
عواصم – «وكالات»: قالت القوات المسلحة السورية يوم الجمعة إنها سيطرت على بلدة على المشارف الشرقية لحلب العاصمة التجارية السابقة للبلاد والتي تشهد منذ فترة طويلة قتالا عنيفا بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة.
وتقع بلدة السفيرة على طريق استراتيجي قال الجيش انه سيتم إرسال الادوية والمؤن للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في حلب من خلاله. كما توجد بها منشأة للاسلحة الكيماوية تحت سيطرة الحكومة وتم إخلاؤها من المعدات.
وللسيطرة على السفيرة أهمية خاصة نظرا لأن ذلك يمثل انتصارا نادرا لقوات الاسد في شمال البلاد الذي تسيطر جماعات المعارضة على معظمه. وأكدت جماعات معارضة سيطرة الجيش على البلدة الواقعة جنوب شرقي حلب.
وقال متحدث باسم الجيش السوري في بيان بثه التلفزيون إن القوات المسلحة تسيطر سيطرة كاملة على بلدة السفيرة بعد سلسلة من العمليات وأضاف البيان إن أهمية هذا الانتصار الجديد تكمن في اهميته الاستراتيجية عند البوابة الشرقية لحلب.
ومر الصراع السوري الذي بدأ منذ اكثر من عامين ونصف العام بحالة من الجمود استمرت طويلا لكن قوات الاسد تحرز تقدما بطيئا في وسط البلاد وقرب العاصمة منذ سيطرت على بلدة استراتيجية قرب لبنان بمساعدة حزب الله اللبناني.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية سيطرت على البلدة صباح الجمعة بعد قتال دام اكثر من ثلاثة أسابيع.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تنشر فرقا في سوريا لتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية إن فرقها لم تتمكن من الوصول لموقعين لخطورتهما.
وقال مصدر مطلع على عمليات التفتيش إن احد الموقعين يقع في السفيرة.
وقالت المنظمة إن موقع الاسلحة الكيماوية نفسه كان تحت سيطرة الحكومة لكنه أخلي من معداته بسبب القتال الدائر على مقربة منه.
وإلى الجنوب اندلع قتال داخل العاصمة دمشق وحولها حيث تشن القوات الحكومية هجوما منذ شهور لاستعادة السيطرة على الأحياء التي استولت عليها المعارضة.
وقال المرصد إن بلدة سبينة الريفية الواقعة على بعد ستة كيلومترات جنوبي دمشق تعرضت للقصف وشهدت اشتباكات بين مقاتلي المعارضة وقوات حكومية تدعمها الميليشيات الموالية للرئيس بشار الأسد وقوات حزب الله اللبناني.
يأتي الهجوم في إطار محاولة حكومية لاستعادة السيطرة على البلدات الريفية خارج دمشق عن طريق القصف المكثف عن بعد بالتزامن مع حصار بطيء يمنع دخول الغذاء والامدادات للمنطقة.
وقال دبلوماسيون إنه تم إخلاء مستشفى في القلمون يوم الجمعة بينما اغلقت الجامعة هناك يوم الخميس. وقالت رسالة على موقع الجامعة على الانترنت إن الاغلاق سيستمر لعشرة ايام لإصلاح شبكة المياه.
من جانبه حذر الائتلاف الوطني السوري المعارض من تنفيذ قوات النظام هجوماً غير مسبوق على أحياء دمشق الجنوبية وريفها الغربي، بحسب قناة «العربية»، امس.
وقال الائتلاف إن قوات النظام حشدت عشرات الدبابات وأعدادا كبيرة من الجنود والقوات الموالية له ومختلف أنواع الأسلحة الثقيلة.
وذكر الائتلاف في بيان أن النظام مهد لهذا الهجوم باستخدامه صواريخ أرض-أرض وراجمات ضد الأحياء الجنوبية.
وأشار إلى مخاوف من احتمال ارتكاب النظام مجزرة جديدة ضد المدنيين المحاصرين في تلك المناطق والأحياء، والذين يعانون من حصار خانق مستمر منذ قرابة عام.
ويحاول نظام بشار الأسد تحقيق مكاسب ميدانية بالتزامن مع التحضيرات التي تجري لإطلاق مؤتمر جنيف 2 حول السلام في سوريا.
وكان مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا الأخضر الابراهيمي قد قال امس الاول إنه لن تكون هناك شروط مسبقة لعقد محادثات سلام تأجلت مرارا وهو تصريح سيغضب على الأرجح المعارضة التي تقول إنها لن تشارك الا لو كان الهدف من المحادثات إزاحة الأسد عن السلطة.
وعبر الابراهيمي عن أمله في عقد المؤتمر المعروف باسم جنيف 2 في الاسابيع القليلة القادمة على الرغم من العقبات التي حالت دون عقده لعدة شهور.
