عواصم – «وكالات»: قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف امس إن موسكو قدمت مسودة قرارين لمجلس الامن التابع للامم المتحدة بشأن إدخال المساعدات الإنسانية و»محاربة الإرهاب» في سوريا.
وتتناغم دعوة موسكو لاصدار قرار يدين أعمال «الإرهاب» مع خطاب دمشق الذي يستخدم هذا المصطلح لوصف كل من يقاتلون من أجل الاطاحة بالرئيس بشار الاسد.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي بعد محادثات مع نظيره المصري نبيل فهمي «الإرهاب بالتأكيد ليس مشكلة اقل حدة» من الازمة الإنسانية. وقال انه يسبب المعاناة للسوريين ولدول الجوار وقال ان مشروع القرار الروسي حول مكافحة الارهاب في سوريا يستند الى قواعد القانون الدولي متهما بعض الشركاء الغربيين بمحاباة الارهابيين من خلال التذرع بصعوبة التصدي للارهاب ما دام الرئيس بشار الاسد قائما على راس السلطة في سوريا.
وذكر ان الازمة الانسانية في سوريا «مشكلة عويصة» داعيا الى ضرورة القيام بافعال محددة لمعالجتها.
وأوضحت موسكو في وقت سابق من هذا الاسبوع انها سترفض مشروع قرار غربي عربي حول وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا بصيغته الحالية وقالت إنه متحيز ضد حكومة الأسد.
وقال لافروف إن نسخة روسيا من مسودة قرار وصول المساعدات «يعرض رؤيتنا عن الدور الذي يمكن لمجلس الامن ان يلعبه اذا أردنا التوصل إلى حل للمشكلات لا ان نستعدي طرفا أو آخر واضاف انه «قائم بحد ذاته وليس مجرد تعديلات على مشروع القرار المطروح امام المجلس.»
وروسيا مورد سلاح لسوريا منذ فترة طويلة وتقدم أقوى حماية دولية للأسد في الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاث سنوات وانضمت إلى الصين لعرقلة ثلاثة قرارات مدعومة من الغرب تهدف للضغط على دمشق.
وعلي الصعيد المقابل عقدت مجموعة أصدقاء سوريا، المؤلفة من 11 دولة، اجتماعاً على مستوى الخبراء والمديرين السياسيين، امس لمناقشة تقديم دعم للائتلاف السوري لا يقل عن الدعم الذي يتلقاه النظام من الجانب الروسي، بحسب مصدر دبلوماسي غربي.
ويأتي هذا قبيل الاجتماع الثلاثي بين الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي، والمبعوث الروسي، غينادي غاتيلوف، ووكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ويندي شيرمان، في محاولة لدفع المفاوضات.
وأوضح المصدر أن الدول الغربية تشعر بحاجة الائتلاف إلى تحقيق إنجاز خلال الجولة التفاوضية الثانية يشبه الإنجاز الذي حققه قبيل الجلسة الأولى في مونترو ثم في جنيف الأسبوع ما قبل الماضي، والذي تمثل في منع إيران من حضور المؤتمر.
ورأى المصدر أن آثار الإنجاز السابق كانت كبيرة لصالح الائتلاف شعبياً في سوريا، وأن نجاح النظام خلال الجولة الحالية في فرض مناقشة بند وقف العنف ومكافحة الإرهاب قبل بند الهيئة الانتقالية من شأنه إضعاف شعبية الائتلاف.
وأعرب الدبلوماسي عن تشاؤمه إزاء احتمال أن يظهر الروس مرونة على الرغم من رغبتهم في استمرار التفاوض وطلبهم من النظام عدم المغادرة.
ورأى أن تقديم مجموعة أصدقاء سوريا دعماً دبلوماسياً للمفاوض السوري المعارض من شأنه تجنيب الائتلاف نكسة سياسية تضاف إلى النكسات الميدانية، وإن كانت الإنجازات الميدانية للنظام محدودة وتكتيكية حتى الآن.
والتقي المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي امس»بمسؤولين أميركيين وروس للضغط على وفدي المعارضة والحكومة السورية في جنيف بعد أن قدمت المعارضة وثيقة لحكم انتقالي، وتمسكت الحكومة بنص واحد فقط منها يتعلق بإخراج المقاتلين الأجانب من الأراضي السورية.
