عواصم – «وكالات» : حذرت السلطات السورية الولايات المتحدة من اتخاذ أي إجراء عسكري بسبب ما يشتبه بأنه هجوم بأسلحة كيماوية في سوريا قائلة إن ذلك سيوجد «كتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الأوسط برمته».
ويبحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع كبار مستشاريه الخيارات المتاحة للرد على مزاعم استخدام أسلحة كيماوية في سوريا وسط ما وصفته بريطانيا بأنه «علامات متزايدة» على مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم بغاز الأعصاب على المدنيين في منطقة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة يوم الأربعاء.
وبالامس أكد وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أن البنتاغون مستعد للخيار العسكري بسوريا في حال تلقى أمرا من الرئيس باراك أوباما بذلك.
وقال هيغل في تصريحات لصحافيين رافقوه إلى ماليزيا -التي يزورها ضمن جولة في جنوب شرق آسيا- إن أوباما طلب من وزارة الدفاع إعداد خيارات لجميع الحالات الطارئة، مضيفا أن الوزارة أعدت تلك الخيارات، وأنها مستعدة للقيام بأي خيار إذا قرر أوباما -القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية- استخدامه.
وفي تصريحات أخرى عقب اجتماعه في كوالالمبور بنظيره الماليزي هشام الدين حسين، أشار الوزير الأميركي إلى أن بلاده بصدد جمع مزيد من المعلومات بشأن الهجوم الكيمياوي في سوريا، وقال إن الرد الأميركي سيكون واضحا بعد جمع مزيد من المعلومات.
وتقول واشنطن ولندن وباريس إن هناك علامات متزايدة على أن القوات السورية شنت هجوما كيمياويا على الغوطتين الشرقية والغربية فجر الأربعاء الماضي، وإن ذلك -إذا تأكد بشكل قاطع- يستدعي ردا قويا.
ويبدو إن اتصالات أوباما مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقادة آخرين، فضلا عن تعزيز الأسطول الحربي الأمريكي في البحر المتوسط، مؤشرات على عمل عسكري محتمل ضد سوريا.
و واشنطن تبدو جادة هذه المرة بسبب بشاعة ما حدث في سوريا، ولأن مصداقية أوباما على المحك بعدما قال مرارا من قبل إن استخدام السلاح الكيمياوي في سوريا خط أحمر.
واتهمت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد مقاتلي المعارضة باستخدام الأسلحة الكيماوية في محاولة أخيرة للدفع إلى التدخل الأجنبي لصالحهم.
وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في تصريحات نشرتها الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» في وقت متأخر مساء السبت إن أي إجراء عسكري تقوده الولايات المتحدة «ليس نزهة».
وأضاف الزعبي «في حال حدوث أي تدخل عسكري خارجي أمريكي فإن ذلك سيترك تداعيات خطيرة جدا في مقدمتها فوضى وكتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الأوسط برمته.»
وأشار الوزير إلى أن مفتشي الأمم المتحدة لن يسمح لهم بزيارة موقع الهجوم المزعوم بغاز الأعصاب إذ أنه ليس مدرجا على قائمة المواقع المتفق عليها والتي تقول المعارضة إن القوات الحكومية استخدمت فيها أسلحة كيماوية. وتنفي السلطات السورية أي استخدام للغاز السام في الصراع.
وقال الزعبي إن دمشق ستتعاون «بشكل كبير وشفاف» مع تحقيقات الأمم المتحدة ولكنها «لن تسمح على الإطلاق بوجود لجان تفتيش تحت أي ذريعة كانت وحول أي مسألة وهذا موقف نهائي لأن الأمر واضح بالنسبة للجنة التحقيق وهو متعلق بالتحقيق بحوادث معينة وثابتة كما حصل في خان العسل ووفق الاتفاق الحاصل بين سوريا والأمم المتحدة ولا يتعلق بالتفتيش الذي فيه مساس بالسيادة الوطنية».
ونقلت قناة «برس.تي.في» التلفزيونية الإيرانية امس عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله إن الحكومة السورية أبلغت طهران أنها ستسمح لمفتشي الأمم المتحدة بزيارة المواقع التي تردد أنها تأثرت بأسلحة كيماوية.
