
«وكالات»: نقلت وكالة رويترز عن مسؤول في حركة «حماس» أمس، تأكيده أن الحركة أبلغت الوسطاء بموافقتها على أحدث مقترح لوقف إطلاق النار في غزة، من دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل.
وفي السياق نفسه ذكرت مصادر مقربة من حركة «حماس» أمس، أنها سلمت ردها على المقترح الأخير لوقف النار إلى الوسيطين القطري والمصري.
وقالت المصادر إن الرد كان «إيجابياً» وجاء بعد التشاور مع الفصائل الفلسطينية، مشيرة إلى أن قطر ومصر ستعملان على دعوة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى المنطقة لبدء عملية التفاوض مع الإسرائيليين.
وفي المقابل، حرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على مواصلة الحرب، بزعم أن ذلك هو ما سيؤدي إلى إعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، وذلك بالتزامن مع التحشيد الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة، في خطوة يرى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنها ضرورية لحسم الحرب ضد «حماس».
وأكّد مصدر في حركة «الجهاد الاسلامي» أن المبادرة تشمل «وقف إطلاق نار مؤقت لـ60 يوما يتم خلالها إطلاق سراح عشرة إسرائيليين أحياء، وتسليم عدد من الجثث «لرهائن متوفين»، على أن تكون هناك مفاوضات فورية لصفقة أشمل، بما يضمن التوصل إلى اتفاق بشأن اليوم التالي لانتهاء الحرب والعدوان في قطاع غزة بوجود ضمانات».
وعلى مدار أكثر من 22 شهرا، فشلت جهود الوسطاء في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في الحرب. ويأتي المقترح الجديد بعد إقرار المجلس الأمني في الدولة العبرية خطة للسيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع، ووسط تحذيرات دولية من انتشار الجوع في القطاع المدمّر والمحاصر وبلوغه حافة المجاعة.
من جانبها، أكدت حركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، دعمها للمقترح المصري.
وقال المتحدث باسم الحركة منذر الحايك لوكالة الصحافة الفرنسية، إن فتح تدعم المقترح الجديد «لوقف حرب الإبادة الجماعية وتدعو حركة «حماس» للموافقة الفورية» عليه، لإنقاذ ما تبقى من شعبنا وإفشال مخطط القتل والتهجير». وأكد أن «الوقت من دم والهدف تفريغ غزة من السكان وتدمير أحيائها».
وكان وفد قيادي من «حماس» برئاسة الحية وصل الى القاهرة الأربعاء الماضي، يرافقه عدد من مسؤولي الفصائل يتقدمهم الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، ونائب رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر. ويجري الوفد مشاورات يومية مع مسؤولين مصريين.
وتشارك مصر الى جانب قطر والولايات المتحدة في جهود الوساطة.
وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال استقباله رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أمس، أن رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني موجود في مصر «لتعزيز جهودنا المشتركة، من أجل ممارسة أقصى درجات الضغط على الطرفين، للتوصل الى اتفاق في أسرع وقت ممكن، لأن الوضع على الأرض في قطاع غزة يتخطّى كل ما يمكن تصوره».
وزار عبد العاطي ومصطفى الجانب المصري من معبر رفح الاثنين. وقال الوزير من أمام المعبر مع القطاع الفلسطيني: «ونحن نتحدث الآن هناك وفود فلسطينية وقطرية متواجدة على الأراضي المصرية، للعمل على بث جهود مكثفة لوضع حد لأعمال القتل والتجويع الممنهجة، وحقن لدماء الشعب الفلسطيني البريء».
وأكد عبد العاطي أن القاهرة طرحت أفكاراً قابلة للتنفيذ، إذا توفرت إرادة سياسية لدى إسرائيل، غير أن «الشروط التعجيزية» التي تضعها حكومة الاحتلال تحول دون التوصل إلى صفقة شاملة.
وأوضح وزير الخارجية المصري أن المقترح المتداول حالياً بشأن مستقبل غزة يستند إلى ورقة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف مع بعض التعديلات، مشيراً إلى وجود توافق على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي لإدارة القطاع بعد الحرب.
