
عواصم – «وكالات»: قالت فرنسا امس إنها مازالت عازمة على معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على ما تقول انه هجوم بالاسلحة الكيماوية إذا ما فشلت المساعي الدبلوماسية وإن القيام بعمل عسكري مازال واردا.
وقدمت باريس مسودة قرار لمجلس الأمن التابع للامم المتحدة يوم الثلاثاء يحدد شروطا لتدمير اسلحة سوريا الكيماوية ويحذر من «عواقب وخيمة» إذا قاومت ذلك وهو ما أشارت روسيا إلى انها لن توافق عليه.
وتقول مسودة القرار إن مجلس الامن يعتزم «في حالة عدم تقيد السلطات السورية ببنود هذا القرار. .. تبني مزيد من الاجراءات الضرورية بموجب الفصل السابع» من ميثاق الامم المتحدة.
ويتعلق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بسلطة مجلس الامن المؤلف من 15 دولة في اتخاذ خطوات تتراوح من العقوبات الي التدخل العسكري. ويقول دبلوماسيون بالامم المتحدة ان الاشارة الي الفصل السابع هي التي جعلت روسيا تحجم عن مساندة المسودة الفرنسية.
وقالت نجاة فالو بلقاسم المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية لراديو ار.اف.إي «فرنسا لا تزال عازمة على معاقبة بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية.»
وأضافت «الخيار العسكري هو بالقطع موضع بحث إذا ما فشلت الاجراءات الدبلوماسية الراهنة. إنه ليس تهديدا افتراضيا.»
وعرضت فرنسا وهي من أشد منتقدي الأسد مشروع القرار بعد يوم من تقديم روسيا اقتراحا مفاجئا يقضي بأن تسلم حليفتها سوريا مخزوناتها من الاسلحة الكيماوية في خطوة قد تجنبها عملا عسكريا تقوده الولايات المتحدة.
وأبدت فرنسا استعدادها للمساعدة في توجيه مثل هذه الضربة العسكرية لكنها وجدت نفسها في مأزق بعد أن قررت الولايات المتحدة طلب موافقة الكونجرس قبل الرد على الهجوم المزعوم بالاسلحة الكيماوية الذي وقع يوم 21 أغسطس على مشارف دمشق والذي تقول أن قوات الحكومة السورية شنته.
وخشيت فرنسا من ان تكون الخطوة الروسية مجرد حيلة ودفعها ذلك لطرح مشروع القرار بسرعة لتحدد شروطا صارمة تشمل عواقب إذا لم تلتزم دمشق.
ووصف السفير الروسي لدى فرنسا في حديث لراديو فرانس انتير مشروع القرار الفرنسي بأنه «فخ» يفتح الباب أمام تدخل عسكري.
وقال الكسندر أورلوف للراديو «نعتقد أن هذا المشروع قدم على عجل... نعتقد أن مشروع القرار يجب ان يضع تصورا لآلية للسيطرة ويعطي توجيهات للأمانة العامة للامم المتحدة ورئيس منظمة حظر انتشار الاسلحة الكيماوية.»
وأضاف أن موسكو على ثقة من ان الحكومة السورية صادقة في قبول الاقتراح الروسي لكن بلاده مستعدة لبحث اتخاذ إجراء أكثر صرامة بما في ذلك فرض عقوبات إذا لم تف دمشق بما تلتزم به.
وتابع «بالنسبة لنا الاسد مازال قائدا لدولة ذات سيادة انتخبه شعبه. لم تحمه روسيا قط ولا تربطنا به صداقة خاصة.»
اما الحليف الآخر لدمشق والداعم المستمر لروسيا الصين فلم تبد امس حماسا لمسودة القرار الفرنسي قائلة إن أي قرار يجب ان يقوم على توافق في الاراء ويشجع على الحل السلمي. ولم يذكر هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بشكل واضح ما إذا كانت بكين ستؤيد الاقتراح الفرنسي أم ستعارضه لكنه أبدى بعض التحفظات.
وقال في إفادة صحافية يومية «الصين تساند قيام مجلس الامن التابع للأمم المتحدة بدور مهم في قضايا السلام والأمن العالميين وهي راغبة في ان تظل على اتصال بكل الأطراف بشأن الخطوات التالية التي سيقوم بها مجلس الأمن.»
