
عواصم – «وكالات»: تراجعت حظوظ شن ضربة غربية على سوريا بعد ان تسارعت وتيرة الحراك الدبلوماسي الذي تمخض عن مقترح يجنب الجميع مخاطر الاقدام على عمل عسكري.
وبالامس نقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن وليد المعلم وزير الخارجية السوري قوله إن الحكومة السورية قبلت العرض الروسي بوضع أسلحتها الكيماوية تحت السيطرة الدولية لتفادي التعرض لضربة عسكرية أمريكية.
ونقلت الوكالة عن المعلم قوله لرئيس مجلس النواب الروسي في موسكو «أجرينا جولة من المحادثات المثمرة جدا مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الإثنين الذي اقترح مبادرة تتعلق بالأسلحة الكيماوية. وفي المساء وافقنا على المبادرة الروسية».
وجاء في تقرير الوكالة أن سوريا وافقت لأن ذلك «سيزيل أي أسس لعدوان أمريكي».
وبالامس قال لافروف إن روسيا تعمل على خطة «فعالة ومحددة» لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية وتناقش التفاصيل مع دمشق.
وأضاف للصحافيين أن الخطة ستعرض على دول أخرى قريبا وأن الاقتراح الذي أعلنه الإثنين ليس روسيا محضا ولكن نبع من اتصالات مع الولايات المتحدة.
وتأكيدا لذلك قال المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس إن بوتين والرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقشا فكرة وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية على هامش قمة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي.
وأضاف ديمتري بيسكوف هاتفيا «نوقشت القضية». ولم يذكر من أثار القضية أو يدل بمزيد من التفاصيل.
وأعلنت روسيا عن اقتراحها بوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية يوم الإثنين. وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال قبل ذلك بساعات إن الأسد يمكنه تفادي ضربة عسكرية أمريكية إذا سلم كل أسلحته الكيماوية خلال أسبوع إلا أنه أضاف أن الأسد «لن يفعل ذلك وان تحقيق ذلك مستحيل».
من جانبه حذر أوباما النظام السوري من أي محاولة التفاف حول المقترح الروسي.
واعتبر في مقابلة تلفزيونية أن الاقتراح الروسي «قد يكون تطوراً إيجابياً» في النزاع، واعداً بالتعامل معه «بجدية».
وأكد أن تبدل موقف هذا النظام هو نتيجة تهديد الإدارة الامريكية بتوجيه ضربات عسكرية إلى دمشق رداً على استخدامها السلاح الكيماوي، مقللاً من قدرات نظام الأسد العسكرية. كما قال إن الاقتراح الروسي قد يكون يشكل «اختراقاً كبيراً».
وحذر أوباما الاثنين من أنه لم يصرف النظر عن الحل العسكري، لكن الواقع أنه بموافقته على درس المبادرة الروسية أرجأ التحرك المحتمل.
وكان أوباما يعتزم تخصيص يوم الاثنين لعرض خطته القاضية بشن ضربات عسكرية عقابية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد على رأي عام أمريكي مشكك.
وعوضاً عن ذلك وجد نفسه يعلق على مبادرة دبلوماسية روسية مفاجئة تقضي بفرض رقابة دولية على ترسانة محظورة من الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها.
وشدد في سلسلة من المقابلات التلفزيونية أجراها الاثنين على أن الخطة الروسية التي سارعت سوريا إلى الموافقة عليها كانت نتيجة موقف الولايات المتحدة التي أظهرت جدية تهديدها باستخدام القوة العسكرية.
وقال أوباما لشبكة ان بي سي «أعتقد أن ما نراه هو أن تهديداً ذا مصداقية من الولايات المتحدة بشن ضربة عسكرية، بدعم محتمل من عدد من دول العالم الأخرى، جعلهم يتوقفون قليلا للتفكير ويدرسون ما إذا كان يتحتم عليهم الإقدام على هذه الخطوة».
وتابع «إذا ما فعلوا ذلك، فقد يشكل الأمر اختراقاً هاماً، لكن علينا التشكيك لأن هذا ليس الأسلوب الذي رأيناهم يتصرفون بموجبه خلال السنتين الماضيتين».
وفي ست مقابلات منحها لوسائل إعلام مختلفة حرص أوباما على الإشارة إلى أنه بحث المسألة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي في سان بطرسبورغ. وقال لشبكة فوكس «إذا كان بوسعنا بذل هذه الجهود الدبلوماسية والخروج بآلية قابلة للتطبيق للتعامل مع هذه الأسلحة الكيماوية في سوريا، فإنني أؤيد ذلك تماماً».
