
عواصم – «وكالات» : أعلن دبلوماسيون أمميون امس الاول أن ألمانيا والبرازيل تعملان على إعداد قرار في الأمم المتحدة حول حماية الحريات الفردية في غمرة المعلومات التي كشفت عن برنامج التجسس الأميركي على العديد من الدول بينها دول حليفة، وذلك عقب كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركي إدوارد سنودن عن وثائق بشأن برامج التنصت التي تقوم بها الوكالة.
وأفاد دبلوماسي أوروبي أن دبلوماسيين برازيليين وأوروبيين ومن ألمانيا وأميركا اللاتينية التقوا الجمعة لمناقشة مشروع القرار.
وأضاف المصدر نفسه «طالبا عدم الكشف عن هويته» أن فرنسا والسويد والنروج والنمسا تدعم بقوة هذا القرار.
وأوضح المصدر أن القرار يهدف إلى توجيه رسالة إلى كل الذين يستغلون النظام.
لكن القرار الذي سيرفع إلى لجنة حقوق الإنسان بالجمعية العامة للأمم المتحدة لن يشير تحديدا إلى الولايات المتحدة.
ووفق دبلوماسيين فإن القرار سيحال للجمعية العامة للتصويت عليه قبل نهاية نوفمبر.
وسيهدف القرار إلى توسيع الشرعة الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1966 ودخلت حيز التطبيق عام 1976 لحماية الحقوق الفردية، بحيث تشمل الأنشطة على الإنترنت.
وتأمل برلين وبرازيليا في أن تشير المادة الـ17 إلى موضوع الإنترنت، علما بأنها تورد بألا يتعرض أي شخص لتدخل تعسفي أو غير قانوني في حياته الخاصة وعائلته ومنزله أو بريده، ولأي مساس غير قانوني بكرامته أو سمعته.
وأبدت ألمانيا والبرازيل استياءً كبيرا من المعلومات الأخيرة عن تجسس الأميركيين على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف.
وقالت ألمانيا أمس الاول إنها سترسل كبار قادة مخابراتها إلى واشنطن خلال أيام سعيا للحصول على إجابات من البيت الأبيض حول مسألة التجسس على مسؤولين ألمان.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية أن ميركل طرحت خلال قمة الاتحاد الأوروبي التي اختتمت أعمالها أمس الاول في بروكسل «اتفاق عدم تجسس» الدول الأعضاء بعضها على بعض، في حين تسعى باريس وبرلين للتوصل إلى اتفاق مماثل مع واشنطن.
وكانت فرنسا وألمانيا قد تقدمتا بمبادرة مشتركة مدعومة من الدول الأوروبية الأخرى لإيجاد أرضية تفاهم مع الولايات المتحدة قبل نهاية العام بشأن مسائل التجسس.
وأوضح رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي أن المطلوب إنشاء مجموعة يمكن للدول الأعضاء الأخرى الانضمام إليها من أجل إيجاد قواعد مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن أنشطة التجسس، محذرا من أن «فقدان الثقة يمكن أن يضر بالتعاون على صعيد التجسس».
من جهتها أوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي أن الرئيس باراك أوباما طلب مراجعة أنشطة جمع المعلومات والمراقبة.
وأكدت ساكي أن الولايات المتحدة عازمة على مواصلة جمع المعلومات التي تحتاجها لحمايتها وحلفائها، مع الأخذ في الاعتبار آراء الأصدقاء والحلفاء، مشيرة إلى أن واشنطن ستواصل إيجاد توازن بين احتياجاتها الأمنية واحترام الخصوصية, وأن الكشف عن معلومات سرية مثل لحظة توتر مع بعض الحلفاء.
وعلى صعيد غير بعيد نفت وكالة الأمن القومي الأمريكية تعرض موقعها الإلكتروني لأي هجوم معلوماتي، وقالت إن خطأ تقنيا وقع خلال عملية تحديث أدى إلى توقفه عدة ساعات، الجمعة، وجعل الدخول إليه متعذرا.
واكتفت الوكالة، التي أثارت جدلا واسعا مؤخرا بشأن اختراقها أجهزة الحواسيب والشبكات الرقمية للقيام بعمليات تعقب وتجسس، بإعلان أنها تتحرى سبب العطل.
وقالت المتحدثة باسم الوكالة إن عملية التحري عن العطل ما زالت مستمرة، دون أن تخوض بالمزيد من التفاصيل.
وقد أطلق توقف الموقع موجة تكهنات على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، ومن أبرز الفرضيات التي تداولها المغردون فرضية هجوم لمجموعة أنونيموس لقراصنة الإنترنت وهي مجموعة سبق أن نفذت العديد من الهجمات الإلكترونية المماثلة، إلا أن المجموعة لم تتبن حتى مساء الجمعة أي هجوم على موقع الوكالة.
وقد برزت ممارسات الوكالة إلى السطح بعد كشف مستخدمها السابق إدوارد سنودن وثائق تكشف تجسس الوكالة على أشخاص وهيئات أميركية، وقد نشرت الوثائق التي سربها سنودن بصحيفة غارديان البريطانية في وقت سابق من العام، بينما هرب سنودن إلى هونغ كونغ ومن ثم إلى روسيا حيث منح حق اللجوء المؤقت.
واعتبر مايكل موريل الذي كان يشغل منصب نائب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سي آي أيه» الجمعة أن التسريبات التي قام بها سنودن هي «الأخطر» على الإطلاق بتاريخ الاستخبارات الأمريكية.
وقال موريل، في مقابلة مع شبكة «سي بي أس نيوز» بثت مقتطفات منها الجمعة، إن عملية التسريب تعد أخطر تسريب لمعلومات سرية بتاريخ العمل المخابراتي الأميركي.
وردا على سؤال عن رأيه في سنودن نفسه، قال موريل إن هذا الشخص «ليس بطلا، لقد خان وطنه».
واعتبر موريل الذي كان بالسابق الرجل الثاني في «سي آي أيه» أن أخطر ما سربه سنودن هو الميزانية المفصلة لجميع وكالات الاستخبارات الأميركية المسماة «الميزانية السوداء» معتبرا أن تسريب هذه الموازنة يتيح لمنافسي الولايات المتحدة تركيز جهودهم بميدان مكافحة التجسس على المجالات الناجحة وعدم إيلاء الكثير من الاهتمام للمجالات التي لم نحقق فيها أي نجاح».
وأضاف أن ما قام به سنودن هو وضع الأمريكيين في خطر أكبر لأن من وصفهم بالإرهابيين يتعلمون الكثير من هذه التسريبات، وسيكونون أكثر يقظة.
ومنذ نشر غارديان وثائق سنودن في يونيو لم تتوقف تداعيات هذه الفضيحة، وتكبر ككرة ثلج، ولا سيما مع الكشف مؤخرا عن عمليات تجسس مارستها الاستخبارات الأميركية على رؤساء دول وحكومات بعضها حليف لواشنطن .