فقد دفع القلق من انهيار محادثات جنيف2 الوسيط الدولي إلى تقديم اجتماعه مع مسؤولين أميركيين وروس رفيعي المستوى يوما واحدا عن موعده المقرر، وذلك في محاولة لإقناع البلدين بالضغط على الطرفين السوريين.
وكان الإبراهيمي قد التقى أمس الأول بوفد روسي برئاسة غينادي غاتيلوف وكيل وزارة الخارجية, ومن المقرر أن يلتقي أيضا وفد المعارضة السورية في وقت لاحق، في محاولة لإنقاذ المفاوضات.
أما الولايات المتحدة فقد أكدت أن التفاوض بين طرفي النزاع في سوريا هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة السورية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الولايات المتحدة تقوم أكثر من أي بلد آخر بالمساعدة على جلوس طرفي النزاع معا بغية حل هذا الصراع بالطريقة الوحيدة التي يمكن حله بها، وهي التسوية السياسية التي تقوم على التفاوض وإنشاء سلطة حاكمة انتقالية، على حد تعبيره.
وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»قدم في اليوم الثالث من الجولة الثانية لمفاوضات جنيف2 مع الوفد الرسمي السوري تصوره لـ»عملية انتقال سياسي» تنص على تشكيل «هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة»، من دون ذكر مصير الرئيس بشار الأسد.
وقالت مصادر من المعارضة ومصادر دبلوماسية إن الوثيقة لم تشر إلى الأسد عمدا تماشيا مع نص اتفقت عليه القوى الكبرى في يونيو 2012 ضمن بيان جنيف1 يدعو الى تشكيل هيئة انتقالية تتمتع بالصلاحيات التنفيذية الكاملة بما في ذلك السيطرة على جهاز الأمن والجيش، لكنه لم يذكر شيئا عن مصير الأسد، وهو أمر أصرت عليه روسيا.
وعزا كبير المفاوضين في وفد المعارضة هادي البحرة ذلك إلى أنه لم يعد ممكنا الحديث عن فرد باعتباره التجسيد الأوحد لسوريا، وقال لرويترز إن المعارضة قدمت عن عمد ورقة قانونية يدرك من يقرأها أن الانتقال السياسي سيكون الأساس لمستقبل ديمقراطي جديد.
يشار إلى أن البند الأول في وثيقة جنيف1 يدعو جميع الأطراف للالتزام بوقف دائم للعنف المسلح بكافة أشكاله وتنفيذ خطة النقاط الست فورا ومن دون انتظار إجراءات من الأطراف الأخرى.
وبحسب النص الكامل للوثيقة فإن هيئة الحكم الانتقالي «ستحافظ على سيادة واستقلال الدولة السورية ووحدة وسلامة الأراضي السورية بشكل كامل، مما يقتضي اتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات تفضي إلى انسحاب كافة الجهات العسكرية الخارجية والمقاتلين الأجانب من كافة الأراضي السورية».
كما تنص الوثيقة -التي تتضمن 22 بندا- على أن هيئة الحكم الانتقالي «هي الهيئة الشرعية الوحيدة المعبرة عن سيادة واستقلال الدولة السورية، وهي المخولة فقط بتمثيل الدولة في المحافل الدولية وفي كل ما يتعلق بالشؤون الخارجية، وهي تلتزم بكافة المواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة من قبل الدولة السورية».
لكن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رفض اعتبار تشكيل هيئة الحكم الانتقالي أولوية في المفاوضات، مطالبا بالبدء بعملية وقف العنف و»الإرهاب» حسب تسلسل بنود اتفاق جنيف1، على حد قوله.
وبحسب المتحدث باسم الائتلاف لؤي صافي، فإن مسؤوليات هذه الهيئة الانتقالية ستشمل الإشراف على اتفاق وقف العنف بكافة أشكاله، وتأسيس آلية لمساءلة المسؤولين عن جميع انتهاكات حقوق الإنسان، مع حق الهيئة في الحصول على قوائم بأسماء كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والحراك السلمي، وكذلك التزام الهيئة بضمان حق المواطنة لجميع السوريين دون أي تمييز.
وقال صافي إن الهيئة «ستضم شخصيات برضا الطرفين تكون وطنية ولم ترتكب جرائم»، داعيا إلى التعامل مع الوثيقة بجدية «لوقف حمام الدم وإعادة بناء البلاد»، محذرا من مراوغة النظام في هذا الشأن.