وتكرر تأجيل المؤتمر الذي يهدف إلى جمع الأطراف المتحاربة في سوريا على مائدة التفاوض بسبب الخلافات بين القوى العالمية والانقسامات في صفوف المعارضة والمواقف المتصلبة من جانب الطرفين.
وكان الابراهيمي قد صرح في وقت سابق بأنه يعتقد أن الاسد لن يكون جزءا من حكومة انتقالية سيحاول مؤتمر جنيف 2 تشكيلها. لكن قال يوم الجمعة إن آراءه في هذا الشأن لا تؤثر على المؤتمر.
وأضاف في مؤتمر صحافي عقد في بيروت «رأيي مش مهم. هناك اتفاق على أن حضور جنيف 2 سيكون بغير شروط مسبقة من اي طرف من الأطراف.»
ومضى يقول «الطرفان عندما يجلسوا على الطاولة... سيتباحثوا كيف يمكن أن ننتقل من هذا الوضع. من هذه الازمة الخانقة القاتلة للشعب السوري. كيف ننتقل من هنا الى الظروف التي يمكن فيها بناء الجمهورية السورية الجديدة.» واستبعد مسؤولون عرب وغربيون هذا الأسبوع عقد المؤتمر في نوفمبر كما تسعى القوى العالمية.
ولم يخفف اي من الجانبين من حدة موقفه على الرغم من الضغوط الدولية لعقد المحادثات التي تعتبرها بعض جماعات المعارضة المسلحة خيانة لأهداف الانتفاضة التي بدأت منذ عامين ونصف العام لإنهاء حكم عائلة الاسد الممتد منذ أربعة عقود.
وقال الابراهيمي في مؤتمر صحافي في دمشق في وقت سابق الجمعة بعد جولة لحشد التأييد للمحادثات إنه سيتوجه إلى جنيف للاجتماع بممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا.
وسينضم إليهم في وقت لاحق ممثلون عن الدول الثلاث الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي -بريطانيا والصين وفرنسا- للاعداد للمؤتمر والاتفاق على موعد.
وعند سؤاله عن الموعد المحتمل للمؤتمر قال الابراهيمي «نأمل أنه يكون في الأسابيع المقبلة مش في السنة الجاية ولا بعد ذلك.»
وكانت سوريا وداعمتها الرئيسية في المنطقة ايران قد قالتا إنه يجب الا تكون هناك شروط مسبقة. وعبرت حكومة الاسد عن عدم رضاها.
واتهم وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في مقابلة مع قناة الميادين الابراهيمي باستخدام اكثر من لغة قائلا «ليس لديه لغة واحدة ويملك اكثر من لغة وكان يريد ان يرضي الجميع على حساب الحقيقة.»
وانتقد الابراهيمي لتركيزه على القضايا الانسانية وقال «تحدث بمؤتمر صحفي حول المساعدات الانسانية في سوريا والوضع الانساني. هذه القضية هي اساسا ليست من اختصاص الابراهيمي. لم يكلف بها اساسا عندما خلف كمبعوث اممي.»
كما انتقد توجيه الدعوة للمشاركة في محادثات السلام للدول التي تساهم في العدوان على سوريا «خاصة الى السعودية وتركيا».
وقال المعارض السوري الكبير ملهم الدروبي عضو المجلس الوطني السوري المعارض وجماعة الاخوان المسلمين إنه ليس مندهشا من تصريحات الابراهيمي بأنه لا توجد شروط مسبقة.
وأضاف «لا يدهشني ولا يثير اهتمامي هذا النوع من التصريحات التي يدلي بها الابراهيمي... فرعنا وهو المجلس اجتمع بالفعل وقرر أننا لن نحضر «مؤتمر» جنيف.»
وقال إن الائتلاف الوطني السوري الذي تنضوي تحت لوائه جماعات المعارضة في الخارج لم يتخذ قرارا بعد وأضاف «لكن المزاج العام يميل لرفض الحضور في الوقت الحالي.»
ولاتزال هناك خلافات بين القوى العالمية بشأن ما اذا كان سيتم توجيه الدعوة لايران لحضور المحادثات. وتقول طهران إنها مستعدة للحضور.
وقال الابراهيمي ان الامم المتحدة تفضل أن تحضر ايران لكن لم يتم الاتفاق على هذا بعد. وعبر عن أمله في أن يمثل المعارضة وفد واحد.
وتسعى أحزاب داخل سوريا يصفها الاسد «بالمعارضة الوطنية» وتعتبرها حركة المعارضة أداة في يد الحكومة لحضور المحادثات كجزء من المعارضة.
ودبت خلافات مريرة في صفوف المعارضة وهو ما يهدد اتخاذ موقف موحد.
وترفض بعض جماعات المعارضة المسلحة سلطة الائتلاف الوطني السوري وتقول إنها ستحاكم من يحضر مؤتمر جنيف 2 باعتباره خائنا.