عواصم – «وكالات» : اختلفت روسيا مع بريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة امس الاول بشأن نطاق تحقيق في مزاعم عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا واتهمت القوى الغربية بمحاولة عرقلة تحقيق محتمل للأمم المتحدة في هذا الأمر.
وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن سوريا طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الأربعاء بدء تحقيق في مزاعم بشن هجوم بأسلحة كيماوية من جانب «جماعات إرهابية» قرب مدينة حلب بشمال البلاد. وتساند روسيا ذلك الطلب.
واشارت بريطانيا وفرنسا إلى مزاعم المعارضة انه وقع هجومان بأسلحة كيماوية أحدهما في دمشق والآخر في حلب يوم الثلاثاء وطلبتا ان يشمل التحقيق الهجومين. وعارض مبعوث روسيا في الأمم المتحدة بشدة فكرة تركيز تحقيق للأمم المتحدة تشتد الحاجة إليه على عدة حوادث.
وأظهر النزاع التباعد بين موقف روسيا من الحكومة السورية حليفتها وموقف القوى الغربية التي تساند المعارضة التي تحاول الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وقال الجعفري للصحافيين «الحكومة السورية طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة تشكيل بعثة فنية متخصصة ومستقلة ومحايدة للتحقيق في استخدام جماعات ارهابية تعمل في سوريا لأسلحة كيماوية ضد مدنيين.»
وتبادلت الحكومة السورية والمعارضة المسلحة الاتهامات بشن هجوم كيماوي مميت لكن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين يقولون انه لا يوجد دليل يفيد بوقوع مثل هذا الهجوم. وفي حالة التأكد من هذا الهجوم فستكون المرة الأولى التي تستخدم فيها مثل هذه الأسلحة في الصراع الذي دخل عامه الثالث.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي ان المنظمة تلقت طلبا مكتوبا من الجعفري لإجراء تحقيق وإنه يجري دراسته.
وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين للصحافيين بعد اجتماع مغلق لمجلس الأمن إن المجلس ناقش المسألة يوم الأربعاء. وشكا من أن بريطانيا وفرنسا تريدان أن يتركز التحقيق على الهجومين المزعومين بأسلحة كيماوية لا على الهجوم الذي وقع في حلب وقال إن ذلك تكتيك هدفه التعطيل ولا داعي له.
وقال نائب السفير البريطاني فيليب بارهام والسفير الفرنسي جيرار آرو ان موقفهما وموقف أغلبية أعضاء مجلس الأمن يتمثل في أنه يجب ان تجري الأمم المتحدة تحقيقا في مزاعم الطرفين عن هجمات بأسلحة كيماوية.
وقال بارهام «اصدر الائتلاف الوطني «السوري» بيانا يقول انه كانت هناك حالتان استخدمت فيهما اسلحة كيماوية في سوريا الثلاثاء إحداهما في دمشق والأخرى في منطقة حلب.»
واضاف قوله «الحقائق ليست واضحة في هذا الوقت. وما لدينا هو تقارير ومزاعم وهي خطيرة ويجب التحقيق فيها.»
وقال الجعفري إنه لا علم له بحدوث هجوم ثان بأسلحة كيماوية يوم الثلاثاء.
واضاف قوله للصحفيين «هذا الزعم «الثاني» هدفه نسف التحقيق بشأن الاستخدام الحقيقي لأسلحة كيماوية الذي وقع في حلب. ولو كان هناك حسن نية من جانب الوفد الفرنسي لكانوا قد أيدوا الطلب السوري «لإجراء تحقيق».»
وقال تشوركين ان فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا تريد أيضا تحميل طلبهم إجراء تحقيق للأمم المتحدة في الهجمات بأسلحة كيماوية بموضوعات أخرى مثل توصيل المساعدات الإنسانية في سوريا.
وقال «في نظري هذا كان حقا وسيلة لتأخير الحاجة إلى تحقيق فوري عاجل في المزاعم المتصلة بالتاسع عشر من مارس عن طريق إثارة كل أنواع القضايا.»
وشكك في صحة المزاعم عن هجوم كيماوي ثان في دمشق يوم الثلاثاء.
وقال تشوركين -وهو رئيس مجلس الامن لشهر مارس- «بدلا من اطلاق بالونات الدعاية هذه أعتقد أنه من الأفضل كثيرا التركيز على موقفنا. وعلى حد علمي كان هناك فحسب زعم واحد باستخدام اسلحة كيماوية . ولم تكن هناك مزاعم أخرى.»
ورد بارهام بالتشكيك في مصداقية الحكومة السورية التي قال انها استخدمت مدفعية ثقيلة في ضرب المدنيين.