ونقلت «برس.تي.في» عن الوزير قوله يوم السبت في حوار هاتفي مع وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو «نحن على اتصال وثيق بالحكومة السورية وأكدت لنا أنها لم تستخدم قط مثل هذه الأسلحة غير الإنسانية وستتعاون بشكل كامل مع خبراء الأمم المتحدة في زيارة الأماكن التي تأثرت.»
وإيران هي الحليف الأقرب إلى سوريا وتساند الأسد في مواجهة مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة به. واتهمت الحكومة السورية مقاتلي المعارضة بشن الهجمات الكيماوية لإثارة رد فعل دولي وهو ما أيدته إيران وروسيا حليفتا دمشق.
ونقل تقرير قناة «برس.تي.في» الناطقة بالإنكليزية عن ظريف قوله «يجب على المجتمع الدولي أن يبدي ردا جادا على استخدام الإرهابيين في سوريا أسلحة كيماوية ويدين هذه الخطوة.»
وحذرت إيران - أقوى حلفاء الأسد في الشرق الأوسط - الولايات المتحدة من تجاوز «الخط الأحمر» بشأن سوريا قائلة إن ذلك سيكون له «عواقب وخيمة».
ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء امس عن مسعود جزايري نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية قوله إن «أمريكا تعلم حد الخط الأحمر للجبهة السورية وأي تجاوز للخط الأحمر السوري سيكون له عواقب وخيمة على البيت الأبيض.»
وقال جزائري، إن ما وصفها بـ»الحرب الإرهابية» الجارية في سوريا هي «حصيلة لمخطط وضعته أمريكا والرجعية في المنطقة ضد المقاومة» على حد تعبيره.
وأضاف جزائري قائلا إن الحكومة السورية تصدت لـ «الهجمة الواسعة» التي تتعرض لها رغم «الجبهة الواسعة المعادية» التي تواجهها مضيفا أن للحكومة والشعب في سوريا «اليد العليا في مواجهة الحرب الإرهابية المفروضة من قبل الاستكبار والرجعية.»
وصرح جزائري قائلا، إن كل المتعاونين مع أميركا وإسرائيل في الحرب ضد سوريا «واجهوا مشاكل» مضيفا أن الذين قال إنهم «يؤججون هذه النيران ويوسعون نطاقها لن يظلوا في مأمن من انتقام الشعوب» وفق ما نقلت الوكالة عنه.
وقال المسؤول العسكري الإيراني إن ما وصفها بـ»المقاومة السورية» قد بلغت حدا من النضج بحيث «لا تقدر جبهة الاستكبار على دحرها» وختم بالقول: «أميركا تعرف نطاق الخط الأحمر لجبهة سوريا وأي عبور من هذا الخط سيعود بتداعيات شديدة على البيت الأبيض» وفق تعبيره.
وجاءت تصريحات جزايري ردا على بيانات أصدرها مسؤولون غربيون في مطلع الأسبوع بخصوص إمكانية التدخل العسكري في سوريا.
اما في موسكو الحليف الآخر لدمشق اكد رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية الروسية ليونيد إيفاشوف امس الاول أن روسيا يمكن أن توسع وجودها العسكري في البحر المتوسط في حال تعزيز مجموعة السفن الأمريكية في المنطقة لدى تأزم الأوضاع في سورية. وقال إيفاشوف ، معلقا على أنباء نشرتها بعض وسائل الإعلام عن احتمال زيادة عدد السفن الأمريكية في البحر المتوسط إنه « يمكن أن تعزز روسيا مجموعة سفنها في البحر المتوسط كخطوة جوابية. وأظن أن ليس لديها خيار آخر للحيلولة دون وقوع عدوان».
ويرى إيفاشوف أن على روسيا أن تكشف بشكل واضح الخروقات الفاضحة للنظام الداخلي لهيئة الأمم المتحد بخصوص مصر وفي سورية، على وجه الخصوص. وقال إنه « يجب علينا الإعلان بشكل حازم عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية».
وبحسب قوله فإن توريد الأسلحة الدفاعية للقوات المسلحة السورية هو أحد وسائل التأثير على الولايات المتحدة للحيلولة دون الهجوم على سورية.