
الخرطوم – «وكالات»: أعلنت مجموعة من المعارضين البارزين في الحزب الحاكم في السودان نيتها تشكيل تيار سياسي جديد وذلك بعد شهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة سقط خلالها العشرات من المتظاهرين.
وتضم المجموعة غازي صلاح الدين العتباني، المستشار السابق للرئيس عمر البشير وثلاثين آخرين.
وكان المنشقون وجهوا انتقادات علنية للحكومة السودانية ردا على تعاملها مع التظاهرات التي خرجت احتجاجا على رفع الدعم عن المحروقات.
ويأتي هذا الإعلان بعد يومين من توصيات لجنة من حزب المؤتمر الحاكم بطرد المنشقين عن الحزب.
وقال غازي صلاح الدين في مقابلة مع إذاعة بي بي سي العربية إنه والمجموعة التي معه «يراهنون على الشارع السوداني لحشد التأييد نظرا للاحترام الذي تتمتع به تلك المجموعة من الشخصيات في الشارع».
وأضاف « نتوقع مناصرة وتأييدا من السودانيين عامة».
وأوضح العتباني أنه حتى الآن لم يتم اختيار اسم للحزب الجديد قائلا « نحن حتى الآن لم نقترح اسما للحزب لكننا فقط أطلقنا المبادرة التي يجب أن تخضع لتشاور واسع بين قطاعات الشعب السوداني حتى لا نكرر ما فعلته أحزاب أخرى من أنها تأتي بشيء جاهز وتدعو الآخرين للتوقيع عليه».
وكانت مظاهرات حاشدة خرجت في العديد من المدن السودانية احتجاجا على رفع الدعم عن الوقود، وارتفاع الأسعار واجهتها قوات الأمن بالقوة.
وقالت الحكومة إن المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن خلفت 34 قتيلا، بينما يقول ناشطون ومنظمات حقوقية دولية إن عدد الضحايا تجاوز المئة.
وأعلنت السلطات اعتقال المئات ووصفت المحتجين بالمخربين.
وتعد هذه أكبر احتجاجات شهدها السودان منذ تولي نظام الإنقاذ السلطة في انقلاب عسكري عام 1989.
وعلي صعيد سودانى منفصل بدأت عشائر «دينكا نقوك» في السودان امس استفتاء من جانبها فقط حول تبعية منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان.
وأكملت هذه العشائر، الموالية بشدة لجنوب السودان، تسجيل المقترعين الذين يحق لهم التصويت، ويتوقع إعلان النتائج في الحادي والثلاثين من هذا الشهر.
ولا تعترف حكومتا السودان وجنوب السودان ولا الاتحاد الأفريقي الذي يتوسط لحل نزاع الجانبيْن حول المنطقة بهذا الاستفتاء، كما تعارضه بشدة قبائل المسيرية العربية شركاء دينكا نقوك في المنطقة المتنازع عليها.
وحسب مسؤولين في أبيي فإن نحو 100 ألف من قبيلة الدينكا نقوك مقيمين في جنوب السودان عادوا إلى أبيي للمشاركة في الاستفتاء الذي سيجري على مدى ثلاثة أيام، وقد قام المنظمون بتسجيل أسماء الناخبين وتجهيز 29 مركزا انتخابيا تمهيدا للاستفتاء.
من جهتها قللت الحكومة السودانية من شأن الاستفتاء، وقالت إنه استفتاء خارج الأطر القانونية المنصوص عليها في الاتفاقات مع الجنوب.
ووصفت الحكومة هذا الاستفتاء بالعبثي، واتهمت بعض السياسيين من أبناء الجنوب بتوتير الأوضاع بين الجانبين بعد أن شهدت في الآونة الأخيرة نوعا من الاستقرار.
المعارضة السودانية بدورها حملت البلدين مسؤولية الفشل في تسوية الأزمة، وحذرت من أن يؤدي التسويف في حل القضية في اندلاع حرب جديدة يدفع ثمنها الشعبان من أبناء المنطقة.