وقال بارهام «جدير بالذكر كم عدد التلفيقات والأكاذيب التي سمعناها من النظام السوري على مدى العامين الماضيين.»
واضاف قوله «النظام السوري هو الذي يملك مخزونات من الاسلحة والمواد الكيماوية في سوريا.» وقال ان سوريا مسؤولة عن العمل على تأمين تلك المخزونات.
وعلى ذات الصعيد تعهد الرئيس الامريكي باراك اوباما امس الاول بمحاسبة سوريا اذا استخدمت اسلحة كيماوية.
وقال أوباما الذي يزور اسرائيل للمرة الأولى منذ توليه الرئاسة وهو يسعى لتعزيز صورته بين الإسرائيليين انه طلب اجراء تحقيق لتحديد ما اذا كانت اسلحة كيماوية قد استخدمت في سوريا وفقا للمزاعم التي ترددت.
وعبر اوباما وهو يقف بجوار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن شكوكه في ان تكون المعارضة السورية قد أطلقت أسلحة كيماوية وقال انه ستكون هناك محاسبة اذا استخدمها الرئيس السوري بشار الاسد.
وقال اوباما في مؤتمر صحفي في القدس مع نتنياهو «كنا واضحين في ان استخدام اسلحة كيماوية ضد الشعب السوري سيكون خطأ مأساويا فادحا.»
واضاف «نظام الاسد يجب ان يفهم انهم سيحاسبون عن استخدام اسلحة كيماوية او نقلها لإرهابيين.»
من جانبه قال السفير الأمريكي لدى دمشق روبرت فورد انه لا يوجد دليل حتى الآن يدعم التقارير التي ترددت عن استخدام اسلحة كيماوية في سوريا لكن الولايات المتحدة لديها فريق كبير يتحرى الأمر.
وأضاف في شهادة امام مجلس النواب الأمريكي في جلسة بشأن الأزمة السورية «حتى الآن لا يوجد لدينا دليل يؤكد التقارير عن استخدام اسلحة كيماوية يوم الثلاثاء لكنني أريد تأكيد اننا ندرس تلك التقارير بعناية بالغة.» وفي الوقت نفسه قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز لرويترز في مقابلة إنه يوجد «احتمال كبير» أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد استخدمت أسلحة كيماوية.
وقال النائب الجمهوري عن ميشيجان إنه إذا لم تتوصل حكومة الرئيس باراك أوباما إلى نتيجة في هذا الأمر بحلول الأسبوع القادم فإن ذلك سيكون «مبعث قلق». واضاف قوله ان تقييمه يستند إلى تقارير علنية وأخرى سرية.
وقال مسؤول أمريكي آخر إن روجرز ومشرعين كبارا آخرين في لجنتي الاستخبارات التقوا هذا الاسبوع مع مسؤولين في الاستخبارات في جلسة إحاطة في مسألة هل تم استخدام أسلحة كيماوية في سوريا. ولم يشأ روجرز أن يؤكد ذلك.
بالمقابل وعلى صعيد منفصل وصف الرئيس السوري، بشار الأسد، الحرب الأهلية التي تطحن بلاده منذ عامين، بـ»معركة صمود،» خلال زيارة مفاجئة قام بها، وزوجته أسماء، إلى مركز تربوي بدمشق، الأربعاء، في أول ظهور علني له منذ يناير الماضي، والثاني لعقيلته خلال أسبوع.
وقال الأسد، خلال زيارته إلى مركز تربوي للفنون الجميلة في شرق دمشق حيث يقام تكريم لأهالي طلاب قضوا جراء النزاع،: «سوريا اليوم كلها جريحة ولا يوجد فيها أحد لم يخسر أحد أقربائه إن كان أخا أو أبا أو أما»، على ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية، سانا.
وأرفقت الوكالة الخبر بصورة للأسد، وبجواره زوجته، وقد التف حولهما، على ما يبدو، أولياء أمور بعض التلاميذ الذي قضوا في النزاع المستمر في البلاد منذ عامين، والذي أدى إلى مقتل نحو 70 ألف شخص بحسب إحصائية دولية. وتابع: «ولكن كل هذا لا يعادل خسارة الابن ومع ذلك فإن كل الذي يحصل بنا لا يمكن أن يجعلنا ضعفاء والمعركة هي معركة إرادة وصمود وبقدر ما نكون أقوياء بقدر ما نتمكن من حماية الآخرين من أبناء الوطن.»
ويشار إلى أن آخر ظهور علني للرئيس الأسد كان أواخر يناير الماضي، والثاني لعقيلته خلال أسبوع حيث ظهرت وي تشارك مع اولادها في فعاليات مبادرة ثقافية أقامتها مؤسسة اهلية تكريما لأمهات ضحايا النزاع في دار الأوبرا وسط دمشق، الأحد الماضي.