وأضاف «نحن نعتقد كذلك ان أي إجراء سيتخذه مجلس الأمن يجب أن يقوم على التوافق الذي يتم التوصل إليه بعد مناقشات مع جميع الأطراف ويساعد على تهدئة التوترات الراهنة في سوريا وان يكون مفيدا لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة ويدعم التوصل إلى حل سياسي.» وطالبت الصين بأن يجري مفتشو الأمم المتحدة تحقيقا شاملا وغير منحاز في سوريا وحذرت من استباق الحكم على النتائج ولكنها طالبت أيضا بمحاسبة المسؤول عن الهجوم الكيماوي أيا كان الجانب المتورط فيه. واستخدمت روسيا والصين حق النقض «الفيتو» لتعطيل جهود غربية سابقة لفرض عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد هونغ مجددا معارضة الصين لأي عمل عسكري منفرد ضد سوريا وقال إن اقتراح روسيا الأخير بان تسلم سوريا أسلحتها الكيماوية خلق «فرصة مهمة» لإيجاد حل سياسي. وقال «نأمل أن تتمكن جميع الأطراف من انتهاز هذه الفرصة وان تبذل بهمة الجهود لحل القضية السورية عن طريق الأساليب السياسية والدبلوماسية.»
وتابع هونغ أن الصين رحبت بالتزام سوريا بالمبادرة الروسية. وقال «كان هذا موقفا من المهم اتخاذه.» وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الثلاثاء إن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المبادرة الروسية ستنجح وتعهد بالابقاء على القوات المسلحة مستعدة لتوجيه ضربة إذا فشلت الدبلوماسية. وقال أوباما إن الاسد يجب ان يعاقب على ما تقول واشنطن انه استخدام للغاز السام في هجوم على مناطق تسيطر عليها المعارضة اسفر عن مقتل 1400 شخص يوم 21 أغسطس الماضي.
واضاف أوباما انه طلب من الكونغرس تأجيل التصويت على قرار يجيز توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا افساحا بالمجال امام مسار اقتراح الدبلوماسية الروسية.
وفي خطابه الذي القاه إلى الأمة من الغرفة الشرقية في البيت الأبيض الليلة قبل الماضية قال أوباما انه على مدى الأيام القليلة الماضية «رأينا بعض العلامات المشجعة».
واضاف ان هذه العلامات جاءت «نتيجة تهديد حقيقي من الولايات المتحدة بعمل عسكري فضلا عن المحادثات البناءة التي أجريتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين» والاقتراح الروسي الذي يفرض على النظام السوري تسليم أسلحته الكيميائية على ان يتم متابعة ذلك من خلال الأمم المتحدة.
وأكد أوباما ان الحكومة الروسية اعربت عن استعدادها للانضمام الى المجتمع الدولي في دفع الرئيس السوري بشار الأسد للتخلي عن الأسلحة الكيميائية.
واضاف ان النظام السوري اعترف «الان أن لديه هذه الأسلحة.. حتى انه اعلن انه سينضم إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية».
وقال «من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان هذا العرض سوف ينجح واذا ما كان نظام «الرئيس بشار» الاسد سيحتفظ بالتزاماته».
ورأى ان «هذه المبادرة لديها القدرة على ازالة خطر الأسلحة الكيميائية دون اللجوء الى القوة خاصة لأن روسيا «التي اطلقت المبادرة» هي واحدة من أقوى حلفاء الأسد».
وتابع الرئيس الامريكي في خطابه «ولذلك فقد طلبت من قادة الكونغرس تأجيل التصويت على السماح باستخدام القوة «لضرب سوريا» لمتابعة هذا المسار الدبلوماسي». وقال أوباما « سأبعث وزير الخارجية جون كيري ليلتقي بنظيره الروسي «غدا» الخميس وأنا سوف اواصل المناقشات الخاصة مع الرئيس بوتين».
وأضاف «لقد تحدثت «بهذا الشأن» مع قادة اثنين من أقرب حلفائنا فرنسا والمملكة المتحدة».
وأكد «اننا سنواصل العمل معا بالتشاور مع روسيا والصين لطرح مشروع قرار في مجلس الامن الدولي يلزم «الرئيس» الأسد بالتخلي عن الأسلحة الكيميائية وتدميرها في نهاية المطاف في ظل رقابة دولية».