وطالب البيان المشترك الذي صدر في ختام مباحثات الدولتين على مستوى القمة بالإسراع في إنشاء إدارة وقوة شرطة ومجلس تشريعي لمنطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها، والتأكيد على أن تسدد نسبة الـ2 في المئة المخصصة للمنطقة من عائدات النفط المنتج فيها. وكانت أبيي ساحة قتال كبيرة في سنوات الحرب الأهلية بين السودان والجنوب، ولها أهمية رمزية وإستراتيجية كبيرة للجانبين، كما أن المنطقة أصبحت واحدة من سلسلة نزاعات بين الدولتين، التي تشمل مناطق حدودية أخرى وحقوق النفط.
ويشكل وضع منطقة أبيي واحدا من نقاط الخلاف الرئيسية التي لم يعالجها اتفاق السلام الشامل المبرم عام 2005 لإنهاء الحرب الأهلية التي أدت إلى انفصال الجنوب.
وأرجئ الاستفتاء -الذي ينص عليه اتفاق السلام- بشأن تقرير مصير أبيي أكثر من مرة بسبب خلاف بين الخرطوم وجوبا على الكتلة الناخبة التي يحق لها التصويت في الاستفتاء.
ويوم الخميس الماضي جدد أعضاء مجلس الأمن الدولي مطالبة السودان وجنوب السودان باستئناف المفاوضات «فورا» حول اتفاق يتعلق بوضع منطقة أبيي المتنازع عليها بين الدولتين.
وجاء في بيان لمجلس الأمن أن أعضاء المجلس «جددوا التأكيد على قلقهم العميق إزاء الوضع المتفجر في منطقة أبيي»، وطلبوا من «جميع المعنيين الامتناع عن القيام بأي نشاط أحادي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوتر».
ميدانيا اندلعت مواجهات مسلحة أمس الاول بين القوات الحكومية السودانية ومتمردي حركة تحرير السودان بعد استهداف دورية للجيش قرب مدينة مليط الإستراتيجية في شمال إقليم دارفور بغرب البلاد.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية العقيد الصوارمي خالد سعد في تصريحات لوكالة الأنباء السودانية الرسمية إن مجموعة مسلحة من حركة المتمرد التابعة لـعبد الواحد محمد نور، قامت باستهداف دورية مكونة من 10 تابعة للقوات المسلحة السودانية، في نقطة تبعد حوالي كيلومترين خارج مدينة «مليط» بولاية شمال دارفور
وأضاف المتحدث أن «المجموعة المتمردة تمكنت من الاستيلاء على عربتين وفرت هاربة»، مؤكدا أن «القوات المسلحة قامت بمطاردة المجموعة وتمكنت من استرداد عربة واحدة وقتل خمسة متمردين وجرح آخرين «وهي تواصل مطاردتها لبقية أفراد المجموعة المتمردة». وتضارب تقييم الخسائر في المعلومات الواردة من طرفي النزاع، فبينما قللت الخرطوم من شأن ما جرى مؤكدة أنه «حادث محدود» وأن قواتها قتلت خمسة من المهاجمين المتمردين من دون أن تخسر أي رجل، أكدت حركة تحرير السودان أن مسلحيها تمكنوا من دخول المدينة الإستراتيجية ثم انسحبوا منها وقد قتلوا 15 عنصرا من القوات الموالية للحكومة وفقدوا رجلين فقط.
يذكر أن عبد الواحد محمد نور ومتمردين آخرين من أصول غير عربية يشنون منذ عقد من الزمن حركة تمرد مسلحة في دارفور ضد القوات الحكومية ومليشيات الجنجويد العربية، رفضا لما يدعون أنه هيمنة العنصر العربي على ثروات الإقليم الواقع في غرب السودان.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 حربا أهلية سقط خلالها آلاف القتلى، وأدت إلى نزوح ما لا يقل عن مليون و800 ألف شخص.