الخرطوم - «وكالات»: أمر الرئيس السوداني عمر حسن البشير بوقف ضخ جميع صادرات النفط من جنوب السودان اعتبارا من يوم الأمس قائلا إن جوبا تدعم المتمردين في بلاده وذلك في خطوة قد تدفع الجارتين إلى شفا المواجهة من جديد بعد سلام نسبي دام شهورا.
وحث البشير الشباب على الالتحاق بالجيش والاستعداد «للجهاد». ولم يحدد الرئيس السوداني العدو في هذا الصراع لكن قائد قوات الدفاع الشعبي في السودان قال إن رجاله مستعدون لمواجهة جنوب السودان.
وجاء الأمر بإغلاق خط أنابيب النفط بعد ثلاثة أشهر من إنهاء البلدين خلافا عميقا بشأن تصدير الخام. ويحمل خط الأنابيب النفط من جنوب السودان عبر السودان إلى ميناء على البحر الأحمر وهو الطريق الوحيد لتصدير نفط الجنوب إلى الأسواق العالمية.
وقالت وكالة السودان للأنباء «سونا» إن البشير أمر وزير النفط السوداني عوض الجاز «بمخاطبة الشركات العاملة في نفط جنوب السودان بإغلاق الأنبوب الناقل لبترول الجنوب اعتبارا من يوم الأحد».
وانفصل جنوب السودان عن السودان في عام 2011 بعد حرب استمرت عقودا واتفقا في مارس على استئناف ضخ النفط بعد توقف دام 16 شهرا بسبب خلاف على رسوم العبور وخلافات على ترسيم الحدود.
وبدأ استئناف ضخ النفط عبر خط الأنابيب في مايو استعدادا لتصديره من ميناء بورسودان.
ونقلت وكالة السودان للأنباء عن البشير قوله «السودان لن يسمح بتصدير نفط دولة الجنوب لاستخدام عائده في دعم المتمردين والمرتزقة ضد السودان».
وأضافت الوكالة «دعا البشير الشباب إلى الانخراط في صفوف الجهاد ووجه بفتح معسكرات القوات المسلحة والدفاع الشعبي اعتبارا من الغد».
ومن شأن تأكيد وقف ضخ النفط أن يبدد الآمال في شريان اقتصادي للبلدين الفقيرين اللذين كانا يعتمدان في السابق على صادرات النفط والرسوم الخاصة بها في تحصيل جزء كبير من دخل الدولة.
ورقص البشير ملوحا بعصاه الشهيرة وحث الشباب في خطاب بثه التلفزيون على الالتحاق بالجيش وقوات الدفاع الشعبي.
وقال عبد الله الجيلي المنسق العام لقوات الدفاع الشعبي - وهي وحدة شبه عسكرية مفتوحة للمتطوعين - لوكالة سونا إن رجاله سيعملون على «التصدي لمحاولات دولة جنوب السودان لزعزعة استقرار البلاد».
وجدد وزير الإعلام في جنوب السودان برنابا بنجامين نفي بلاده دعم المتمردين الذين يسعون للإطاحة بالبشير أو تسليحهم.
وقال بنجامين لرويترز «لم يتم إبلاغنا بشيء عن ذلك «وقف تدفق النفط» حتى الآن. كنا قد اتفقنا على استئناف ضخ النفط».
ووصف قرار البشير بأنه غير حكيم،.
وحذر بنجامين من أن القرار سيسبب كارثة بيئية ستمتد آثارها إلى دول الجوار على حد وصفه. وقال إن «السودانيين لهم مشاكلهم الداخلية وهم يحاولون تحويل جنوب السودان إلى كبش فداء».
وأضاف أن أي خلافات بين الجارتين يجب حلها عن طريق الاتحاد الإفريقي الذي توسط في الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مارس وأفسح المجال أمام استئناف صادرات النفط.
من جانبها دعت حركة المعارضة الرئيسية في السودان امس الاول إلى تنظيم احتجاجات حاشدة للإطاحة بالبشير قائلة إن عمليات التمرد في البلاد والأزمة الاقتصادية جعلت الرئيس ضعيفا ومكروها.
ولم يتمكن معارضو البشير من استغلال السخط الشعبي الذي أثاره ارتفاع أسعار الغذاء منذ انفصال جنوب السودان في عام 2011 مستحوذا على معظم إنتاج النفط السوداني.
ولايزال البشير الذي تولى السلطة في عام 1989 يتمتع بدعم الجيش والجماعات الإسلامية ذات النفوذ.
وقال تحالف قوى الإجماع الوطني الذي يضم أحزاب المعارضة الرئيسية إنه قرر الدعوة إلى احتجاجات حاشدة نظرا لأن الحكومة تفقد شعبيتها سريعا. وأضاف أن البشير قد يرحل عن السلطة في غضون ثلاثة أشهر.
وقال فاروق أبو عيسى رئيس التحالف للصحفيين «النظام الآن في أضعف حالاته فهناك حرب أهلية في معظم ولايات البلاد وهناك أزمة اقتصادية حادة والمواطن يعاني لكي يوفر طعامه والخدمات من صحة وتعليم انهارت تماما... هناك حالة من الغضب الشعبي على الحكومة... الفساد أصبح هو الصفة الغالبة للنظام في كل مرافقه... النظام انتهى ومات ونحن سنقوم بدفنه بعد فقدان أسباب وجوده».
وأضاف «نعلن اليوم تدشين العمل الجماهيري لخطة المئة يوم لتحالف المعارضة لإسقاط النظام ونبدأ اليوم والأيام القادمة وندوات جماهيرية في العاصمة وكل مدن السودان. ونتوقع انتهاء النظام قبل نهاية المئة يوم.
«نبدأ بندوات في أطراف العاصمة ثم ندوات في وسط المدن الثلاث «الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري» والجامعات وكل مدن السودان... نريد توفير أي نقطة دم سودانية ووقف الحرب بالتغيير السلمي».
ولم يكشف أبو عيسى عن مزيد من التفاصيل.
ولم تصدر الحكومة في الخرطوم أي تعليق.
ويقول بعض منتقدي المعارضة إن قيادتها تعجز عن تشكيل تحد حقيقي للسلطات نظرا لانغماسها في المشاحنات السياسية والخلافات الداخلية.
فضلا عن ذلك هناك عدد من شخصيات المعارضة مثل حسن الترابي كانت في السابق على صلة بالبشير مما يقوض مصداقية المعارضة بين الكثير من السودانيين.
وغيرت المعارضة نهجها هذا العام وأعلنت في يناير أنها ستنسق مع تحالف لجماعات متمردة تسعى للإطاحة بالبشير وتتمركز في إقليم دارفور غرب البلاد وولايتين حدوديتين في الجنوب.
وذكر أبو عيسى أن المعارضة تعمل مع تحالف المتمردين الذي يعرف باسم الجبهة الثورية السودانية رغم أن تحالف قوى الإجماع الوطني يختلف مع أساليبه العنيفة.
وأضاف «الجبهة الثورية هو حليف استراتيجي لنا للمحافظة على ما تبقى من وحدة السودان. نختلف معهم في الوسائل والعمل العسكري ولكن هدفنا جميعا واحد هو إسقاط النظام».
ومن بين أعضاء الجبهة الثورية حركة العدل والمساواة في دارفور التي هاجمت الخرطوم في عام 2008.
وشنت الجبهة الثورية هجوما كبيرا في وسط السودان في أبريل لإجبار الجيش على القتال في عدة جبهات في ما تصفه بحرب استزاف.