وتابع «واننا سوف نعطي أيضا مفتشي الامم المتحدة «بشأن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا» الوقت «الكافي» لاعلان النتائج التي توصلوا اليها حول ما حدث يوم 21 أغسطس» في الغوطة الشرقية في دمشق.
وأكد في المقابل «الاستمرار في حشد الدعم من الحلفاء من الأمريكتين الى آسيا الى الشرق الأوسط الذين يرون الحاجة للعمل» في اشارة الى العمل العسكري في سوريا.
ومضى الى القول انه مع اتخاذ اجراء «صارم» تجاه حظر هذه الأسلحة لن يفكر «الطغاة» مرة أخرى بالسعي للحصول على الغاز السام واستخدامه.
ولفت الى انه في حال وقوع اي عمل عسكري محتمل فانه سيكون «محدودا» ولن يكون مثل الحرب في العراق او افغانستان ولن تكون هنالك اي قوات امريكية على الأرض السورية. واعرب عن اعتقاده بانه «اذا فشلنا في اتخاذ اجراءات «حاسمة».. ومع مرور الوقت سوف تواجه قواتنا مرة أخرى احتمال الحرب الكيميائية في ساحة المعركة كما يمكن أن يكون سهلا للمنظمات الإرهابية الحصول على هذه الأسلحة واستخدامها لمهاجمة المدنيين».
ولاحظ اوباما انه «اذا تسرب القتال الى خارج حدود سوريا فانه يمكن لهذه الأسلحة ان تهدد حلفاء «لنا» مثل تركيا والأردن وإسرائيل».
وعلى صعيد متصل نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قوله امس إنه يأمل أن يكون التعهد الأمريكي باتباع الدبلوماسية للقضاء على خطر الأسلحة الكيماوية في سوريا «جادا». وأضاف خلال كلمة ألقاها على الشعب «أتمنى أن يكون التوجه الأمريكي الجديد بشأن سوريا جادا وليس تلاعبا اعلاميا. طوال أسابيع الآن وهم يهددون بحرب ضد شعب هذه المنطقة من أجل مصلحة الصهاينة «إسرائيل».»
عربيا احتضن مقرالامانة العامة لجامعة الدول العربية فى القاهرة امس اعمال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة ليبيا وحضور الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي لمناقشة المبادرة الروسية بشان الازمة السورية.
وبحث الاجتماع الطارئ التطورات ومستجدات الازمة السورية في ضوء المبادرة الروسية التي تتضمن اخضاع الاسلحة الكيميائية في سوريا للاشراف الدولي.
ويأتي الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين بناء على طلب دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وكان الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي قد أعلن تأييده للمبادرة الروسية مؤكدا أن الجامعة العربية منذ بداية الأزمة تبحث عن حل سياسي. وقال الأمين العربي في كلمة له خلال الاجتماع ان مبادرة روسيا حول وضع الأسلحة الكيميائية في سوريا تحت الرقابة الدولية يشكل تطورا كبيرا على صعيد الأزمة السورية. وطالب بضرورة أخذ هذه المبادرة بعين الاعتبار وبضرورة تبني قرارات تشير إلى ذلك مع مطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته حول سوريا والسير في تنفيذ بنود المبادرة الروسية. وأوضح العربي أن الدعوة للاجتماع جاءت بناء على طلب المملكة السعودية مشيرا الى ان قرار المجلس الوزاري الأخير كانت فقرته الرابعة تطلب الدعوة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لوضع حد للانتهاكات التي تجري في سوريا. وتحدث العربي خلال افتتاح اعمال المجلس عن اتصالات ومقابلات مكثفة تمت خلال الفترة الماضية لبحث الوضع في سوريا مؤكدا أن جميع قرارات مجلس الجامعة كانت واضحة بمطالبة مجلس الامن بايجاد حل للازمة في سوريا عبر اعلان وقف لاطلاق النار حتى يتسنى لنا الذهاب للحل السياسي عبر جنيف 2. وشدد العربي على ان الجامعة اكدت ان الحل العسكري لن يقدم حلا للازمة السورية من البداية وأن خلاصة المشاورات مع الوزراء العرب والاجانب أكدت ذلك.
وقال ان مبادرة روسيا تمثل تطورا مهما وعليه لابد من اخذها محمل الجد وإدخالها حيز التنفيذ.