عواصم – «وكالات»: قال سكان إن صاروخين سقطا على منطقة يسيطر عليها حزب الله في المنطقة الجنوبية من العاصمة اللبنانية بيروت مما أدى لإصابة عدة اشخاص بعد يوم من إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن جماعته ستواصل القتال في سوريا حتى النصر.
وكان هذا الهجوم هو الأول فيما يبدو الذي يستهدف معقل حزب الله في جنوب العاصمة اللبنانية منذ اندلاع الصراع في سوريا المجاورة والذي أذكى التوترات الطائفية في لبنان بصورة كبيرة.
وقال سكان إن أحد الصاروخين سقط في ساحة لبيع السيارات قرب تقاطع طرق مزدحم في حي الشياح بجنوب بيروت وأصاب الآخر شقة سكنية على بعد عدة أمتار مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص.
ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن الهجوم وقال الجيش إنه يجري تحقيقات لمعرفة المسؤول.
وذكر مصدر أمني لبناني أنه تم العثور على ثلاث قاذفات للصواريخ على تلال جنوب شرقي العاصمة اللبنانية على بعد نحو ثمانية كيلومترات من المنطقة التي سقط فيها الصاروخان.
من جانبه أدان الرئيس اللبناني ميشال سليمان الحادث واصفا من نفذوا العملية بـ «الإرهابيين المخربين».
وقال سليمان في بيان لرئاسة الجمهورية إن من قاموا بذلك «لا يريدون السلم والاستقرار للبنان واللبنانيين».
وقال وزير الداخلية مروان شربل في تصريحات صحفية خلال تفقده المنطقة إن الهدف من اطلاق الصاروخين «تخريبي»، مؤكدا أنه «لا يمكن أن نتهم أحدا في هذه المرحلة».
وأضاف شربل «آمل ألا تصبح الأحداث الجارية في سوريا عندنا في لبنان. وأن لبنان لا يتحمل المزيد»، في اشارة الى الحرب الاهلية اللبنانية بين 1975 و1992.
وجاء الهجوم قرب معقل حزب الله في جنوب بيروت بعد ساعات فقط من إعلان نصر الله أن مقاتليه ملتزمون بالقتال في سوريا أيا كان الثمن.
وقال في كلمة نقلها التلفزيون مساء السبت «سنكمل هذا الطريق وسنكمل كل التضحيات والتبعات المتوقفة على هذا الموقف وهذه المسؤولية... أعدكم بالنصر».
وسبب الصراع الدائر في سوريا منذ عامين حالة استقطاب في لبنان إذ يدعم السنة المعارضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد في حين أن حزب الله يساند الأسد.
وأدان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس العنف في لبنان وقال لصحفيين في أبوظبي امس «الحرب في سوريا يجب ألا تصبح حربا في لبنان».
وحتى وقت قريب كان نصر الله يصر على أن حزب الله لا يرسل مقاتلين للمحاربة في صف قوات الأسد لكن في الكلمة التي ألقاها أمس الاول قال إنه يقاتل في سوريا منذ عدة شهور للدفاع عن لبنان من جماعات إسلامية متشددة قال إنها هي التي تقود الآن المعارضة في سوريا.
وشنت قوات حزب الله وقوات الأسد هجوما ضاريا في الأسبوع الماضي يهدف إلى إخراج مقاتلي المعارضة السوريين من مدينة القصير وهي مدينة استراتيجية قرب الحدود اللبنانية كان يستخدمها مقاتلو المعارضة كطريق إمداد للسلاح القادم للبلاد.
وسعى لبنان الذي عانى من حرب أهلية خلال الفترة من 1975 إلى 1990 إلى أن ينأى بنفسه عن الاضطرابات التي تدور في سوريا وهو يعاني من الانقسامات الطائفية ذاتها التي تشهدها سوريا المجاورة.
إلا أن السلطات اللبنانية غير قادرة على منع تدفق مسلحين من السنة على سوريا لدعم مقاتلي المعارضة ومقاتلي حزب الله الذين يدعمون الأسد وتجد صعوبة في استيعاب نحو نصف مليون لاجيء سوري فروا من القتال الدائر في سوريا.
وأسفرت موجة من الاشتباكات في مدينة طرابلس بشمال لبنان بين فصائل تدعم طرفي الصراع السوري عن سقوط 25 قتيلا على الأقل خلال الأسبوع الماضي.
وأدان سعد الحريري رئيس الوزراء السابق الخطاب الذي ألقاه نصر الله وقال إن حزب الله تخلى عن «مقاومة» اسرائيل لصالح الصراع الطائفي في سوريا.
