عواصم – «وكالات»: اجري وزير الخارجية الأمريكي جون كيري امس محادثات مع المسؤولين السعوديين بمدينة جدة لتنسيق الدعم المزمع تقديمه إلى مسلحي المعارضة السورية، مجددا الحديث عن قلق بلاده من سيطرة «متطرفين» على السلاح الكيمياوي الموجود لدى النظام السوري.
وامضي كيري بضع ساعات في جدة لإجراء محادثات مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ومدير جهاز الاستخبارات العامة بندر بن سلطان، وذلك بعد اتفاق البلدين في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري بالدوحة السبت الماضي على زيادة دعم الثوار السوريين عسكريا.
وفي مقابلة قبل مغادرته نيودلهي متوجها إلى جدة، امتنع كيري عن التطرق إلى ما يقال عن دعم خليجي لمقاتلين «متطرفين» في سوريا، مكتفيا بالإشارة إلى أن من الضروري تقوية المعارضين «المعتدلين» لمنع انتصار بشار الأسد.
وقال كيري لشبكة «سي بي أس» التلفزيونية من نيودلهي «إذا لم تقم الولايات المتحدة بشيء ولم يفعل العالم شيئا، حينئذ ستصبح سوريا في وضع أسوأ مما هي فيه الآن»، مشيرا إلى أن السيناريو الأسوأ في سوريا سيكون تفككا كاملا واستيلاء المتطرفين على أسلحة كيمياوية قد يستخدمونها في عملياتهم مجددا ضد الغرب والولايات المتحدة.
ودعا كيري إلى زيادة الدعم للمعارضة السورية، متهما إيران «بتدويل» النزاع عبر الدور المتزايد في الحرب لمقاتلي حزب الله اللبناني، مشددا على أن بلاده لا تسعى بالضرورة إلى انتصار مسلحي المعارضة وإنما تريد تصعيد الضغط على الأسد لدفعه إلى مفاوضات سلام كما حددها مؤتمر جنيف السنة الماضية.
من جانبه قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل امس إن المملكة تعتبر أن تدخل إيران وجماعة حزب الله اللبنانية في الصراع الدائر في سوريا خطير وترى أنه ينبغي تقديم مساعدات عسكرية لمقاتلي المعارضة للدفاع عن أنفسهم.
وأضاف الأمير سعود في مؤتمر صحافي مع كيري في جدة أن السعودية لا يمكنها السكوت عن التدخل الإيراني ودعا إلى قرار يحظر تدفق الأسلحة على الحكومة السورية.
وعلى صعيد غير بعيد قال الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي الخاص الى سوريا امس ان مؤتمر السلام لانهاء الحرب الاهلية السورية لن يعقد في يوليو كما كان يأمل ودعا الولايات المتحدة وروسيا للعمل على احتواء الصراع.
وقال قبل ان يستهل جولة من المحادثات التمهيدية مع مسؤولين أمريكيين وروس في جنيف «بصراحة أشك في ان يعقد المؤتمر في يوليو. المعارضة ستعقد اجتماعها التالي في 4-5 يوليو. ولذلك لا اعتقد انهم سيكونون جاهزين».
واستطرد «آمل كثيرا ان تعمل حكومات المنطقة والقوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا على احتواء الموقف الذي يخرج عن نطاق السيطرة لا في سوريا وحدها بل في المنطقة».
ميدانيا قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن قوات النظام قصفت حيي القابون وبرزة في دمشق بغازات سامة، مما أدى إلى إصابات بين السكان. يأتي ذلك فيما كثف جيش النظام قصفه للأحياء التي يسيطر عليها الجيش الحر في العاصمة، في حين تجددت المعارك العنيفة في أحياء بحلب، وذلك في يوم خلف 69 قتيلا معظمهم في ريف دمشق، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وقد بثت الهيئة العامة للثورة مقاطع فيديو لحالات اختناق جراء القصف بالغازات على حي القابون الدمشقي، وأفاد الناشطون بأن القصف كان بقنابل وقذائف هاون تحمل مواد سامة, وأشاروا إلى وجود أكثر من 15 إصابة بين السكان سببت ضيقا في التنفس واحمرارا في العينين.
وكان ناشطون أشاروا في وقت سابق إلى أن قوات النظام قصفت بلدة زملكا بريف دمشق بالغازات السامة، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين.
وقد واصلت قوات النظام فجر الامس قصفها المدفعي وبالهاون لحيي العسالي والحجر الأسود بالعاصمة.
وشنت قوات النظام حملة مداهمات واسعة على المنازل في أحياء ركن الدين والميدان، وسط اشتباكات عنيفة مع قوات الجيش الحر في محيط أحياء القابون وبرزة، بينما كثف الطيران غاراته على بلدات خان الشيح والأحمدية والدير سلمان بالغوطة الشرقية ومدينة المليحة.
وفي مدينة حلب تجري اشتباكات متقطعة بين كتائب من الثوار وقوات النظام في محيط السجن المركزي، وحي الأشرفية.
وكانت قوات النظام قصفت أمس الاول بلدة معارة الأرتيق بصواريخ أرض أرض من طراز سكود، بينما تدور اشتباكات بين القوات النظامية وعناصر الجيش الحر في أحياء الأشرفية والراشدين.
كما قصف الطيران الحربي محيط مطار منغ العسكري بريف حلب، حيث تواصلت الاشتباكات بين ما بقى من قوات النظام في داخل المطار وقوات الثوار التي وصلت إلى مراحل متقدمة في المطار، فيما تعرضت مدينة السفيرة وبلدات المنصورة وكفر حمرة لقصف بالمدفعية الثقيلة.
