
لندن - «كونا»: استبعد خبير في الشأن الاسرائيلي ان تقدم تل ابيب على شن هجمات عسكرية ضد ايران معللا ذلك بتعقد الاوضاع الجيوسياسية في المنطقة والناجمة عما يعرف بـ«ثورات الربيع العربي» الذي افضى الى تغيرات كبيرة داخل الدول المحيطة بإسرائيل.
وحذر مستشار شؤون الشرق الاوسط واسرائيل في المعهد الملكي للقضايا الدولية «تشاتهم هاوس» الدكتور يوسي ميكلبيرغ في تصريح لوكالة الانباء الكويتية «كونا» من ان اسرائيل سترتكب اكبر خطأ في تاريخها اذا قررت تنفيذ ضربات عسكرية ضد ايران.
واوضح ان اية عملية من هذا النوع ستجر المنطقة بأكملها الى صراع خطير لا يمكن التنبؤ بنتائجه وعواقبه مضيفا ان «ايران لن تكون لقمة سائغة بالنظر الى قوتها وكبر مساحتها وتاريخها ايضا». ونبه ميكلبيرغ الذي يدير برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد «ريجنز» في لندن الى انه لن يكون بمقدور اسرائيل تدمير البرنامج النووي الايراني عن اخره حيث ان طهران عمدت الى توزيع محطاتها النووية على نطاق واسع داخل اراضيها.
واكد ان العمليات العسكرية الاسرائيلية قد لا تقوى سوى على اعادة البرنامج النووي الايراني الى ما كان عليه قبل عامين او ثلاثة مضيفا ان الملف الايراني يحتاج الى سياسة ودبلوماسية اكثر ذكاء من المعتمدة في الوقت الحاضر.
وانتقد ميكلبيرغ سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ولجوء هذا الاخير الى لغة التصعيد لاسيما في خطابه الاخير امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك.
ولفت الى ان تل ابيب كانت في البداية تحاول بعث اشارات قوية الى المجتمع الدولي لحثه على التحرك السريع ازاء الملف النووي الايراني غير انه حذر في المقابل من ان لغة الخطاب التي تنتهجها اسرائيل اصبحت اكثر خطورة وسمحت بتصعيد لغة التهديد من الجانب الايراني يضا.
وشدد على ضرورة ان يبتعد نتانياهو عن الخطابات التي توحي بأن حكومته ستلتزم بمهاجمة طهران حيث ان ذلك سيجعل من الصعب عليه مستقبلا التخفيف من حدة تلك اللغة او التراجع عن وعوده التي قطعها بشأن هذه القضية.
ويرى ميكلبيرغ الذي يحاضر ايضا في جامعة «بكينغهام» ان المجتمع الدولي بات بحاجة الى استصدار عقوبات وصفها ب»الذكية» تستهدف قادة النظام الايراني واسماء محددة بهدف تحقيق الاثر المطلوب عوضا عن فرض عقوبات شاملة تلحق الاذى بالمواطن الايراني البسيط اكثر من تأثيرها على المسؤولين.
ويرى كذلك انه من الواجب محاولة بناء جسور التفاهم والاحترام مع ايران واعطائها مزيدا من فرص الحوار وبشكل يسمح بحلحلة الازمة تدريجا ونقلها من مرحلة الى اخرى.
واكد ميكلبيرغ ان التغيرات التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط منذ العام الماضي والتي نجمت عما يعرف بالربيع العربي لم تعد في صالح اسرائيل لفتح ابواب حرب جديدة على نفسها خصوصا مع ايران.
واشار الى ان الاوضاع الامنية الخطيرة التي تعيشها سوريا واحتمال زوال نظام الاسد سيزيد الوضع تعقيدا بالنسبة لتل ابيب حيث ان الحدود مع سوريا تحت حكم عائلة الاسد كانت امنة في العقود الاربعة الاخيرة على الرغم من غياب معاهدة السلام بين البلدين.
واوضح ان الازمة السورية لديها تأثيرات مباشرة على لبنان وفلسطين وحتى ايران هذا الى جانب التغيرات السياسية التي شهدتها مصر والاردن كذلك مضيفا ان «المستقبل يبدو غامضا جدا ومن الصعب تصور قيام اسرائيل بشن هجمات عسكرية داخل ايران».
وعلى صعيد منفصل اتفق سفراء دول الاتحاد الاوروبي الجمعة على تشديد العقوبات المفروضة على ايران ولا سيما على التحويلات المالية للمصارف الايرانية وحظر واردات الغاز والتجارة، كما افادت مصادر دبلوماسية.
واوضحت المصادر لوكالة فرانس برس ان هذه الدفعة الجديدة من العقوبات سيقرها وزراء خارجية دول الاتحاد خلال اجتماعهم المقرر غدا الاثنين في لوكسمبورغ.
وقال دبلوماسي ان الاتحاد الاوروبي «سيقرر خصوصا للمرة الاولى ضرب قطاع الاتصالات»، ولا سيما مؤسسات هذا القطاع المشتبه بدعمها النظام ماليا. وسيتم تحديد هذه المؤسسات في وقت لاحق.
واضاف ان كل التحويلات المالية بين المصارف الاوروبية والمصارف الايرانية ستخضع لحظر مبدئي عندما تتخطى حدا ادنى «متدنيا نسبيا».
لكن سيكون ممكنا التماس ترخيص في بعض الحالات وخصوصا لدفع قيمة تحويلات تجارية قانونية كشراء المواد الغذائية والمعدات الطبية او لغايات انسانية.
وستمنع من جهة اخرى التأمينات المالية على التصدير القصير الاجل على غرار ما هو حاصل حاليا مع التأمينات المالية على التصدير المتوسط والطويل الاجل.
وسيمنع ايضا استيراد الغاز الايراني، ويؤثر هذا التدبير على حجم قليل الاهمية لكنه يضاف الى حظر استيراد النفط الايراني المطبق منذ يوليو.
وسيحظر ايضا تصدير اي مواد الى ايران يمكن ان تستخدم في البرامج النووية والبالستية الايرانية، كالغرافيت والالومينيوم.
ومن المقرر اتخاذ تدابير اخرى، كحظر تسجيل السفن الايرانية او تزويد ايران بناقلات نفط جديدة وتجميد ارصدة ثلاثين شركة جديدة تنشط خصوصا في المجال المصرفي والقطاع النفطي.
وتم التوصل الى هذا الاتفاق بعد مفاوضات طويلة خصوصا بسبب «التحديات القانونية» التي تطرحها التدابير المقترحة، لكن ايضا بسبب تردد بعض العواصم مثل ستوكهولم، بحسب مصادر دبلوماسية.
واقر الاتحاد الاوروبي في وقت سابق عقوبات مصرفية وتجارية على طهران. وكان اشد هذه العقوبات الحظر النفطي الذي فرضه الاتحاد والولايات المتحدة والذي دخل حيز التنفيذ في يوليو.
وتهدف هذه العقوبات الى حمل طهران على العودة الى طاولة المفاوضات مع مجموعة 5+1 «الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا والمانيا».
وتطالب هذه المجموعة ايران بتعليق انتاجها لليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، وهو المستوى الذي يعتبر خطرا لقربه من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة المستخدم في تصنيع القنبلة الذرية، وبارسال مخزونها الى الخارج واغلاق موقع تحت الارض يستخدم للتخصيب.
الا ان ايران ما تزال تؤكد انها لن تخضع للضغوط ولن تتخلى يوما عن برنامجها النووي الطموح الذي تشتبه القوى الغربية بوجود نوايا عسكرية وراءه رغم النفي المتكرر من جانب طهران.