من جانبها سعت فرنسا امس الى تولي زمام مبادرة دبلوماسية بشأن سوريا وقالت انها ستضغط من اجل اصدار قرار في مجلس الأمن التابع للامم المتحدة يضع شروطا لسوريا بشأن تدمير اسلحتها الكيماوية ويحذرها من «عواقب وخيمة» اذا رفضت.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن فرنسا ستقدم مشروع قرار يضع شروطا لسوريا ويطالبها بوضع أسلحتها الكيماوية تحت سيطرة دولية والقبول بتفكيكها..
وصرح فابيوس خلال مؤتمر صحافي في باريس بأن مشروع القرار سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يشمل اجراء عسكريا محتملا لاقرار السلام وسيطالب دمشق بالكشف «دون تأخير» عن برنامجها الكيماوي ووضعه تحت السيطرة الدولية توطئة لازالته.
وقال فابيوس الذي كانت بلاده من أشد المطالبين بالتحرك ضد سوريا بما في ذلك توجيه ضربات محتملة لقوات الرئيس السوري بشار الاسد «وزير الخارجية الروسي طرح عرضا...هذا لا يمكن استخدامه كمناورة لتغيير «موقفنا».
واستطرد وزير الخارجية الفرنسي «لهذا قررنا تولي زمام المبادرة. ستطرح فرنسا قرارا في مجلس الامن التابع للامم المتحدة بهذا المعنى وهذا الاجراء يبدأ من اليوم».
وأضاف: «كل الخيارات مطروحة على المائدة».
وستتضمن مسودة القرار ادانة صريحة للهجوم الكيماوي الذي وقع في 21 اغسطس على مشارف دمشق وقالت الولايات المتحدة ان قوات الاسد هي التي نفذته وانه قتل أكثر من 1400 شخص.
كما سيتضمن ايضا دعوة الى معاقبة من يقفون وراءه امام المحكمة الجنائية الدولية.
وصرح فابيوس بأنه يأمل في الاتفاق على موعد زيارة للصين في وقت لاحق هذا الاسبوع وزيارة أخرى لروسيا اوائل الاسبوع القادم لاجراء محادثات مع الدولتين ولهما حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن.
وبالمعسكر المقابل قالت الصين امس إنها ترحب وتدعم العرض الروسي بأن تسلم سوريا أسلحة الدمار الكيماوية وهو ما يوفر مخرجا لتفادي توجيه ضربات عسكرية أمريكية لسوريا وهو ترحيب جاء متناسقا مع ايران التى حذت حذوها فى الترحيب بالمقترح..
وقال هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في افادة صحافية «نرحب وندعم الاقتراح الروسي.
«ما دام الاقتراح يساعد على تحسين الوضع المتوتر الراهن في سوريا اذا هو مفيد للحفاظ على السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة وهو مفيد للحل السياسي وعلى المجتمع الدولي ان يفكر فيه بشكل بناء».
وأضاف هونغ أن وفدا من المعارضة السورية يمثل «اتحاد الامة من اجل الحوار» يزور الصين اعتبارا من امس «الثلاثاء» بدعوة من جهة اكاديمية وانه سيلتقي بمسؤولين صينيين «لتبادل وجهات النظر».
ولم يعرف على الفور فصيل المعارضة الذي يتحدث عنه هونغ ولم يقدم المتحدث اسم هذا الفصيل بالانكليزية.
وعلى ذات السياق اعرب الرئيس اللبناني ميشال سليمان امس عن امله في ان يتم البناء على العرض الروسي في تسوية موضوع الازمة السورية.
واعرب سليمان في بيان صادر عن المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري عن تمنياته «ان تبنى على العرض الروسي تسوية الاوضاع في سوريا» لافتا الى الثوابت اللبنانية في هذا الشان والقاضية بايجاد حل سلمي للنزاع فيها.
واشار سليمان الى انه «لمس اجواء ايجابية لتحييد لبنان في حال تعرضت المنطقة لتطورات».
وفي وقت سابق امس اكد السفير الامريكي لدى لبنان ديفيد هيل حرص بلاده على ان يبقى لبنان بعيدا عن تاثيرات الازمة السورية.
وفي الشان الداخلي اعرب سليمان عن ثقته بتشكيل حكومة جامعة لمواكبة الظروف الداخلية والخارجية مكررا الدعوة الى التزام اعلان بعبدا.
ويشهد لبنان حالة من الانقسام السياسي على خلفية الازمة السورية ما ادى الى عرقلة الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة اللبناني تمام سلام منذ تكليفه في السادس من شهر ابريل الماضي.