والى لبنان حيث سيطر الجيش اللبناني امس الاول على مقر قيادة الشيخ أحمد الأسير وعلى معظم مناطق أنصاره، وألقى القبض على عدد من مؤيديه، بينما تراجعت حدة الاشتباكات بين الطرفين وسيطرت حالة من الهدوء الحذر، وسط قلق ودعوات دولية لوقف الاشتباكات الدامية.
وقال مراسلون من صيدا نقلا عن مصدر عسكري، إن الجيش تمكن من الدخول إلى مسجد بلال بن رباح حيث كان يتحصن أنصار الأسير، واعتقل ستين شخصا من مناصريه، إلا أنه لم يتم القبض بعد على الشيخ الذي لم يكن في المسجد.
وأضاف الفقيه نقلا عن المصدر ذاته أنه تم حجز كمية كبيرة من الأسلحة، وأنه تمت السيطرة على نحو 90 في المئة من المسلحين، لافتا إلى أن المدينة تشهد انقطاعا شبه تام للمرور.
وكان اجتماع وزاري وأمني عقد في وقت سابق امس الاول برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قد أكد أن قوى الجيش ستواصل تنفيذ إجراءاتها في منطقة صيدا حتى «الانتهاء من المظاهر المسلحة وإزالة المربع الأمني» للشيخ أحمد الأسير وتوقيف المعتدين والمحرضين على الجيش».
كما دعت قيادة الجيش في بيان «المسلحين الذين قاموا بالاعتداء على مراكز الجيش والمواطنين، إلى إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم فورا إلى قوى الجيش، حرصا على عدم إراقة المزيد من الدماء».
وفي وقت سابق، أصدرت السلطات القضائية «بلاغات بحث وتحر» في حق 123 شخصا متورطين في الاشتباكات، في مقدمتهم الأسير، وشقيقه ونجله، والفنان فضل شاكر»، الذي اعتزل الغناء قبل فترة وبات من المقربين من الشيخ.
وبلغ عدد قتلى الجيش اللبناني في الاشتباكات الدائرة مع أنصار الأسير منذ أمس الأول 16 قتيلا، إضافة إلى نحو مائة جريح، في أحد اكثر الحوادث الأمنية خطورة في لبنان منذ بدء النزاع في سوريا المجاورة قبل أكثر من سنتين.
وخلفت المعارك العنيفة آثارها في الأبنية والشقق والشوارع، مع ثقوب في الجدران وآثار حرائق وركام في الشوارع وتحطيم في المحال التجارية التي بدا بعضها مفتوحا مع بضائع مكدسة داخلها.
وقد قام الجنود بإخراج مجموعة من المدنيين من المباني، بينهم نساء وأطفال يحملون أكياسا كانوا احتجزوا في منازلهم منذ أمس.
وتأتي هذه الحوادث في إطار سلسلة من التوترات الأمنية المتنقلة بين المناطق اللبنانية على خلفية النزاع السوري.
وامتد التوتر إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، حيث اشتبك الجيش منذ مساء أمس الاول وحتى ظهر الامس مع عناصر من مجموعات إسلامية عند أطراف المخيم.
في الأثناء تظاهر مئات من الإسلاميين في مدينة طرابلس شمالي لبنان تأييدا للشيخ أحمد الأسير، حيث انضم إلى المعتصمين عشرات المسلحين في استعراض قوة وسط ثاني أكبر المدن اللبنانية.
وردد المشاركون هتافات مؤيدة للأسير، وألقيت كلمات اعتبرت اقتحام مسجد بلال بن رباح حيث يتحصن الشيخ الأسير وأنصاره، «خطاً أحمر».
كما أقفلت المؤسسات العامة والخاصة أبوابها تخوفا من تمدد الاشتباكات إلى طرابلس التي تعيش وضعا أمنيا هشا.
وأعلنت كل القيادات السياسية في لبنان دعمها للجيش مستنكرة التعرض له، كما أكد مفتي الجمهورية محمد قباني رفضه لدعوة المسلمين السنة الانفصال عن الجيش، واعتبر أنها جريمة بحق السنة وبحق الجيش.
وفي سياق ردود الفعل تجاه ما يحدث في لبنان، دعت السعودية «جميع الأطراف» في لبنان إلى «وقف الاشتباكات وعدم التصعيد حفاظا على أمن واستقرار لبنان».
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن مجلس الوزراء برئاسة الملك عبد لله بن عبد العزيز «أعرب عن بالغ القلق إزاء تطورات الأوضاع في جنوب لبنان وما تشهده مدينة صيدا من أحداث، داعيا الجميع إلى وقف الاشتباكات وعدم تصعيد الموقف حفاظا على أمن واستقرار لبنان». وفي دمشق، اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن أحداث العنف في مدينة صيدا اللبنانية «خطيرة جدا»، مشيرا إلى أن بلاده كانت قد نبهت من خطر انعكاسات الأزمة السورية على دول الجوار، معربا عن أمله في أن يحسم الجيش اللبناني المعركة ضد «الإرهابيين»، بحسب وصفه. في حين أعربت باريس الاثنين عن «قلقها الكبير» لأعمال العنف الدامية المستمرة في جنوب لبنان ودانت «الهجمات على قوات الجيش اللبناني».
يشار إلى أن الأسير - وهو إمام مسجد سنّي سلفي التوجه - عرف بدعمه للثورة السورية، وعام 2012 باعتصامه الذي شل مدينة صيدا لأسابيع من أجل نزع سلاح حزب الله، وفي عام 2013 اشتبكت عناصره مع أفراد من حزب الله في مايو، ودارت مواجهات أخرى مع الجيش اللبناني في يونيو خلفت عشرات القتلى والجرحى.