشائر بأنها تعمل بغطاء حكومي.
وقالت النائبة في البرلمان ناهدة الدايني إن نحو 150 من المصلين كانوا في المسجد عندما وصل رجال المليشيا عقب تفجير استهدف سيارة للأمن.
وأضافت ناهدة الدايني وهي سنية من القرية التي وقع فيها الهجوم «هذه مذبحة جديدة».
وقالت لرويترز إن المليشيات الطائفية دخلت وفتحت النار على المصلين، وإن معظم المساجد بدون أمن. وأضافت أن بعض الضحايا من عائلة واحدة وأن بعض النساء سارعن لمعرفة مصير أقاربهن بالمسجد فقتلن.