وقال الحريري إن المقاومة تنتهي على يد حزب الله مضيفا «خطابك يساوي صفرا مكعبا بكل المقاييس السياسية والوطنية والأخلاقية والشرعية والدينية والإنسانية والمقاومة أعلنت الانتحار السياسي والعسكري في القصير».
من جانبه رد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، امس على خطاب نصر الله، قائلاً إن دعوته للقتال ضد الشعب السوري ستدفع «الشرفاء» في حزبه إلى اتخاذ مواقف تليق بالمقاومة الحقيقية».
وجاء في بيان «الائتلاف الوطني، الذي أصدره مساء السبت: «كرر حسن نصر الله «أول من أمس السبت» محاولاته الرامية إلى تحريض أبناء لبنان ضد السوريين الثائرين على نظام «بشار» الأسد، مقامرا بأرواح شباب لبنان على أرض سورية لصالح عصابة أفسدت في الأرض وسفكت الدماء، وقدمت أبشع صورة يمكن للإرهاب أن يتمثلها».
وتابع البيان: «لقد أجبر الأسد الجيش السوري على قتل المواطنين، صارفا اياه عن دوره الاساسي في حماية الشعب، ما دفع شرفاء الجيش إلى الانشقاق عنه والوقوف في جانب الحق»، مشيراً إلى أنه «اليوم يكرر حزب الله نفس الخطأ، فيجبر بعض ابناء لبنان على قتل السوريين، ما سيدفع بدون شك الشرفاء منهم إلى اتخاذ موقف يليق بأبناء المقاومة الحقيقية».
كما أشار إلى «حرصه على السلم الأهلي في لبنان»، مؤكدا انه «يبدي عظيم استهجانه لدعوة زعيم حزب الله الى نقل اي خلاف داخل لبنان إلى سوريا وتصفيته فيها في موقف لا يعبر إلا عن اضطراب مطبق لبوصلة الحزب، أو يكشف أنها كانت ضائعة على طول الخط».
وعلى صعيد غير بعيد لفت نظام دمشق إلى أن «دماء السوريين التي نزفت خلال المعارك العنيفة التي تشهدها سوريا تتحمل مسؤوليتها المباشرة دول وأنظمة فاشلة»، ورد على تصريحات وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، بأن لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا بالقول إن «وزير الخارجية السعودي أكثر ضآلة من أن يتحدث عن سوريا والسوريين».
وأوردت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» على لسان مصدر إعلامي، لم تسمه، قوله إن «وزير الخارجية السعودي لا يحق له بصفته الشخصية أو الرسمية أن يحاضر في الوطنية والعروبة والإسلام لأنه يفتقد هذه الروحيات أصلا».
وأضاف أن: «السوريين هم فقط من يقرر مصير بلادهم وشكل الحكم والإدارة، أما الذين لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة، فالتاريخ سيحكم عليهم مقامرين متآمرين أجراء».
وكان وزير الخارجية السعودي قد أكد، السبت، إن الرياض ترفض أي دور للأسد في المستقبل، وذلك في تعليق على اقتراح بمشاركة الرئيس السوري في المؤتمر الدولي المزمع عقد الشهر المقبل حول الأزمة السورية، وقال: «من الضروري أن يحقق مؤتمر جنيف 2 وقفاً لإطلاق النار في سوريا».
من جانبه ابلغ وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بقرار سورية المشاركة من حيث المبدأ بوفد رسمي في المؤتمر الدولي المزمع عقده في جنيف خلال الشهر القادم.
وأضاف المعلم في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي في بغداد امس انه بحث مع المالكي وزيباري سبل تطوير العلاقات الثنائية بين سورية والعراق وزيادة التنسيق في هذه المرحلة للتحضير للتطورات التي نشهدها على الساحة الدولية.
وقال المعلم، الذي قام بزيارة مفاجئة لبغداد، إنه لا يمكن لأي قوة في الدنيا أن تفرض شيئا على الشعب السوري.
من جهته أكد زيباري أن الأزمة في سورية لم تعد سورية بحتة فكل دول جوار سورية بدأت تتأثر بتداعياتها الخطيرة على أمن وسلامة المنطقة ككل، مضيفا أنه لابد من تبني حلول سياسية يتفق عليها أولا السوريون بأنفسهم دون فرض أو إملاء أو فرض إرادة أو وصاية على الشعب السوري في اختيار نوع النظام السياسي الذي يريده.