كما شدد على أن مصر لا تمانع نشر قوات دولية في غزة، شريطة أن يتم ذلك ضمن أفق سياسي واضح يقود إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة. ووجّه الوزير المصري انتقادات حادة للتصريحات الإسرائيلية بشأن «إسرائيل الكبرى»، واصفاً إياها بأنها مجرد «أوهام سياسية لا يمكن السماح بفرضها على الأرض».
وقال: «أي شعارات أو حقوق دينية وتاريخية مزعومة هي عبث لا يمكن القبول به». وأكد أن الموقف المصري «ثابت وراسخ»، وأن القاهرة ترفض أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو فرض سيناريوهات التهجير وسياسة الأرض المحروقة.
ولفت عبد العاطي إلى أن غزة تحتاج ما بين 700 و900 شاحنة مساعدات يومياً، في حين لم يدخل سوى 1288 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وكشف أن أكثر من خمسة آلاف شاحنة مساعدات ما زالت عالقة على الجانب المصري من معبر رفح بسبب القيود الإسرائيلية، مضيفاً: «نحن على استعداد لإغراق القطاع بالمساعدات، لكن الاحتلال يمنع ذلك». وأشار إلى أن مصر قدمت وحدها نحو 70 في المئة من إجمالي المساعدات التي دخلت غزة منذ بدء الحرب، بما يتجاوز 550 ألف طن من الغذاء والدواء، فضلاً عن استقبالها آلاف الجرحى والمصابين الفلسطينيين.
من جهته، شدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى على أن حكومته ستعلن قريباً عن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة القطاع عبر تفعيل المؤسسات القائمة، مؤكداً أن منظمة التحرير الفلسطينية «هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني». وأضاف: «إدارة غزة ليست مكسباً سياسياً، وإنما مسؤولية وطنية لمواجهة مخطط التهجير»، داعياً إلى «اعتبار معبر رفح بوابة حياة، لا أداة حصار».
وكان عبد العاطي قد عرض ملامح رؤية مصر لليوم التالي للحرب على غزة، والتي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية. المحور الأول أمني يقوم على نشر قوات من الشرطة الفلسطينية بواقع عشرة آلاف عنصر من الضفة وغزة، يتم تدريبهم على دفعات في معسكرات مصرية وبالتعاون مع الأردن، بهدف سد الفراغ الأمني.
أما المحور الثاني فهو إداري، يقوم على اختيار 15 شخصية من التكنوقراط غير المنتمين لأي فصيل لتولي إدارة القطاع مدة ستة أشهر، تتكفل خلالها بتنفيذ مشروعات التعافي المبكر وضبط الأوضاع المدنية. والمحور الثالث إنساني – تنموي، يركز على إعادة إعمار غزة تدريجياً، بدءاً بإزالة الركام وتشغيل المرافق الحيوية، بدعم عربي ودولي، مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وترى القاهرة أن هذه الرؤية يمكن أن تمثل أساساً لمنع الفوضى أو إعادة الاحتلال المباشر، وتفتح المجال أمام تثبيت وقف إطلاق النار وبدء مسار سياسي أوسع لحل القضية الفلسطينية.
وتعثرت جولة تفاوض غير مباشر بين إسرائيل وحماس في يوليو في الدوحة، بعد أكثر من أسبوعين على انطلاقها.
وعلى الأرض، أعلن الدفاع المدني في الإثنين مقتل 11 شخصا بنيران إسرائيلية في أنحاء متفرقة.
في غضون ذلك، اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أمس، إسرائيل باتّباع سياسة تجويع «متعمّدة» في غزة، فيما تحذر الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من أن القطاع الفلسطيني بات على شفير مجاعة.
واستندت المنظمة إلى شهادات ومقابلات أجرتها مع 19 نازحا فلسطينيا وعنصرين من الطواقم الطبية التي تعالج أطفالا يعانون سوء التغذية.
وتتزايد الانتقادات الدولية أمام معاناة سكان غزة جراء نقص الماء والطعام والوقود، حيث تحذر الأمم المتحدة من انتشار سوء التغذية وخطر المجاعة الواسعة النطاق. ولطالما رفضت إسرائيل هذه الاتهامات.
وأسفرت الحرب الإسرائيلية منذ بدء الحرب عن مقتل 61944 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.